11-4-2015
ساره ليفوفيتش دار
تقرير شامل يسرد اوجه التعاون وحجمه ورأى النخبة الإسرائيلية والأمريكية فى مسألة المساعدات
يقول الدكتور افراهام هارشكو الحاصل على جائزة نوبل فى الكيمياء عام 2004 مع البروفسير أهارون شخنوفر والباحث الأمريكى ارفاين روز ” إن المال ليس كل شئ فى الحياة لكنه مهم، والمانح الأمريكى ساعدنا مثلاً فى مجال البحث الذى أدى إلى حصولنا على جائزة نوبل، من الصعب جداً أن نقول أننا حصلنا على نوبل دون مساعدة الأمريكان، لكنهم بالفعل قد ساعدونا”.
على مدى 24 عاماً تلقى هارشكو منحاً من الصندوق ثنائى القومية للعلوم –وهو ليس الوحيد- فهناك حوالى نصف مليار دولار قام الصندوق بتوزيعها على 4000 بحث إسرائيلى. ومن بينها أبحاث خاصة بالحاصلين على جائزة نوبل عيداه يونات، يسرائيل أومان ودان شختمان. وهذا هو المال القليل، لم يكن ليتحرك شئ دون الدعم الأمريكى. وعلى مدى أكثر من 60 عاماً بعد إقامة الدولة مع وجود اقتصاد مستقر وجيش قوى لازلنا مرهونين بالولايات المتحدة تقريباً فى كل المجالات، بدءاً من الدعم السياسى والعقود التجارية المريحة والمنح التى تقدم للمستشفيات والمدارس والمشروعات والأبحاث فى مجالات مختلفة وتقديم الضمانات والمساعدة الأمنية والتعاون الإستخباراتى والمنح التى تقدم للمشروعات العسكرىة.
قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل منذ قيامها مبلغ 120 مليار دولار على شكل مساعدات عسكرىة ومدنية مباشرة، والمبلغ فى الواقع أكبر من ذلك بكثير. ويقدر أحد المسئولين الأمنيين السابقين أنه باستثناء المساعدات الأمنية المباشرة التى تصل إلى ثلاثة مليارات من الدولارات سنوياً، فإن المساعدات الأمنية الأمريكية غير المباشرة توفر على دافع الضرائب الإسرائيلى بين 12 إلى 14 مليار دولار سنوياً وهو المبلغ الذى يساوى الميزانية الأمنية كاملة.
وقد أكد رؤساء الولايات المتحدة التزامهم الثابت تجاه إسرائيل منذ عاد 1962 حين فك الرئيس الأمريكى جون كيندى حظر السلاح الأمريكى على إسرائيل وباع لنا صواريخ هوك مضادة للطائرات. وتحدث الرئيس ليندون جونسون عن أهداف مشتركة، وأعلن رونالد ريجان أن إسرائيل كنز استراتيجى، وقال جورج بوش الأب أن الدولتين لديهما قيم ديمقراطية متماثلة، وذكر بيل كلينتون العلاقات الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وقال جورج بوش الإبن أن إسرائيل أحد أهم أصدقاء الولايات المتحدة وقد أكد باراك أوباما حتى وقت قريب على القيم المشتركة للأمتين.
إعادة تقييم
الصراع بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكى باراك أوباما يعد أول الصراعات التى تحدث بين الصديقين القديمين والذى تم اعتباره مهدداً للعلاقات المتميزة، حتى أن البيت الأبيض قد أشار منذ أسبوعين بأنه سيقوم ببحث مسألة التعاون من جديد. وقال دانى ياتوم رئيس الموساد السابق “بالطبع هناك إحتمالية لحدوث ضرر فى قنوات التعاون بيننا وبين الولايات المتحدة، وهذا لن يؤدى إلى سقوطنا ولكن الحياة ستكون أكثر صعوبة فى جميع المجالات، الإقتصادى والعسكرى والسياسى”.
