19-4-2015

بقلم: راڤير دروكير

الوقائع السياسية، على غير عادتها، مصنوعة من حديد. لا أحد يغير السلطة وهو بداخل الحكومة. “مناحيم بيجين”، و”اسحاق رابين”، و”بنيامين نتنياهو”، و”إيهود باراك”، و”أريئيل شارون” – جميعهم اعتلوا سدة السلطة عبر سُلَّم المعارضة. كان بوسع “نتياهو” أن يكون وزيراً للدفاع في حكومة “إيهود أولمرت”، بالرغم من أنه كان يترأس كتلة من 12 مقعد، إلا أنه قد تخلى عن هذا المنصب ووصل إلى الحكم لاحقاً.

وما هو مصير أولئك الذين دخلوا الحكومة كي يؤثروا”؟ باختصار، تحولوا من قوة مستقلة إلى خلايا تابعة. فقد دخل “باراك” الحكومة في 2009 وتحول من زعيم فى موقف ضعف إلى سياسي لا يقدر أن يجتاز نسبة الحسم. كما دخلت “تسيبي ليڤني” الحكومة في 2013 وتحولت من سياسية مخيبة للآمال إلى شخصية لا يمكنها أن تقود أي شيء. وكذلك “بنيامين بن إليعازر”، و”شمعون بيريز”، و”شاؤول موفاز” – باختصار كل من دخل الحكومة تحت رئاسة “نتنياهو” تبخر سياسياً.

“يستحاق هرتسوج” يدرك ذلك جيداً، بكل تأكيد. من الممكن معرفة لماذا يتجاهل هذا الدرس السياسي ويريد الإنضمام إلى الحكومة. من مثله يعلم أنه بأعجوبة كان مرشحاً فعلياً لرئاسة الحكومة. “هرتسوج”، على الأرجح، يتصور أن المعجزة لا تتحقق مرتين. ومن جانبنا، نرى أنه من الأفضل أن يبرم صفقة الآن وأن يكون وزيراً للخارجية.

النقطة الرئيسية هي الضرر الوخيم الذي سيسفر عن انضمامه إلى الحكومة وهو فقدان الجمهور لثقته في السياسية الإسرائيلية عامة وفي حزب العمل خاصة. ويمكنك أن تقول ما شئت عن “هرتسوج” وعن “شيلي يحيموڤيتش”، لكنهما لم يخلفا من قبل تعهداً علنياً. من أدلى بصوته لصالح “هرتسوج”، لم يفعل ذلك تأثراً بمحاسنه.  فمئات الآلاف انتخبوه فقط لأنهم أرادوا أن يتخلصوا من “نتنياهو”. وبالطبع استغلال تلك الرغبات بهدف مساعدة “نتنياهو” في الحكم، يعتبر نوع من الخطايا التي لا تُغتفر.

فرصة دخول حزب العمل للحكومة ضئيلة. ليس لأن “هرتسوج” لا يريد ذلك (وكذلك “يحيموڤيتش، للأسف الشديد، لا تعارض هذه المسألة على الإطلاق)، بل لأن زعيم العمل لم يخضع لمراسم تنكيل علنية حقيقية. ونشك في أن يكون لديهم قدرة مماثلة للتي يملكها “باراك”، في غلق الهاتف في تلك الأوضاع، والإنغلاق على أنفسهم والمضي قدماً وكأن شيئاً لم يكن. في هذا الإطار يقترف “هرتسوج” خطأ مضاعفاً. ففي النهاية لن يكون وزيراً للخارجية ولن ينعم بالتعاطف المحفوظ لمن تنازل عن الكرسي. يُبْقِي”هرتسوج” عمداً على مساحة من الغموض في تصريحاته. لعل”نتنياهو” يقوم بالإتصال به. ستكون النتيجة أن الجميع سيفترض بأنه لن ينضم “هرتسوج” إلى الحكومة، لأن “نتنياهو” لا يريده. وهذه هي قمة المذلة.

لنتحدث قليلاً عن “التأثير من الداخل”. فلم يمنع وجود “باراك” في حكومة “نتنياهو” قانون المقاطعة. وتواصل البناء في المستوطنات في حكومة “نتنياهو – لبيد – ليڤني” بشكل مستمر. واستمرت لعدة أشهر المفاوضات الشكلية بكل بساطة. والافتراض بأنه يمكنك أن تعطي مليار شيكل للناجين من أحداث النازية حتى وإن لم يجلس ممثل الوسط – اليسار هو افتراض يبدو منطقيا. ولن يكون لـ”هرتسوج” كوزير للخارجية تأثير فعلي على السياسات تجاه إيران، ومن الواضح  بعد الحملة الأخيرة أنه لن تكون هناك ظروف تساعد “نتنياهو” بأن يدفع حقاً برؤية حل الدولين. ما هي القيمة المضافة لـ”يحيموڤيتش” كوزيرة للإقتصاد؟ في سبيل ذلك يضربون بكل ما قالوه لنا عرض الحائط؟.

يزعم مؤيدو فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية أن حزب العمل سيدافع فقط عن محكمة العدل العليا. مجرد تُرَّهَات. لا نية لـ”نتنياهو” بأن يعطي ملف العدل لــــ “ياريڤ لڤين” أو “زئيڤ إلكاين”. قضاة المحكمة العليا يمقدورهم أن يخرجوا من الملاجيء. وما الذي فعلته بالتحديد وزيرة العدل “ليڤني”؟ لم تدفع بقوانين أساسية هامة ولم تعمل من أجل حقوق الإنسان أو الدفاع عن الأقلية. ولو تغيير بسيط، مثل الشفافية في اللجنة الوزارية للشؤون التشريعية، لم تفلح في فرضها.

لا يوجد توقعات بأن “نتنياهو” سيفي بوعوده العلنية. فسعر سهمه يجسد منذ زمن مخالفة منهجية للوعود. الوضع مختلف تماماً بالنسبة لـ”هرتسوج” وشركاؤه. فأية محاولة بمخالفة صارخة لتعهداتهما للجمهور ستقضي على الأمل بتغيير السلطة يوماً ما.