17-4-2015
بقلم: أورلي جولدكلينج
في الواقع، لقد كانت هذه الأفعال محرجة للغاية. تصل إلينا الوجبة اليومية من “مواجهة” أوباما و”نتنياهو”، بأريج إيراني مُرَكَّز، مُتبَّلة باللدغات ومصاحبة بتجّهم وعبوس وجوه المتذوقين لها. هؤلاء ساخطون من هذا، وأولئك من ذاك، وجميعهم ينفرون من هذه الطبخة العفنة المقدمة على السُفرة. ولكن في اللحظة التي ينزعجون بشدة من وضع العلاقات بيننا وبين صديقتنا الكبرى، تشعر السيدة بجلالها بقلق أكبر بكثير حيال علاقاتها بالشاب الشرقي ذو الشارب. (إشارة إلى الشرق الأوسط).
تقف إسرائيل مذهولة أمام قسوة قلب أوباما في القضية الإيرانية. كان المواطن البسيط على اقتناع بأن تفسير الصداقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل هو المواجهة المشتركة والصلبة أمام محور الشر المثير للحرب. إذا جاز القول، لم يكن من المفترض أن ينشب جدال بين الأطراف في القضية الإيرانية، ولكن من قام بمتابعة التحركات الأمريكية في قضايا مشابهة متابعةً جيدة لا يمكن أن يكون متفاجئاً. ومثل هذا الشخص هو المستشرق “د. موردخاي كيدار”، الذي من بين تخصصاته، تدارس تحركات “أوباما” ونظرائه في كل ما يخص الشرق الأوسط.
قبل حوالي عامين قدَّم “كيدار” إلى صحيفة “ماكور ريشون” مقال مطوّلاً تحت عنوان “الخطة الإسلامية الخاصة بوزارة الخارجية الأمريكية”. توّرع رئيس التحرير الراحل في حينه، “أوري أليتسور”، عن نشر المقال الذي يتصدره إدعاء لاذع يفيد بأن وزارة الخارجية الأمريكية تراعي مصلحة الإخوان المسلمين في كافة بلدان الشرق الأوسط، وأنها قد تعاونت ومازالت تعاونهم بهدف إحداث ثورات في مختلف الدول في المنطقة.
إلا أن “كيدار” كان عليه أن يرسل مراراً وتكرارا بدلائل وبراهين تثبت صحة كلامه. وطيلة شهر كامل كان يرسل إلى الصحيفة مواد بالعربية والإنجليزية، تحوي إثباتات عن لقاءات تمت بين أفراد إدارة “أوباما” وجماعة “الإخوان المسلمين”، إضافة إلى وثائق وتحليلات تخص خبراء أمريكان وآخرين. كل ذلك معاً، رسم صورة مثيرة للقلق عن مصلحة أمريكية لا تتماشى بالضرورة مع مصلحة إسرائيل.
مبارك علم متى يختفى
في أغسطس 2013 نُشر المقال على صفحات ملحقنا “يومان”. بالتزامن مع صعود نجم المشير “السيسي” في تلك الأثناء، وسقوط نظام الرئيس السابق “محمد مرسي”، المنتمي إلى الإخوان المسلمين، الذي قوبل في الولايات المتحدة “باستياء”، إذ استخدمنا لفظ لطيف. “أردوغان” في تركيا وحماس في غزة يتشاركان الصدمة والسخط، شراكة، بحسب وثائق وتحليلات “كيدار” لم تنشأ عن مصالح متداخلة فحسب، بل عن ترابط عميق للغاية. اتضحت المصلحة الأمريكية، ليست بالضبط ما كنا نظن.
منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 والولايات المتحدة تسعى إلى إرساء الهدوء. وكان هدفها الأسمى هو ألا تتكرر أحداث مشابهة، لكن لا يمكن ضمان عدم حدوث ذلك في عالم موجود فيه جهاد مهلك ومستعر، جهاد يمقت الغرب ولا يتعجل في إصدار تفسيرات عقلانية بأن عملاق الديموقراطية بمقدوره أن يواجههم. وماذا يفعلون؟ ما يفعله لدينا مناصري السلام، حالياً وبلا أي معوقات لا تذكر في وسط طريق هو أنهم يبحثون عن العنصر المعتدل في المنطقة، ويحاولون تقويته، آملين بأن يتصدى لمن يجب التصدي له، ولا يهم إلى أية طائفة ينتمي. تكاد تُصرح الولايات المتحدة برئاسة “أوباما” بأنها مؤيدة للمسلمين، لكنها ضد الجهاديين. فالعنصر المعتدل، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية، هي جماعة الإخوان المسلمين.
