12-4-2015

بقلم هيئة تحرير الموقع

يعتقد العميد إحتياط نيتسان نوريئيل أنه بالنسبة للقوات البرية فلازالت الحرب هي الحرب وأن كل المصطلحات المستحدثة، التي تعلن عن انتهاء حقبة الحرب الكلاسيكية، غير دقيقة.

إن أحد أهم الدروس التي تلقيناها كطلاب في كلية الدفاع الوطني دورة رقم 24 كان ما قاله العميد احتياط دوبيك تماري والذي كان ضابطاً غزير المعلومات والذي أصر على أن يدرس لنا أهمية التصورات في لعبة الأطفال وهي “التليفون المكسور” والتي تعبر بشكل كبير عن قوة الكلمة غير المفهومة في الحصول على العديد من التفسيرات والتي تكون مضحكة أحياناً.

والمشكلة مع المهنة العسكرية، عندما لا يتم فهم كلمة معينة مثلها مثل استخدام المصطلحات غير الصحيحة والتي لا قدر الله تتسبب في خسائر بشرية، ولذلك وجدت نفسي مطالباً بمحاولة تصحيح تدفق النص الذي ينبئ بانتهاء عصر الحروب القديمة وأنه من الآن فصاعداً توجد حروب أخري.

لذلك فإن الغرض من هذا المقال هو خلق ثقل مضاد لمقال العقيد احتياط إيتاي شيلخ في عدد 24 من إسرائيل ديفنس.

اولاً أريد أن أقول إنه تحدث في العالم الديناميكي أشياء عديدة نتيجة دخول تكنولوجيات جديدة والتي تتيح فعل أشياء أكثر سرعة وأكثر دقة. وقد ساهمت الثورة المعلوماتية أيضاً في إعادة تشكيل ميدان القتال بشكل مختلف إلي حد ما وبجانب هذا التغير التكنولوجي يوجد أيضاً عدو يقوم بعملية تحليل الكيفية التي نقوم بالرد بها ويقوم بتطوير ما لديه مما يعطيه الأفضلية.

إن كل ما سبق يكتسب معنى ودلاله أعمق عندما نتعامل مع البعد الاستراتيجي أو مع البعد التشغيلي، وألقي على عاتق واضعي الاستراتيجيات ومديري التشغيل العملياتيين، فهم الظواهر العميقة وتطوير ما يناسبها من وسائل القتال وبناء القوة العسكرية المناسبة.

إن الحجة الرئيسة التي أسوقها هنا ضد نفس الخط الذي يزعم بانتهاء الحروب العادية حتي مستوي قائد اللواء، هو أنه يمثل مع قواته المعركة ذاتها( فهم من يقومون بإطلاق النيران، والتقدم، ويقومون بإجلاء الجرحى وما شابه ذلك من أنشطه آخرى) – فبالنسبة لهم لازالت الحرب هي الحرب بمفهومها القديم ولم تتغير كثيراً وأن التغييرات التي تجرى ما هي إلا تغيرات على المستوى التكتيكي الذي يتأثر ويؤثر على التكتيك القتالي وعلى شكل استخدام القوة، إنني لا أزعم أن أي حرب أو حملة مستمرة هي نسخ لبعضها البعض فكل ما أقوله أن الفارق بينهم صغير جداً أكثر مما يعتقدوه.

فأنا أنتمي إلي هؤلاء الذين يعتقدون بأن الكلمة المكتوبة لها ثقل كبير جداً وأن مصطلحات كثيرة تستمد قيمتها من الطريقة التي نقوم بتفسيرها بها ولذا يجب علينا أن نقوم بعملية تفسير الرسالة – في كل مراحل العملية- الرسالة التي تقول “لقد إنتهت الحروب القديمة”.

ولضرورة التأكيد فإن التقدم التكنولوجي بالنسبة للدبابة المنفردة يمكن أن يتيح لها إطلاق قذيفة أكثر دقة وأكثر فتكاً استنادا إلى معلومات نوعية أفضل (وهذا أيضاً بفضل التكنولوجيا) كما يتيح لها أن تعمل أيضاً بشكل أكثر تحصيناً ولكن في النهاية تقوم بنفس أعمال القتال والحركة وإطلاق النيران في الأماكن المبنية مثلما كانت تفعل وحدات المدرعات المختلفة أثناء حرب لبنان الأولى في 1982 منذ ما يزيد عن جيل كامل.

وكذلك أيضاً مقاتلي سلاح المشاة يتواجد أمامهم اليوم بُعد جديد ألا وهو التقنيات الحربية الجديدة لمواجهة التهديدات تحت الأرض ولذا توجب عليهم التسلح بوسائل آخري، ولكن فيما تعلق بسائر أوضاع المعركة فلا يوجد تغير كبير فيما يتعلق بطريقة القفز في لواء جولاني في حرب أكتوبر 1973 عن طريقة تصرف المقاتلين في معركة الجرف الصامد وفي كل ما يتعلق بحرب الفرد أو المجموعات. وفي النهاية فإنه في ساحة المعركة بالنسبة لمقاتل المشاة فالحرب هي الحرب حتى لو ظهرت كلمات كبيرة فهي لا تغير طبيعة القتال نفسه.

من الصحيح أنه على المستوى الاستراتيجي والتشغيلي لابد من استثمار المزيد من الوقت كي نفهم طبيعة التغيرات والتعقيدات الجديدة التي غيرت من طابع المعركة وما يظهر باستمرار من مستجدات أخري. ولكن على المستوى التشغيلي التكتيكي في المنطقة يجب الاستمرار في تعديل التكنولوجيا القتالية كي تلائم التهديدات الجديدة وذلك من خلال الفهم بأن الحروب لا تدار بالمراسلة .

كما يجب أن نقوم بأخذ المكونات الجديدة التي تظهر في ميدان القتال في الاعتبار والقيام بدراستها ودراسة تأثيرها على كافة ما ذكرت سلفاً. وبمعنى آخر أن نقوم على سبيل المثال بالسؤال عن التأثير العملياتي لعالم السايبر؟ كيف يؤثر ذلك على جميع المستويات ووفقاً لذلك نقوم بالعمل على تحديث وجهة النظر العملياتية والتقنية العسكرية، وكذلك استحداث أفكار عملياتيه جديدة.

وأنا أفهم جيداً أن هؤلاء الذين اشتركوا في حرب لبنان الثانية أو الرصاص المصبوب أو الجرف الصامد سيواجهون صعوبة في إيجاد أي فروق جوهرية على المستوى التكتيكي، فالأمر بالنسبة للمقاتلين هو نفس الشيء، ولكن بالنسبة لهؤلاء الذين اختبروا القتال في المرة الأولى فلن يكون هناك وجه للمقارنة.