دانى أيالون السفير الإسرائيلى السابق فى الولايات المتحدة قال ” من المتوقع أن يكون وضعنا السياسى صعباً للغاية إذا لم نستطع الإعتماد على الحماية السياسية الأمريكية، فالولايات المتحدة هى حائط الصد السياسى لنا تقريباً فى كل المجالات”.
ومظلة الحماية السياسية الأمريكية الممنوحة لإسرائيل واسعة جداً، وقد استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو لأكثر من 50 مرة فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول قرارات تهاجم إسرائيل. وقد فعلت ذلك أحياناً حتى على قرارات كانت تساند السياسات الرسمية للولايات المتحدة. وبين عامى 1972 وعام 2013 استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو 45 مرة، وروسيا على سبيل المقارنة استخدمت حق الفيتو منذ عام 1967 حتى 2013 ثلاث مرات فقط فى مسائل تتعلق بالشرق الأوسط.
تم إستخدام حق الفيتو الأمريكي لأول مرة في سبتمبر عام 1972 على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والذي أدان إسرائيل بالقيام بهجمات على جنوب لبنان وسوريا، وفي عام 1975 إستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق الفيتو على القرارت التي دعت إلى الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان، وفي عام 1982 تم وقف القرار الذي دعى إلى إنسحاب إسرائيل من هضبة الجولان والإنسحاب الفوري من لبنان، وفي عام 2011 إستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق الفيتو على القرار الذي إعترض على مشروع توسيع المستوطنات على الرغم من أن “أوباما” مثل الزعماء من قبله، يعترض على توسيعها، وفي عام 2013 إستخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو على طلب الفلسطينيين الإعتراف بالدولة الفلسطينية.
أعلنت فرنسا مؤخراً أنها تنوي تقديم مشروع قرار لإقامة دولة فلسطينية. ولم يُوضح البيت الأبيض موقفه ولكنه إكتفي بإعلان أنه سيدرس حماية الفيتو التلقائي الذي يمنح بشكل تقليدي لإسرائيل، وهذا على ضوء تصريحات “نتنياهو” بأنه لم يعُد يرى حل الدولتين مناسباً. ويوضح أيلون “حتى الآن تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية حق الفيتو بدون تردد، أساس الشك، أيضاً إذا إستخدموا حق الفيتو في نهاية الأمر، سيجعلنا معرضين للضغط. وأيضا لا تسطيع أي دولة العيش وحدها. ويمكن أن نصبح دولة منبوذة، وتحافظ الولايات المتحدة الأمريكية على ألا يحدث هذا لنا. فلولا دعمها السياسي لكانت إسرائيل فريسة سهلة للمبادرات التى تقدم ضدنا”.
القبة الحديدية السياسية
يشكل الفيتو في مجلس الأمم المتحدة رغم أهيمته جزءاً صغيراً من الدعم السياسي. وتقف الولايات المتحدة الأمريكية بجانب إسرائيل في كل المنتديات والمحاكم الدولية. ففي السنة الماضية فقط صوتت خمس مرات ضد قرارات معادية لإسرائيل في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وإعترضت على 18 قرار ضد إسرائيل في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويقول أيالون “تساعدنا الولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على سياسة الغموض النووي عن طريق منع قرارات مختلفة في منظمات مثل الوكالة الدولية للطاقة النووية”.
تقف الولايات المتحدة الأمريكية وراء إنضمام إسرائيل لدول O.E.C.D. (منظمة التعاون الإقتصادى والتنمية) بل واعترضت مؤخراً وزارة الخارجية على قرار المحكمة الدولية في لاهاي بالتحقيق في جرائم الحرب في عملية “الجرف الصامد” وفي عملية “عودة الأبناء”. عملت الولايات المتحدة الأمريكية أمام المدعية العامة للمحكمة من أجل إبطال القرار وقالت أن هذه سخرية مأساوية بأن إسرائيل التي أُطلق على مواطنيها آلاف القذائف، يتم التحقيق معها.
