للمرة الثانية فى الشهر الماضى، وافق وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى يوم الثلاثاء 15-12 فى موسكو على بقاء الأسد ونظامه فى السلطة فى دمشق. وقد قال كيرى ذلك بعد محادثات له مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرجى لافروف ” الولايات المتحدة وحلفائها لايبحثون عما يسمى تغيير السلطة فى دمشق”.

المرة الأولى التى أبدى فيها كيرى موقفه هذا كانت فى الأسبوع الثالث لشهر نوفمبر. لكن حينذاك جاء الرئيس أوباما يوم 19 نوفمبر وقال فى مانيلا أنه على الأسد أن يرحل وأنه لايعتقد أنه من الممكن إنهاء الحرب الأهلية فى سوريا بدون رحيل الأسد عن السلطة، مر شهر واحد وغير الرئيس أوباما من وجهة نظره.

ووفقا لتصريحات كيرى فإنه ” ليس المهم ماهى البدائل (فى وجهات النظر الأمريكية والروسية) ، ومايمكن أو لايمكن عمله فيما يتعلق بالأسد، الأهم فى سوريا هو عملية السلام التى يتخذ فيها السوريون قرارهم بشأن مستقبل سوريا.

وبكلمات أخرى، فقد خضع الرئيس الأمريكى أوباما ووزير خارجيته طوال الوقت ليس فقط لمواقف الرئيس فلاديمير بوتين بشأن سوريا، ولكن أيضاً لمواقف خامنئى زعيم إيران وبشار الأسد نفسه.

لكن هل يعتقد أوباما وكيرى أن الشعب السوري سيقرر مصيره فى حين يقع فى الكماشة العسكرية الروسية، والإيرانية وحزب الله؟ هذا لايهم أو مهم.

الأصل هو أن التراجع الأمريكى التام فى الشأن السورى تتيح تواصل الخطوات نحو عقد مؤتمر للشأن السورى يوم الجمعة 18 ديسمبر فى نيويورك.

هذا ليس من قبيل الصدفة أن جاء هذا التنازل الأمريكى بالتزامن مع قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الثلاثاء بإغلاق ملف التحقيق بشأن الأنشطة العسكرية الإيرانية فى برنامجها النووى. فيينا عادت إلى نفس الفكرة التى عبرت عنها موسكو وواشنطن بشأن الأسد. ليس من المهم ماحدث فى الماضى يجب التركيز فى المستقبل!.

كما تم استخراج شهادة ضمان للبرنامج النووى الإيرانى، تم استخراج شهادة ضمان فى نفس اليوم لبشار الأسد الذى قتل مايقرب من نصف مليون شخص.

هذه الموافقة الخاضعة للإدارة الأمريكية لها عدة مظاهر أخرى:-

1- أكد أوباما على الفكرة الأساسية لسياسات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى الشرق الأوسط وهى بقاء الأسد فى السلطة.

2- صدق أوباما أيضاً بهذا القرار على التدخل العسكرى الروسى فى سوريا، والذى قال فى شهر نوفمبر أنه سيفشل. وقد اعتمد عليه بعد شهر من ذلك.

3- أوباما يدعم الآن علانية الموقف الإيرانى بشأن سوريا، وهناك معنى آخر بعيد المدى لذلك، وهو أن أوباما يدعم إقامة محور ايران سوريا حزب الله، الذى سيقوم على أساس جسر برى يمتد من إيران فى الخليج مروراً بإيران وحتى سواحل البحر المتوسط. وهو المحور الذى سيكون خاضعاً فى مجمله للتأثير العسكرى والسياسى الروسى.

وقد أفادت المصادر العسكرية والإستخباراتية لموقع ديبكا أنه من المدهش رؤية كيفية وجود مسئولين بارزين فى المنظومة السياسية والعسكرية والإستخباراتية الإسرائيلية يسارعون بتبنى هذا التغيير الحاد فى السياسات الأمريكية.

من الممكن فى الأيام الأخيرة أن نسمع فى القدس وتل أبيب أصوات تقول بأنه من الجيد أن يبقى الأسد فى السلطة وأن إسرائيل يجب أن تساهم فى ذلك ولاتعيق مثل هذه الخطوة.

هذه هى نفس الأصوات التى أوضحت لنا على مدى سنوات من قبيل الحماقة الإستراتيجية أن أيام الأسد فى السلطة معدودة.

لقد خضعت إسرائيل الآن فى مسألة بقاء سلطة الأسد وإيران وحزب الله فى سوريا، كما خضعت من قبل فى مسألة النووى الإيرانى.

سندفع الثمن كاملاً فى الحرب القادمة.

موقع ديبكا