تمثيل السلفية-الجهادية في إسرائيل فى ضوء صعود تنظيم “الدولة الإسلامية”

في العامين الماضيين أصبح التنظيم الإرهابي “الدولة الإسلامية” (داعش) واحد من العناصر الخَطِرة، فمجرد وجوده، وجوهره ونشاطه يبعث خطورة على بلدان عدة في كل أرجاء العالم، فما بالك بالشرق الأوسط.
هذا التنظيم الإرهابي، الذي يرفع “الراية السوداء” كعلم رسمي له، يمثل تيار متطرف في الإسلام السُني، يحتج على كل أنظمة السلطة القائمة ويسعى إلى تبديلها بحكم إسلامي يحاكي أنماط السلوك وأنماط الحياة التي ترجع إلى القرن السابع. هذا التيار يُطلق عليه “السلفية الجهادية” حيث يُعتبر اليوم التعبير الأكثر تطرفاً للأصولية الإسلامية.
إنه تيار يتنامى بسرعة فائقة ويحشد أتباع متطرفين من كل أرجاء العالم. جاء هذا المقال بدوره ليسلط الضوء على تيار السلفية الجهادية عامة وعلى أتباعه من داخل دولة إسرائيل خاصة، وكذلك أيضاً على الأصداء التي دوت في إسرائيل إزاء بزوغ نجم عنصر القوى الجديد هذا في العراق وسوريا.
مدخل
يشير استعراض الشاباك حول اختراق أيديولوجية “القاعدة” لإسرائيل، والذي نُشر في عام 2008، يشير إلى ارتفاع عدد التنظيمات الموالية لــ “القاعدة” و”الجهاد العالمي” في منطقة الضفة الغربية وأيضاً داخل دولة إسرائيل. فوفقاً لوثيقة أخرى تتبع الشاباك، نُشرت في عام 2012، تعميق الانحياز مع أفكار “السلفية” لاسيما أتباع “السلفية الجهادية […] يزيد من فرصة التهديد على إسرائيل. في الواقع إن الظاهرة “ليست في نطاق الإجماع العام وسط عرب إسرائيل”، ولكن مع ذلك، “ثمة مخاوف من أن يرى الشباب المتأثرين بالشخصيات الدينية الكاريزماتية، التي تنادي بالأيديولوجية بالعدوانية التي تخص “القاعدة”، في أفكار “السلفية الجهادية” تبريراً دينياً أيديولوجياً للانتقال من النظرية إلى المرحلة العملية، التي هي في الغالب تطبيق لنشاط عسكري وممارسة للإرهاب”.
من الجدير بالذكر أن تيار السلفية الجهادية يُعتبر تياراً متطرفاً داخل المعسكر الإسلامي، بما في ذلك إسرائيل. بين عرب إسرائيل هذا المعسكر هو أقرب للإخوان المسلمين عن الجماعات السلفية والتنظيمات الراديكالية، على الرغم من أن -كما سنرى لاحقاً- اتجاه الأسلمة، والانجذاب إلى الفكرة السلفية-الجهادية وصولاً إلى دعم الدولة الإسلامية، أصبحت لديهم حقيقة قائمة. التخوف من أن يعمّق مواطني إسرائيل المسلمين الانحياز للسلفية-الجهادية يتصل باستنتاجات تطرحها دراسة البروفيسور “سامي سموحة” من جامعة حيفا. يزعم “سموحة” أنه منذ السنوات الأولى من الألفية الجديدة هناك اتجاه للتصعيد في معاملة الأقلية العربية في إسرائيل تجاه الأغلبية اليهودية، الأمر الذي ينعكس على عدم قبول الدولة على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي، رغبة في إقامة دولة فلسطينية بدلاً من دولة إسرائيل، وفي العلاقات على المستوى الشخصي بين العرب واليهود.
كما زعم أنه على الرغم من أن السنوات 2003-2012 كانت بمثابة عقد ضائع في كل ما يتعلق بالعلاقات العربية واليهودية، إلا أن الحياة المشتركة مع اليهود تشجع عملية “الأسرلة” وتوازن وتقلّص من عمليات مثل “الفلسطنة” (الانحياز وفقاً للعنصر العرقي-السياسي) و”الأسلمة” (الانحياز وفقاً للعنصر الديني) للأقلية العربية الإسرائيلية. وعلى خلاف بروفيسور “سموحة”، يزعم بروفيسور “رفال يسرائيلي” من الجامعة العبرية بالقدس أن “أسرلة عرب إسرائيل تتبدد أمام أعيننا”، وأن “هناك أسلمة واضحة، وحقيقة أنه في كل مرة تقع بيننا وبين الفلسطينيين مناوشات، يقف عرب إسرائيل إلى جانبهم؛ سواء كمشاغبين أو كأغلبية مماثلة تلتزم الصمت”.
أجرت القناة العاشرة الإسرائيلية في شهر رمضان لعام 2015 تحقيقاً فحص مسألة وجود تحريض بين المسلمين في إسرائيل ضد اليهود وتأييد “داعش”. درس التحقيق الخطب الدينية التي أُلقيت في 15 مسجداً داخل حدود إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وأشارت نتائجه إلى حقيقتين رئيسيتين:-
الأولى هي أن هناك عملية تطرف تجري، وتنعكس على أن المساجد والخطباء الذين لم يُعرفوا قبل ذلك بأنهم مؤيدين لحماس، أصبحوا فجأة يستخدمون خطاباً عدائياً وعنيفاً مشابه، وأحياناً أيضاً هو الخطاب ذاته، لحديث حماس عن المسجد الأقصى.
الحقيقة الثانية هي أن المساجد والخطباء الذين كانوا قبل ذلك منحازين لحماس قد احتدت مواقفهم وأصبحوا أكثر انحيازاً للسلفية-الجهادية والدولة الإسلامية.
في الصفحات الآتية سنبحث ونحلّل أصل الرايات السود، وكذلك الأيديولوجية الدينية التي تقف خلفها، وممثليهم داخل إسرائيل وحجم التهديد المنعكس من هذه الأيديولوجية وأتباعها. وسيحاول هذا المقال أن يجيب على السؤال المحوري، ألا وهو هل عرب إسرائيل يخضعون لعملية تطرف متأثرة من صعود وتعاظم تنظيم “الدولة الإسلامية”؟ أو بعبارة أخرى، هل حقاً هناك اتجاه جارف نحو التيار السلفي-الجهادي بين مواطني إسرائيل المسلمين؟.
وإن كان الأمر كذلك، كيف تنعكس هذه العملية وما تأثيرها؟ هذه الأسئلة تحمل في طياتها أهمية قصوى، حيث نتحدث عن تيار يمثل خطورة بشكل مباشر على غير المسلمين (كما، على سبيل المثال، اليهود، المسحيين أو الإيزيديين) عن طريق الدعوة إلى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والمشاركة في الجهاد، وبالإضافة إلى ذلك، يرى في مدن إسرائيل هدف للهجوم. بهدف الإجابة على هذه الأسئلة سأستخدم تحليل النصوص لمصادر أولية وثانوية، تتعلق بالتيار السلفي-الجهادي داخل إسرائيل، وانعكاساته وشعاراته. في إطار هذا التحليل، سأركز على منشورات في وسائل الإعلام بالعربية والعبرية، وكذلك أيضاً على نشاط أتباع السلفية-الجهادية الإسرائيليين على شبكات التواصل الاجتماعي.
