22-4-2015

أوري ريدلير

إن الطريق الذي سارت فيه إسرائيل منذ إقتصاديات الهستدروت وتقشف قيام الدولة وصولاً إلي الجنة والحرية الإقتصادية التي تعيشها إسرائيل الآن كانت مليئة بالتحديات والعقبات. وبفضل ستة أحداث إقتصادية أصبح لدينا ما هو أكثر من وطن … شجرة وطريق وجسر في أرض إسرائيل.

بمناسبة يوم الإستقلال تبين لي أن هناك عناية إلهية تحفظنا وعلى أقل تقدير توجد عناية إلهية إقتصادية فمن الصعب أن نفكر في طريقة أخرى لشرح كيف تحولت دولة صحراوية صغيرة فقيرة، معزولة ومزدحمة إلي أحد أكثر الدول نجاحاً، وإبتكاراً والأسرع نمواً والأكثر ديناميكية في العالم.

وليس فقط لأنه توجد عناية إلهية وإنما يتضح أيضاً أنها تمتلك حس فكاهي جيد، والذي إتسم بأنه الأكثر مثالية، وبكلمات آخرى، أنه بالإضافة إلي العزلة فقد إهتم الرب بحكمته المتناهية في أن يحرم دولة إسرائيل من الموارد الطبيعية (بإستثناء الرمال والكوليرا التي توفرت وبكميات كبيرة) وملئها بالمهاجرين المفلسين، وأحاطها بالأعداء، وأبعد عنها الأصدقاء، وقسمها من الداخل إلي العديد من القبائل، وكفل لها أن تكون في صرعات حدودية دائمة مع من حولها، لذا فليس ثمة أشياء سيئة من الممكن تلقيها إلا وتلقتها إسرائيل وبكمية مضاعفة !

وبذكاء شديد تم هذا الأمر، فمن المعروف أن السياسيين في كل بلد يتصرفون وفقاً لأفضل السياسات الصحيحة مُهمشين كل الخيارات الآخرى، ففي الدول الآخرى يوجد خيارات أخرى عديدة. فقد إستهلكت اليونان مقاييس اليورو عبر القروض التي أخذتها لمدة 14 عام. وبريطانيا كان من الممكن أن تستهلك مواردها وتُفقر نفسها طوال النصف الأول من القرن العشرين، كما إمتنع السويديين عن أي عمليات إصلاحية لمدة 16 عاماً(1976-1992) وذلك بفضل الثراء الذي حققوه نتيجة العمل الجاد، بينما تقوم الولايات المتحدة بطباعة المزيد من الدولارات وتوزعها في أنحاء العالم لتغطية عجزها خلال الـ 35 سنة الماضية.

ولكن لأن إسرائيل تعيش ظروفاً مختلفة فقد حُرمت من كل الخيارات الأخرى، ووضعها في موقف هامش المناورة فيها أصغر من ” كتاب أحباء صهيون في النظام الإيراني” فعندما ترتكب إسرائيل خطئاً إقتصادياً كانت العقوبة تأتي سريعة وخاطفة مثل الصفعة التي قد تتلقاها في أي مدرسة دينية.

لذا فقد كان الوضع في إسرائيل أن أغلب الإصلاحات والتغييرات الإيجابية الهامة قد وقعت في أعقاب أزمة وصفعة إقتصادية قوية، وخلال وقت قصير أدركت الحكومة الإسرائيلية أنه لن يساعدها أحد وأنها يجب أن تختار الطريق الصحيح، وعلى الرغم من صعوبته إلا أنه أثمر عن نتائج جيدة.

  • دعونا نعيش في هذا الوطن

إن الإدارة الإقتصادية لإسرائيل في سنواتها الأولى كانت جنونية، حيث تلاحقت أعمال الفساد، مثلها كمثل محاولات قمع هذا الفساد، وكانت الإدارة الإقتصادية تتم بواسطة مجموعة من الهواة، وقامت الحكومة بطباعة المزيد من أوراق النقد وذلك كي تغطي نفقاتها مما خلق تضخماً كبيراً وأدي إلي تضخم العجز أيضاً بشكل كبير- ولكن كل هذا تضاءل أمام نظام التقنين والذي عُرف بإسم التقشف.

