هناك شعور متنامى باليأس وسط الفصائل البراجماتية السياسية فى السلطة الفلسطينية كما أن العناصر الأكثر اعتدالاً، والتى تحافظ على علاقات جيدة مع الغرب، قد استسلموا وتخلوا عن احتمالية أن تؤدى خطوة دبلوماسية فى المستقبل إلى حل الدولتين. الرأى العام يتطرق إلى ذلك كما لو أنه هزيمة للرئيس أبومازن، وكذا إنجاز لحماس.

وقد روى مصدر رفيع المستوى فى فتح له علاقات بالتنظيم، يوم 4 ديسمبر (رفض ذكر اسمه) عما يدور بين فتح وحماس حول مسألة من يقود انتفاضة عنيفة ضد إسرائيل. وفقاً لتحليلاته، لم يتبقى اليوم شيئاً من الوحدة الوطنية الفلسطينية. حماس تثير العنف فى أوساط الشباب، وفى فتح قاموا بإلقاء القبض على العديد من نشطاء حماس فى الضفة الغربية.

المصدر، المقرب أيضاً من مسئول فتح البارز المسجون فى إسرائيل مروان البرغوثى، قال “إن المسلحين فى فتح مستعدون لمنح أبومازن فرصة واحدة أخيرة للحصول على قرار من مجلس الأمن يؤدى إلى قيام دولة فلسطين على أساس حدود 67، بما يشمل عاصمة فى القدس الشرقية وإطار زمنى قصير نسبياً ( للتوقيع على الإتفاق). وإذا لم يحدث ذلك، سنقرر تغيير استراتيجيتنا. فى فتح يرفضون الإرهاب، لكنهم مستعدون للوقوف على رأس انتفاضة عنيفة.نحن لاندعم اندلاع العنف الحالى للشباب الشجاع، وقوات الأمن الخاصة بنا بالطبع تحاول إحباط هذه الأحداث، لكن الغضب والإحباط فى الضفة الغربية متعمقان، والعنف سيندلع عاجلاً أو آجلاً”.

وحسب تصريحات المصدر فإنه ” يجب إدارة الإنتفاصة استراتيجياً، وأن تتبلور لها مطالب استراتيجية، الوجهة يجب أن تكون فى المقام الأول، لفت انتباه المجتمع الدولى إلى الوضع الصعب للفلسطينيين، وبالطبع التأثير على الرأى العام فى إسرائيل وتوضيح أن الإحتلال له ثمن. رسالة الإنتفاضة، التى بدأت، يجب أن تكون الإستقلال الفلسطينى”.

هناك تغير فى المزاج العام لدى الفلسطينيين فى الضفة الغربية نتيجة لثلاثة أحداث:-

الأول هو رفض الحكومة الإسرائيلية الجديدة لحل الدولتين

الثانى هو جذب الدولة الإسلامية للإنتباه العالمى.

الثالث وربما الأهم هو استمرار البناء فى المستوطنات بهدف جعل قيام الدولة الفلسطينية أمراً مستحيلاً.

نفس المصدر التابع لفتح رسم الخطوط الرئيسية لملامح الإنتفاضة المستقبلية، وفقاً للأهداف التى أشار إليها، وهى تنظيم تظاهرات ضخمة ضد الجيش الإسرائيلى، وخاصة على الحواجز فى الضفة الغربية وعلى طول الحدود لتسليط الضوء على الإحتلال. ونفس الأمر يتم عمله حول المستوطنات وعلى الطرق الرئيسية التى تم إنشاؤها خصيصاً من أجل المستوطنين، للتأكيد على حقيقة أن هذه بؤر استيطانية غير شرعية. وكذلك تكون القدس الشرقية فى قلب الإنتفاضة العنيفة، لكى تؤكد على أهمية المدينة لفلسطين وللإسلام.

وقد قدر المصدر أيضاً أنه إذا فضلت القيادة الفلسطينية فى أغلبها انتفاضة غير عنيفة، فإنه من الواضح للجميع أنه لابأس بمستوى معين من العنف، بل وهناك ترحيب بذلك، ولو كان لجذب الإنتباه العالمى وجذب انتباه الحكومات على مستوى العالم.

وفقاً لنفس المصدر فإنه سيكون هناك جانب دبلوماسى لهذه الإنتفاضة الإستراتيجية. المعركة الدبلوماسية ستركز على حشد الدعم العربى، وكذلك جذب الإنتباه العالمى والرأى العام فى إسرائيل، والقاهرة ستكون أهم الأهداف. الدعم المصرى العلنى للإنتفاضة ذو أهمية كبيرة، وكذلك نظام الرئيس عبدالفتاح السيسى يعد عاملاً هاماً فى إضفاء الشرعية على الكفاح الفلسطينى من جانب الجامعة العربية. وفى القلب من المجهودات الدبلوماسية الفلسطينية تأتى الحاجة إلى جذب انتباه المجتمع الدولى لكى يعترف بأهمية الكفاح الفلسطينى، ووفقاً لنفس المصدر فإنه لن تنجح أى انتفاضة إذا لم تأت بنتائج دبلوماسية فى الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبى وروسيا والصين والأمم المتحدة.

فيما يتعلق بإسرائيل فإن الفلسطينيين يتطلعون إلى إثبات أنه ليس هناك “احتلال مريح بدون مجهود” للأطراف البراجماتية جداً فى الرأى العام الإسرائيلى، وأن سياسة توسيع المستوطنات ستكلف ثمناً باهظاً من الإقتصاد الإسرائيلى. فى المقابل، ستتوجه السلطة الفلسطينية لدول الخليج وتطلب منها المساعدة، فى حالة وقف أو خفض أموال المانحين التقليديين للسلطة الفلسطينية كالكونجرس الأمريكى.

يبدو أن الفلسطينيين لديهم خطة واقعية ومتطورة جداً لإدارة الإنتفاضة العنيفة. كم من هذه الخطط سيتم تحقيقه بالفعل؟ لننتظر ونرى. لكن بصفتى زرت الخليل مؤخراً فإننى أعتقد أننا سنصل قريباً جداً إلى نقطة اللاعودة.

أورى سافيرالمونيتور