14-4-2015

بقلم: أوري سيدوت

في محادثة مع زعماء اليهود في الولايات المتحدة في مطلع الشهر أشارت “هيلاري كلينتون”، المرشحة الجديدة للرئاسة، إلى مبدأين من شأنهما أن يوجها السياسات تجاه إسرائيل؛ إعادة تحسين العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة وإستعادة الحوار البناء بين البلدين، والدفع بحل الدولتين عن طريق المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين.

“كلينتون”، في حال فوزها في الانتخابات المقبلة، ستتولى منصبها فقط بعد عامين. ولكن ماذا سيكون شكل الأوضاع في الضفة الغربية في يناير 2017؟ وهل ستسعى “كلينتون” إلى الدفع بمفاوضات إسرائيلية – فلسطينية وفقاً للعوامل المتغيرة التي حددها “بيل كلينتون” قبل 15 عام؟

يُذكر أن أحد العوامل المتغيرة التي قد حدّدها “كلينتون” هو ضم إسرائيلي للكتل الاستيطانية، وذلك في مقابل إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة المتبقية، التي ستقوم إسرائيل بإخلائها. تكمن المشكلة في أنه منذ أن تحدد هذا المبدأ تزايد نمو السكان اليهود الذين يسكنون المنطقة الواقعة شرق الجدار العازل، ووصل إلى نسب مرتفعة. اليوم يوجد 72 مستوطنة إسرائيلية شرق الجدار، وهناك خلاف على عدد السكان. قامت المفاوضات التي أدارها “إيهود أولمرت” في 2008 على التقدير القائل بأن هناك 63.000 مواطن يقطن في تلك المستوطنات. وفي السنوات الأخيرة يتحدث متختصون في هذا المجال، مثل العقيد (احتياط) “شاؤول أرئيلي” وممثلي حركة “السلام الآن”، عن نحو 80.000 مواطن.

تنبثق صورة أدق وأحدث من خلال تحليل معطيات الإنتخابات – بحسبها يقطن اليوم خارج الكتل الاستيطانية 93.000 مواطن إسرائيلي. وتشير المقارنة بين البطاقات الانتخابية الخاصة بمنظومتي الانتخابات السابقة إلى ارتفاع مستقر في عدد من لهم حق التصويت في السنوات الأخيرة – 1.500 مستحق للتصويت في كل عام، وهذا يعني أن هناك معدل نمو سنوي يبلغ 4%.

وعلى الرغم من ارتفاع نمو السكان، إلا أن إدارة مجلس الضفة والقطاع تشتكي من وجود حالة “تجميد هاديء” في أعمال البناء، التي قادها رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو”. وفي الواقع، لم تُمنح بشكل شبه كامل في السنوات الأخيرة تصريحات بناء خارج الكتل الاستيطانية. وحتى “نيويورك تايمز” توّجت مؤخراً “نتنياهو” بلقب “حامل الرقم القياسي في تجميد البناء”، نظراً لأنه أعطى تصريحات أقل لبناء وحدات سكنية في الضفة الغربية عن سابقيه جميعاً في السنوات الأخيرة – من اليمين واليسار. وقد بلغ إجمالي الوحدات السكنية التي تم منحها تصريحات بناء في الضفة الغربية بأسرها خلال الست سنوات الأخيرة إلى 9.197 وحدة سكنية – أي ما يعادل نحو ثلثي الوحدات في الكتل الاستيطانية ونحو 3.000 وحدة سكنية فقط خارجها، أو في شرق الجدار.

خلاصة القول هي أن “نتنياهو” قد كان بناءه في المستوطنات بناءاً أقل بكثير، لكن النمو الطبيعي لم يتوقف. فالسكان الجدد، إذا جاز الإفتراض، عثروا على حلول سكن في المباني السكنية القائمة.

وبهذا المعدل الحالي، حتى تولي “هيلاري كلينتون” منصبها المرجو، فمن المتوقع أن يقطن في تلك المستوطنات الواقعة خارج الكتل الاستيطانية نحو 101.000 إسرائيلي، وهذا على افتراض أن سياسات البناء الحالية ستبقى على حالها الآن. وإن لم تدخل في الحكومة القادمة، لأول مرة منذ سنوات، أحزاب وسط أو يسار، فعلى الأرجح سيتم تحفيز معدل البناء، وسيفوق تعداد السكان في عام 2017 الـ100.000 نسمة.

وفي مرحلة ما، لن تكون فكرة “الكتل الاستيطانية” مناسبة. من المحتمل أن تصل نقطة اللاعودة إلى 100 أو 150 ألف إسرائيلي. بعدما تتجاوز نقطة التحول هذه، الفصل بين المستوطنات الكائنة على شرق الجدار الفاصل وبين المستوطنات الكائنة غربى الجدار ستفقد تأثيرها. وحتى يحين هذا اليوم، هل ستُجرى محاولة “تحديث” للعوامل المتغيرة الخاصة بـ”كلينتون”، بغية الحفاظ على مبدأ الأقلية اليهودية داخل الدولة الفلسطينية في أية تسوية مستقبلية، أم أنها على أي حال ستصرف نظرها تماماً عن تلك العوامل المتغيرة التي حددها زوجها؟.

في هذا الإطار، ستكون قضيتنا الرئيسية في الأشهر القريبة هي سياسة بناء حكومة “نتنياهو” الرابعة، التي ستكون مرهونة بدرجة كبيرة بشخصية وزير الداخلية ووزير الدفاع. ينبغي أن نفترض بأن رئيس الوزراء سرعان ما سيجد نفسه محاصراً بين مطالب ائتلافية من جانب، وضغوط دولية متزايدة من جانب آخر. تجدر الإشارة إلى أن متابعة معدل البناء خارج الكتل الاستيطانية سيمثل “مقياس ضغط” ملفت للإنتباه. هل سيرتفع، أم سينخفض أم أنه سيبقى على حاله في هذا الوقت الراهن؟.