مع شروعنا في دراسة التيار السلفي-الجهادي في إسرائيل، يجدر بنا أن ننتبه إلى أن هناك توثيق فقير وليس هناك سوى دلائل قليلة جداً من المصدر الأولي حوله. هذا إلى جانب، أنه من المرجح أن يكون أتباع هذا التيار يعملون في سرية مخافة الإعتقال. قلة المعلومات هذه كفيلة بأن تصعّب من عملية فهم الدوافع النفسية، والاجتماعية، والأسرية، والدينية أو التكنولوجية التي أثرت على قرار فلان بأن يترك دولة إسرائيل كي ينضم إلى “الدولة الإسلامية”. وستضطر أية دراسة مستقبلية، تستند إلى استجواب المعتلقين، وعلى شهادات شخصية أو أوامر الجهاديين الذين قُتلوا، ستضطر إلى فحص هذه الدوافع فحصاً عميقاً.
هناك إشكالية أخرى تتصل بالدعاة السلفيين-المتطرفين الذين يعملون في وسط عرب إسرائيل. هؤلاء يملكون مساحة محدودة للغاية، سواء في المساجد أو على شبكة الإنترنت؛ فهم لا يستطيعون إبداء آرائهم بحرية خوفًا من رقابة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي تؤدي إلى اعتقالهم؛ ولا يمكنهم أيضاً العمل بحرية على شبكة الإنترنت. والدليل على وجود هذا التخوف ومدى جديته يمكننا أن نراه في الاعتقال المتعلق بهذا الأمر للشيخ “ناظم أبو سليم” من الناصرة، الذي في اعتقاله استند الادعاء سواء إلى خطبه في المسجد الذي كان أماماً له (شهاب الدين) أو إلى نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي.
رايات سود في إسرائيل
إبان عملية “الجرف الصامد” شوهدت في دولة إسرائيل رايات سود مرفوعة في وسط المظاهرات. هذه الأعلام معروفة لدى الجمهور، ووسائل الإعلام ومتخذي القرارات عقب استخدام التنظيمات الإرهابية لها مثل “القاعدة”، وبالأخص “الدولة الإسلامية” (داعش سابقاً). وعقب رفع الأعلام، وعلى ضوء الأنباء التي ترددت حول المذبحة التي ينفذها رجال “الدولة الإسلامية” بحق أبناء الأقليات في العراق، توجهت عضو الكنيست “أييلت شاكيد” إلى وزير الدفاع “موشيه يعالون” بطلب إخراج “الدولة الإسلامية” عن نطاق القانون. وفي 3 سبتمبر 2014 أعلن وزير الدفاع بأن تنظيم “الدولة الإسلامية” تنظيم غير مشروع وحظر التعامل معه.
وبعد ذلك بيوم واحد ترددت أنباء، مفادها أن هناك توجيهات لعناصر تطبيق القانون في إسرائيل بالعمل على إنزال الأعلام المنحازة مع حماس (العلم الأخضر)، وداعش (العلم الأسود) وحزب الله. وفي 10 سبتمبر 2014 عقد رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو” جلسة عاجلة للمجلس الوزاري الأمنى المصغر، لبحث التهديد المنعكس من جانب “الدولة الإسلامية”. وخصصت الجلسة، التى شارك فيها كبار الوزراء، ورؤساء الأجهزة الأمنية والمستشار القانوني للحكومة، الحديث عن تغليظ تطبيق القانون ضد مظاهر التأييد أو الانحياز مع التنظيم، ورصد وتحديد النشطاء والمنحازين معه وإحباط محاولات إقامة خلاياه الإرهابية داخل دولة إسرائيل.
تم إصدار التشريع ضد “داعش” كرد فعل على العدد المتزايد من مظاهر تأييد تنظيم “الدولة الإسلامية” التي انتشرت في الأشهر التى سبقت ذلك داخل حدود إسرائيل، وفي محيط الحرم القدسي والقدس.هكذا، على سبيل المثال، رفع الحساب DefenderISIS@ على تويتر في 28 مارس 2014، صورة شخص يحمل لافته مكتوب عليها “تمنياتنا بالمحبة والحب من القدس إلى فخر الأمة [الإسلامية] أبو بكر البغدادي القريشي”، زعيم “الدولة الإسلامية”. رُفعت أعلام سوداء أيضاً في تظاهرات متضامنة مع سكان قطاع غزة نُظِمّت في عكا في يوليو 2014 احتجاجاً على قصف الجيش الإسرائيلي للقطاع.
وقد أفاد الموقع الإخباري الإسرائيلي “حداشوت 0404” مرتان منذ بداية عملية “الجرف الصامد” عن ظهور أعلام سوداء داخل مدينة الناصرة. وبحسب أنباء “حداشوت 0404″، عُلِّق علم أسود من شرفة إحدى الشقق في الناصرة، وشوهدت في المدينة سيارات التصق بها العلم الأسود. وبحسب أنباء أخرى، شوهدت أعلام سوداء في كل من عكا، والناصرة، وأم الفحم، وقرية كنا، وسخنين والقدس الشرقية.
كما أفادت البوابة الإخبارية العربية-المسيحية “ستار2000″، في نهاية يوليو 2014 عن وضع لافتة وفيها علم أسود أمام كنيسة البشارة في الناصرة، التي تعتبر من أبرز الأماكن المقدسة في الناصرة. وبحسب هذه الأنباء، تعرض أبناء الجالية المسيحية وحجّاج مسيحيون في السنوات القليلة الماضية في شمال إسرائيل لتهديدات، ومعاداة ومعاندة من قبل عناصر إسلامية متطرفة يحتجون على العقيدة المسيحية. إن كان في الماضي المسيحيون معتادين المعاندة التي تنعكس على رفع أعلام خضراء، اليوم أصبحت تُرفع الأعلام السوداء. فعلى سبيل المثال، في أكتوبر 2014، كُتبت جملة “داعش في الطريق” قرب البلدة المسيحية “البعنة” التي تقع في الجليل، حيث انضمت إلى تشكيلة كاملة من المقاطع الدعائية المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي والتي تعرض المتوقع أن يحدث عندما “يصل داعش”.
اليهود، والمسيحيين و”الدولة الإسلامية”
يؤثر التهديد الكامن في “الدولة الإسلامية” – تنظيم عرّف نفسه على أنه “الخلافة” وزعيمه بأنه “الخليفة” (زعيم المسلمين في العالم السني أجمع) – بشكل مباشر على المسيحيين في الشرق الأوسط. فعلى سبيل المثال، في مدينة الموصل بشمال العراق، التي احتُلت من قبل مقاتلي “الدولة الإسلامية”، وجد المسيحيون أنفسهم أمام ثلاثة خيارات:-
1- اعتناق الإسلام
2- البقاء على ديانتهم مع خضوعهم للحكم الإسلامي تحت مسمى “أهل الذمة” ووجوب دفع الجزية.