لقد كان التقشف الذي يُعد الإبن لسياسة الغباء الإقتصادي شائعاً جداً في هذا التوقيت- حيث أن ما يجب أن يكون هو إدارة الإقتصاد بواسطة دعم السلطة المقنن لمجموعة من المنتجات. لذا لم يكن إفتراضياً أن تم تعيين دوف يوسيف وزير الدعم المقنن آنذاك والذي ذاع صيته بعدما قام بتوزيع المنتجات المدعومة من الغذاء على مواطني القدس والناصرة. ولكن ما تم قبوله بالترحاب وإن كان جزئياً في أوقات المعركة أصبح فشلاً كلياً في أوقات السلم. فقد إمتلأت إسرائيل بالبيروقراطية والطوابير والسوق السوداء والإشاعات والغش وعمليات مراقبة المواطنين وتفتيش المنازل والآف الدعاوى القضائية أمام الشرطة وباقي أشباح الأنظمة الشيوعية المعروفة.

وفي الإنتخابات البلدية في نوفمبر 1950، خاض الحزب الصهويني العام –الحزب الليبرالي آنذاك-الإنتخابات رافعاً شعار دعونا نعيش في هذا الوطن، مؤكداً أنه سيعمل من أجل الإطاحة بنظام التقشف الشرير، لذا قام الشعب في المدن بالهرولة والتصويت له وفاز الحزب بإنجاز منقطع النظير حيث كان هناك فرق بينه وبين الحزب الحاكم الماباي 2.5 % فقط .

لقد قال الشعب كلمته وتلقى حزب بن جوريون الحاكم لأول مرة إشارة من جانب الشعب، إن دوام الحال من المحال، إن النتيجة النهائية للإنتخابات وقبول هذا الشعار ليس إلا بمثابة إعتراف بالحزب الجديد وفرض على الماباي أن يولى أهمية للرأي العام ووجهة النظر الشعبية، الذي لم يكن يعتنق نفس المبادئ الإشتراكية لرؤساء الحزب. لقد فاز الشعب وتم إلغاء نظام التقشف تدريجياً في السنوات اللاحقة، وتُرك الشعب ليعيش في هذا الوطن.

  • مقتل رمز المال

في 23 فبراير 1984 أقدم يعقوب ليفنسون على الإنتحار. وقد كان ليفنسون مرشحاً قبلها بسنوات قليلة لمنصب وزير المالية عن حزب العمل حيث كان يُعد أحد أقوى الرجال مالياً في البلاد آنذاك وعندما أثيرت حوله بعض الشبهات بشأن مخالفات مالية إنهار ليفنسون وإنتحر حيث قال ” ليس لدي القدرة على القتال” قبيل موته بعدة أيام.

ليفنسون هو إبن جرشوم ليفنسون والذي شغل منصب أمين عام صندوق الهستدروت وبرزت كفاءته كرجل مالي في بداية طريقه مديراً للقسم الإقتصادي في شركة العمال وذلك عندما وضع خطة سندات الدين الدوارة. هذه الطريقة التي قام مُشغلي الهستدروت بإستخدامها لسرقة أموال صناديق العاملين في الهستدروت، لقد كانت الفكرة عبارة عن خدعة رائعة وتم إستغلالها بشكل جيد من قبل المُشغلين وإستمروا في هذا السلوك المُشين لمدة كبيرة أدت في النهاية إلي إفلاس مستقبلي لصناديق التقاعد الخاصة بالهستدروت، ونقوم نحن إلي اليوم بسداد هذا الدين الذي وصل إلي 120 مليار شيكل.

إن الخدعة المالية الناجحة التي قام بها ليفنسون جعلت منه رئيساً لبنك “هابوعليم” وهنا قرر ليفنسون أن يقوم بخدعة مالية جديدة ألا وهي التأمين الترابطي وأثمرت هذه الطريقة عن إتفاق بين الحكومة وبنك “هابوعليم” يقوم بمقتضاها بنك “هابوعليم” برئاسة ليفنسون بإعطاء قروض لشركات الهستدروت، وتقوم الحكومة بمقتضى التأمين الترابطي بضمان هذا القرض لذا تصبح الحكومة مُلزمة بدفع الفجوة بين إجمالي المبلغ المتكدس وقيمة القرض الحقيقية، لذا كانت هذه الطريقة بمثابة تمويل حكومي خفي لإتحاد الهستدروت مع عمولة ليست بالصغيرة لبنك “هابوعليم”، وعندما بدأ التضخم في التسارع أكثر من المعتاد تحولت هذه القروض لمنح على نفقة الدولة.