وكما ذكرنا مسبقاً، حرص “باراك أوباما” على أن يلقي خطابه الأول خارج بلاده، وأصرّ بأن يلقيه في مصر، في حدث أثار استياء إسرائيل بشدة، ولكن ليس أقل من استياء الرئيس المصري “حسني مبارك” في حينه أيضاً. كان السبب الرسمي لغياب “مبارك” عن حضور الخطاب هو وفاة حفيده قبلها بأسبوعين، إلا أن المشكلة، في واقع الأمر، كانت تكمن في إصرار الرئيس الأمريكي الجديد على لقاء أعضاء الإخوان المسلمين خلال الزيارة. وبحسب “كيدار”، كانت الولايات المتحدة على قدر كبير من النشاط في دفع الإخوان المسلمين إلى طريق إسقاط نظام “مبارك”، وبالتزامن مع استكمال الثورة التي اندلعت في القاهرة، خرج “أوباما” بتصريحات احتفالية بمناسبة ولادة عهد جديد في مصر.
وحينما انقلبت الأوضاع، بدعم سعودي كامل، لم يكن ذلك نهاية لأحباط أوباما. ومع مرور الوقت، لم تجد الولايات المتحدة مناصاً من اعترافها بشرعية حكم “السيسي”، إلا أنها تجد صعوبة في أن تُظهر حماسة حياله. وبين حين وآخر، يعرب الأمريكان عن حجج واهية للتحفظ عليه، شيء من قبيل “نحن ندعم مصر، لكننا نرغب في رؤية المزيد من الديموقراطية”. أو كما ترجمها “كيدار” للعبرية: نريد أن نرى في السلطة نفوذاً أوسع للإخوان المسلمين.
“الإخوان” هم ظاهرياً جماعة مدنية متواضعة، إذا حذونا حذو أمريكا وغضضنا الطرف عن النباتات البرية التي صدَّرتها مدرستهم للعالم، والتي خرجت من رَحِمِها ومنها حماس، والجهاد الإسلامي، وعناصر الجهاد المصريين وما إلى ذلك. إلا أن “السيسي” كان أقل تسامحاً من الامريكان معهم: فقد أعلن جماعة الإخوان المسلمين بأنها جماعة إرهابية محظورة، ولاحق عناصرها وأصدر بحق قادتها أحكام بالإعدام. تسعى أمريكا بأن تنتقم منه عن طريق تعليق المعونة العسكرية، إلا أن الرئيس المصري لا يرتدع. وبحسب مصادر أجنبية، هناك دولة ما مجاورة وصديقة لمصر، ليس بالضرورة أن تكون عربية، تساعد “السيسي” في التعامل مع قوات الجهاد في سيناء.
المخطط الكبير الذي يصفه “كيدار”، لا يقف عند حدود مصر، بل يسعى إلى تحقيق حلم الخلافة الإسلامية، مثلما كشف الشيخ “صفوت حجازي”، الذي وقف إلى جانب “مرسي”، من اللحظة التي اعتلى فيها سدة الحكم في مصر، حيث ما لبث أن أعلن “صفوت” في ظل حكم الرئيس الجديد “مرسي”، في حينه، بشرى “الولايات العربية المتحدة”. فجاء “كيدار” ليشدّد على التشابه الذي لم يكن من قبيل الصدفة، بين هذه التسمية وبين اسم صديقتنا “الولايات المتحدة”.
يأتي الفادي إلى صهيون *
لم يشغل هذا الأمر بالَكم؟ لأنه كما تفترضون، الدولة الكبرى والمهيبة التي ستقوم لن تتغاضى عن وجود دولة لإسرائيل. فمنذ بداية الألفية الثانية والإخوان المسلمين يسعون إلى توطيد وترسيخ مراكز لهم في تركيا، وسوريا، ولبنان، والأردن، واليمن، ومصر، وأحيانا يرقى ذلك لنجاح كبير وأحيانا لفشل ذريع. بالمناسبة، عاصمة الدول العربية المتحدة لن تكون في مكة أو في المدينة، ولا في القاهرة ولا حتى في دمشق. فمع كامل الاحترام للمدن المقدسة الإسلامية، القدس هي الهدف، “للقدس رايحين شهداء بالملايين” هذا ما قاله “صفوت حجازي.
