16-4-2015

عاموس هرئيل

يتسع في الآونة الأخيرة، الصدع داخل قيادة حماس بين القيادة السياسية وقادة الذراع العسكرية. تتعلق الأزمة بجانبين هما مسار خلاف، ومتداخلان مع بعضهما البعض: موقع التنظيم، على ضوء الاضطرابات في العالم العربي، ومن ثم، السياسات التي يتعين عليه أن ينتهجها في قطاع غزة، على ضوء المواجهة المطولة أمام إسرائيل والعلاقة المتوترة مع مصر. يرون في المنظومة الأمنية الإسرائيلية أن الخلافات الداخلية تصّعب وصول التنظيم إلى توافقات غير مباشرة بشأن وقف طويل الأمد لإطلاق النار مع إسرائيل. من شأنها أيضاً، في ظروف معينة، أن تشجّع المبادرات الهجومية الفردية من جانب الذراع العسكرية، دون التنسيق مع القيادة السياسية.

بدأت حماس، قبل ثلاث سنوات، في الإنقطاع تدريجياً في علاقتها بإيران وسوريا، على خلفية الحرب الأهلية في سوريا، والتي تصادم فيها في البداية نظام “الأسد” مع حركة “الإخوان المسلمين” السنية، المرتبطة أيدولوجياً بحماس. وأدت المجازر التي ارتكبها النظام السوري بحق المواطنين السنة، في إطار حربه مع المعارضة، إلى اضطرار “حماس” إلى إصدار بيانات إدانة علنية للأسد، وإخلاء مكتبها السياسي في دمشق. وخلقت تلك الخطوات صدعاً علنياً بين “حماس” و”إيران”، الداعمة لنظام الأسد. لكن، الذارع العسكري لتنظيم حماس في الضفة، حافظ على العلاقة مع إيران بشكل سري للغاية، واستمر في الاعتماد على “الحرس الثوري” لحاجته لتهريب الأسلحة لغزة، على الرغم من أن إيران نقلت أغلب الدعم للجهاد الإسلامي في القطاع، حيث استمرت عناصره في إظهار ولائهم لها.

بعد الحرب في صيف 2014، بُذلت مجهودات لتحسين العلاقات بين غزة وطهران. كما نشرت إيران بيان تشيد فيه بالمجهودات العسكرية لحماس ضد إسرائيل واستقبلت وفداً من قيادات التنظيم. لكن مؤخراً، على خلفية التصادم بين الدول السنية المعتدلة والانقلابين الحوثيين في اليمن، المدعومين من إيران، ظهرت التوترات مجدداً أيضاً مع حماس ونشر الذراع العسكري لها تصريحات مؤيدة لموقف الدول السنية بخصوص اليمن. على ما يبدو الآن أن “خالد مشعل” رئيس المكتب السياسي لحماس، يتطلع للتقرب إلى السعودية، في حين أن الذراع العسكري في القطاع، يطلب الحفاظ على علاقة وطيدة مع إيران.

تواجه عمليات تهريب الأسلحة من إيران للقطاع صعوبات جمّة، أمام المجهودات الحثيثة التي تبذلها مصر وإسرائيل لمنعها. تقوم مصر، بشكل ممنهج، بهدم المنازل المتاخمة للحدود مع القطاع في رفح، ومؤخراً تسعى لإنشاء منطقة عازلة بمساحة 2 كيلو متر على الأقل، وسيتم تدمير كافة المنازل فيها. بالتزامن مع ذلك، تقوم البحرية الإسرائيلية والمصرية بمجهودات لمنع التهريب البحري من سيناء. يتركز الدعم الإيراني لحماس حالياً على تحويلات مالية للبنوك في القطاع بقيمة عشرات الملايين من الدولارات. ولآن عمليات تهريب الأسلحة النوعية قد انخفضت للحد الأدنى، على ما يبدو، فإن الذراع العسكرية لحماس اضطرت إلى التركيز على الإنتاج المحلي للمواد المتفجرة والقذائف الصاروخية. ولذلك يجري التنظيم، بشكل دوري، تجارب صاروخية تجاه البحر المتوسط، والتي تلتقطها الرادارات الإسرائيلية.

ومن أجل إنشاء منظومة تصنيع السلاح المستقلة الخاصة بها، تحاول حماس، عن طريق معبر “كرم أبو سالم” أن تهرّب مواد تم شراءها من تجار إسرائيليين وفلسطينيين في الضفة الغربية، ويتم إخفائها في الشحنات المدنية، بريئة المظهر، في الحافلات. تلك المواد متعددة الاستخدامات، فيمكن استخدامها للصناعة والزراعة وأيضاً لصناعة الأسلحة. على ما يبدو أن حماس نجحت من خلال تلك الطريقة، في تهريب قدر لا بأس به من المواد، حتى فطنت المؤسسة العسكرية للأمر وبدأت، خلال الشهرين الأخيرين، بإحباط عمليات التهريب المماثلة بشكل منهجي.