قلصت اسرائيل بشكل كبير كمية المياه لعشرات آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ بداية حزيران، حيث بدأ شهر رمضان. التقليص في توفير المياه التي تبيعها شركة مكوروت للفلسطينيين مقابل سعر كامل يمكن الشعور به في المدن والقرى في منطقة سلفيت في غربي الضفة وفي ثلاث قرى في شرق نابلس. منسق شؤون المناطق قال إنه بسبب الاستهلاك المرتفع للمياه “مطلوب تقنين تدفق المياه” لجميع السكان في المنطقة. سلطة المياه الفلسطينية قالت للصحيفة إن شركة مكوروت قالت شفويا بأن تقليص المياه سيستمر طوال الصيف. وحسب المصادر الفلسطينية فقد قال ممثلو الشركة ايضا إن التقليص يهدف الى الحفاظ على الآبار الجوفية، وبذلك يتم الحفاظ على الضغط المطلوب من اجل تدفق المياه التي تصل الى المستوطنات والاماكن الفلسطينية. موظفون فلسطينيون في الادارة المدنية قالوا للصحيفة إنهم تسلموا أوامر لتقنين ضخ المياه الى القرى الفلسطينية. وحسب اقوالهم تم التقليص من اجل توفير المياه للمستوطنات في المنطقة، حيث أن استخدامها يزيد بسبب الحر الشديد. مشكلة مشابهة كانت ايضا في السنة الماضية في هذه المناطق، وعندها حدث التشويش الخطير في تزويد المياه في شهر رمضان. ونتيجة لتقليص كمية المياه فانه لا توجد مياه في منازل كثيرة منذ أكثر من اسبوعين، وبعض المصانع لا تعمل بسبب ذلك. لقد تضررت الحدائق الخضراء والمشاتل وماتت الطيور والحيوانات من العطش أو بيعت لمزارعين خارج تلك المنطقة. تقليص كمية المياه لا يسمح بوصولها الى الآبار في المناطق الفلسطينية من اجل تعبئها. السكان يجدون الحلول الجزئية مثل استخدام الآبار الزراعية وشراء المياه المعدنية والمياه التي يتم جلبها في صهاريج كبيرة – للاستخدام البيتي وسقاية الحيوانات. لكن هذه الحلول مكلفة جدا. موظفو سلطة المياه الفلسطينية يقومون بالاتصالات اليومية مع ممثلي مكوروت في محاولة لحل الازمة.   شركة مكوروت لم ترد على اسئلة “هآرتس” حول تقليص المياه. لكنها أجابت بأن الجانب الاعلامي للموضوع هو بيد سلطة المياه الاسرائيلية ووزارة الخارجية. أوري شور، المتحدث بلسان سلطة المياه، قال إن كمية المياه التي تبيعها اسرائيل للفلسطينيين في الضفة الغربية وفي منطقة سلفيت زادت مع الوقت. وأضاف شور “هناك نقص موضعي في المياه للاسرائيليين والفلسطينيين في شمالي يهودا والسامرة”، بسبب الحرارة المرتفعة في المنطقة. وحسب أقواله فان سبب النقص في المياه في اشهر الصيف هو رفض سلطة المياه الفلسطينية الموافقة على توسيع شبكة المياه عن طريق اللجان المشتركة، ونتيجة لذلك فان “الخطوط القديمة المحدودة لا يمكنها نقل كمية المياه المطلوبة الى المنطقة”. مصدر امني اسرائيلي قال للصحيفة إن الشكاوى حول نقص المياه “وصلت ايضا من المستوطنات”. الفلسطينيون الذين يعملون في قسم المياه في الادارة المدنية يتنقلون بين الصنابير ويقومون بتقليص كمية المياه مرتين في اليوم. احيانا يرفعون كمية المياه واحيانا يخفضونها. وقد قال أحدهم للصحيفة إن شركة مكوروت تقوم بابلاغ الادارة المدنية أين يجب التقليص ومتى. وحسب اقواله فان التغيير في الطلب على المياه يتعلق بالمستوطنات. أو حسب اقواله “يأخذون من العرب لتوفير المياه للمستوطنات”. الموظفون الفلسطينيون يقومون بتصوير سياراتهم بالقرب من الصنبور الرئيس كاثبات أنهم كانوا في المكان، وعندها يتم تصوير الرقم الذي يظهر على عداد المياه الذي يشير الى كمية الامتار المكعبة للساعة، ويقومون بارسال الصور الى الادارة المدنية. وفي البلديات يقولون إن الموظفين الفلسطينيين الذين تقوم الادارة المدنية بارسالهم، يعتذرون عن المهمة ويقولون إنهم ينفذون القانون. موظف في سلطة المياه الفلسطينية قال إن المحطة الاولى للمياه