22-4-2015

تسفي برئيل

دولة ساخطة وغاضبة وخائفة ومنقسمة وبها كراهية تحتفل بعيد إستقلالها. دولة بلا حدود حيث قدمها عالقة في حلق شعب آخر وتحتفل بنجاحها في الوصول إلى العام 67.

يوم الإستقلال هو عيد إسرائيلي أي عيد يهود إسرائيل. كأنه عيد ديني. لأن الدولة المستقل لازالت تدير “حرب على البقاء” ضد حوالى خمس (20%) مواطنيها. وعلى الرغم من أن هذه الدولة قد حظيت بالإعتراف الدولي إلا أنها تتصرف كما لو أنها مرشحة لهذا الإعتراف من جديد. وكأن هذا المجتمع الذي صدق على استقلالها من الممكن أن يلغي إعترافه بها أو أن يضر بسيادتها.

تختلق إسرائيل في كل مرة إختبار جديد من أجل اختبار ولاء نفس المجمتمع الدولي حيال قراره. على سبيل المثال إنكارها الوجود الفلسطيني هو إختبار عالمي للإعتراف بحق إسرائيل في الوجود. بمعنى أنه من يدعم الدولة الفلسطينية يستنكر حق إسرائيل في الوجود.ليقال أن من يدعم دولة فلسطينية يكون معارضاً لوجود إسرائيل.

حسناً، إن أغيار العالم تلقائياً متهمين بكراهيتهم لإسرائيل. ولكن هذا أيضاً إختبار لليهود في إسرائيل وفي العالم. هنا السيف يفصل بين عالمين، فدعم الإستقلال الفلسطيني ينفى صفة الصهيونية عن اليهود الإسرائيليين وعن اليهود غير الإسرائيليين على حد سواء. ومن ليس صهيونياُ تعتبر الدولة يهوديته غير مكتملة. حيث أن الصهيونية هي أساس اليهودية السياسية داخلياً وخارجياً، ومن دونها لا يوجد سبب لوجود دولة ككيان قومي وليس فقط ديني.

ولكن لا تكتفى إسرائيل بتحقيق الحلم الصهيوني فهي تسعى إلى أن تكون دولة الملجأ لكل يهود العالم. والمشكلة هي أنه بوصفها دولة صهيونية، يراها فقط اليهود الصهيونيين في إسرائيل دولة الملجأ. يُعتبر يهود فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا الذين يتبنون بلد قوميتهم كأساس الهوية الأول الخاص بهم وأحيانا الأساس الوحيد، يعتبرون غير صهيونيين ومعادين لإسرائيل فى الوقت ذاته، كهؤلاء الذين يزعزعون مبرر قيام دولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي.

التناقض الكامن في هذه المعادلة هو أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تحتاج للإعتراف المزدوج، ذلك الإعتراف الدولى الذى تضمنه، وذاك الخاص بالشعب اليهودى، وهو الجزء الذى لم يرى نور الصهيونية بعد.  هذا التناقض يعتبر كحجر الرحى على رقبة كل يهودي يعيش خارج إسرائيل سواء كان “يهودي نازح” أو  يهودي لا ينوي “الهجرة إلى إسرائيل”. فكلاهما يخون فكرة الدولة اليهودية. فهو لايهدم فقط الأساس الديموجرافي المطلوب للحفاظ على الأغلبية الصهيونية في إسررائيل، ولكن أيضاً يزعزع مبدأ “دولة اللجوء” ويزعزع هذا الإدعاء نفسه، الذي وفقا له إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي فيها يهود يستطيعون تحقيق يهوديتهم. وإلا ماذا سيكون المبرر لدولة اللجوء إذا أدار العملاء المحتملين ظهورهم لها.

تلازم عقدة الهوية الدولة منذ إقامتها وهذا يؤجج المطاردة التى لا تهدأ أبداً، والتى تقوم بها الدولة حول الإعتراف بسبب وجودها. ولكن هذه المطاردة تزيد الشك. هل الدولة عندما تكون غير متأكدة من هويتها يمكن إعتبارها مستقلة؟ هل دولة شعب لم تنجح أن تقنع أغلب شعبها بالعيش على أراضيها يمكنها تعريف نفسها بدولة الملجأ وعلى ذلك تبني سبب وجودها المستقل؟

لا تثار تلك الأسئلة في أي دولة أخرى. لأن الدول المستقلة هي دول مواطنيها “كل مواطنيها” وأيضاً هؤلاء الذين لهم جذور عرقية ودينية في أماكن أخرى. وفي المقابل فإن دولة تربط حق وجودها بولاء يهود وهم مواطنين في دول أخرى سيكون من الصعب عليها حتى، أن تقنع نفسها بإستقلالها. وستظل تشكك في قدرتها على تحقيق رؤيتها. سيكتمل إستقلال إسرائيل حين توافق على الإعتراف بإستقلال يهود الشتات وبحقهم في تقرير أين يعيشون وتكتفى بكونها دولة الإسرائيليين، هؤلاء الذين يعيشون داخل حدودها السيادية التي أعترف بها المجتمع الدولي.