تساعد الولايات المتحدة إسرائيل في تلك العلاقات غير الرسمية مع العالم العربي وخاصة مع السلطة الفلسطينية ومع حماس. كما مارس الأمريكيين الضغط المتواصل على “محمد مرسي” عندما كان رئيساً مصر لكي يحافظ على إتفاقيات السلام مع إسرائيل ويمنع الإرهاب في شبه جزيرة سيناء من الإنتقال إلى إسرائيل.
يقول المحامي “دنيال رايزنر” الذي كان يشارك في الحوار مع الفلسطينيين “يشاركنا الأمريكيين في علاقاتنا مع الفلسطينيين على كل المستويات، بدءاً من مستوى القيادة وحتى تقديم مشروع المياه في المدينة الفلسطينية روابي”. “ميزة الأمريكيين أنهم ليسوا فقط أنهم موضوعيين لأنهم من خارج المنطقة، بل أنهم يأتون ومعهم دفتر شيكات كبير. فإذا تخلوا عن المنطقة سنضطر لإيجاد وسيط آخر بدلاً منهم ولكن من سيكون معه دفتر الشيكات والحيادية مثل الأمريكيين؟ ولن يكون هناك فراغ. ففي ظل غياب الوساطة الأمريكية، وإن لم نجد وسيط آخر سنضطر للعمل مباشرة مع الفلسطينيين. وفي الحياة اليومية لدينا قنوات مباشرة موجهة للفلسطينيين، ولكن التنسيق الشامل للأطراف الثلاثة له دور أكثر تأثيراً، حيث لا تصل المحادثات المباشرة للحكومة الحالية إلى حد الأفق الثنائي. وهذا ما يضيف صعوبة أخرى في الوصول لحل على المستوى الإستراتيجي”.
يعتقد “ياتوم” أن لتعاون الولايات المتحدة الأمريكية معنى سياسي آخر، وهو الردع. “يدرك العرب التحالف بيننا وبين الأمريكيين كعنصر أساسي في القوة الإستراتيجية الإسرائيلية. وهذا ما سمعته بنفسي من رئيس الأركان العامة السوري في فترة ولاية “يتسحاق رابين” كرئيس للوزراء. فقد قال لي ذات مرة لماذا تهتمون بالترتيبات الأمنية، فالجيش الإسرائيلي أكثر قوة من الجيش السوري بسبب تحالفه مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
دفتر الشيكات الكبير
من أجل هذا الردع يتم إضافة شيك كبير. فإسرائيل تتلقى بالطبع مساعدة أمنية بحجم كبير يبلغ ثلاثة مليارات دولار في السنة ويشكل حوالي 16 % من ميزانية الأمن و2.6 % من ميزانية الدولة. يأتي الشيك مرة واحدة في السنة ويتم إيداعه في حساب بنكي في الولايات المتحدة الأمريكية، على عكس دول أخرى تكون المساعدة نقداً. ويتم تخصيص 74 % للمشتريات الأمنية في الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الأموال تشتري بها وزارة الدفاع تجهيزات أمنية في إسرائيل.
المساعدة الخارجية الأمريكية لإسرائيل كبيرة جداً. تتلقى مصر مليار ونصف دولار، والأردن فقط 660 مليون دولار وهذا العام سيزيد المبلغ إلى مليار دولار. وكان في الماضي يتكون الشيك الكبير من عدة عناصر. فمع نهاية الثمانينات كانت المساعدات الأمريكية العسكرية 1.8 مليار دولار والمساعدات المدنية قد وصلت إلى 1.2 مليار دولار. وفي عام 2008 تم إلغاء المساعدات المدنية بناءاً على طلب إسرائيل، وتم تخصيص المساعدات بالكامل للأغراض الأمنية.
نحن نحظى بجانب المساعدات المباشرة بزيادة كبيرة من المكافآت. ففي عام 1971 حصلت إسرائيل على 500 مليون دولار كتعويض عن صمتها على إختراق مصر لوقف إطلاق النار. وفي عام 1985 حولت الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل 3.5 مليار دولار للمساعدة في الأزمة الإقتصادية.
