7-4-2015

أوري ميسجاڤ

كثيرا ما يتحدث سياسيونا بلغة منمقة عن “التحديات” الملقاة على عاتقهم. تحديات كبرى، تحديات وجودية، وتحديات معقدة. ولكن على ما يبدو أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم بشأن التعامل معها. والدمج بين العوار التشريعي واللامبالاة الشعبية يتيح خلق واقع واهم، على حد علمي لا نظير له في العالم الديموقراطي. لقد حلّ الكنيست الـ19نفسه في نوفمبر الماضي. وتحدد موعد الانتخابات في مارس الماضي. بعدها بأسبوعين دّعا الكنيست الـ20 نفسه إلى مراسم حلف اليمين الدستوري، ومن ثم أخذت عطلة غايتها شهر. تجري المحادثات الائتلافية حول تشكيل حكومة جديدة في تلك الأثناء، ببطء ورصانة شبه رواقية. وقد خُصص لـ”نتنياهو” 28 يوم لأجل استكمال المحادثات، والجميع يعلم أن بعدها سيُخصص له 14 يوم آخرين. وإجمالاً، نتحدث عن ستة أسابيع كاملة من لحظة الحصول على تفويض من قبل رئيس الدولة. هذا يعني أن حكومته الجديدة ستدلي بقسمها في شهر مايو المقبل. أي أن إسرائيل تسير ستة أشهر بحكومة انتقالية، ومن دون كنيست يؤدي مهامه. “التحديات” بوسعها أن تنتظر. وهذا كله يسير وفق ديموقراطية برلمانية  فيها فترة الحكم غير ثابتة بموجب القانون. نحن هنا لسنا في أمريكا، ولا نظام رئاستها، التي تحكمها جداول زمنية صارمة. ونظرياً، الكنيست الـ20 والحكومة الجديدة بمقدورهما أن يسقطان أو يسقطا نفسهما في أي لحظة ممكنة. فها هو الكنيست والحكومة السابقين لم يصمدا حتى سنتين. وحينها سننجرف من جديد إلى ستة أشهر من الجمود والشلل. الاستنتاج الوحيد الذي بإمكاننا أن نستخلصه من هذه القصة هو أن في إسرائيل يحدث تشويه، وقَلب للأدوار: فبدلاً من أن تخدم السياسة الدولة ومواطنيها، نجد أن الدولة ومواطنيها قائمون من أجل خدمة السياسيين.

أحد الانعكاسات الحادة والمستفزة للغاية لهذا التشويه يحدث الآن أمام أعيننا. ليس ثمة سبق صحفي، فكل شئ يجري في وضح النهار ويُقابَل بلامبالاة وخنوع، ولكن لهذا السبب بالذات أعتقد أن من الجدير أن نذكر هذا الموضوع . قصدت المفاوضات الائتلافية. وبشكل شخصي تعلمت بمرور السنين ألا أتطرق إليه شخصياً، ليس كصحفي وليس كمواطن. حيث يصدر منه أكاذيب عدة وضجات إعلامية والقليل جداً من الحقيقة والجوهر. نحن بصدد عملية تسجيل الأحداث، والتي نهايتها معروفة على حد التقريب، إلا إن كنتم تواجهون صعوبة في النوم ليلاً من دون معرفة إن كان “يسرائيل كاتس” سيشغل منصب وزير النقل أم وزير السياحة. حتى قضية المبادئ الأساسية، التي اعتُبرت ذات يوم أساسية، تبخرت مع مرور السنين؛ ولا داعي للتطرق إليها بجدية في عهد لا يكلّف الحزب الحاكم نفسه حتى أن يقوم بصياغة وإعلان خطة عمل. وحتى وإن كانت النهاية غير معروفة مسبقاً – وخلف الزاوية تكمن دراما ائتلافية مثل الزحف الثاقب لحزب المعارضة إلى حكومة وحدة وطنية، أو شراكة ماكرة من قبل حزبين مستقطبين في حلف أخوة مفاجئ – على كل حال فالنهاية وشيكة.

لذا فالأمر الوحيد الذي يجدر بنا أن نهتم لشأنه من وجهة نظري بالنسبة للمحادثات الإئتلافية هو مدتها الطويلة. وببساطة ذلك هذا ليس مقبولا في نظري. فالكنيست بالفعل قد تشكل وأدى اليمين، فلم الانتظار؟ لماذا تُخصص لهذه المهمة 42 يوم؟ إن الجميع يعلمون أن المسألة قد تمت في اليومين الثلاثة الأخيرين.  هذه مسألة تقليدية خاصة بالموعد النهائي. هذا الإجراء ونتائجه سواء حتى وإن خُصص لهم 63 يوما. إنها الطبيعة البشرية. وكان من الممكن أن ينتهي هذا كله أسرع من ذلك لو كان تم تخصيص مدة أقل للنقاشات والفرق القديرة التي تديرها، كانوا يعملون بجد أكثر، ولو كان لزم الامر العمل على مدار الساعة لينهوا العمل.

كم هذا قليل؟ من وجهة نظري الشخصية، أقل بكثير. فلتخصصوا لهم أسبوعاً، مع خيار تمديدها إلى أسبوع آخر، وأنظروا كيف تُشكّل في غضون أسبوعين هنا حكومة تُشَّرِف. وهذا أيضا إسراف آخر. فلو كان هناك تشريعاً قد تم تمريره من شأنه أن يخصص للمرشح الذي كلّفه رئيس الدولة بتشكيل الحكومة أسبوعا وأخفق، وتم تخصيص أسبوع للمرشح الثاني، لكنا قد رأينا هنا بشكل في غاية الروعة كيف يمكن أن يتم تشكيل حكومة حتى خلال فترة زمنية غايتها أسبوع. ولكن من أجل تمرير تغييرات مماثلة هنا يجب كما ذكرنا سلفاً أن نقلب الواقع على عقبيه. وهذا بمثابة تحدي حقيقي، لا شأن لأغلب السياسيين في التعامل معه.

حكمة ذكية

ما موقف فارس المجد الجيبوتينسكي والليبرالي – الديموقراطي البيجيني (نسبة إلى بيجين)، السيد “بنيامين زئيڤ بيجين”، من الحملة الانتخابية الأخيرة التي أدارها هنا “بنيامين نتنياهو” و”ميري ريجيڤ”، و”موشيك جالمين” و”عمير بنيون”؟ هل سيدي قد أصيب بالعمى، والصمم والبكم في الأشهر الأخيرة.

الرابط