16-4-2015

كرلو شترنجر

التوجه الآن في قطاعات اليسار في إسرائيل هو أنه على “يتسحاق هرتسوج” و”تسيفي ليفني” أن يكونا خارج الحكومة، وأن يتمسكا بالقيم الليبرالية ولا ينضما إلى “بنيامين نتنياهو”. ويمكن أن يكون هذا الموقف من ناحية صدمة ما بعد الإنتخابات، وإنهيار وهم تشكيل حكومة يسار وسط. ومن ناحية أخرى يبرز الإحباط الشديد والواضح لليبراليين الإسرائيليين إثر فشل محاولاتهم المتكررة في العودة إلى السلطة. فأنا أعتقد أن هذا الموقف خاطئ، ومن المهم جداً أن ينضم هرتسوج وليفني إلى الإئتلاف.

دعونا ننظر ما هي الحجج المقبولة للبقاء فى المعارضة. الحجة الأولى هي “دعونا نسمح للناخبين برؤية ماذا سيحدث حين تكون السلطة في يد حكومة اليمين والحريديم ضيقة الأفق. فسيكتشفوا أن هذا سئ وسيروا الضوء في إعادة اليسار إلى الحكم في الإنتخابات القادمة”.

هذه الحجة لا تأخذ بعين الإعتبار أن أغلب الناخبين في إسرائيل (وفي العالم) لا يفهمون بشكل متعمق طبيعة العلاقات الدولية. فهم لا يفهمون إلى أي مدى تقوِّض السياسة اليمينية المتطرفة الوضع الإسرائيلي على الساحة العالمية. إذا كانوا يؤمنون بالدعاية اليمينية التي بسببها يكرهنا العالم وهذا بالكاد لن يغير ما نحن فاعلون.

ستزداد عزلة إسرائيل عن العالم حقاً، إذا تم تطبيق سياسة حكومة يمينية- حريدية. ولكن لن يتوجه ناخبي اليمين إلى اليسار لهذا السبب. وبدلاً من هذا سيتبنون الدعاية اليمينية – والتي وفقاً لها يكره العالم اليهود وإسرائيل وعلينا أن نقف بحزم فلن تسقط الماتسادا مرة ثانية – ولن يتزحزحوا عن موقفهم اليميني.

الحجة الثانية، ضد إنضمام هرتسوج وليفني إلى الإئتلاف تظهر الإستراتيجية المبنية على التصريحات التي تسربت من البيت الأبيض بعد الإنتخابات الإسرائيلية بوقت قليل والتي تقول: “ستعطي حكومة اليمين الحريدية لـ”باراك أوباما” الحجة التي إنتظرها للإمتناع عن إستخدام الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على طلب الإعتراف بالدولة الفلسطينية بعضوية كاملة في الأمم المتحدة. وحين تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بالإمتناع عن إستخدام الفيتو سيتحقق هدف اليسار القديم وهو إنقاذ إسرائيل والحفاظ عليها كوطن اليهود الديمقراطي. لندع الأمم المتحدة تفرض على إسرائيل وعلى الفلسطينيين معاً حل الدوتين، وتعطينا ما هو ضروري من وجهة نظرنا”.

تبدو هذه الحجة معقولة في البداية ولكن بعد أن أجريت حوارات متعمقة أثناء زيارتي الأخيرة إلى نيويورك مع سياسيين وأكاديميين وصحفيين مقربين من الإدارة الأمريكية قادتني إلى إستنتاج أن هذه الحجة خاطئة.

يرى أوباما في الإتفاق مع إيران الإرث الجيو-إستراتيجي الأهم على الإطلاق – وهو سيفعل كل ما يستطيع من أجل تحقيقه. وفى مقابل ذلك، يمكن الإفتراض أنه يرى ان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غير قابل للحل طالما أن نتنياهو لازال في الحكم. سيستثمر أوباما كل رأسماله السياسي في تحقيق الإتفاق مع إيران ولا يبدو أنه سيفتح جبهة ثانية عن طريق إتخاذ موقف غير جيد ضد نتنياهو وضد الكونجرس مع الأغلبية الجمهورية. إختصاراً: بالتأكيد لن يبذل أوباما مزيداً من الجهود لدعم الإعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة حتى لو كان هذا الإعتراف ضروري للمستقبل الإسرائيلي.

وفي نهاية الأمر، تستند فكرة البقاء في المعارضة على وهم أن اليسار-الوسط الليبرالي سيعود للحكم في المستقبل القريب، بعد أن يفهم المواطنين الإسرائيليين إلى أي مدى سياسة اليمين هدامة.

لكنني أخشى أن هذا الرأي يستند إلى المفهوم الخاطئ الذى وفقاً له كان التصويت في الإنتخابات على اساس تفكير منطقي، بينما في الواقع التصويت هو إبراز لهوية الناخبين – سواء في اليمين أو اليسار. وفي النقطة الحالية في التاريخ الإسرائيلي يلتزم أغلب اليهود هنا بكون إسرائيل دولة يهودية في حين أن ثلث أعضاء الكنيست فقط (المعسكر الصهيوني وييش عتيد وميرتس) ملتزمون بكون إسرائيل دولة ليبرالية بأسلوب غربي. ولذلك يمكن الإفتراض بأن الغالبية لن تصوت في المستقبل القريب لأحزاب اليسار-الوسط.

حان الوقت لكي نفهم نحن الإسرائيليين الليبراليين أننا أقلية وأن علينا البدء في التفكير في أنفسنا وحماية حقوقنا كأقلية. ستتسبب الحكومة اليمينية-الحريدية الضيقة – بدون شك – في ضرر كبير للديمقراطية الليبرالية في إسرائيل وستجعل حياة الإسرائيليين الليبراليين صعبة. حيث ستقوم بتغيير القانون والهيئة القضائية وتركيبة المحكمة العليا وستقيد حرية التعبير.

ولا يمكن السماح لأنفسنا ببقاء هرتسوج وليفني في المعارضة. فضرورة وجودهم في التحالف تكمن في منع التشريع ضد الليبرالية وللحفاظ على إسرائيل كدولة ديمقراطية ليبرالية.