3– الموت.
وقد لاذ آلاف المسيحيون بالفرار من المدينة وأصبحوا لاجئين، حيث ينضمون إلى أقليات أخرى يحوم حولهم خطر الموت.
وعلى خلاف المسيحيين، مكانة اليهود في أنظار “الدولة الإسلامية” أكثر وضاعة. فوفقاً لمنظورهم، النبي “محمد” قد حارب يهود شبه الجزيرة العربية، ونال منهم، وأذلّهم، وعليه فيجب على أتباعه اليوم التغلب على اليهود وإذلالهم. إن مسألة إقامة دولة يهودية يُنظر إليها على أنها استفزاز مباشر لله، الأمر الذي أدى إلى استخدام مصطلحات دينية من أجل تبرير صراع عنيف وعدم التسليم مع وجود إسرائيل: “لأن محمد نفسه مارس الجهاد […] لذا فالجهاد فرض ساري دائماً وأبداً، ولأن هذا فرض أوجبه النبي، يتطلع السلفيون إلى تحقيقه. وبالفعل “الدولة الإسلامية” بالأخص وأتباع السلفية-الجهادية عامة يطبقون اليوم سواء الشريعة أو الجهاد ضد غير المسلمين. ويمكننا أن نجد نماذج على ذلك ليس في العراق وفي سوريا فقط، بل أيضاً في دول بكل أرجاء العالم.
إن التهديد الذي يمثله أنصار “الدولة الإسلامية” للمسيحين في إسرائيل، قد أدى إلى تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، باسم “كاشفي أفراد داعش في إسرائيل”، اسم يليق بطبيعة نشاطها – حيث تهدف إلى كشف أفراد من عرب إسرائيل موالين للخلافة”. زعم مدير الصفحة، وهو شخص عُرف باسم مستعار “يوحنا”، في حديث هاتفي للبرنامج التلفزيوني “تسينور لَيْلاه” (13 أغسطس 2014) أنه كشف أكثر من 300 شخص إسرائيلي من “أنصار داعش” وأن هؤلاء يهددون حياته وحياة أصدقائه بسبب نشاطهم على صفحة الفيسبوك. وعلى حد زعمه، أحد عرب إسرائيل الذين انكشفوا بأنهم أنصار داعش دعا إلى إعادة العلم الأسود إلى الناصرة وهدّد بأنه “يجب تنفيذ عملية إرهابية” في المدينة؛ كما هدّد آخر بأنه سيقطع رأس “يوحنا”، الذي أبدى لهذا السبب تخوفاً على حياته.
صرح “شادي خلول”، عضو “منتدى تجنيد المسيحيين في الجيش الإسرائيلي”، أنه في رأيه، هناك تأثير مباشر لصعود “الدولة الإسامية” على عرب إسرائيل المسلمين والمسيحيين على حد سواء: “هناك دوائر واسعة جداً بين السكان المسلمين في إسرائيل موالون لداعش […] فقط بعضهم يعرب عن ذلك اليوم بتعبير خارجي”. كما زعم أن “رفع أعلام داعش مصحوب بحوار رحب حول تصفية المسيحيين واليهود “الصليبيين” في إسرائيل. وبصفته منتمي إلى الأقلية المسيحية، يخشى “خلول” انه في حالة نشوب أحداث شغب -في أية مرحلة ما- سيتم استغلال هذه الأحداث لتكتل أكثر وضوحاً، بداية ضد المسيحيين، ولاحقًا ضد إسرائيل كافة”.
يفيد التقرير الذي نُشر على موقع صحيفة يديعوت أحرونوت في السادس من سبتمبر 2014 بوجود أعداد كثيرة من عرب إسرائيل موالين للدولة الإسلامية، وما يزيد التوتر داخل الوسط العربي-الإسلامي في الدولة. فمثلاً، بعدما أعرب إمام كان يلقي خطبة في مسجد بشمال البلاد عن تأييده لتنظيم “الدولة الإسلامية” خرج عليه المصلين في المكان وطالبوا باستبعاده. وفي مكان آخر قال مصلٍ إن “مقاتلى داعش هم الوحيدون القادرون على إقامة دولة إسلامية، ومن الجيد أنهم يطبقون الحدود على الناس. أتمنى أن يصلوا إلى إسرائيل”. وبحسب التقرير ذاته، أشعلت أقواله هذه مشاجرة. كما قال الشيخ “حماد أبو دعابس”، رئيس الفصيل الجنوبي للحركة الإسلامية في إسرائيل، وفقًا للتقرير ذاته، أن “في تنظيم داعش يطرحون شروطاً معقولة، مثل إقامة دولة للإسلام، لكن طرقهم في تحقيق الأهداف تسبب مخاوف من جانب بلدان عدة في العالم”. ومع ذلك، لم يجد الشيخ أنه من الصواب إدانة تلك “الطرق”. شيخ آخر، من منطقة الجليل، قال إنه “شخصياً يؤيد داعش”، وأحد سكان مدينة الطيرة التي تقع ضمن المثلث الجنوبي شهد في التقرير أنه يعرف أناس بدأوا في تأييد “الدولة الإسلامية” وأن في مدينته هناك ما لا يقل عن ألف مؤيد للتنظيم.
العلم الأسود بين السلفية والسلفية-الجهادية
حتى نفهم ظاهرة مثل “الدولة الإسلامية”، علينا أن نفهم ما هي السلفية. حركة السلفية هي “حركة نشأة النهضة الإسلامية في القرن العشرين”. معنى كلمة “السلف” هو “الجد الأعلى”، وكلمة “سلفية” جاءت لتصف “اتباع مذهب سلف الإسلام”. تنبع السلفية انطلاقاً من النية، والحاجة والرغبة في تطهير “الإسلام من الشوائب التي لحقته والعودة إلى “العصر الذهبي للإسلام” [الفترة التي عاش فيها النبي] –محمد والخلفاء الراشدين”. الدعوة إلى السلفية أنذرت ببداية السباق بين المتعصبين الذين تنافسوا فيما بينهم على من يحاكي أبناء جيل النبي “محمد” سواء قولاً أو فعلاً، من خلال الابتعاد عما لم يُعرف عن جيل النبي بعد. الأدهى من ذلك، الدعوة إلى السلفية تعني “مقاومة صارخة للديموقراطية وحرية المواطنين”.
المصطلح “سلف الإسلام” يرجع إلى المصطلح “السلف الأتقياء” (أو “السلف الصالح”) ويبعث إلهاماً إلى أتباع السلفية-الجهادية الذين يريدون استعادة الانتصارات الإسلامية في عصر محمد والخلفاء. هذا العصر تميّز بفتوحات موسعة ويمثل “نموذج ومصدر إلهام للمسلمين المتطرفين [السلفيين]. إن العمليات الإرهابية التي ينفذها تنظيم “الدولة الإسلامية” مبررة بأنها محاكاة لأفعال “السلف الصالح”.