الفكرة القادمة لليفنسون كانت عبارة عن لعبة هرمية: فقد قام بنك “هابوعليم” الذي كان يترأس مجلس إدارته ببدء مشروع لزيادة أسهم البنك، وذلك كي يضمن زيادة دائمة في نسب أسهم البنك كي يجتذب المزيد من رؤس أموال المستثمرين، هذه الأموال بدورها إستُخدمت كقاعدة لزيادة أفرع البنك بشكل هائل وشراء المزيد من البنوك ومنح البنك المزيد من القروض للجمهور وبالطبع إستمر تشغيل نظام زيادة الأسهم. وبمضي الموقت إنضم إلي الإحتفال بنك ديسكونت (ثاني أكبر بنك في إسرائيل) والجدير بالذكر أن البنك الوحيد الذي إمتنع عن الإنضمام لهذا الإحتفال هو البنك الدولي.

إن تشغيل الأسهم (التي أطلق عليها رجال البنوك : الرعاية) إجتذبت المزيد والمزيد من موارد البنوك وخلقت فقاعة؛ حيث طلب من رجال البنوك أن يدعموا العملية وهو أمر غير ممكن عملياً على المدى الطويل، ومثل أي لعبة هرمية فقد كانوا مجبرين أن يجذبوا إليهم المزيد والمزيد من أموال المستثمرين وعندما بدأ تدفق هذه الأموال في الإضمحلال إضطر هؤلاء –رجال البنوك-أن يقوموا بضخ مدخراتهم في إسرائيل والخارج كي تستمر الشعلة. وفي نهاية السبعينيات كان من الواضح أن الأمر سينتهي ببكاء مرير وعلى الرغم من ذلك لم يبذل أي شخص جهداً لوقف هذا التدهور قبل إنفجار الفقاعة حتى ليفنسون نفسه، وكانت النتيجة النهائية إنهيار أسهم البنك في 1983، وقيام الدولة بتأميم أموال رجال البنوك المفلسين وفقدان جزء كبير من ممتلكات الشعب.

هذا الفشل المدوى –وليس إنهيار البنوك- لم يكن هو السبب في إنتحار ليفنسون، ففي الواقع ليفنسون شأنه شأن كل مديري البنوك ورجال وزارة المالية والعاملين في بنك إسرائيل -المسئولين عن التقصير المؤدي إلي هذا الإنهيار- كانوا مقتنعين تماماً أنه لم يشوب طريقة إدارتهم أي خطأ. فعلى ما يبدو كانت سقطة ليفنسون في إختياره “جيورا جازيت” ليشغل منصب مدير عام بنك “هابوعليم” والذي تبين في وقت لاحق أنه لم يكن مطيعاً كأسلافه مثل “نفتالي بلومنتال” و”افرايم رينيير” وبدأو في فضح بعضهما البعض في كل ما يتعلق بفضائح الهستدروت أمام الجميع.

ومع هذا، فإن حقيقة إثارة الإتهامات ضد ليفنسون كانت بسبب خطأ واحد، مثلما قال مساعد الرئيس نيكسون، سبيرو أجينو ” ولهذا قاموا على نحو مفاجيء بتغيير قواعد في منتصف اللعب”. كان هذا هو ما أدى إلي إنتهاء حقبة الإدارة الفاشلة والفاسدة للهستدروت، إنتهت حقبة كان رجال الحزب الحاكم يتجولون فيها بحقائب متخمة بالدولارات من أجل الحزب كعمولة من صفقات حكومية. والأهم من كل شيء إنتهاء حقبة تم فيها دعم وإخفاء مثل هذه السلوكيات لقد تغيرت القواعد بالفعل.

  • الأزمة الكبري (1985-1986)

إن الكساد الإقتصادي الأخطر على الإطلاق في تاريخ دولة إسرائيل هو إنهيار السياسات الإقتصادية الإسرائيلية التام منذ نهاية الستينيات وحتى منتصف الثمانينيات الأمر الذي خلف معاناة كبيرة ولكنه أدي إلي تحول إيجابي منقطع النظير في التاريخ الإقتصادي لدولة إسرائيل.

لقد أدت هذه الأزمة إلي تغيير جذري في طريقة إدارة ميزانية الدولة، تحولاً من فوضى عارمة إلي طريقة معتدلة قادها وزير المالية موشيه نسيم والميزانية المتوازنة عام 1987 والميزانية شبه المتوازنة عام 1988 وبالتوازي مع ذلك مر الإقتصاد الإسرائيلي بتغيرات دراماتيكية عديدة : فقد إنهارت جميع شركات الهستدروت الفاشلة والتي كانت تُسهم في وقت سابق بشكل كبير في الإقتصاد كما إنهارت أيضاً الصناعة الكيبوتساتيه والتي كانت تعتمد على مساعدات مستمرة من الدولة وإختفت بسرعة الشركات الصناعية القائمة على الدعم الحكومي.