في عام 2000 حصلنا على زيادة إستثنائية بـ 1.2 مليار دولار مقابل تنفيذ إتفاق واي ريفر وأيضاً تمويل القبة الحديدية بمبلغ حوالي مليار و250 مليون دولار وتم دفعهم في الأربع سنوات الأخيرة كزيادة، هذا بالإضافة إلى المساعدات الأمنية السنوية، حيث تم تطوير أنظمة أخرى مثل نظام حيتس وشاربيت قساميم (العصا السحرية) بالتعاون مع الأمريكيين كما طلبنا من الأمريكيين مئات الملايين من الدولارات لتطوير نظام العصا السحرية وهو نظام دفاعى ضد القذائف والصواريخ متوسطة المدى، والتي يستخدمها حزب الله.
وفقاً لتقرير خاص لوزارة الدفاع الأمريكية منذ عام 1987 والذي تم الكشف عنه مؤخراً ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل في تطوير القنبلة الهيدروجينية وأخترقت بذلك القوانين الفيدرالية التي تحظر مساعدة الدول الأجنبية في تطوير سلاح نووي.
قائمة طويلة من المكافآت السخية. تحصل إسرائيل على سلع أمنية فائضة، قد تقادمت بمرور الزمن مقابل أسعار أقل أو بالمجان وتنفذ مع الولايات المتحدة الأمريكية تدريبات عسكرية مشتركة وكان آخرها في الصيف الماضي، وكان من الصعب إضاعة الجنود الأمريكيين الذي تجولوا هنا في كل مكان. ووفق تقرير الكونجرس من عام 2014 نشرت الولايات المتحدة الأمريكية في إسرائيل منظومة رادار متطورة للتعرف على الصواريخ.
أقامت الولايات المتحدة الأمريكية في إسرائيل في بداية التسعينيات مخازن طوارئ بناءاً على طلب إسرائيل. وتوجد مخازن أسلحة أمريكية بإستثناء إسرائيل في كوريا الجنوبية فقط. ووفقا لتقارير أجنبية توجد المخازن في هرتسليا وفي مطار بن جوريون وفي القواعد الجوية وجزء منها في خنادق تحت الأرض. وتحتوي تلك المخازن الممتلئة على تسليح وصواريخ ومركبات ومستشفى ميداني يحتوي على 500 سرير. ويبلغ مقدار الموجود في المخازن حوالي مليار دولار. وتُمول الولايات المتحدة الأمريكية الصيانة والحراسة. وسمحت أمريكا لإسرائيل بإستخدام التسليح المخزن في المخازن في حرب لبنان الثانية وفي عملية “الجرف الصامد”.
معلومات تنقذ حياة
يوضح العقيد إحتياط “يورام يئير” الذي كان الملحق العسكري في الولايات المتحدة الأمريكية ان المساعدات الأمنية لم تكن مالية فقط، فإعتمادنا على المساعدات الأمريكية في تطوير المنظومات التكنولوجية المتقدمة وتوفير الحلول الاستراتيجية الأمنية اليوم أكثر من الماضي بكثير. والبنادق والمدافع من الممكن شراؤها من أي مكان، لكن لا يمكن تخيل فكرة المنظومات التكنولوجية من دون المساعدات الأمريكية”.
“عوزي ديان” الذي كان نائب رئيس هيئة الأركان والمسئول عن العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية يعتقد أن “التعاون المشترك أهم بكثير من المال، ونحن نحصل على فكرة للمنظومات التكنولوجية المتقدمة ومن جانبنا نساعد الولايات المتحدة الأمريكية. ولولا التعاون المشترك معنا لخصصت الولايات المتحدة لقطاع الأمن مبالغ طائلة في الشرق الأوسط”.
