بقلم هيئة التحرير

المحادثة التليفونية الحادة، التي طلب فيها الرئيس الأمريكى “باراك اوباما” من رئيس الوزراء الاسرائيلي ” بنيامين نتنياهو” الموافقة على وقف اطلاق النار فورا، والعمل على وقف العملية العسكرية ” الجرف الصامد”، تعكس غضب الإدارة الأمريكية تجاه إسرائيل، و تكشف حقيقة أن الدعم الدولي الذي مُنِحَ لاسرائيل في كل مايخص العملية العسكرية سينفد على أي حال.

لم تتولد الريبة ونفاذ الصبر من قبل الإدارة الأمريكية مع اقتراح جون كيري للهدنة، التي جاءت على حساب المصلحة الإسرائيلية، لذلك قوبل بالرفض والنقد الحاد من قبل اسرائيل. عرْض كيري الذي تبنى المسودة القطرية والتركية، والخاصة بحماس بشكل غير مباشر، على حساب المسودة المصرية، التي خدمت المصالح الإسرائيلية والمصرية – ولذلك جاء العرض كتعبير آخر عن انعدام الثقة المتبادل بين حكومة نتنياهو والإدارة في واشنطن.

لا يخفى عن الكثير ان العلاقات بين نتنياهو واوباما سيئة. في سباق الآنتخابات الرئاسية الامريكية في 2012 لم يخفي نتنياهو تأييده لـ “ميت رومني”، مرشح الحزب الجمهوري الذي واجه اوباما، كما عيّن نتنياهو سفير اسرائيل في اميركا “رون درامر”،وهو ناشط سابق في الحزب الجمهوري، وهو ليس محبوبأ لدى المقربين من أوباما.

يوجد لتلك الثقة المنعدمة  أساسٌ قوي جداً وكان منذ فترة قليلة: حيث كان لنتيناهو نصيب ليس بالقليل من عملية فشل جهود وساطة جون كيري للوصول الى اتفاقية إطارية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. ولإضعاف كيري ومحمود عباس عضد نتنياهو شوكة حماس، بالأخص بواسطة “سياسة الفصل” بين قطاع غزة الذي تحت سيطرة حماس، وبين الضفة الغربية التي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية. ونتيجة افعال نتنياهو تلك ولدت استقراراً لموقف حماس كفاعل دولي وعسكري، والتي يحاول وسطاء خارجيين من ضمنهم اميركا الحليفة ان يرضيه ويمنحه أى انجاز يؤدى إلى موافقته على وقف إطلاق النار.

على نتنياهو ووزراء حكومته، المحتدين كل مرة على ممثلي الإدارة الامريكية، ان يتذكروا ان اوباما وكيري ليسوا أعداء إسرائيل. يمكن ان نختلف على مدى براعة ومهارة تصرفاتهم تجاه أزمة اسرائيل وحماس، لكن ليس هناك مجال للشك في مودتهم ونيتهم التوصل إلى نهاية لجولة العنف بشروط تصب في مصلحة اسرائيل، ان لم يكن في مصلحة الطرفين معا. علاقات الثقة بين اسرائيل والولايات المتحدة هي كنز استراتيجي اسرائيلي من نوع خاص، ممنوع الإضرار به. يحمل نتنياهو مسؤولية سلامة هذا الكنز، وأي تأثير به ليس من مصلحة مواطني اسرائيل