زعم شيخ سلفي يقيم في مناطق السلطة الفلسطينية في حديث لصحيفة “معاريف” أن الحركة السلفية ليست حركة عنيفة، بل إنها حركة تتقدم في الدعوة إلى الإسلام. وبحسبه، انقسمت السلفية إلى ذراعين – سلفية دعوية وسلفية جهادية. الأولى تعتمد على تهيئة القلوب والدعوة إلى الإسلام في كل أرجاء العالم (مثل حركة التبليغ والدعوة”)، والثانية تنادي بالعمل العنيف بهدف ترسيخ سيادة الله على وجه الأرض على الفور. السلفية-الجهادية هي مصدر للتنظيمات الإرهابية الموالية للجهاد العالمي، التي تسعى عملياً لتحقيق الهدف ذاته.
نمت الفكرة السلفية والتطرف الإسلامي في سياق مباشر وغير مباشر بدولة إسرائيل والغرب وترجع جذورها إلى عصر الحكم البريطاني في الشرق الأوسط، وبالأخص فى مصر وأرض إسرائيل (فلسطين الانتدابية). الحاج “أمين الحسيني”، مفتي القدس، درس في مصر في جامعة الأزهر، على يد “محمد رشيد رضا”، وهو من رواد المفكرين الإسلاميين في القرن العشرين، الذين وضعوا أسس نشأة تيار السلفية المعاصرة. كما كان “حسن البنا”، مؤسس جماعة “الإخوان المسلمين” تلميذاً آخر لـ “رضا” وصديق للمفتي. يُحتمل أن يكون المفتي، الذي كان أحد أتباع فكرة الوحدة الإسلامية، مُعرّف اليوم بأنه “سلفي” وربما أيضاً “سلفي-جهادي”، حيث اعترض على اللباس الغربي، وحرّض على قتل اليهود و”خونة” (عرب باعوا أراضٍ لليهود)، ودعا إلى الجهاد العالمي ضد اليهود في إسرائيل والعالم، وضد الغرب الديموقراطي، وعمل بنشاط على تحقيق أفكاره ومخططاته.
عملت عدة جماعات إسلامية مسلحة في إسرائيل ضد الاستيطان اليهودي في فترة الانتداب البريطاني. كانت الجماعة المثالية، الأنشط والأبرز هي جماعة “الكف الأسود” بقيادة الشيخ “عز الدين القسام” (1883-1935). القسّام، وهو سوري الأصل، حشد برئاسته جماعة صغيرة من أناس التزموا طريق النضال المسلح ضد اليهود والبريطانيين. ومثله مثل المفتي والبنا، درس القسام أيضاً في الأزهر، وتأثر بمفكري السلفية. موقفه تجاه الاستيطان اليهودي، الذي أصبح مع مرور السنين رمزاً و”نموذجاً يُحتذى به”، كان أكثر تطرفًا من المفتي. الذراع العسكري لحماس، وكذلك أيضاً القذائف الصاروخية التي يطلقها نشطاء التنظيم وتنظيمات إسلامية أخرى تجاه إسرائيل مدن إسرائيل، سُميّت باسمه.
في عام 1953 أسسّ الداعية “تقي الدين النبهاني” في القدس تنظيم “حزب التحرير”. كان تنظيمه يعترض على الأنظمة الحاكمة في الدول العربية والأفكار السياسية التي كانت رائجة في تلك الفترة (القومية، الوحدة العربية، الأيديولوجية السياسية لـ “الإخوان المسلمين”) وسعى إلى نهضة حكم الخلافة. الجهاد، في نظر “النبهاني”، يُعتبر جهازاً ستوسع بواسطته الدولة الإسلامية المستقبلية أراضيها إلى حدود “دار الحرب”. كانت حرب الأيام الستة كسر في العالم العربي الإسلامي. في أعقابها بدأت النظريات التي طوّرها مفكرين مثل “النبهاني”، و”سيد قطب”، والشيخ الدكتور “عبد الله عزام” تتخذ صورة مذهب منسق لنضال مقدس وعالمي في سبيل تحقيق خلافة إسلامية جديدة. أولئك الثلاثة، سوياً مع “أسامة بن لادن”، وضعوا المعالم لأساسية لتيار السلفية الجهادية اليوم. وعلى الرغم من الفارق بينهما، يبدو أن أفكارهم قد انصهرت معاً، وبمقدورها ان توضح ما يُعرف اليوم باسم “الدولة الإسلامية”.
في نوفمبر 2013 نُشر على شبكة الإنترنت مقطع فيديو موثّق يدعو فيه عضو من “حزب التحرير” إلى محاربة اليهود وعدم التخلي عن أرض إسلامية مثل يافا أو حيفا. وبحسب هذا الخطيب، “أرض فلسطين هي أرض إسلامية وأرض وقف، ولا يجب التخلي عنها”. الرسالة لليهود واضحة: “ليس لديهم عندنا إلا السيف، حتى يأتي اليوم [يوم القيامة] الذي يدعو فيه الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله”. “حزب التحرير” يُعتبر في الحقيقة حزب سلمي، نشاطه السياسي مشروع وقانوني، لكن أيديولوجيته تتداخل مع أيديولوجية تنظيمات سلفية أخرى، تنظيمات لن تمتنع عن استخدام العنف المتطرف بغرض الدفع بأهدافها. بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن “حزب التحرير” يرفض من ناحية رسمية العنف، إلا أنه يقبل -وفقاً لفهم باحثين مختلفين- حق المسلمين (السُنّة) في الدفاع عن أنفسهم بوسائل عنيفة.
إن التعامل مع إسرائيل على أنها أرض وقف يتسق أكثر مع خطاب حماس، لكن القول المقتبس المذكور أعلاه لرجل “حزب التحرير” يعكس رفض تام لفكرة التخلي عن أراضٍ كانت في ملكية إسلامية في الماضي، أي – أراضٍ كانت تنتمي إلى الخلافات الإسلامية المختلفة. سواء هذا أو ذاك، نحن نتحدث عن تنظيم يحرض بشكل لاذع ليس ضد اليهود والغرب فحسب، بل أيضاً ضد أي نوع من الحكم يكون غير سلفي خالص ولا يطبق أحكام الشريعة. هذه وجهة نظر “حزب التحرير” مع التيار السلفي-الجهادي.
إن النشاط الاجتماعي-الإعلامي الذي يمارسه أتباع السلفية-الجهادية في المساجد، والشوارع وعلى شبكة الإنترنت على حد سواء يزيد من مدى تأثيرهم على الجمهور العريض ويقود بالأحرى إلى التطرف. بحث “ويليام لورنس” و”حاييم ملكا” نشأة الجيل الجديد للسلفية-الجهادية في شمال أفريقيا، الذي يطلقون عليه “التطرف الجديد”. هذا الجيل يتميز بأنشطة اجتماعية ومحاولة التقرب من مؤيدين محتملين كوسيلة لتثبيت أقدامهم بين السكان. في الواقع، أتباع هذا التيار لا يفلحون في استقطاب الحشود، لكنهم يمثلون عنصراً خطيراً ينخر في أسس الدولة وذو قدرة على تقويض استقرار الحكومات الضعيفة.
