نير شولب

جبال القلمون الواقعة على خط عرض مع بيروت، هي سلسلة جبلية تفصل بين سوريا ولبنان. ويتميز الجانب السوري بأغلبية سنية وفي جانبه اللبناني هناك أغلبية شيعية. تلك الجبال تهيمن على جزء كبير في لبنان. أقام تنظيم حزب الله منطقة عازلة بين سوريا ولبنان في عام 2014 بعد سلسلة عمليات إنتحارية في معاقله. وإتضح أن إقامة المنطقة العازلة كانت فكرة سديدة حتى الآن. فكان لحزب الله ورقة إعلامية رابحة في العمق اللبناني.

زادت التوترات بين الشيعة والسنة في السنوات الأخيرة. فقط لتطرب أذنك بأعداد القتلى والجرحى، منذ عام 2012 قُتل في المواجهات في لبنان حوالي 360 شخص وحوالي 2.000 مصاب. وُصف الصراع في الصحف اللبنانية بأنه صراع بين “معسكر الـ14 مارس” السني وبين “معسكر الـ9 مارس” الموالى للشيعة. سافر هذا الأسبوع الحريري الإبن (الذي قُتل أبيه على ما يبدو بواسطة رجال الأسد) إلى واشنطن لطلب المساعدة وإنقاذ لبنان من حرب أهلية أخرى – فالقلق في لبنان حيال ذلك كبير.

قلق له ما يبرره. تسيطر قوات السنة (بمساعدة تركيا والسعودية) على المدن الحدودية يبرود وفليطا ومعلولا (بالمناسبة، تتحدث المدينة اللغة الآرامية ويعرف سكانها قراءة العبرية القديمة – التي إنقرضت الآن) وهناك معارك دائرة على القرى القريبة. وتفيد تقارير مختلفة بأن حزب الله أخلى أغلب مواقعه في منطقة القلمون ولا يستطيع صد القوات السنية.

الأهم من ذلك في الأيام القليلة الماضية بدأ المتمردين السوريين يسيطرون على جزء من الطريق الإستراتيجي في المنطقة الذي يربط دمشق القريبة بالشمال وبذلك يعزلون الأسد وأصبحت دمشق مطوقة. بالطبع اي شئ يمكن أن يحدث ولكن في اللحظة التي تسقط فيها جبال القلمون في يد السنة ستكون منطقة البقاع الشيعية التي تقع في الجانب اللبناني من الحدود معرضة للهجمات وفيديو كهذا يمكن أن تجده الآن على شبكة الأنترنت.

لذلك ألقى “حسن نصر الله” خطاب “بكّائياً” على حد قول الحريري الإبن. فأمين عام حزب الله في حالة من الضغط الشديد المُمارس عليه من كل الإتجاهات: الإيراني والداخلي اللبناني والعسكري (بلغ عدد حزب الله في بداية الحرب في سوريا حوالي 10.000 جندي، ومن بينهم حوالي 4.500 فى سوريا، وحوالي 1.000 قُتلوا أثناء القتال).

هل إيران جديرة بالسيطرة الهادئة والفعلية؟

وما دخل الولايات المتحدة الأمريكية بكل هذا؟ ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن القوة الشيعية هي التي يمكنها السيطرة على المنطقة (يبدو أن مصلحة الأمريكيين في الشرق الأوسط هى الهدوء النسبى، وهو ما يتيح مرور حاويات النفط في اليمن ولكن من ناحية أخرى إبقاء مصدرى النفط الكبار وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية في توتر مستمر). وعلى ذلك، فمن ناحية البيت الأبيض لإيران الحق فى سوريا والعراق (وبالمناسبة، وفقاً لنفس المنطق للسعودية حق فى مضيق باب المندب في اليمن).

توجد إيران تحت ضغط كبير لتثبت للعالم الغربى أنها حقاً جديرة بالسيطرة المتروية والحقيقية في الشرق الأوسط ولذلك تستحق الإحترام الموجه لها في المحادثات النووية. وتحت هذا الضغط لن تكون لها أي إختيار إلا زيادة الضغط لفك الحصار (المؤقت) عن الأسد وإنقاذ لبنان (وايضاً في اليمن المصلحة مماثلة).

إذا نجحت ستثبت طهران قوتها للعالم ولكن إن فشلت (بمعنى أن تبدأ حرب أهلية موسعة في لبنان) ستنجح تركيا والمملكة العربية السعودية وأعداء إيران في إثبات أن إيران هي بطل من ورق (من الواضح أن ذلك لن يثنى أوباما عن مشروعه الذي أعلن عنه اليوم وهو رفع العقوبات المفروضة على إيران مرة واحدة، ولكن هذا سيمنح السياسيين الإسرائيليين والفرنسيين سلاحاً ضد إلغاء الإتفاق).

حالياً لبنان على وشك السقوط. وبالمناسبة، قال خامنئي هذا الأسبوع: “أخطأ السعوديين بهجومهم على اليمن… نفذت الحكومة السعودية في الأيام القليلة الماضية في اليمن جرائم مشابهة لما فعله الصهاينة في غزة… سيتضرر السعوديين بلا شك في هذه الحالة ولن ينتصروا بأي شكل من الأشكال…”