يصل الصراع بين السنُة والشيعة إلى قطاع غزة أيضاً، وتخشى قطر وتركيا من فقدان نفوذهما على قيادة حركة حماس التي تُعد عنصر إقليمي بارز وتحاولان ضمان إعادة انتخاب “خالد مشعل”، رئيس المكتب السياسي للحركة، لفترة ولاية أخرى تضمن استمرار الحفاظ على مصالحهما في قطاع غزة وفي المعسكر السني.

من الممكن أن يكون ما دفع عملية محاولة ضمان بقاء “خالد مشعل” في منصبه هو المقترح الذي عرضته إيران في الآونة الأخيرة إلى “خالد مشعل”، باستئناف المعونة المالية لحماس وتسوية علاقاته مع الزعيم الروحاني الأعلى “علي خامنئي” مقابل دعم إيران ضد موقف السعودية.

أفادت الصحيفة المصرية “اليوم السابع” في الثامن من فبراير أن مبعوثين من قطر وتركيا قاموا مؤخرا بزيارة قطاع غزة من أجل إقناع أعضاء “مجلس الشورى” التابع لحركة حماس بالموافقة على إعادة انتخاب “خالد مشعل” لفترة ولاية أخرى بحجة أنه الشخص الأنسب للمنصب في هذه الفترة الحالية.

وفقاً للتقرير، فإن قطر وتركيا على استعداد لمنح حركة حماس معونة تصل إلى نحو مليار دولار مقابل بقاء “خالد مشعل” في منصبه، وهو مبلغ من المفترض أن يعوض خسائرها نتيجة انخفاض جذري في الواردات التي كانت تدخل لها من التهريب عن طريق الأنفاق الذي توقف تماماً بعد إقامة المنطقة العازلة التي أقامتها مصر على حدود قطاع غزة، بالإضافة إلى ذلك، تتعهد تلك الدول بالاستمرار فى دعم حركة حماس سياسياً.

يتعارض مقترح قطر وتركيا مع اللائحة الداخلية لحركة حماس التي تنص على أنه يمكن تمديد فترة ولاية رئيس المكتب السياسي فقط مرتين متتاليتين، في حين يشغل “خالد مشعل” منصب رئيس المكتب السياسي لحماس منذ 1996.

يعتبر منصب رئيس المكتب السياسي لحماس منصب مهم للغاية لأنه يعدّ جزء من قيادة حركة “الإخوان المسلمين” العالمية التي لديها دور بارز في العالم السني خاصة إزاء استقواء وتعاظم قوى إيران الشيعية بعد التوقيع على الاتفاق النووي. كذلك من ناحية إقليمية يُعتبر رئيس المكتب السياسي “صاحب” الكيان السياسي والعسكري الذي أقامته حماس في قطاع غزة منذ 2007 المتاخم لمصر وإسرائيل، والذي يدير صراع عسكري ضد دولة إسرائيل وينادي بشعار الجهاد و”المعارضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي”.

هذه ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها قطر فيما يحدث في قيادة حماس، ففي عام 2012 اقنعت قطر “إسماعيل هنية” بألا يترشح أمام “خالد مشعل” لمنصب رئاسة الحركة لقاء معونة مالية تصل إلى 450 مليون دولار لحكومة حماس في القطاع، وقد ارتضى “إسماعيل هنية” في حينه واكتفى بلقب نائب رئيس المكتب السياسي.

تخشى قطر وتركيا من المعارضة الداخلية داخل حركة حماس لاستمرار ولاية “خالد مشعل” رئيساً للمكتب السياسي، وقد وُجهت انتقادات داخلية ضد “مشعل”، بأنه غير كفء فى إدارة الحركة كما ينبغي لأنه يمكث خارج قطاع غزة على خلاف نائبه على سبيل المثال، “د. موسى أبو مرزوق”، الذي انتقل خلال العام الماضي للإقامة في مدينة غزة. زار “مشعل” لأول مرة في حياته قطاع غزة في ديسمبر 2012 لبضعة أيام ومنذ ذلك الحين لم يتردد عليه.

يقود المعارضة ضد “مشعل” الجيل الشاب من الحركة وأيضاً عضو المكتب السياسي “د. محمود الزهار”، من الأنصار البارزين لإيران في القطاع، والذي غير راض عن تصرف “خالد مشعل” تجاه إيران. ووفقاً لمسئولين في حماس، كذلك “محمد ضيف”، رئيس الجناح العسكري لحماس مستاء من أن الحركة قد فقدت دعم إيران بسبب سياسة “خالد مشعل”، في ملف الحرب الأهلية في سوريا التي أدت إلى أزمة في علاقات الحركة مع إيران وسوريا في 2011 ونقلت قيادة حماس من دمشق إلى الدوحة في قطر.

على الأرجح أن تركيا وقطر ستضطران لتليين موقف “محمد ضيف” فيما يتعلق بدعمه لاستمرار ولاية “خالد مشعل” كرئيس المكتب السياسي مقابل ضمان منح ميزانيات كبرى للجناح العسكري للحركة التي يترأسها.

إن الصراع على القيادة داخل حركة حماس يظل مهماً لأن لدى “خالد مشعل” أيضاً مشاركة في الأزمة التي تجتاح حركة “الإخوان المسلمين” في مصر وفي الأردن، وقياداتها في تلك الدول متنازعة ومنشقة. نجح الملك “عبد الله” في الأردن أن يشق الحركة وأن يضعفها بينما في مصر أعلن الرئيس “السيسي” بأن الحركة جماعة محظورة وسجن كبار قاداتها وعلى رأسهم الرئيس المعزول “محمد مرسي”. الجزء الآخر من قيادة الحركة اضطر إلى الهرب خارج حدود الدولة والحصول على لجوء سياسي في قطر وفي تركيا.

يشارك “خالد مشعل” في محاولات العثور على حل للخلافات الداخلية داخل حركة “الإخوان المسلمين”، في تلك الأيام هناك مبادرة جديدة مطروحة للنقاش بادر بها الشيخ “يوسف القرضاوي”، وهو من كبار رجال القيادة العالمية للحركة الذي اقترح أن يحل الأزمة بقيادة الحركة في مصر عن طريق تغيير اللائحة الداخلية للحركة وإجراء انتخابات داخلية شاملة في كافة مستويات الحركة.

التقدير بين مسئولين في حماس هو أن مجهودات قطر وتركيا ستأتي بثمارها وستنجح في أن تمدد فترة ولاية “خالد مشعل” إزاء الأزمة التى تغرق فيها الحركة، خاصة الأزمة المالية الفادحة والتزامات الجناح السياسي في الحركة للجناح العسكري بالحصول على الميزانيات اللازمة للتدريبات العسكرية واستمرار استقوائها عن طريق حفر أنفاق وإنتاج قذائف صاروخية وأسلحة قبيل الجولة القادمة في الحرب ضد إسرائيل.

يوني بن مناحيم- نيوز وان