9-4-2015

جدعون ليفي

كانت العنواين الرئيسية في صحيفة “هآرتس” العبرية أول أمس، يجب أن تتردد في واشنطن وتحدث اضطراباً أمريكا. وكانت يجب أن تُقلق إسرائيليين كثيرين أيضاً. إنه يوم واحد ولكنهم سيدرسوه في المدارس في التاريخ: هو تخطي إسرائيل لكل الخطوط الحمراء. فالعنواين هي فقط عناوين ولكن في هذه الحالة ليس فيها ما يعكس مستوى الخلاف الذي آلت إليه العلاقات بين الدولتين العظمتين، تلك التى تبدو حقيقية – إسرائيل، وتلك التي تبدو كاذبة ومثيرة للسخرية إلى أبعد حد – الولايات المتحدة الأمريكية.

إذا كان للنخبة الأمريكية قدر من إحترام الذات والشعور بالديمقراطية في بلادهم، كان عليهم أن يضعوا لهذه المهزلة نهاية. فهي تسئ لأمريكا ولديمقراطيتها ولإسرائيل أيضاً. وقد وصلت لقمة الإنحطاط التي لا تحتمل، وستكون نهايتها هي تدمير العلاقات بين الدولتين – وستدفع إسرائيل ثمن غطرستها.

جاء في العناوين “ستقدم إسرائيل طلب للتشريع في الكونجرس لعرقلة التوقيع على الإتفاق النووي”. وأشار موظف إسرائيلي رفيع المستوى لمراسل “هآرتس” “باراك رابيد” أن إسرائيل ستحاول “تجنيد الكونجرس” لتمرير قوانين تعرقل التوقيع على الإتفاق مع إيران. الأعين تقرأ والعقل يكذب؛ ستقدم إسرائيل تشريع في الكونجرس، إسرائيل ستجند الكونجرس. يكفي تخيل العنوان معكوس: ستقدم أمريكا تشريعاً في الكنيست – ووصف الفضيحة التي إنتشرت. ولكن ما يُسمح للإله محظور على الثور، وما يًسمح لإسرائيل محظور على أمريكا. والمدهش في كل هذه القصة هو أن العنوان كما لم يكن: فأصبح التشويه مقبولاً، وأصبح التطاول وضع طبيعي، وأصبح هوس العظمة أسلوب مناسب. وكما ساعد أصحاب رأس المال اليهود وعلى رأسهم “شلدون أدلسون”: بتمويل النخبة الأمريكية بمئات ملايين الدولارات – مثلما كشفت صيحفة “نيويورك تايمز” – من أجل التصويت ضد الإتفاق – وهذا أيضا مرت به أمريكا، فاللعنة على الديمقراطية والمصالح الأمريكية.

وصل وزراء خارجية كل القوى العظمى على مستوى العالم لإتفاقات مع إيران قبيل التوقيع على الإتفاق النهائي معها. ولم تعترض أي دولة سوى إسرائيل. بالطبع من حقها أن تختلف وتعترض وتواجه وتحاول وتُقنع أو تغير ولكن ليس من حقها تقويض القرارات السيادية. كان يجب على أمريكا التي تعرف أمراً أو أمرين عن تقويض الأنظمة، ان تكون أول من يحدد أن دولة غريبة تقوض صفوة مؤسساتها.

اللهجة التحريضية الإسرائيلية في واشنطن ليست جديدة ولكن بنيامين نتنياهو زاد بها لدرجة لا يمكن تصورها. نتنياهو؟ لا. فالمسئولية بالكامل على من يسمح بذلك، النخبة الأمريكية. يبدو “باراك أوباما” المحتمل أن يكون الأقوى والأكثر تأثيراً على مستوى العالم، في الأيام القليلة الأخيرة كمن تدمر عالمه: فإسرائيل تعترض على الإتفاق. هذه مصيبة. فهو يجري لقاءات محيرة يُبدي فيها تذلل واضح فهو يعد إسرائيل بكل شئ فقط لكي ترضى. وجهه شاحب اللون فهو يشعر بالإهانة لأنهم يشكون أنه من حرض على نقد إسرائيل، ياله من أمر سئ. وذكر في المؤتمر الصحفي بعد الوصول للإتفاق ومن ناحية أخرى القوى العظمى – الصين وروسيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا – وحينها تحدث عن الموضوع المصيري وهو موقف نتنياهو. لم يتعلم أوباما أي شئ؛ بعد ست سنوات من القرارات والإطراءات لإسرائيل، والتي لم ينجز فيها شيئاً سوى إستهتار مستمر من جانب إسرائيل حيال كل مواقفه وطلباته، وهو يستمر على نفس الطريق، في حين أن الطريق الوحيد للعمل مع إسرائيل مقلوب.

ستزأر إسرائيل – من لا يخاف؟ وهذا يبدو في آذان الإسرائيليين كدليل على القوة والسلطة. ولكن دائماً نهاية الطغاة الكاذبين أو أصحاب السلطة ما تكون مريعة: سيأتي يوم ويمزق شخص ما القناع – وحينها سينتقم.