بقلم عوديد عيران-أوين ألترمان

لقد أعلن جميع المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين دعمهم لإسرائيل. على الرغم من التوتر الذي ساد العلاقات في الأشهر الأخيرة بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلا أن العلاقات الإسرائيلية الأمريكية ستظل عنصراً مركزياً في السياسة الأمريكية. فقد ركز المرشحون الجمهوريين على تاريخ العلاقات بين أوباما وإسرائيل وموقفه الحالي تجاه طهران. وعلى هذه الخلفية فإن هيلاري كلينتون تتخبط من ناحية ما بين علاقاتها مع إدارة أوباما وبين سلسلة من المانحين الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل والذين أبدوا شكوكهم حول الصفقة المتبلورة مع إيران من ناحية آخرى.

إن الحملة الإنتخابية المطولة لرئاسة الولايات المتحدة قد بدأت بالفعل، وما لبثت الحملات التي بدأت بالفعل في الأسابيع الأخيرة من وضع طابعها الرسمي على كل ما يجرى منذ عدة أشهر: مثل “الإنتخابات التمهيدية الخفية” – نشاطات المرشحين التي يقومون بها من وراء الكواليس وذلك في محاولة لحشد التمويل المالي، توظيف طواقم العمل في الحملة الإنتخابية والفوز بأصوات النشطاء الرئيسيين. لم يتبقى للناخبين سوى ثمانية أشهر من الإنتظار للبدء في أولى المؤتمرات الحزبية و الإنتخابات التمهيدية، إلا أن الأمور بالنسبة للمانحين والنشطاء في ذروتها الآن بالفعل وذات صلة وثيقة مع إسرائيل.

وعلى الرغم من حقيقة كونها لا تشغل منصب حالي غير بارز في السباق إلا أن الديمقراطيين يعرضون لمرشح ذو طابع وخصائص سياسية أصيلة إنها هيلاري كلينتون والتي يُمثل إسمها وخبرتها قاعدة نشاطاتها وقدرتها المحتملة لتجنيد أموال تمويل الحملة مما يجعل لها السبق عن أي مرشح آخر، وهذا هو السبب في أنه لم يوجد سوى مرشح ديمقراطي واحد قد أعلن عن ترشحه أمامها إلى الآن في إنتخابات رئاسة الحزب إنه السيناتور بيرني سندروز مورمونت. ومن المقرر أن ينضم إليه قريباً مارتين إيميلي حاكم ميرلاند السابق إلي السباق.

ومن المنتظر أيضاً أن يتقدم للترشيح في الأشهر المقبلة كل من السيناتور السابق “جوم ووب موريغنييه”، والسيناتور السابق “لينكولن كافي” من رود أيلاند. ومن المحتمل أن ينجح أحدهم في مرحلة ما أن يحظي بدفعة نتيجة إنحياز كلينتون لليسار، إلا أنه وفقاً للخبراء فهم يتوافقون أنه نهاية الأمر، أن فرصة كلينتون في أن تحظي بترشيح الحزب الديمقراطي عالية جداً أكثر من مثيلتها التي كانت لديها في نفس المرحلة من سباق الإنتخابات الرئاسية في 2008 والتي إنتهت بفوز باراك أوباما.

وفي مقابل ذلك على الجانب الجمهوري فإنه يوجد العديد من المرشحين المؤهلين ومن المحتمل أن يصل عددهم إلي اثنى عشر من المتنافسين. إلا أن المؤسسة الجمهورية كانت قد تراجعت إلي هذه اللحظة عن دعم حاكم ولاية نيوجيرسي “كريس كريستي” وتوحدت حول جيب بوش حاكم فلوريدا السابق والفرد الثالث في عائلة بوش، الذين إعتادوا الوجود في البيت الأبيض. وقد نجح بوش نجاحاً باهراً في جمع الأموال، إلا أن الجناح اليميني والذي يشكله معظم النشطاء في الحزب يميلون للتشكيك في نواياه النهائية. هؤلاء النشطاء يستطيعون الإختيار من بين مجموعة متنوعة من المرشحين الأكثر إلتزاماً، من بين حاكم ولاية ويسكنسن السابق سكوت ووكر والذي قد نجح بالفعل في خلق حراك على الأرض. والسيناتور “ماركو روبي” من فلوريدا والسيناتور “تيد كروز” من تكساس وآخرين يستطيعون أن يشقوا طريقهم إلي المقدمة، فقد إستطاع السيناتور روبي أن يجمع ما قيمته 40 مليون دولار وكذلك كروز 31 مليون دولار وبذلك فقد حققوا إنجازات ملموسة في مجال جمع الدعم المالي لتمويل حملاتهم وفي حالة كروز- إستطاع بفضل متبرع واحد أن يحصل على مبلغ هائل. والسيناتور “راند بول ماكنتيكي” الذي يحمل راية التحرر في الحملة قد إستثمر جهوداً ملموسة في السنوات الأخيرة لإرساء علاقات جيدة مع المنظمات المؤيدة لإسرائيل في واشنطن.