حسنا إذاً، ألا تدرك الولايات المتحدة ذلك؟ ألا ترى المخاطر المحتملة والمحدقة بالدولة الديموقراطية الفعلية الوحيدة في الشرق الأوسط؟، “بلى، ترى”، قال “كيدار” هذا الأسبوع، “لكن هذا للأسف الشديد لا يقلق “أوباما” كثيراً كما كنا نريد أن نعتقد.
ثم يستكمل حديثه قائلاً: “هناك ثمانية مسئولين في البيت الأبيض متضامنون مع الأخوان المسلمين، بعضهم عرب والبعض الآخر غير عرب، ولكن جميعهم مسلمين ولديهم تأثير كبير على سياسات الولايات المتحدة. كما أنهم جزء من طاقم كاتبى الوثائق الذى يحدّد السياسات. وفي الحقيقة، هذه العملية قد بدأوها مع الرئيس السابق، “جورج بوش الإبن”، لأنهم تمكنوا من احتواءه والإلتفاف حوله. بالرغم من أنه لم يكن مناصراً لهم، لكنه لم يجد بديلاً آخر. فالضرورة الملحة في إحباط أية امكانية لتنفيذ عمليات تفجيرية على شاكلة أحداث 11 سبتمبر جعلته ينساق ورائهم. وفي حالة انتخاب رئيس جمهوري للولايات المتحدة، فعلى الأرجح أنه سيدفن هذه الشراكة أو على الأقل سيطمس آثارها، مثلما فعل “بوش”. أما إذا انتُخِبت “هيلاري كلينتون”، فأنا افترض بأن الأمور ستكون بالشكل الذي كانت عليه بالتحديد مع “أوباما”. حيث سيتطلعون إلى سيطرة الاخوان المسلمين هنا”.
ثم يقتبس “كيدار” آراء لبعض المختصين الذين يزعمون بأن الولايات المتحدة تنوي أن تمنح، تحت الهيمنة الإيرانية، كافة المناطق التي تقع شرق إسرائيل تحت سيطرة الشيعة – وأن تمنح كافة المناطق التي تقع غرب إسرائيل للسنة، تحت سيطرة مصرية، ثم ياتي الفادي إلى صهيون. حسناً، ربما ليس تحديداً إلى صهيون.
إذاً، كيف تنسجم إسرائيل مع مخططات الولايات المتحدة؟
“من جانب “أوباما”، إيران بمقدورها أن تحلّ محلنا في الشرق الاوسط. وهو يرى في ذلك أمر جيد. وفي نظره إيران دولة متقدمة وقوية تفهم المنطقة جيداً، وتتمكن أيضا من فرض أجندتها في أي مكان تريده: سوريا، لبنان، العراق، اليمن. وماذا عن إسرائيل؟ إنه لا يكترث لأمرها. وبحسب رأيي، إسرائيل في نظره تمثل عبء ولا تمثل مكسباً، وهو ليس الوحيد الذي يفكر بهذه الطريقة. هناك حوار معلن مماثل في الولايات المتخدة، خاصة بين الليبراليين المتطرفين في المجال الأكاديمي”.
ومع كل ذلك، تبدو القصة أكثر تعقيداً. فالصورة الأمريكية – الإسرائيلية – الإسلامية ليست – اعذروني – أبيض وأسود. لقد قوبل خطاب “أوباما” في القاهرة بهتافات إسلامية صاخبة، ورُسم وجه الرئيس الأمريكي مراراً وتكراراً بطراز فرعوني، ولكن حينها أيضاً دبّ الإحباط في النفوس. فقد كانت الحرب في اليمن وإعدام “أسامة بن لادن” أحداث يصعب استيعابها في الجانب الإسلامي. ومن جانبنا، هناك عمليات أمريكية عدة في اليمن، وأفغانستان، وباكستان لا تتماشى مع تعهد “أوباما”.
فمن ناحية، حلفاؤه السابقين – مصر، والأردن وإسرائيل – لا يشعرون بالراحة مع الصديقة التي تغازل العدو، وتبدأ في الإهتمام بشأنه. ترى المملكة الهاشمية في محاربة الإخوان المسلمين معركتها الأهم، بل وأهم من حربها على إيران؛ ومصر، كما ذكرنا آنفاً، حافظت على نفسها من ألا تشبّ داخلها انقلاب متكرر؛ وفي إسرائيل يسعون لمواجهة الذراع الإرهابي لحركة حماس في غزة على جبهة، ومواجهة التهديد الإيراني على جبهة أخرى.