ما هي دلالة العلم الأسود الذي يثير أصداء كبرى، وربما أيضاً يبعث على الفزع، في كل أرجاء العالم؟ وفقاً لـ “مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية” “ويست بوينت”، في ولاية فيرجينيا، الولايات المتحدة، العلم الأسود كان يمثل في الماضي النبي “محمد” وأتباعه الخلفاء واستُخدم بصفته علماً حربهم. بالنسبة للحركة الإسلامية المعاصرة، “العلم الأسود يرمز أيضاً إلى الجهاد المسلح وأنصار إعادة إقامة الخلافة الإسلامية”. لهذا العلم، المطبوع عليه “الشهادة”، دلالة كبيرة بالنسبة لتنظيم “الدولة الإسلامية”، التي نشأت في العراق. هذا العلم رُفع لأول مرة في العراق كعلم للدولة العباسية، التي اتخذت من بغداد عاصمة لها – التي يتخذها تنظيم “الدولة الإسلامية” هدفًا لاحتلاله.
إن استخدام العلم الأسود نابع من رغبة السلفيين في التأسى النبي “محمد”. هذا العلم ظهر في الوعي العالمي بعدما استخدمه “أسامة بن لادن”، زعيم تنظيم “القاعدة”، وبعدما استخدمته تنظيمات مختلفة، عنيفة الفعل أو الخطاب. “حزب التحرير”، على سبيل المثال، هو نموذج للوعي السلفي غير العنيف (فعلياً) الذي يسعى إلى إعادة الخلافة ويستخدم الأعلام السوداء والبيضاء كونها شعاراً له. في الواقع، إن استخدام “حزب التحرير” للأعلام السوداء قد سبق استخدام التنظيمات السلفية-الجهادية لها. وبالتوازي مع ذلك، ليس ثمة شك من أنه منذ ظهور “القاعدة” على ساحة التاريخ (واليوم “الدولة الإسلامية”)، هذا العلم أصبح دائماً وقبل كل شيء بمحاذاة الإرهاب السلفي-الجهادي. لقد “استولى” الجهاديون بواسطة العنف على “حقوق الملكية” فيما يخص استخدام هذا العلم، وقد أصبح يمثلهم. إن استقوائهم، المصحوب بتبني العلم الأسود، يشير إلى الرغبة في الارتباط بعنصر القوى المتسارع.
بين “الربيع العربي” و”الشتاء الإسلامي”
عندما اندلعت الأحداث التي تمخضت عن “الربيع العربي”، ورُفعت الأعلام السوداء في بلدان عدة، أحياناً مصحوبة بصراخات وهتافات “أوباما، أوباما، كلنا أسامة”، أثار الأمر مخاوف من أرجحية ظهور موجة إسلامية-متطرفة تتصف بـ “الشتاء الجهادي”. حاول “د. ويليام ماك كانتس” (McCants)، الخبير في دراسة الإسلام الراديكالي من معهد بروكينجز، أن يهدئ المخاوف في مقال نشره تحت عنوان “علم أسود”، زعم أنه قبل الضغط على “زر الهلع” يجدر بنا أن نذكر أن ظهور الأعلام السوداء في المظاهرات ليس بالأحرى يشير إلى وجود أنصار للجهاد أو أنصار للإرهاب الجهادي بشكل أو بآخر. كما زعم “ماك كانتس” أنه على الأرجح أن ظهور الأعلام السوداء في مظاهرات من كل أرجاء العالم العربي ما هي إلا انعكاس لظواهر مختلفة، تتضمن شباب يستغلون الحرية التي بحوزتهم من أجل إخافة ذويهم؛ واستخدامها من قِبل سلفيين يعبرون عن سخطهم على الجمهور بواسطة رمز معروف بأنه يتسبب في صدمة؛ وإبداء الأمل بأسلوب “يا ليتكم هنا”، الذي يعكس تطلع وتمني أكثر منه واقعاً.
هل ادعاء “ماك كانتس” يسري أيضاً على إسرائيل؟ هل يسري أيضاً لمدة تزيد عن أربع سنوات بعد اندلاع الأحداث التي زعزعت الشرق الأوسط؟ من المحال أن نتغاضى عن حقيقة أن رفع العلم الأسود من قبل نشطاء سلفيين يتم اليوم على خلفية صعود عنصر مثل “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا، الذي أصبح محل اهتمام عالمي.
زعمت مصادر أمنية إسرائيلية، خلال محادثات فضلت فيها عدم الكشف عن أسمائهم لأخبار القناة الثانية، أن هناك نحو عشرين عربي إسرائيلي انضموا إلى تنظيمات جهادية عالمية تحارب في سوريا والعراق. وقد كشف تقرير تناول هذه القضية أننا بصدد عملية تطورت فقط في السنوات القليلة الماضية، لاسيما منذ أن اختطفت قوات الجهاديين الحرب الأهلية في سوريا. وبحسب أحد المصادر ذاتها في التقرير، “هناك موجة تطرف شديدة التوسع في العام الماضي في عدة بلدات بدوية في النقب وعربية في الشمال فيما يتعلق بتطبيق أحكام الشريعة. حتى هؤلاء الذين كانوا علمانيون استمدوا فكرهم وتأثروا بالأفكار المتطرفة”.
وبعبارة أخرى، هناك أعداد غفيرة من الناس يستلهمون فكرهم من “الدولة الإسلامية”، ومتأثرون بها وينجذبون إليها. هذه ظاهرة ليست مقتصرة على إسرائيل فحسب، بل تحدث في كل أرجاء العالم، لكنها على صلة مباشرة بالشرق الأوسط. يعزز نشاط الجهاديين في المنطقة الشرق أوسطية، ” في سيناء […] ولاسيما في سوريا، تأييدهم في الضفة”، هذا ما جاء في صحيفة “هاآرتس”، بعدما قتلت قوات خاصة من الشاباك والجيش الإسرائيلي ثلاثة من عناصر السلفية-الجهادية قرب الخليل. إن كان السلفيون حقاً قوة متنامية في الضفة الغربية، ينبغي بحث مسألة إن كانوا هم أيضاً قوة متنامية بين عرب إسرائيل أم لا.
مظاهر وشعارات الجهاد العالمي في إسرائيل
بحسب جهاز الشاباك، اهتمت التنظيمات السلفية-الجهادية في إسرائيل بتخطيط العمليات الإرهابية وأظهرت تطلعاً للخروج إلى جبهات جهادية مثل الشيشان وأفغانستان. في وثيقة الشاباك التي نُشرت عام 2012 جاء أنه “في الوسط العربي برز مؤخراً انحياز للأفكار “السلفية-الجهادية”. على الرغم من أننا نتحدث عن ظاهرة محدودة، إلا أنه قد لوحظ أنها اتخذت لها موطئ قدم وتمثل محطة استقطاب للشباب المتطرف في الوسط”.
إن الخلايا الإرهابية التي استمدت إلهامها من “القاعدة” وانحازت لعقيدة التنظيم انكشفت في منطقة القدس والمثلث الجنوبي (جلجولية). في عام 2008 ألق قوات الأمن القبض على اثنين من البدو من رهط استلهموا فكرهم من الجهاد العالمي وخططوا لتنفيذ عمليات إرهابية في إسرائيل. وفي كل تلك الأحداث كان الإنترنت يلعب دوراً رئيسياً وحاضراً في كل مرحلة – بداية من لحظة الاستلهام مروراً بالتخطيط ووصولاً إلى التنفيذ أو الشروع في التنفيذ.