لقد أبدى كافة المرشحين الدعم لإسرائيل، فعلى الرغم من التوتر الذي ساد في الأشهر الأخيرة بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء نتنياهو إلا أن العلاقات مع إسرائيل ستظل عنصراً فاعلاً في السياسة الأمريكية. فقد ركز المرشحون الجهوريين على تاريخ العلاقات بين أوباما وإسرائيل وموقفه الحالي تجاه طهران. وعلى هذه الخلفية فإن هيلاري كلينتون تتخبط من ناحية ما بين علاقاتها مع إدارة أوباما وبين سلسلة من المانحين الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل والذين أبدوا شكوكهم حول الصفقة المتبلورة مع إيران من ناحية أخرى.

في الواقع، ومثلما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، تخلى بعض المانحين المؤيدين لإسرائيل عن مرشحيهم الديمقراطيين لصالح مرشحين جمهوريين، حجم هؤلاء الذين تركوا المعسكر غير واضح وذلك لأن تمويل الحملات الأمريكية، وبشكل عام، لايسوده الوضوح التام، ولكن إذا صح هذا الأمر فسيكون له تداعيات على إسرائيل وعلاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية. فالمانحين اليهود- الذين لا يركز بعضهم بشكل عام على السياسات تجاه إسرائيل مسئولين بشكل أخلاقي عن جزء من هذه الأموال التي يقوم المرشحين الديمقراطيين بحشدها لإنتخابات الرئاسة (وتوجد بعض التقديرات أن هذه الأموال تُقدر بثلث التبرعات). إن تغير رؤية جمع الأموال من جانب المؤسسات المؤيدة لإسرائيل تجاه الحزب الجمهوري من شأنه أن يلعب دوراً فاعلاً في العلاقة بين إسرائيل وبين الحزب الديمقراطي وأن يُضعف من التوازن الهش الذي يحافظ على دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإسرائيل، ومن ناحية أخرى يوجد مانحين مؤيدين لإسرائيل لم يغيروا من مواقفهم، من بينهم القطب الإعلامي حاييم سابان والذي تعهد بدفع كل ما تتطلبه حملة هيلاري كلينتون.

يُعد شيلدون أدلسون أبرز المانحين المؤيدين لإسرائيل هو الأكثر نشاطاً على الرغم من العديد من المسائل القانونية، وكان عدد من المرشحين الجمهوريين قد إلتقوا به أثناء لقائه بإئتلاف المنظمات اليهودية الجمهورية والذي تم عقده في أبريل الماضي وأطلق عليه موقع الأخبار”بوليتكو” إنتخابات شيلدون أدلسون التمهيدية.

ومع هذا ومع تأثير منح المتبرعين من أمثال أديلسون فإنها لا تقدر على مجابهة التمويل الهائل المتوقع من الإخوة كوخ –زوج من المليارديرات غير اليهود- والذين لا تتصل مصالحهم في عالم السياسة بإسرائيل والذين من المتوقع أن يضخوا 900 مليون دولار على الأقل في سباق الإنتخابات القادمة.

وحتى نستطيع الصمود أمام قوة حشد الأموال الجمهورية (بما في ذلك تلك التي سيدفعها الإخوة كوخ) سيكون لزاماً على حملة هيلاري كلينتون والمنظمات الداعمة لها أن تضع في حسبانها جمع ما لايقل عن 2.5 مليار دولار.