يشعر “أوباما” من جانبه بالحنق من إلقاء الخطابات في الكونجرس، ولا يشعر تماماً بالحماس حيال القيادة التي انتخبها الإسرائيليون، وينتظر الفرصة السانحة بأن يظهر أي أبله ليشجعه على طول الطريق في تحقيق حلم إسلامي عاصمته القدس. إن كان يأمل “كيدار” إبان كتابته لهذا المقال أن يسرق سقوط “مرسي” هذا الحلم، فإن النضال الأمريكي أمام إسرائيل في قضية التوصل لاتفاق مع إيران يُبدِّد هذا الأمل. في اللحظة التي نتناول فيها شطائر البرجر ذو الحجم الكبير، ونتحدث بلغة عبرية منمقة عن قضية “أوباما” و”نتنياهو” ومن هو المسئول أكثر عن التوترات التي نشأت، من الأفضل أن نصطحب وجبة الأرز الفارسي المتعفنة إلى منازلنا ونقوم بتتبيلها بتوابل إسرائيلية مناسبة، بالملح والفلفل بحسب الطعم الذي نريده.
من دون رقعة صفراء* ومن دون كَتُّونة*
إذاً كيف مع كل ذلك، كثير من الإسرائيليين لا يشعرون بالراحة بسبب هذه التوترات القائمة مع الولايات المتحدة، ويميلون إلى إلقاء اللوم على “نتنياهو”؟، يكمن السبب في ذلك، من بين أسباب أخرى، أن التهديدات المفزعة التي يتخوف منها “نتنياهو” في القضية الإيرانية تبدو منفصلة عن الواقع. ليس لأنها غير منطقية، وليس لأن تصريحات طهران الواضحة بخصوص التطلع إلى نسف إسرائيل من الوجود غير صحيحة: بل لأن كل شيء واضح ومكشوف على الطاولة. ولكن مع كامل احترامي، لا تبدو أحداث النازية على هذا النحو.
بل إن الأحداث النازية الحقيقية تأتي برقعة صفراء وكتُّونة مُخَطَّطة. فهي تبدأ بنظام يحتل البلاد التي تعيش أنت فيها، ولا تلقي التحيات من على بعد عدة آلاف من الكيلومترات. لا تقع الأحداث النازية حينما توجد شمس مشرقة ومبهجة، أو حتى نشعر بالشتاء في منتصف أبريل. وحتى ليلة البلور*؟ وحتى الجيتوهات اليهودية؟ أجل، سمعنا عن مدينة هيروشيما وكل ذلك، وعقلنا يدرك ذلك، ومع ذلك فالعاطفة تتطلب تذكرة سابقة.
إذهب لتفهم كيف في يوم واحد، في لحظة واحدة، قنبلة واحدة بإمكانها أن تدمر هنا نصف دولة أو أكثر. إذهب لتشرح لنفسك في الحياة اليومية، بين طيّ الغسيل وجلسة المدراء، بأن كل ما يشغلنا هنا يمكن أن يختل بشدة. فجأة، في يوم واحد. من دون سابق إنذار، ومن دون حذاء عسكري ثقيل أسود، وصور”ريتشارد ڤاجنر”معلقة على الحوائط، وأحداث نازية رقمية، تبدأ بضغطة زر وتنتهي بسحابة العفن. في الأسبوع الذي احتلفوا فيه بيوم ذكرى المحرقة النازية، التي تحمل في طياتها ألفي سنة من الاعتداءات وقتل اليهود أينما كانوا، يجدر تكرار هذا الوعد: لن يحدث ذلك ثانية. مهما كانت الظروف.
هيليروس
أنا أقر، بأنني كنت في البداية مؤيداً له. وها أنا ذا، اعترف بذلك. لا تنظروا إليّ هكذا، فأنتم أيضاً لم تكونوا معارضين له حقاً. وقد فعل الزمن فعلته وأصبح من الصعب أن تتذكروا، لكن “أوباما” كان بشرى خيرة. ليس بسبب مواقفه أو أيديولوجيته، وليس حتى بسبب عصف الرياح الطليقة والسلسة التي أتى بها بعد سنوات من الملل والركود في عهد “بوش” الابن. ليس من الجيد أن نعترف، ولكن “أوباما” كان ببساطة بشرى خير لأنه كان أسمر البشرة. نعم. أسمر البشرة. وكونه مستضعفاً، ففرحته – من فرحتنا.