التي توفرها مكوروت في المنطقة هي برك لتجميع المياه في المستوطنات. الخطوط التي تخرج من هذه البرك تصل الى تفرعات وصنابير رئيسية فوق الارض في كل منطقة، والخط الرئيسي في كل صنبور يتفرع الى عدة خطوط أصغر بعضها يصل الى المستوطنات القريبة وبعضها الى المناطق الفلسطينية. وحسب اقوال الموظف الفلسطيني، توجد في المستوطنات ايضا برك مياه خاصة بالمستوطنات، لذلك فهي غير مرتبطة بالمجمع الرئيسي. موظفو سلطة المياه الفلسطينية لا يحق لهم رؤية عداد المياه في نقطة تفرع الخط الرئيسي، ويمكنهم فقط قياس كمية المياه في التفرعات الثانوية للخطوط التي يقومون بصيانتها. وحسب اقوالهم هناك فجوة دائما بين الكمية التي تحسبها مكوروت ويدفعون ثمنها وبين كمية الاستهلاك التي يحسبها الفلسطينيون بناء على ما تدفعه البلديات والسكان. اتفاقات اوسلو التي كان يفترض أن تكون سارية حتى 1999، تبقي لاسرائيل السيطرة على مصادر المياه في الضفة الغربية والتمييز في توزيعها. وجاء في الاتفاقات أن اسرائيل ستحصل على 80 في المئة من المياه الجوفية في الضفة الغربية – التي هي مشتركة بين الطرفين – أما الباقي فسيحصل عليه الفلسطينيون. الاتفاق لم يقيد توفير المياه لاسرائيل، لكن جاء فيه أن كمية المياه المخصصة للفلسطينيين تكون محددة مسبقا، نحو 118 مليون متر مكعب، من التنقيب الذي كان قبل الاتفاقات، اضافة الى 80 مليون متر مكعب من التنقيب الجديد. ولاسباب تقنية مختلفة وفشل غير متوقع في التنقيب في الحوض الشرقي للمياه الجوفية الذي يسمح للفلسطينيين بالتنقيب فيه فقط، فان الفلسطينيون يستخرجون فعليا أقل مما تم تحديده في الاتفاقات (حسب “بتسيلم”، حتى سنة 2014 يحصل الفلسطينيون فقط على 14 في المئة من المياه الجوفية). وهذا هو السبب في أن مكوروت تبيع ضعف الكمية التي تم الاتفاق عليها في اوسلو للفلسطينيين (64 مليون متر مكعب في السنة بدلا من 31 مليون). وقد جاء من مكتب منسق الاعمال في المناطق أنه “نتيجة الاستهلاك الزائد للمياه في اشهر الصيف، يجب تقليص تدفق المياه من اجل توفير أكبر قدر ممكن من المياه للسكان”. وجاء ايضا أنه “بسبب هذه المشكلة وافق رئيس الادارة المدنية على استخدام موقع تنقيب “اريئيل 1″ لزيادة كمية المياه لسكان شمالي السامرة مع التشديد على منطقة سلفيت. وزيادة 5 آلاف متر مكعب في الساعة لجنوب جبل الخليل. عمال وحدة المياه في الادارة المدنية يعملون على مدار الساعة لمنع سرقة المياه من الخطوط، والتي تتم من قبل السكان الفلسطينيين”. وردا على ادعاء شور بأن الفلسطينيين رفضوا مناقشة تحسين شبكة المياه، وهذا هو سبب المشكلة، قال موظف رفيع المستوى في سلطة المياه الفلسطينية: “السلطة الاسرائيلية تخدع الجمهور. فالخطوط لا تحتاج الى تحسين”. وحسب قوله فان الـ usaid انتهت من وضع الخط الجديد في منطقة الخليل وبيت لحم، وعلى اسرائيل زيادة الكمية المتدفقة هناك من اجل حصول نصف مليون فلسطيني على حصتهم. وحسب قوله “اسرائيل قدمت بدل ذلك مشروعا لزيادة قطر الخط الذي يخدم المستوطنات في منطقة تقوع. سلطة المياه الاسرائيلية تحاول ابتزاز السلطة الفلسطينية والحصول على الموافقة على المشروع الاسرائيلي مقابل زيادة كمية المياه”. وقال شور إنه بمناسبة شهر رمضان فقد استجابت سلطة المياه الاسرائيلية وزادت كمية المياه بـ 40 في المئة. وحسب اقوال المسؤول الرفيع في السلطة الفلسطينية: “سلطة المياه الاسرائيلية تبحث من خلال لجان المياه المشتركة عن طرق للضغط على الطرف الفلسطيني من اجل الموافقة على مشاريع للمياه تخدم المستوطنات. سلطة المياه الاسرائيلية تخطيء عندما تتوقع أن الموافقة على المشاريع الخاصة بها تعني الموافقة على المستوطنات غير القانونية”

بقلم: عميره هاس -هارتس