وبالإضافة إلي جمع المال، فإن المرشحين يقومون بتجنيد طواقم المستشارين، من بينهم هؤلاء المختصين بمواضيع السياسات تجاه الشرق الأوسط، حيث قام جيب بوش بتجنيد ميجان أوسيلفان وهى بروفيسور بجامعة هارفارد، والتي تُعد أكثر المحسوبين على معسكر الواقعية بين الجمهوريين أكثر من إنتمائها إلي معسكر المحافظين الجدد والذين يديرون إتصالات هادئة مع الحملات الإنتخابية.

ومن جانبها قامت هيلاري كلينتون بتجنيد جيك سيلفان والذي كان أحد مساعديها في وزارة الخارجية حيث لعب دوراً هاماً في المفاوضات المبكرة مع إيران، ولكنه معروف بتشككه تجاه النظام الإيراني فيما يتعلق بالعناصر الأخرى في أقسام الإدارة. إن تشكيل طواقم المستشارين من شأنه أن يرسم مواقف المرشحين فيما يتعلق بمشكلات معينة وتجري مرحلة التجنيد حالياً في الإنتخابات التمهيدية السرية فهؤلاء هم من سيستحوذون على الإهتمام خلال الأشهر القادمة قبل أن يتم إطلاق حملات الناخبين أنفسهم بكامل قوتها.

وبالنسبة للحملة نفسها من غير الواضح ما هو الدور الذي ستلعبه السياسات الخارجية في تشكيل قرار الناخب الأمريكي. وبشكل عام فإن الإنتخابات في الولايات المتحدة (وفي العديد من الأماكن الأخرى في العالم) يتم حسمها وفقاً للمشاكل الداخلية وبالأخص- الإقتصادية. وعلى الرغم من هذا فإنه على خلفية تنامي قوة داعش وتجدد خطر الإرهاب، أظهرت بعض إستطلاعات الرأي إهتمام شعبي متزايد بالسياسات الخارجية، وأي مناظرة أثناء الإنتخابات فيما يتعلق بالشئون الخارجية ستكون مثيرة للإهتمام، حيث يوجد لدى العديد من المرشحين خبرة كبيرة في السياسات الخارجية (هيلاري كلينتون)، أو بلورة تصور عالمي (بول راند والسيناتور الجمهوري ليندسي جراهم من جنوب كارولينا). إن النقاش الشعبي حول السياسات الخارجية يمكن أن يصبح مقياساً لميل الناخب الأمريكي وخاصة فيما يتعلق بأسئلة حاسمة حول السياسات الأمريكية تجاه روسيا والصفقة المتبلورة مع طهران ومدى التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط هذا إذا كان الجمهور الأمريكي حقاً يعتبر من نتائج الحروب في أفغانستان والعراق؟ إن ميل الرأي العام فيما يتعلق بهذه الموضوعات هو ما سيبعث بالإشارت إلي الرئيس الأمريكي القادم وفقاً لأي سياسة ستذهب الإدارة القادمة في البيت الأبيض.

ولكن في الوقت الراهن فإن مواجهة كهذه مُجبرة على الإنتظار لأن ما يجري حالياً هو الإنتخابات التمهيدية السرية والتي يُشكل فيها المانحين والنشطاء الهدف الأكثر أهمية بالنسبة للمرشحين أكثر من الرأي العام وفي هذه المرحلة فإن النتيجة الأساسية التي يجب على إسرائيل إستنتاجها هي أن الإجماع المؤيد لإسرائيل لازال يحتفظ بمكانته في أجندة السياسة الأمريكية. الساحة الحقيقية هي التي على الجانب الديمقراطي حيث لوحظت إنتقادات لاذعة وصريحة ضد إسرائيل من جانب العديد من نشطاء اليسار مما اضعف من موقف إسرائيل في الجامعات الأمريكية، والحملة ستكشف إذا ما كانت هذه الديناميكية ستتطور وبأي معدل سيتم ذلك. ومن المحتمل أن يشير تحرك المانحين الداعمين لإسرائيل من المعسكر الديمقراطي إلي المعسكر الجمهوري إلي أنهم يشعرون بتغير الإتجاه في الأجواء السياسية. وإذا كان الأمر كذلك سيكون لزاماً على إسرائيل ومؤيديها أن يكثفوا من جهودهم ويؤسسوا للدعم داخل الديمقراطيين للحفاظ على التوازن بين الطرفين الذي كان ولا زال كنزاً حيوياً للعلاقات الإسرائيلية الأمريكية