التوجه إلى المنشآت التكنولوجية المتقدمة هو جزء من العلاقات الإستخباراتية بين إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية. فإسرائيل هي حليف في نسيج التعاون الإستخباراتي الذي يشمل بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزلاندا. وكشفت مستندات وكالة الأمن القومي الأمريكية ومستندات “سنودن” من السنوات الأخيرة مدى التعاون الوثيق هذا. وحسب المستندات نقلت الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل معلومات استخباراتية حول أهداف فلسطينية لمهاجمتها وساعدتها في جمع معلومات إستخباراتية عن حماس. وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” مؤخراً أن الولايات المتحدة ساعدت إسرائيل في قتل “عماد مغنيه” رئيس الذراع العسكري لحزب الله في فبراير 2008 في دمشق.
ويقول ياتوم “يستطيع الأمريكيين أن يعيشوا حياة طبيعية من دون المعلومات الإستخباراتية التي ننقلها لهم، ولكن سيكون من الصعب أن نعيش من دون المعلومات التي نحصل عليها منهم. يتواجد الأمريكيين في كل مكان لا يمكننا الوصول إليه وهم يزودوننا بمعلومات مهمة. فإذا تضرر هذا العنصر في علاقاتنا، وأرى أن هذا سيحدث، سنفقد جزء من مصادر المعلومات الخاصة بنا”.
هل الأمر ممكن بدون المعلومات؟
وبعد كل هذا، لم يتأثر الجميع من المساعدات الأمريكية الضخمة التي تحصل عليها إسرائيل في العقود الأخيرة، فقد أعلن نتنياهو بنفسه في خطاب في الكونجرس في فترة ولايته الأولى أن إسرائيل دولة ناضجة بما يكفى لكي تتخلى عن المساعدات الإقتصادية. وقال “نفتالي بينيت” قبل حوالي عامين “يجب ألا نعتمد على المساعدات الأمريكية. وفي عام 1998 على سبيل المثال نشرت مقالة مطولة في صيحفة “نيويورك تايمز” والتي أوردت أسئلة إسرائيليين وأمريكيين حول، لماذا لازالت إسرائيل تحتاج المساعدات الخارجية الأمريكية؟
كُتب مؤخراً في الموقع الأكثر شعبية “دايلي بيست”، “يتعجب المؤيدون الكبار لإسرائيل في واشنطن لماذا تعطي الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل 3.1 مليار دولار سنوياً على الرغم من أن الإقتصاد الإسرائيلي مزدهر؟”. قال “إليوت أبرامز” الذي كان نائب مستشار الأمن القومي للرئيس بوش ويعتبر مؤيد لإسرائيل للموقع أنه “بمرور الزمن سيكون الأفضل للعلاقات أن يتم تقليل حجم المساعدات”. وأعلن “ريك بري” الذى تنافس في الإنتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري قبل سنتين على رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، أنه سيبدأ المساعدات من الصفر. ووافقه “ميت رومني”. وقال السيناتور الجمهوري “بول راند” أحد المعارضين للمساعدات، منذ سنتين في زيارة إلى إسرائيل أنه على الولايات المتحدة الأمريكية أن تقلل المساعدات التي تمنحها لإسرائيل.
تستمر الأموال في تلك الأثناء في التدفق. في عام 1992 منح الرئيس “جورج بوش” إسرائيل ضمانات بعشرة مليارات دولار والتى تتيح إصدار السندات في سوق المال الأمريكية. وإستغلت إسرائيل 6.6 مليار فقط من القيمة. وفي عام 2003 منح “جورج بوش” الإبن ضمانات بقيمة تسعة مليارات دولار فإستغلت إسرائيل 5.2 مليار فقط. وسينتهي موعد الضمانات التي منحها بوش الإبن العام القادم.
ويقول “دافيد كلاين” محافظ بنك إسرائيل السابق “نحن نحتاج لتلك الضمانات من أجل زيادة رأس المال في الأسواق الدولية. فرأس المال الذي نجمعه يساعدنا في تمويل العجز في الميزانية وسداد الديون، وبمساعدة الضمانات الأمريكية نضطر إلى دفع فائدة كبيرة جداً والتي تقدر حسب حال السوق الإسرائيلي وقت الجمع. فالفائدة هي جزء كبير من ميزانية الدولة. فالفائدة الإضافية لا تحدد مصير الاقتصاد لكنها تحملنا ما لا نطيق”.
