مقال هيئة التحرير

رفضت محكمة العدل الأسبوع الماضي الدعوة التي قدمها سكان البلدة الفلسطينية ديرة رفاعة ومنظمة حاخامات لحقوق الإنسان ومنظمات أخرى، مطالبين بإعادة حقوق التخطيط للفلسطينيين في المنطقة (ج) في الضفة الغربية والتي سُحبت منهم في عام 1971. وفي نفس العام تم إلغاء لجان التخطيط التي كانت تعمل في الضفة بموجب القانون الأردني من قبل الجيش الإسرائيلي الذي شكّل هيئة تخطيط خاصة للفلسطينيين، تحت إشراف الإدارة المدنية.

على الرغم من الأبحاث التي تشير إلى طرق مختلفة لسياسة التخطيط في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تمس بالمواطنين الفلسطينيين وبإمكانية تطوير بلداتهم، والمهضوم حقها بالمقارنة بالمستوطنات -التي لديها آلية تخطيط أخرى –بل وقد أشار المدعون إلى التمييز، إلا أن  القاضي “أليكايم روبينشتاين” قد قضى بأنه لا توجد دلائل على التمييز.

يرتبط هذا الحكم بحكم القاضي “روبينشتاين” الذي أصدره الشهر الماضي، والذي يفيد بأنه لا يوجد أي تمييز في إخلاء القرية البدوية “أم الحيران” بغرض إقامة المستوطنة اليهودية حيران. وقد علل “روبينشتاين” حكمه بحجة أن حيران ليست مستوطنة لليهود فحسب، بل لأنها مستوطنة مفتوحة.

يشير إنكار التمييز في الحالتين إلى الفهم الضيق والصوري في انعدام المساواة الشديد، وبالاعتماد على المحكمة العليا التي تتجاهل واجبها في تحقيق المساواة الحقيقية لكافة المواطنين – إسرائيليين كانوا أو فلسطينيين.

يعد حكم المحكمة العليا حكماً مزعجاً بدرجة كبيرة لأنه لا يمكن التدخل في القضية، كونه متعلقاً بالشأن السياسي وبسبب التداعيات التي قد تنعكس على “نسيج العلاقات الحساسة بين دولة إسرائيل والسلطة الفلسطينية”. ويمحو هذا الحكم دور المحكمة العليا، كمن يُفترض أن يحافظ على حقوق الإنسان والسكان الفلسطينيين ايضاً في الأراضي المحتلة. فهذا الحكم يتيح للمحكمة العليا الامتناع عن التدخل لحماية الحقوق بسبب العلاقة السياسية. كما أن ذلك ينضم إلى أحكام سابقة للمحكمة العليا -على سبيل المثال بخصوص حرية الحركة لمواطني غزة، أو إقامة المحاجر الإسرائيلية في الضفة الغربية -تلك الأحكام التي استخدمتها المحكمة بحجج متشابهة للإمتناع عن التدخل. هذا تجاهل صارخ لحقيقة أنه من واقع القانون الإنساني وقوانين حقوق الإنسان حقوقهم “محمية” – حقوق المواطنين الذين يعيشون في ظل حكم الإحتلال العسكري -ليست محدودة ولا تتعلق بالعلاقة السياسية أو بالاتفاقيات السياسية.

وترتب على عدم وجود تخطيط ملائم للسكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، البناء غير المرخص وهدم منازل بشكل منتظم. تصر دولة إسرائيل على تجاهل مسألة أن هؤلاء المواطنين في حاجة إلى حل، ولا يستطيعون الإنتظار حتى الوصول إلى تسوية شاملة بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي لا تبدو في الأفق. للأسف تدعم المحكمة العليا إساءة المعاملة واستمرار هذا النظام التخطيطي الذي يعمل ضد مصلحة السكان المحليين، وبشكل يقلب أعراف الإحتلال على رأسهم.