لقد وُلدت الصناعة الإسرائيلية من جديد ولكنها هذه المرة أكثر نحافة وأكثر ذكاءاً ليست مدعومة ولا تحمل طابع الهستدروت، هذا كله بفضل إنهيار واحد عظيم.

  • بيع ICQ وكسب الكثير من المال

في يونيو 1998 بعدما تضخمت فقاعة الإنترنت في الولايات المتحدة أعلنت شركة أمريكا أون لاين ،والتي تُعرف بأنها من كُبريات مشغلات خدمات الإتصال في العالم، عن شراء شركة ميرابيليس الإسرائيلية التي قامت بتطوير برنامج الرسائل الفورية ICQ، مقابل 407 مليون دولار، وبعد مرور 16 عاماً ومرور الكثير من البايتس في قنوات الإنترنت وإنفجار فقاعة الإنترنت حيث لم تعد أمريكا أون لاين أو ICQ عوامل مؤثرة في الخريطة التكنولوجية، إلا أن ميرابيليس ستظل رمزاً وعلامة على كل ما حدث في تلك الفترة.

لقد مثلت عملية بيع ميرابيليس للعديد من الإسرائيلين العلامة على أهمية ما يمكن أن يسفر عنه التطور في التكنولوجيا العالية من عوائد مالية ضخمة، الأمر الذي جذب العديد من رجال الأعمال إلي هذا المجال وحول إسرائيل إلي رائدة عالمية فيه. وإذا نظرنا إلي معطيات إستثمارات رأس المال الإجمالية لعام 2014 نستطيع أن نرى أن إسرائيل تجذب إليها 1.7 مليار دولار سنوياً وهي نسبة تمثل 3.5 % من إجمالي ما يتم إستثمارة في العالم في هذا المجال وهو من أكبر نسب الإستثمار العالمية وإذا إستخدمنا نفس المصطلحات السكانية نستطيع أن نقول أن هذه النسبة هي ضعف ما يتم إنفاقه في الولايات المتحدة على هذا القطاع و25 ضعف مما تنفقه ألمانيا وبذلك فنحن ننافس أي دولة أخرى في العالم في هذا المجال بإستثناء الولايات المتحدة الأمريكية وكل هذا لا يتضمن بالطبع قيام معظم الشركات الرائدة في العالم في مجال التكنولوجيا مثل إينتل وأبل وجوجل بتشييد مراكز تطوير لها في إسرائيل.

العيب الوحيد الذي يمكن أن نجده في هذه الصورة هو أن بيع ميرابيليس يؤسس لإتجاه جديد هو البناء المتسرع وغير المتدرج للقوة التكنولوجية والإقتصادية مثلما سيحدث في نموذج بيع شركة إكزيت المرتقب. فإلي هذه اللحظة لا يوجد في إسرائيل العديد من الشركات مثل “تشيك بوينت” التي تمثل نموذجاً لشركة إسرائيلية مستقلة عمرها سنوات عديدة والعديد من الشركات السريعة مثل “وايز”.

يجب أن نُذكر بأن هذه القصة قد حدثت في الأوقات الحالكة التي لم يكن فيها لدى الحكومة الوقت أو الرغبة أو المال في أن تقوم بالإستثمار في هذا المجال، إن النمو التكنولوجي في إسرائيل لم يحدث في الأساس بسبب عدم وجود تدخل حكومي وإنما حدث في الواقع بسبب عدم تدخل الدولة.

  • الطرق المؤدية إلى الضواحى :طريق رقم 6

لقد كانت فكرة بسيطة وواضحة، تمهيد طريق جديد قليلاً إلي داخل الدولة، يمر كعمود فقرى يربط بين الشمال والجنوب والوسط، وبذلك تقترب الضواحي من مركز الدولة وتُصبح أكثر جاذبية ويكون الإنتقال من الشمال إلي الجنوب بواسطة المرور في إنبوب واحد طويل مما سيجعل الأمر أكثر سرعة وراحة لقد أحبت الحكومة الفكرة وبدأت بالفعل في بداية الستينيات بالتخطيط للأمر.

وبعد مرور 35 عام وصلت الحكومة إلي نتيجة عقيمة مفادها أنها عالقة ولا تستطيع تنفيذ مثل هذا المشروع ومع بالغ الأسف يجب أن تقوم بمنح المشروع لشركة خاصة كي تنفذه وفي عام 1999 بدأت شركة “ديرخ ايرتس” بتمهيد وإنشاء الطريق الجديد “طريق برسوم خاصة” وفي عام 2002 تم تدشين الجزء الأول وفي عام 2003 بدأ الطريق في تحقيق الإيرادات، وكانت التوقعات تُشير إلي أن الطريق سيخسر في أوقات معينة وبالأخص في سنواته الأولى لذا تم تضمين فقرة في الإتفاق أن الحكومة ملزمة بدعم هذه الخسارة، إلا أنه وفي واقع الأمر حققت الدولة إيرادات محترمة من الرسوم المفروضة وكذلك بيع أجزاء من هذا الطريق كحق إنتفاع منذ عام 2007.