الحياة نفسها
تقريبا نحن نتمتع بالأموال الأمريكية في كل المجالات. حصلت إسرائيل خلال الحريق الذي شبت في الكرمل على طائرات هاركولس التي تستخدم في إطفاء الحرائق من الأمريكيين. وفي السنوات الست الأخيرة منحت الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل 140 مليون دولار لإستيعاب الهجرة. منح المشروع الأمريكي لتمويل المدارس والمستشفيات في العالم في السنوات القليلة الماضية حوالي مليون دولار لكلية فاينبيرغ لمعهد وايزمان لشراء المعدات العلمية، و700 ألف دولار لشراء نظام التصوير الإشعاعي الرقمي وحوالي مليون و250 ألف دولار لمستشفى هداسا في القدس لشراء تجهيزات لوحدة العناية المركزة. وتوضح “أودري شمرون” المديرة التنفيذية لمنظمة المرأة في هداسا وزوجة المحامي “دافيد شمرون” قريب نتنياهو “كل الدعم مهم بالنسبة لنا”.
منحت “مؤسسة بيرد للتعاون في البحوث والتطوير الصناعي” 295 مليون دولار منذ 1977 لحوالي 800 مشروع صناعي إسرائيلي والتي سجلت مبيعات متراكمة بقيمة ثماني مليارات دولار. ومولت مؤسسة التعاون في البحث والتطوير الزراعي في الثلاث سنوات الأخيرة مشاريع بقيمة ربع مليار دولار. وحصلت إسرائيل على دخل حوالي 300 مليون دولار من عشر مشاريع فقط. وتتواجد إسرائيل في المركز الثالث في التعاون البحثي مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد كندا وسويسرا.
يقول “عوفر زيكس” المدير العام معهد التصدير الذي يذكر حجم التصدير الإسرائيلي للولايات المتحدة الأمريكية “أقامت ما يزيد عن مائتي شركة أمريكية في إسرائيل مراكز بحث وتطوير”. الإستثمار الأمريكي في إسرائيل ضخم فلا يمكن إحصائه مالياً ولكن يمكننا القول أن الولايات المتحدة الأمريكية متعمقة بشدة في إقتصادنا بمبالغ طائلة جداً. فالولايات المتحدة الأمريكية شريك تجاري مهيمن، وبالفعل هي دولة التصدير الأولى لإسرائيل”.
صدرت إسرائيل في عام 2014 إلى الولايات المتحدة الأمريكية بضائع بمبلغ 9.8 مليار دولار والذي شكل ربع الصادرات الإسرائيلية. فالعديد من الصناعات تعتمد على الصادرات إلى الولايات المتحدة. وحوالي 40 % من صادرات الماس وربع صادرات الطعام ونصف صادرات الخمر الإسرائيلي تذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ويقول “موتي- تبربيرج” صاحبى “يكف تبربرج” الذي يصدر خمور بقيمة 2 مليون دولار إلى الولايات المتحدة في السنة “لولا الصادرات إلى الولايات المتحدة لكنا في أزمة إقتصادية كبيرة، تتيح لنا الصادرات ان نزيد إنتاجنا ونتطور، وبشكل عام نحن ننتج للسوق اليهودي الحلال، وندخل السوق العام في الولايات المتحدة. وهذا سوق يجب المحافظة على المشاركة فيه فمن دونه سأضطر إلى محاولة البيع في دول أخرى سيكون من الصعب جداً دخولها”.