بين السنوات 2010-2011 حال جهاز الشاباك دون تنامي خلية إرهابية موالية “للقاعدة” وأدارها الشيخ “ناظم أبو سليم”، إمام مسجد شهاب الدين في الناصرة ومؤسس “جماعة أنصار الله بيت المقدس-الناصرة”. هذه الخلية الإرهابية، التي حاول بعض أفرادها الوصول إلى الصومال لتطبيق أيديولوجيتها، تقف وراء مقتل سائق سيارة الأجرة “يافيم ڤاينشتاين” (نوفمبر 2009)، واعتداءات على يهود ومسيحيين، وتخطيط لعمليات إرهابية واختطاف مدنيين وجنود”.
كما نعلم، جماعة أبو سليم كانت المظهر السلفي الجهادي المنظم الأول الذي ظهر داخل حدود دولة إسرائيل. هذه الجماعة شكّلت تهديداً واضحاً على من يعتبره أفرادها “أعداء الإسلام” – مواطنون إسرائيليون غير مسلمين، جنود وحتى قساوسة. قالت القاضية في محاكمة أبو سليم إنه لا ينبغي أن نرى في منشورات المتهم أقوال ساذجة، بل تمهيد لترسيخ مذهبه المنحاز للقاعدة والجهاد العالمي بالقوة بواسطة الإرهاب. كما أضافت “لو لم يُوقَف نشاطه، لتوسعت العمليات الإرهابية التي ينفذها أتباعه. وبحسب قرار المحكمة، فإن الجمهور الذي تعرض لحملة “أبو سليم” في المسجد، أو في أماكن سرية أو على شبكة الإنترنت قد بلغ عدده آلاف الأشخاص. “عندما يتعرض عدد كبير من الناس لمحتويات كهذه، تتزايد الفرصة بأن يقرر على الأقل فرد أو أكثر من بينهم التحرك وفقاً لهذه المحتويات ويمارس أعمال عنف أو إرهاب”.
يستمر التهديد الكامن في أتباع “أبو سليم” – نشطاء السلفية-الجهادية الإسرائيليين – في أن يصبح تهديداً وثيق الصلة أيضاً اليوم. في الواقع، إنه أيضاً يزداد إزاء نشاط التنظيم الإرهابي “الدولة الإسلامية”، الذي تعاظمت قواه إلى درجة أنه اتصف بأنه يشكل تهديداً على بلدان عدة في أرجاء العالم، بما فيها إسرائيل.
لنبحث عن أعلام سواء على الفيسبوك
كيف يمكن أن نعرف إن كان فلان “يؤيد” أو “ينحاز” إلى السلفية-الجهادية عامة ومع تنظيمات إرهابية مثل “القاعدة” أو “الدولة الإسلامية” خاصة؟ ما الذي يدل على أن هذا الحساب الشخصي أو ذاك على الفيسبوك أو تويتر مؤيد لداعش؟ أو أتباع السلفية-الجهادية. هناك خصائص مشتركة على شبكات التواصل الاجتماعي؛ والعلم الأسود هو أحدها.
كما توجد خصائص أخرى تُعتبر من مظاهر الإعجاب بزعماء بارزين في حركة الجهاد العالمي (مثل بن لادن أو أبو مصعب الزرقاوي)؛ ونشر صور ومقاطع دعائية؛ ومتابعة الدعاة أو الجماعات المنحازة مع السلفية-الجهادية؛ وكتابة ومشاركة رسائل تأييد لـ “الجهاد” (فكراً وعملاً) ولممثليه (المجاهدين)، أو بدلاً من ذلك تهديد “أعداء الإسلام”.
بحسب دراسة أجراها معهد “بيو” (Pew)، يعتبر فيسبوك الشبكة الاجتماعية الأفضل لدى متصفحي الإنترنت عن باقي الشبكات (تويتر، إنستجرام، وغيرها). وفقًا لبيانات شركة “أليكسا” (Alexa)، التي تصنّف مواقع الإنترنت، تعتبر المواقع الأكثر انتشاراً في إسرائيل هي محرك البحث جوجل، وفيسبوك، ويوتيوب وموقع صحيفة يديعوت أحرونوت Ynet.
تأتي الشبكة الاجتماعية تويتر في المرتبة الـ 17. هذه البيانات يمكن تطبيقها أيضاً على الوسط العربي في إسرائيل. إن كانت فيسبوك هو الشبكة المفضلة لدى هذا الوسط، فعلى الأرجح أن أغلب نشاط أتباع السلفية-الجهادية في إسرائيل يتم أيضاً في هذه الشبكة الاجتماعية. وبناء على ذلك، يمكننا أن نصل من عضو واحد في الفيسبوك إلى عشرات بل مئات الأعضاء الآخرين وننظر في المعلومات التي ينشرونها.
وبحسب ما يقوله “يوحنا”، مدير صفحة الفيسبوك “كاشفي أفراد داعش في إسرائيل”، أنه قد وجد نحو 300 حساب على الفيس مؤيد لداعش. منهم “أبو مصعب الصفوري”، واسمه الحقيقي هو “ربيع شحادة”. أشار “الصفوري” إلى أن الناصرة العليا هي محل إقامته وأنه درس الهندسة في كلية أورت سينجلوڤيسكي بتل أبيب. وهو اليوم يمكث في سوريا. اللقب “أبو مصعب الصفوري” من الممكن أن يشير إلى علاقته بقرية صفورية، وعلى ما يبدو أيضاً إلى موالاته لـــ “أبو مصعب الزرقاوي”.
يظهر “أبو مصعب الصفورى” في مقطع فيديو نُشر على شبكة الإنترنت في شهر مايو 2014 وهو يتوجه إلى المسيحيين والعلويين ويقول إنه وأصدقائه “يفضلون الموت في سبيل الله أكثر مما تحبون أنتم الحياة”. كما هدّد أيضاً هو وأصدقائه بأنهم قد جاءوا لشرب دماء العلويين “اللذيذ”. وفي حديث للموقع الإلكتروني الخاص بصحيفة “كل العرب”، يوضح الصفوري أنه لا يحارب من أجل إسقاط نظام الأسد في سوريا بل بهدف تأسيس دولة إسلامية. هدفه القادم هو تحرير فلسطين والمسجد الأقصى. وعلى حد تعبيره، “لن أعود إلى فلسطين الحبيبة إلا كفاتح”.
انحياز أتباع السلفية-الجهادية من إسرائيل مع “الدولة الإسلامية” ينعكس على ألفاظ، كما في حالة “عدنان علاء الدين”، محام من الناصرة نشر الحديث الذي ذكرناه سلفًا ودعا إلى قتل اليهود في يوم القيامة. في الثامن من سبتمبر 2014 رفع “علاء الدين” على حسابه الشخصي بفيسبوك صورة من مقطع فيديو إعدام لـ “ستيڤن ستلوف”، الصحفي اليهودي ذو الجنسية الإسرائيلية-الأمريكية، الذي اختطفه الثوار السوريين، وتم بيعه إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” وقام البريطاني المُلقب باسم “الجهادي جون” بقطع رأسه. هذه الصورة التي نشرها “علاء الدين” تحت عنوان “ضحية المتحدث بالإنجليزية الدارجة تثير الرعب في قلوب الكافرين […] هل سنرى ضحية يتحدث العبرية؟!”
