11-4-2015

بقلم عامير رابابورت

وهل يكون هناك هجوم إسرائيلى أم أمريكى

مع بيانات الدول العظمى في الغرب عن التوصل إلي اتفاق تفاهم مع إيران يرسم محلل الشئون شرق أوسطية عامير رابابورت عدد من السيناريوهات المحتملة على المدى القصير… ومنها هل ستقوم إسرائيل بمهاجمة طهران، وماذا سيكون دور الولايات المتحدة؟

ستشهد الفترة المقبلة قيام عناصر الموساد بالتنكر في صورة إيرانيين يقومون بتصوير فتحات الدخول للمنشأة النووية المقامة تحت الأرض في فوردو بواسطة كاميرات مزودة بعدسات تصوير للمسافات البعيدة جداً، بعد قيامهم بعمليات التصوير سيقومون بجمع عينات من التربة في المنطقة المحيطة، وفيما يجرى هذا ستقوم الأقمار الصناعية بتصوير أي تغيرات في المنطقة مراراً وتكراراً، وسيتم نسخ هذا الأمر في عشرات المواقع النووية الإيرانية في محاولة لاكتشاف أي دليل على أن الإيرانيين يقومون بتضليل العالم ومستمرون في مشروعهم النووي العسكري على الرغم من توقيعهم اتفاق التفاهم مع الولايات المتحدة والدول العظمى الكبرى التي يطلق عليها 5+1 .

السيناريو الذي سنسوقه هنا، ما هو إلا من نسيج الخيال بالطبع، ولكن ولأن جميع الأسباب المنطقية تشير إلي أن الإستخبارات الإسرائيلية ستحاول جاهدة إثبات أن الإيرانيين مستمرين في برنامجهم النووي العسكري، على الرغم من توقيعهم اتفاق التفاهم مع الولايات المتحدة والدول العظمى الكبرى التي يطلق عليها 5+1. وبالطبع إذا تحدثنا هنا عن استخبارات غربية بدلاً من الإسرائيلية يريدون القيام بهذا الدور فإن نطاق التخيل قد اتسع بشكل أكبر، فوجود الخديعة الإيرانية أصبح احتمالاً أكثر واقعية! إلا أن هذا ليس السيناريو الوحيد المحتمل …. لذا ما هي السيناريوهات الرئيسة بعد التوقيع على اتفاق التفاهم؟

السيناريو الأول : الطرفان فشلا في التوصل إلي اتفاق طويل المدى حتى يوليو المقبل، وبذلك ستستمر العقوبات بل وستزداد صرامتها.

تسلسل الأحداث لهذا السيناريو : اتفاق تفاهمات يقرر إعادة القدرة النووية الإيرانية إلي الوراء، وما سيتم مصادرته من إيران، ومنع تطوير أي قدرة نووية خلال الـــــ10 :15 عاماً المقبلة، بالإضافة إلي ترتيبات رقابة صارمة على خط إنتاج النووي بواسطة تخصيب اليورانيوم حيث يجري الحديث هنا عن تحييد 13 ألف جهاز طرد مركزي (إخراجهم من الخدمة) وذلك عن طريق استبعاد أو تخفيف 10 طن من المادة المخصبة والموجودة في طهران والتي تكفي لعمل من 7 :8 قنابل نووية.

لن يكون هناك أي تخصيب في إيران أعلى من 3.67 % وسيكون فقط التخصيب لأجهزة الجيل الأول للطرد المركزي وبكلمات آخري فإن هذا ما هو إلا تحقق كابوس كانت إسرائيل تحذر منه على مدى عقود مضت، وهو أن الإيرانيين سيمتلكون مستقبلاً كميات غير محدودة من اليورانيوم المخصب بدرجة 3 % فقط ويكونون قادرين على رفع تخصيبه خلال أسابيع معدودة إلي درجة أعلى  من 90% وهذا في أي وقت يقررون فيه طرد مراقبي الأمم المتحدة أو أن يفعلوا ذلك بهدوء وفي السر، وبواسطة الأدوات الموجودة لديهم فعلاً فهم يستطيعون عبور هذا الخط العسكري الرفيع الفاصل من أجل التخصيب وبكل سهولة، لا يوجد مانع تكنولوجي من القيام بهذا الأمر وهو منوط برغبتهم في فعل هذا.

وبالطبع عندما لا يوجد من يضغط على إيران حالياً لوقف تدخلها في النشاطات الإرهابية أو لوقف قيامها بتطوير الصواريخ طويلة المدى، وقمة السخرية أن الولايات المتحدة تتعاون بشكل غير رسمي مع طهران في الحرب ضد قوات داعش في العراق، في الوقت الذي تقوم فيه جيوش الدول العربية بقيادة السعودية وبدعم أمريكي بحملة عسكرية ضد التدخل الإيراني في اليمن.