يتيح إتفاق التجارة الحرة الذي تم التوقيع عليه منذ ثلاث سنوات بين إسرائيل والولايات المتحدة للمصدرين الإسرائيليين الإعفاءات الضريبية وتسهيلات أخرى. ويقول “شرجا بروش” الذى كان حتى وقت قريب رئيس إتحاد الصناعيين “الصداقة في عالم الأعمال بيننا وبين الأمريكيين قوية، ولن تضر السياسة بتلك العلاقات. وعندما ساءت العلاقات السياسية مع تركيا لم تتضرر العلاقات التجارية. وكل ما يتعلق بالتصدير إلى الولايات المتحدة الأمريكية لا يقدم لنا معروفاً، بإختصار لدينا منتج جيد والمصلحة للمشتري أكبر بكثير من البائع”.
تحفظ مجموعة من الإتفاقات الأمريكية المصالح الإسرائيلية، وتحظى الجهات الأمريكية الخاصة المانحة لإسرائيل بتسهيلات في الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية. ويصل حجم المنح الخاصة من الولايات المتحدة لإسرائيل حوالي 2 مليار دولار في السنة. ويوضح أيالون “يكفي أن يتم إلغاء التسهيلات الضريبية وإيقاف تدفق المنح لإسرائيل”.
ضمنت الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل التزويد المنتظم بالنفط من خلال إتفاق منذ عام 1975 والذي تم التوقيع عليه مقابل موافقة إسرائيل على الإنسحاب من حقول النفط في سيناء. وقد أنتهت فترة الإتفاق مؤخراً ولم يتم تجديده حتى الآن. ويطمئن “عامير ماكوف” رئيس معهد البترول السابق قائلاً “ليس هناك ما بقلقنا”، “يمكننا دائماً شراء النفط من منتجين وتجار القطاع الخاص وحتى من حاويات النفط التي تبحر وتبيع النفط أثناء الإبحار. فعلى مدار عشر سنوات لم تحدث أزمة لإسرائيل في الحصول على النفط”.
يتيح إتفاق السماء المفتوحة الجديد الذي تم التوقيع عليه بين إسرائيل والولايات المتحدة منذ أربع سنوات، للشركات الإسرائيلية السفر جواً لأي مكان في الولايات المتحدة الأمريكية من دون أي تصريح سابق على عكس الإتفاق السابق الذي يسمح بالطيران لـ 11 مكان فقط. ويقول “جيورا روم” الذي كان حتى وقت قريب مدير عام هيئة الطيران المدني “كلما كانت هناك رحلات جوية أكثر كان هذا في صالح إجمالي الناتج القومي والمواطنين، فقيود الطيران تضر بالإقتصاد”. ويوضح “يسرائيل بوروفيتس” من أصحاب الأسهم في شركة “إلعال” (أكبر شركة طيران إسرائيلية)، “وقف بند كهذا أو آخر سيضر إقتصادياً بشركات الطيران”. “ولكنني لا أعتقد أن هذا سيحدث ولا يهم كم أنت غاضب. فالتجربة تثبت أن قطاع الطيران لا يتضرر من الخلافات السياسية”.
“داني ياتوم” هو الأقل تفاؤلاً بكثير حيث قال “من دون الدعم الأمريكي سننعزل عن العالم وستزداد الضغوط علينا وستفرض علينا العقوبات، وستنهار أعمالنا وبالتالي سينخفض إجمالي الناتج القومي، وتستطيع الحكومة تخصيص مبالغ أقل للإسكان والرعاية الإجتماعية والتظيف”.
ينضم “داني أيلون” للجانب التشاؤمي حيث قال أيضاً “لا يوجد أى شئ مضمون، يتبنى أوباما أفكار مختلفة عن تلك الي لدى الحكومة الإسرائيلية وحتى ينهي فترة ولايته من الممكن أن تحدث لنا أضرار بالغة ولذلك نحن يجب أن نكون أكثر حكمة وأن نحاول إعادة العلاقات لطبيعتها. فنحن نحتاج إلى الأمريكيين وبدون الدعم الأمريكي ستكون المخاطر على إسرائيل حقيقة وفعلية. وخلال 15 سنة فقط يمكننا أن نكون مستقلين تماماً”.