مناحيم بن يوني

يتعذر على المحللين العرب مسألة تقدير كيف ومتى ستنتهي الأزمة في اليمن، هل المعركة الجوية ستتطور إلى معركة برية شاملة أم أن الغارات الجوية على معاقل المتمردين الحوثيين وأنصار الرئيس المعزول “علي عبد الله صالح” ستستمر حتى يُتَّخَذ القرار السياسي في هذا الشأن.

هناك إجماع على شئ واحد، ألا وهو أن للتحالف العربي الجديد الذي تَشكّل قوة جوية عظيمة لكن ليس بمقدوره أن يحسم المعركة جوياً تماماً مثل الغارات الجوية التي يشنها التحالف الغربي والتي أيضا لن تُسقط داعش في العراق.

يجدر بنا أن نشير إلى أن اليمن تتميز بمناطق جبلية وعرة ويصعب التحرك فيها والتي يسيطر عليها الحوثيون. لقد تكبدت مصر خسائر فادحة حينما تورطت في اليمن في عام 1962، ومن الصعب أن نراها وأن نرى السعودية يدخلان في حرب برية جديدة ضد مليشيات عسكرية على دراية تامة بالمنطقة التي يسيطرون عليها. لذا تكتفي مصر بمرحلة إرسال سفن حربية إلى منطقة مضيق باب المندب حتى تؤمن حرية الملاحة في البحر الأحمر.

بإمكاننا أن نقدّر بأن القصف الجوي سيستمر في الأيام القريبة وسيتدخل في العملية بالتوازى وسطاء عرب أو دوليين من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة. ويُقدر مسئولون في دول الخليج أن الغارات الجوية من شأنها أن تستغرق حتى ستة أشهر.

وكان الإعلامي السعودي الشهير، “عبد الرحمن الراشد”، قد كتب في مقال له في 27 مارس الكلمات الآتية:

“هناك هدف سياسي للعملية العسكرية، وهو دفع الأطراف المعنيين إلى حل تحت ظل الأمم المتحدة بموجب إجماع كافة أعضاء مجلس الأمن”.

ومن الجدير بالذكر أن حرب التحالف العربي الجديد في اليمن ما هي إلا حرب ضد إيران لكن فعلياً تدور على أرض عربية وليست على أرض إيرانية وضد موالين لإيران وليسوا جنوداً إيرانيين.

لذا، قد تكون الخسائر فادحة بالنسبة لجنود التحالف في حالة بدء حرب برية بينما تضحي إيران بحياة المتمردين الحوثيين في المعركة وليس بحياة جنودها.

التحالف العربي الجديد يحارب في الواقع وحده، من دون مساعدة الغرب، على عكس التحالف ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق.

تدين إيران الهجوم الجوي على اليمن لكنها تحاول أن تتوارى عن أنظار الإعلام.

يُقدّر السعوديون أنها سترد بسلسلة عمليات إرهابية ضد أهداف في الخليج وستعمل على تقويض الاستقرار في المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية التي يتركز فيها قطاع شيعي كبير وفي دول مثل الكويت والبحرين التي يمثل فيها الشيعة 40% من تعداد السكان.

تشكيل قوة عربية مشتركة

فكرة تشكيل قوة عربية مشتركة للتدخل السريع طرحها لأول مرة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” عقب واقعة ذبح 21 عامل مصري على يد داعش في ليبيا.

وقد حاول الأمين العام للجامعة العربية، “نبيل العربي”، تعزيز الفكرة لدى الدول العربية قبل اندلاع الأزمة في اليمن بكثير.

لقد قلبت الأحداث في اليمن كافة الموازين وفُرض على الدول العربية المعتدلة تشكيل قوة عربية مشتركة. يبدو أن تخوّف تلك الدول من إيران أكبر بكثير من تخوفها من داعش.

أصبحت الأجواء في العالم العربي اليوم أجواء حرب، حربٌ ضد عدوين أساسيين، إيران وداعش.

يتألف التحالف العربي الجديد من عشر دول، خمس دول خليجية إضافة إلى السعودية ومصر والأردن والسودان والمغرب. ولم تشارك سلطنة عمان في التحالف، فلديها علاقات جيدة مع إيران وتزعم أنها تؤمن بالحل الدبلوماسي للأزمة في اليمن وليس بالحل العسكري. تّشكَّل التحالف العربي رغم الصراعات والنزاعات بين بعض من أعضاء التحالف مثل مصر وقطر.

اللافت للنظر هنا أن تشكيل قوة عربية مشتركة، بموجب اتفاقية الحماية التي صاغتها القمة العربية من عام 1950 لا يتصل بأي حال بإسرائيل.

لقد تحول كل من إيران وداعش إلى عدو أكثر خطراً من إسرائيل، واختفت “القضية الفلسطينية” كأن لم تكن.

من يسعى إلى التصدي إلى هذا التحالف ويثير الملف الفلسطيني هو ذراع إيران، زعيم حزب الله، “حسن نصر الله”. ففي 27 مارس أدان العملية العسكرية في اليمن واتهم السعودية بأنها هي من صنعت داعش، وأنها المسئولة عن تأجيج الحرب الأهلية في سوريا.

زاعماً أنه: “على مدار أجيال لم يتخذ العرب خطوة لحماية فلسطين ولبنان، وها هي تستنفر وتنطلق لحماية اليمن”.