10-9-2014

بقلم عقيفا لام

المزيد من سفك الدماء والقتل والذبح. المزيد من القرى والمدن والأماكن الأثرية. في كل مكان تطأه داعش تتسبب في الدمار والخراب. سلالات كاملة تم محوها من على وجه الأرض، لغات أختفت، والتاريخ يسطر نفسه من جديد. ليس فقط وإنما في كل مكان تطأه الدولة الاسلامية تكتسب المزيد من القوة. والمزيد من المقاتلين المنضمين. فهناك مسلمين من السنة في مناطق قريبة من التنظيم ومسلمين هاجروا إلى اوروبا ثم عادوا للمشاركة في الجهاد. والأدهى من ذلك كله هو الحديث عن إنضمام اوروبيين بيض دخلوا الإسلام. في الحقيقة نجاح داعش ينبع من نجاحه في تجنيد المزيد والمزيد من المقاتلين.

قبل 98 عاما تم توقيع إتفاقية سايكس بيكو، والتى قسّمت الشرق الأوسط لعدة دول قومية. غير ان هذا التقسيم الغربى كان تعسفياً للغاية. فالقومية نجحت في ضم القبائل والعشائر وتحويلها إلى دول قومية بشكل جزئى فقط، لكن الباطن ان هذه الدول نجحت لأن الديكتاتور كان قوياً بصورة كافية. فاذا تم تقليل الضغط حدثت الفوضى. هذا هو حال الربيع العربي بالضبط: فالربيع العربي ليس تحولاً ديموقراطياً داخل الدول العربية مجتمعة بل تحقيق الفكرة العربية التي كانت محل النقاش.

لسنا في حديث عن تقسيم عرقي فقط. بل صراع أديان كذلك. وهذا المزج  بين التقسيم والصراع خطير جدا من ناحية، لكنه مفيد من ناحية اخرى. قبل بضعة أسابيع انكمش الإسم الاجنبي لداعش من ISIS،  ليكون حرفين فقط هما IS من الإسم العربي الدولة الإسلامية في العراق والشام (اسم طويل وغير مستساغ)، إلى (الدولة الاسلامية)، وبذلك إتضحت نواياهم. ليس لهم حدود إقليمية، ليس لهم مبدأ سيادي جغرافي في منطقة معينة. تطلعهم فقط إلى إقامة دولة اسلامية كبيرة بقدر الإمكان. الحلم الذي يدغدغ خيال كل عربي. لا حدود، لا قومية، فقط أمة اسلامية واحدة عظيمة.

في الأيام الأولى هوجم الأيزيديين، ووصلت التقارير من الناجين من الهجوم، وقالوا ان جيرانهم من هجموا عليهم. كتب “ناتان انجلدر” في كتابه ” ماذا نقول عندما نتحدث عن “أنا فرانك” “، لأننا عندما نذكر “انا فرانك”، حينها نتذكر كل شئ رهيب. انها لعبة مروعة ( ماذا اذا ). ماذا اذا عاد النازيون، واضطررنا الاختباء بين الجيران؟. هل حينها يمكن الاعتماد عليهم، هل حينها سنضمن أنهم لن يكشفوا أمرنا؟، هل حينها سيكون من الممكن أن نثير هذه الأسئلة مرة أخرى؟ بخصوص الأيزيديين إتضح ان الاجابة كانت أسوأ من لا . فكانت (ان الجيران هم من هجموا علينا).

هذا المزج الأليم، بين الخوف الذي يثيره داعش وطريقتهم الوحشية في القتال وبين الحلم العربي في وحدة الأمة ، ترك العالم متخبطاً وخائفاً. بعد عقود من الكبت وعدم وجود أي إصلاح سياسي، وصل العدو بكل قوته ومع كل انواع الوحشية من قطع الرؤوس وقطع اعضاء وتجارة النساء والجواري الغانيات وكل الأفكار التي ظننا انها من وراء جبال الظلام وجدناها وراء جبال حرمون في اسرائيل. والعالم لا يعرف كيف يتعامل مع شئ كهذا، لانه يصعب تصديق وجود شر كهذا، حتى وإن رأته العين.

حتى الآن اسرائيل تتخذ دوراً سلبياً. وتقول أنها مشكلة العالم وليس نحن، عرب يقتلون عرباً. لكن الحقيقة أنهم يحدثون قتلاً جماعياً. شعوب تباد. هناك شر مطلق، موجود بالفعل، ووحشي للغاية. ونحن متفرجون. يمكن أن ننتظر ائتلافاً دولياً يكوِّن نفس الأمة التي تسببت في الفوضى من البداية، يمكن أن نرى كيف يدمرون ثم ينسحبون بعد أن يتسبب الإرهاب الراديكالي في إلحاق الأذى بهم، لكن في الحقيقة نحن في قلب الحرب العالمية، وفي هذه الحرب يجب أن نتخذ دورا وربما من الأجدر المبادرة به.

رابط الخبر