لم يظل “عدنان علاء الدين” في “المرحلة النظرية”، وفي يناير 2015 أفيد بأنه اعتُقل هو وستة من أصدقائه. واتضح أنه يترأس خلية موالية “للدولة الإسلامية” شاركت الخلية في لقاءات مع داعية سلفي-جهادي “قيادي معروف في الشمال”، وأقامت اتصالات مع عناصر “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق، بما فيها إسرائيليين آخرين، وتدربت على ذبح الخراف، على ما يبدو كاستعداد لذبح البشر. يتضح من كل هذا أن لدى مواطني إسرائيل المسلمين شخصية وسلطة روحية يتبعونها “هو نفسه الشيخ القيادي والمعروف من الشمال)، وأن من بينهم المعنيين بالانضمام إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”، أما أولئك الذين انضموا بالفعل إليها، يشعرون ببعضهم البعض.
هناك الكثير والكثير من عرب إسرائيل المنجذبين إلى “الدولة الإسلامية” – “إنها صيحة يتحدث عنها الجميع ويرغبون في أن يكونوا جزءاً منها”. هناك الكثير منهم ممن حاولوا الخروج إلى سوريا للانضمام إلى “الخلافة”، لكن أُلقي القبض عليهم. وآخرين تم حظر سفرهم أثناء خروجهم من البلاد، مثل الإسرائيلي “كريم مُرسِل خالد أبو صلاح”، الذي يعيش وفقاً للمعلومات التي سجلها على حسابه الشخصي على فيسبوك في سخنين. نشر “أبو صلاح” في الأول من أغسطس 2014 صورة من حظر السفر من البلاد صدر بحقه على ضوء “تخوّف حقيقي من احتمال أن يؤدي خروجه إلى المساس بأمن الدولة”. كانت مدة سريان حظر السفر حتى 30 أغسطس 2014. كان “أبو صلاح” أحد أصدقاء “عدنان علاء الدين” على الفيسبوك وعضو في الخلية التي ترأسها.
مثلما يمكن أن نرى، هناك أنصار للجهاد العالمي في إسرائيل أشاروا علانية إلى محل إقامتهم، وكذلك يسّهل الأمر تحديد هويتهم كإسرائيليين. ومع ذلك، هناك منهم من يخفى معلوماته الشخصية، ومع ذلك يمكن استخراج معلومات عنهم وعن أصدقائهم. ونستدل على ذلك بمثال نجده في صفحة الفيسبوك الخاصة بـ “جبارين جبارين”، الذي لا يشير إلى محل إقامته. ومع ذلك، نظراً لأن الحساب مفتوح للعامة، يمكن أن نرى مجموعة مظاهر إعجابه بتنظيم “الدولة الإسلامية” وزعمائه في الماضي والحاضر. هذا الحساب لديه 373 صديق، من بينهم إسرائيليين عدة، ومنهم “عدنان علاء الدين” و”أبو مصعب الصفوري”.
“أبو يوسف أبو حسين”، يشير أنه يسكن في باقة الغربية وأنه تعلم في مدرسة ثانوية للعلوم والتكنولوجيا في مدينته. صورته الشخصية هي صورة لأحد القادة البارزين لـ “الدولة الإسلامية”، “عدنان إسماعيل البيلاوي” وقد رفع إلى حسابه صور لـ “أبو مصعب الزرقاوي” و”أبو بكر البغدادي” بصفته “الخليفة إبراهيم”. ونظراً لأن حسابه مفتوح للعامة يمكن أن نرى ليس فقط صوره ومنشوراته، بل أيضاً وجود لديه 446 صديق (حتى سبتمبر 2014) – الكثير منهم من عرب إسرائيل (بما فيهم أولئك المذكورين أعلاه) الذين لا يخفون انحيازهم وتأييدهم لـ “دولة الخلافة الإسلامية” وزعيمها.
كيف يمكن أن نعرف أن صاحب الحساب هو شخص إسرائيلي، حتى وإن لم يكن يشير ذلك علانية؟ أولاً، الاسم الذي يختاره قد يشير إلى مسقط رأسه أو محل إقامته (كما في حالة “الصفوري”). وهناك أمر آخر بارز بين أصدقاء “جبارين جبارين” وهو أن بعضهم لديه اسم عائلة مشابه – جبارين – يظهر في أشكال مختلفة (مثلاً، بالإنجليزية: Jabarin، Gbareen، Gbren). من بينهم تبرز صفحة الفيسبوك الخاصة بـ “موسى جبارين”، صورته الشخصية هي صورة “الخليفة إبراهيم”. بعضهم أيضاً يشير إلى أم الفحم كمحل إقامته. ومن الفحص البسيط في محرك البحث جوجل يتضح أن إحدى القبائل الكبرى في أم الفحم هي قبيلة “جبارين” – الأمر الذي يوضح وجود بعضهم بين أصدقاء “جبارين جبارين” على الفيسبوك، ويؤكد زعم أنه إسرائيلي. 
هناك عربي إسرائيلي آخر لا يخفي تأييده لتنظيم “الدولة الإسلامية” وهو “ثائر سليم” الذي يشير على حسابه بفيسبوك أنه يقطن في قرية المقيبلة شمال إسرائيل. أهدى “سليم” تحياته بمناسبة حلول شهر رمضان في عام 2014 إلى “الخليفة إبراهيم”، و”الملا عمر”، القيادي الشهير في حركة طالبان بأفغانستان. في 5 يوليو 2014 نشر “سليم” صورة لزعيم “الدولة الإسلامية”. وقد أبدى عشرة أشخاص بالصورة إعجابهم “Like”، من بينهم “عدنان علاء الدين” وإسرائيليين آخرين.
ركزت الحلقة الخامسة والأخيرة في مسلسل التحقيقات “تهديد داعش” للكاتب “تسڤي يحزقيلي” (أذيع في 11 سبتمبر 2014) على نشطاء “داعش” ومؤيديهم داخل إسرائيل. أغلب الذين تم إجراء حديث معهم في التحقيق استنكروا تنظيم “الدولة الإسلامية” وطرقه. كان هناك من اتفق مع الفكرة، لكنهم رفضوا الأسلوب العنيف. وكان هناك آخرين – اثنان منهما تم إجراء حديث معهما في هذا التحقيق – أعربوا عن تأييدهم لـ “الخلافة” وأساليبها. كانت النتيجة التي استُخلِصت من التحقيق واضحة: “الدولة الإسلامية” هنا الآن!.