وعلى أية حال حتى تتم إزالة العقوبات الاقتصادية التي تسحقهم( بالإضافة إلي أسعار النفط المتدنية والتي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني) سيضطر الإيرانيون إلي تنفيذ التفاهمات وذلك كي يتم التوصل إلي اتفاق دائم خلال ثلاث أسابيع، وإسرائيل ستفعل كل ما في وسعها حتى لا يتم الوصول إلي ذلك، وذلك لأنها ترى أنه من الأفضل وجود عقوبات مشددة دون اتفاق بدلاً من وجود اتفاق يؤدي إلي توصل الإيرانيين إلي تصنيع القنبلة عاجلاً أم آجلا ، إن القدرة الإسرائيلية على التأثير حالياً على خلفية أزمة الثقة بين نتنياهو وباراك أوباما، وبذلك فإني غير متأكد تماماً من أن يتم التوصل إلي اتفاق بعيد المدى.

إن إمكانية حدوث هذا السيناريو متوسطة حيث يتم التوصل إلي اتفاق بعيد المدى كما سيتم تعليق العقوبات.

كما أن إمكانية حدوث السيناريو الذي لا يستطيع فيه الطرفان للتوصل إلي اتفاق طويل المدى حتى شهر يونيو متوسطة أيضاً حيث ستستمر العقوبات بل وقد يتم تشديدها.

السيناريو 2 : كشف الخدعة الإيرانية

تسلسل الأحداث، حتى وإن كان أو لم يكن هناك اتفاق، فإن الإيرانيون مستمرون في السعي للحصول على قنبلة نووية في الخفاء، وستؤدي النشاطات الإستخباراتية إلى الكشف عن هذه الحقيقة وعندئذ ستضطر إسرائيل والولايات المتحدة إلي أن يقرروا كيف سيتم الرد، وما هو هذا الرد؟  هنا الإجابة تتعلق بتوقيت هذا الكشف ومن سيكون الرئيس الأمريكي آنذاك.

فرصة حدوث هذا السيناريو: كبيرة للغاية.

السيناريو الثالث: الولايات المتحدة تنفذ هجومها ضد إيران

تسلسل الأحداث: باراك أوباما يقرر أن يُظهر أنه ينوى وبشكل جاد استخدام خيار التهديد العسكري الذي وضعه أمام إيران (وسيتضمن هذا تسريب خلال هذا الأسبوع، بأن الولايات المتحدة تقوم فيما يبدو بإسراع وتيرة تطوير قنابل خارقة للتحصينات الإيرانية)، ويقوم بالاجتماع بعدد محدود من كبار القادة ويريهم أنه يستعد لتنفيذ هجوم لن يخرج إلي حيز التنفيذ.

في الواقع هذا هو أقرب السيناريوهات قابلية للتنفيذ إلا أنه وبعد ست سنوات من حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي برهن انه يعتمد الاستراتيجية البريطانية إبان الحرب العالمية الثانية وهي أن يفعل أي شيء كي لا يتم الوصول إلي حرب حتى وإن كان هذا هو التوصل إلى اتفاق سيء.

ولذا فإن فرصة حدوث أي هجوم أمريكي على إيران هي صفر على الأقل في عهد أوباما.

 

السيناريو الرابع: إسرائيل هي من ستقوم بالهجوم

وفقاً للتقارير فإن إسرائيل مستمرة دون توقف في بناء قدرة عسكرية تتيح لها ضرب أهداف رئيسة في إيران( بما في ذلك تسليح جوي وأرضي وقدرة على التزود بالوقود جواً ووسائل اتصال متقدمة ذات مدى بعيد ووسائل جمع معلومات استخباراتية ذات قدرات فائقة) ويقوم الجيش الإسرائيلي بالفعل بالتدريب على سيناريوهات هذه الهجمات (لابد أن نشير إلى أن التدريبات المكثفة التي تمت هذا الأسبوع ليس لها علاقة مباشرة بهذا الأمر).

 ومن المفارقات أن التفاهمات التي سيتم توقيعها مع إيران تزيد من فرصة اضطرار إسرائيل لتنفيذ مثل هذا الهجوم (إلا أن فاعلية هذا الهجوم لن تكون بالكبيرة إذ أن التوقيت الأنسب لمثل هذه الضربة قد ولى منذ زمن فقد كان أنسب وقت لها في 2010) وتثبت أيضاً أن إسرائيل لابد أن تقوم بالاعتماد على نفسها، فقد كانت الاستراتيجية الإسرائيلية إلى هذه اللحظة هي منع أي دولة عدوة وبأي ثمن من الحصول على قنبلة نووية.

المشكلة هي أن الهجوم على إيران سيتسبب في ضرر محدود للبرنامج النووي الإيراني، وسيكبد إسرائيل ثمناً باهظاً من الهجمات من إيران وحلفائها على إسرائيل، مثل حزب الله في لبنان، بالإضافة إلى أن مثل هذا الهجوم الذي إذا تم تنفيذه بالتعارض مع الولايات المتحدة التي تتمركز قواتها في الخليج الفارسي قد يعرض هذه القوات لخطر تحولها إلي هدف، وبينما لا تزال المفاوضات جارية مع طهران فإسرائيل ليس لديها أي خيار سياسي كي تقوم بهذا الهجوم، ومن جانب آخر ووفقاً لرأي الخبراء توجد إمكانية لمهاجمة فتحات المخابئ الموجودة تحت الأرض محدثين ضرر كبير بواسطة استهدافها بسلاح دقيق للغاية إلا أن كافة كبار عناصر الأمن يرون أن ثمن هذا الهجوم سيتعدى الفائدة المحققة من تنفيذه.