وضعت الأزمة الدبلوماسية بين الدولتين العظمتين فى الخليج العربي، المملكة العربية السعودية وإيران، دول الخليج الأصغر في مأزق كبير، فمن جانب تهدد إيران استقرارها وربما أيضاً أساس وجودها، لأسباب عدة، منها تحريض الأقلية الشيعية التي تعيش داخلها ضد السلطات. ومن الجانب الآخر، طوال المائة عام الأخيرة لم تخفي المملكة العربية السعودية رغبتها في فرض وصايتها عليهن أو حتى ضم بعضها إلى داخل المملكة السعودية.

واجهت الأزمة الحالية مجدداً الدول الخليجية الصغيرة بموقفها بالنسبة للصراع الدولي السعودي-الإيراني وقدرتها على معارضة التوجيهات الصادرة من الرياض فيما يخص علاقاتها مع إيران. بعدما قطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، إثر الاعتداء على سفارتها في طهران، أوضحت لدول مثل الكويت، والبحرين، وقطر، والإمارات، وعمان أنها تتوقع إجراءات مشابهة من جانبها. لم يكن أمام البحرين، التي يتعلق وجودها بالوجود العسكري السعودي، خيارات كثيرة. لكن رجاء السعوديين بأن تنضم دول النفط الأخرى إلى هذا الإجراء قد خاب.

تفضل دول النفط الصغيرة في الخليج مصالحها على مصالح جارتها الكبرى. أعادت الكويت، والإمارات، وقطر سفرائهم من إيران، لكنها لم تقطع العلاقات بشكل تام. هذه الدول تشارك السعودية في مخاوفها من المطامع في الهيمنة الإقليمية الإيرانية-الشيعية، وتتابع بقلق شديد تسلح جماعات شيعية في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن وكذلك في الخليج العربي من قبل إيران. ومع ذلك، تحرص منذ سنوات طوال على سياسة خارجية مستقلة بقدر الإمكان. أنقذت السعودية النظام في البحرين من السقوط على يد الأغلبية الشيعية، لكن ومنذ ذلك الحين تتحكم فى الدولة فعلياً. وفي يونيو 2013 كانت مشاركة في استبعاد الأمير القطري، “حمد بن خليفة ال ثان”، لصالح نجله “حمد”، بعدما اتبع الأول سياسة خارجية لم تروق للسعودية. هذه الحالات، ومحاولات أخرى قامت بها السعودية لفرض وصاية كاملة على دول الخليج الصغرى، علّمت هذه الدول الأخيرة الحذر من الاقتراب الشديد للجارة الغاشمة.

تتابع الدول الصغيرة بخوف “حرب النفط” بين إيران والمملكة العربية السعودية. يعتبر اقتصادها وربما استقرارها السياسي معلق بسعر برميل النفط، الذي هبط لأقل من 30 دولار. إنها على حافة الركود الاقتصادي بسبب الفقدان المتواصل لإيرادات تعادل عشرات المليارات من الدولارات في السنوات الأخيرة. هذا الواقع قد أجبرها على التقليص الشديد للخدمات الاجتماعية التي منحوها لمواطنيهم بسخاء منذ عشرات السنين. وبخلاف ذلك، الحرب في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، التي تسببت حتى الآن في مقتل العشرات بين جنود الدول الصغيرة وفي نفقات اقتصادية كبرى، مازالت دائرة رغم وعود سعودية سابقة.

تبدأ الدول الخليجية في التردد فى الاستجابة للمطلب السعودي بالمشاركة في الحرب في اليمن. إن عجز الجيش السعودي، المسلح بأفضل الأسلحة الحديثة، في قهر الثوار الحوثيين المسلحين خاصة بسلاح سوفيتي قديم، أثار الشكوك بين حكام دول الخليج في قدرة السعودية على الدفاع عنها في حالة نشوب مواجهة مباشرة مع إيران. لقد كشفت الحرب أيضاً غضب متزايد من قبل ملايين اليمنيين الذين يعملون داخل دول الخليج، خاصة بسبب القصف الجامح جواً على السكان المدنيين في اليمن.

على خلفية كل هذا يمكن ان نفهم تردد أغلبية دول الخليج في التوافق مع السعودية وقطع علاقتها على نحو تام مع إيران. وبخلاف إعلان الاستقلال عن السعودية، فإن ذلك ينطوي على تلميح لإيران بأنها لا تنوي الانحياز الواضح في الحرب بين الدولتين العظمتين في الخليج العربي والشرق الأوسط.

 -شاؤول يناي-منتدى التفكير الاقليمي