الشيخ “أبو سليم”، “الصفوري”، “عدنان علاء الدين”، أبو صلاح” وغيرهم كثيرين لم يرد ذكرهم في هذا المقال نظراً لضيق المجال، هم “أصدقاء” على الفيسبوك. إنها مظاهر الإسرائيليين الخاصة بمجتمع عنيف دولي يقوم ويتطور في الواقع وعلى ساحة الإنترنت. هذا المجتمع يضع الخدمات الأمنية في مأزق. فإن تم اعتقال السلفيين الإسرائيليين، سيزيد الأمر من شعبيتهم بين المجتمع السلفي-الجهادي المحلي والعالمي، ناهيك الحديث عن أنهم سيستطيعون أن يواصلوا نشر مذهبهم أيضاً من داخل السجن. وعلى خلاف ذلك، إن ظلوا أحراراً طلقاء، فقد يجعلوا الآخرين يشدّدوا من مواقفهم أو يحاولوا تطبيق المذهب بأنفسهم – في الخروج إلى جبهة الجهاد أو في تنفيذ عملية إرهابية. 
تنبع خشية الشاباك من خروج عرب إسرائيليين إلى سوريا من أن يتم استغلال هؤلاء الأشخاص نفسهم من قبل عناصر إرهابية في هذه الساحة، سواء كمصدر معلومات حيال أهداف في إسرائيل أو لممارسة نشاط عسكري ضد دولة إسرائيل. كما حذر رئيس الموساد السابق، “أفرايم هليڤي”، من الإسرائيليين الذين ينضمون إلى تنظيمات الجهاد في سوريا. وإلى هذا التهديد، الذي هو بمثابة تهديد صريح ( معروف من يخرج من إسرائيل ويمكن أن يتم تقدير إن كان فلان سيواصل طريقه إلى سوريا أو إلى العراق)، ينبغي أن نضيف التهديد الخفي، الذي يأتى من جانب الموالين “للدولة الإسلامية”، الذين كانوا يرغبون في رؤية الإسرائيلي الذي يتحدث العبرية الدارجة ضحاياهم.
الخلاصة
التظاهرات الحاشدة التي اندلعت في العالم العربي في نهاية 2010، التي رفع خلالها “العلم الأسود”، هزّت الشرق الأوسط ونشّطت حركة السلفية-الجهادية. زعم باحثون عدة حينها أن وجود أعلام سوداء في التظاهرات لا يشير بالضرورة إلى وجود عناصر إرهابية. ومع ذلك، على ضوء ما نعلمه اليوم حول تطورات الأحداث في الشرق الأوسط وصعود تنظيم “الدولة الإسلامية”، لن يكون من المستبعد أن نزعم بأن رفع الاعلام السوداء في هذا الوقت، ولو من أجل المعارضة، يشير إلى وجود عنصر تخريبي يجب أن يكون مُراقب ومرصود. هذا العنصر موجود في مسار التطرف الذي لا يعلم أحد متى سيصل إلى مرحلة الفعل وسيؤدي إلى تحقيق فعلي للنظرية السلفية، من خلال تطبيق الجهاد العنيف.
في إسرائيل، مثلما ورد في وثيقة الشاباك التي اقتبسنا منها في الصفحات السابقة، حركة السلفية “تتخذ لها موطئ قدم وتمثل محطة استقطاب للشباب المتطرف”، لكنها لا تفلح في استقطاب أعداد غفيرة. كما يوجد من ينجذب إلى القوة، وهناك آخرين كثيرين ممن ينبذون الأعمال الشنيعة والوحشية التي يظهرها نشطاء “الدولة الإسلامية”. إضافة إلى أن هناك، أعلام سوداء شوهدت فقط في مدن متفرقة، بينما تقع مظاهرات وأحداث شغب عنيفة في كل أنحاء البلاد. إن ظهور الأعلام السوداء في إسرائيل يشير في الواقع إلى وجود أتباع للسلفية-الجهاية، لكن لايعنى الأمر بالضرورة أن هؤلاء يتخذون خطوات عنيفة. من الجدير بالذكر، برغم ذلك، أن العملية العنيفة مرهونة في المقام الأول بوسائل (أو بمعنى أدق بغياب الوسائل) التي تخدم السلفيين المتطرفين، وأقل من ذلك برغبتهم.
إن النجاحات التي حققها التنظيم الإرهابي “الدولة الإسلامية” على ساحة القتال في العراق وسوريا مصحوبة بتطهير عرقي-ديني، وبوحشية تجاه الجنود الأسرى أو المواطنين وبقتال هستيرى عنيف ونشط يخترق كل طبقات السكان (في إسرائيل وفي العالم) ويشمل من بين مايشمل التحريض ضد اليهود. كل ذلك يؤثر على عرب إسرائيل عامة وعلى أتباع التيار السلفي من بينهم خاصة. إن الانحياز لعناصر القوة الجهادية المتنامية من الشمال تقود إلى التطرف، وهذا من شأنه أن ينتشر تجاه الخارج – في هيئة خروج إلى جبهات الجهاد – أو تجاه الداخل – على هيئة إرهاب يمارسه أفراد أو تشكيل خلايا محلية تستلهم قواها من الجهاد العالمي.
هناك انعكاسات سلبية لصعود تنظيم “الدولة الإسلامية” على المجتمع الإسرائيلي كافة، حيث يؤثر تطرف الأفراد داخل الوسط العربي-الإسلامي على المحيط القريب؛ وطريقتهم التي لا تعرف الهوادة، والتي تتمتع بقوة دافعة تهب من العراق وسوريا، لديهم ميل في جذب الآخرين؛ ولديهم أيضاً تأثير على المحيط البعيد؛ معاملتهم مع النصارى واليهود (وأقليات أخرى) تتغير، وتزداد وحشية، وفظاظة وعنفاً. وكما رأينا، الأمر ينعكس على القول والفعل؛ ومثلما أشارت حالات عدة في الماضي، الأقوال تقود أحياناً إلى أفعال.
من يرفع اليوم العلم الأسود، لا يمكنه أن يزعم أن هذا هو علم المسلمين جميعهم، لسوء حظ أفراد “حزب التحرير”. في الواقع، إن العلم الأسود هو علم الحركة الأصولية والمحاربة في جوهرها، في خطابها وفي أفعالها، التي تغطي على التنظيمات الإرهابية غير السلفية مثل حماس. هذا هو علم الحرب الذي يرفعه سوياً السلفيين “السلميين”، الذين يدعون فقط في مظاهراتهم أو في خطبهم إلى الجهاد، والسلفيين “العنيفين” (السلفية-الجهادية) الذين يطبقون فكرة الجهاد كنضال مسلح على أرض الواقع.
على ضوء الأفعال التي يمارسها أفراد “الدولة الإسلامية” علانية، من يرفع علماً أسود سواء في إنجلترا، أو في إسرائيل، أو في العراق، أو في الشارع، أو في البيت، أو أمام كنيسة البشارة في الناصرة أو كلاصقة على سيارة، يعلم بالضبط من ينحاز إليه هو وما العلم الذي يمثل في السياق الإسرائيلي – محاربة محمد لليهود. وعليه، هناك ربما مجال لأن تبحث إسرائيل تشريعاً ضد التنظيمات، والجماعات أو الأفراد الذين يستخدمون العلم الأسود كونه شعاراً لهم، حيث يُعتبر اليوم مجرد رفعه هو تحريض واضح لاضطهاد وأذى اليهود والمسيحيين، وكذلك أيضاً الأقليات غير الإسلامية الأخرى (مثل الدروز أو البهائيين).

معهد دراسات الأمن القومى