قصة سندريلا الخاصة بـ”أوباما” كانت مشوّقة وملهمة. فقد احتشد مئات الآلاف في يوم حلفه لليمين الرئاسية للمشاهدة عن كثب تجربة الازدهار والنجاح – بالطبع ليست تجربته بل تجربة المجتمع الأفرو-أمريكي في الولايات المتحدة. صحيح أن والدة “أوباما” هي إنجليزية الأصل وامرأة بيضاء، كما لا تربطه علاقة تماماً بأخوته الكينيين، لكنه كان يمثل رمزاً لكسر احتكار البِيض للسلطة في واشنطن العاصمة. فماذا نحتاج أكثر من ذلك؟.
هذا الأسبوع استيقظت سندريلا أخرى تماماً، وأصبحت تسعى إلى نيْل تاج إمارة خاص بها. حينما بدأت “كلينتون” رحلتها الطويلة والمدعمة بتمويل جيد في اتجاه البيت الأبيض، وهي تغمز بطرف عينيها إلى الطبقة المتوسطة بقولتها “أين المال”؟. إضافة إلى أنها لا تغفل في هذا الإطار أن توضح أنه قد حان الوقت بأن تتولى امرأة لرئاسة الولايات المتحدة. لا، لقد انتهى الأمر. لسنا مضطرون إلى أن نعيد التجربة مجدداً. فقد أثبتت قصة “أوباما” أنه مع كامل الاحترام للمقولة الاجتماعية في الناحية العرقية أو الجنسية للمُنْتَخب، فإن خلاصة القول هي أن على المواطن أن ينتخب مرشح لإيمانه بمذهب معين، وليس لانتمائه إلى عرق أو جنس. وإن اتضح بأن “أوباما” مسبب للضرر، فلن تكون هناك أية فائدة فى أنه قد أثَّر فينا في مراسم بمشاركة جماهيرية حاشدة منذ وقت بعيد في بداية فترة حكمه.
قوبل تصريح “كلينتون” هذا الأسبوع بحماسة في إسرائيل وفي بلدان أخرى في العالم، ولكن في هذا الجانب أيضا حدثت نقطة ارتداد. فالسيدة التي كانت طيلة سنوات تتواجد في مراكز القوى التي ترمز للفساد والبورجوازية الطافحة في الولايات المتحدة، نجحت في أن تثير قلق وسخط الأمريكان. وحتى الخسارة الحارقة لـ”أوباما” قبل فترة رئاسة ونصف لم تضف لها رصيداً. وحتى عندما قادت “هيلاري” حملة انتخابية ممولة بمليارات الدولارات، هناك من أوضحوا بأنها باتت بضاعة مستعملة وهالكة، وأن الماركة “كلينتون” لم يعد عليها طلب شرائي كما في السابق.
أول رئيسة في الولايات المتحدة قد تكون بشرى كبيرة، لكن يجب أن تأتي تلك البشارة من الشخص المناسب في المكان المناسب. ربما ذلك لا يثير حماسة ولا يملس المستضعف المدفون داخل كل واحد منا، ولكن حتى نخدم مصالح إسرائيل وربما أيضا الولايات المتحدة، فالمعترك الانتخابي على الرئاسة الأمريكية يستلزم إنهاؤه مع ذلك برئيس أمريكي آخر من دون قصة فريدة بذاتها. اتركوا سندريلا للأساطير، والرئاسة النسوية الأولى للولايات المتحدة أتركوها للجديرة بها.
**********
* يأتي الفادي إلى صهيون }سفر إشعياء 59:20{
* الرقعة الصفراء (التي كان أعداء اليهود يحتمون على كل يهودي أن يلصقها على صدر ردائه أثناء الحكم النازي للإساءة إليهم).
* الكتونة (وهي القميص الذي يلبسه الكاهن).
* ليلة البلور (بالألمانية: Kristallnacht) مصطلح يستعمل للإشارة إلى عمليات نظمها ونفذها النازيون ضد مصالح وبيوت يهودية في ألمانيا بين التاسع والعاشر من نوفمبر 1938، حيث قامت قوات من الشرطة وقوات الأمن الألمانية بتحريض النازيين على القيام بأعمال ضد اليهود أينما تواجدوا في ألمانيا، فقام الألمان بالهجوم على الكنس اليهودية والمتاجر والمحلات التابعة لليهود ودمروها وأحرقوها في الليلة المذكورة، وأُطلق على هذه الليلة هذا الاسم لكثرة الزجاج الذي تكسر فيها.