لقد تم إكمال هذا المشروع على خلفية معركة شرسة مع حماة البيئة صاحبتها إتهامات غريبة (مثلما جاء في موقع ميدا سابقاً) بأن الأمر –تشييد الطريق-ينطوي على مخاطر صحية عديدة من تلويث لخزانات المياه الجوفية إلا أن هذه الإتهامات كلها لم تكن مبررة حيث لم تكن تزعجهم أي عمليات مد إضافية لهذا الطريق وفي وقت لاحق إتضح أن هؤلاء –حماة الطبيعة- يفضلون موقعاً قروياً يقضون فيه عطلة السبت على مصلحة ملايين المواطنيين الذين يسكنون بعيداً عن المركز، وقد فشلوا لحسن حظ مواطنى إسرائيل، وتم تنفيذ المشروع.

  • من الأزمة وحتى التعافي : إصلاحات 2003

إن الأزمة العالمية في أعقاب إضطرابات فقاعة الدوت كوم في الولايات المتحدة والإنتفاضة الثانية والإسراف المالي أدت إلي أزمة حادة في إسرائيل. إن ما إكتسبه الإقتصاد الإسرائيلي من مجد في الـ 2000 لم يلبث أن تدهور بشكل رهيب خلال العامين التاليين مع أقساط متراكمة وصلت إلي 49% مقارنة مع الناتج المحلى خلال خمس سنوات، مما مثل طفرة في عجز الميزانية وإنخفاض في الناتج المحلى، ولم يكن أمام الحكومة سوى العمل.

وكانت خطة العمل تقوم في الأساس على إقامة حائط دفاع إقتصادي يؤسس له وزير المالية آنذاك سيلفان شالوم وأن يلي ذلك تطبيق خطة لإنعاش إسرائيل إقتصادياً برئاسة بنيامين نتنياهو تم فيها تخفيض الميزانية وتخفيض الضرائب وتحديد ضرائب على الشركات ورفع سن المعاش وتخفيض رسوم الإنتقال وكذلك تخفيض مخصصات الأطفال.

لقد فاقت النتيجة أكثر التوقعات تفاؤلاً، وسنذكر هنا مثالاً واضحاً على ذلك ألا وهو نسبة العاملين إلي مجموع القوة القادرة على العمل في إسرائيل، والذي كان راكداً على مدار سنوات عديدة، ففي عام 1955 كانت النسبة تمثل 53.56% من إجمالي القوة البشرية القادرة عل العمل وهي من أعمار 15 عام فأكثر، وفي عام 2002 إستقرت النسبة عند 54.1% محرزة تقدماً بسيطاً إلا أنه في عام 2013 تم تحقيق طفرة لتصل النسبة إلي 63.7% (النسبة تتضمن زيادة طفيفة وذلك نتيجة بعض المتغيرات في القياس) هذه الزيادة المشهودة قد تحققت على مستوي العمل بدوام كامل وكذلك بدوام جزئي.

لقد كان لبرنامج الإنعاش الإقتصادي في إسرائيل فائدة غير مباشرة ففي الوقت الذي شاركت فيه دول العالم في الإحتفال بفقاعة العقارات في الفترة ما بين 2005: 2007 كانت إسرائيل تلعق جراحها إثر خطوات تحجيم الميزانية، ولذلك عندما وصلت الأزمة العالمية إلي ذروتها في 2008 وقفت إسرائيل مع إقتصاد قوي بل ومخطط نمو إقتصادي حقيقي، هذا الوضع هو ما مكنها من التعافي من الأزمة خلال وقت قصير دون الحاجة إلي خطة للهروب أو الإنقاذ البنكي أو تعويم سوق الإئتمان مما يترتب عليه نتائج كارثية. وهكذا لم تساهم خطة الطواريء الإقتصادية عام 2003 في وضع إسرائيل على مسار النمو الإقتصادي فحسب وإنما أدت أيضاً إلي إستعدادها للأزمة المقبلة.

يجب المحافظة على هذه الإنجازات الرائعة ورعايتها وأن نصلى لألهة التدخل الحكومي من قضاة ومستشارين ونُعلمهم أن الحكمة والدروس المستفادة أنه في كل ما يتعلق بالإقتصاد برجاء ألا تتدخلوا فيه.

الرابط