نحميا شترسلر
كانت جلسة الإدارة مستعرة. حيث عرض المدير المالي تقرير وفقاً له ستزداد إيردادات الشركة بحوالي 10 مليون شيكل بخلاف التخطيط السابق، وفي الحال بدأ الجميع في الصراخ. وقال مدير التسويق: “يجب زيادة ميزانية التسويق”. وقال ومدير الإنتاج: “لماذا التسويق؟ يجب قبل اي شئ إستبدال تلك الماكينات المتقادمة”. وحينئذ قام مدير الموارد البشرية وصرح مشفقاً: “يجب أن نعين 50 عامل آخرين، فهناك نقص خطير في الطاقة البشرية”.
بينما كان المدير التنفيذي للشركة ينظر إليهم في صمت. وقال “هل أصابكم الجنون؟”، “وفقاً للتخطيط السابق كان نتوقع إنهاء العام بخسارة كارثية تبلغ حوالي 37 مليون شيكل، والآن وبعد زيادة المبيعات، سننهي العام بخسارة 27 مليون شيكل، ولكنها خسارة كبيرة جداً أيضاً. وأنتم تتحدثون عن زيادة النفقات؟ يجب أن نفعل العكس ونُقلل المصروفات”.
هذا هو بالضبط وضح الميزانية في الدولة. فالعجز المخطط في عام 2015 بلغ حوالي 37 مليار شيكل (3.4 % من الإنتاج)، بعد حملة إسراف “يائير لبيد” . وهذا عجز كارثي. ولكن تبكير موعد الإنتخابات كان جزء من البرامج فعلى سبيل المثال ضريبة القمية المضافة صفر لم يتم تنفيذها، وهناك أيضاً زيادة في إيرادات الضرائب. ولذلك يمكن أن ننهي عام 2015 بعجز 27 مليار شيكل (2.5 % من الإنتاج)، وهذا ايضاً كبير وخطير. فلماذا نزيد النفقات؟ وأين الحديث عن الفائض في الميزانية؟
لم تؤثر كل تلك الحقائق على السياسيين. وطالبوا في إطار المفاوضات على الإتفاقات الإئتلافية بزيادة النفقات، كلُ في مجاله. يطلب الحريديم زيادة مخصصات الأطفال والميزانيات بحوالي 3 مليار شيكل، وتطلب وزارة الدفاع زيادة 5.6 مليار شيكل، ويريد المستوطنين مبالغ ضخمة لتجديد المباني في المناطق المحتلة، ويريد النشطاء الإجتماعيين بعض المليارات لزيادة مخصصات المسنين، لمساعدة العائلات ذات العائل الواحد (والد أو والدة فقط)، وتعميق خطة ضريبة الدخل السلبية، وزيادة المساعدة في إيجار الوحدة السكنية وإضافة قابلة في رياض الأطفال. وهذه قائمة جزئية فقط.
لكن “موشيه كحلون” وزير المالية المفترض – يصم على عكس المدير العام الذى ورد فى القصة السابقة. بدلاً من أن يصرخ “أخفضوا السقف أيها المجانين” صمت تماماً. وبدلاً من قول أنا لا أوافق على زيادة توسيع الحكومة إلى أكثر من 18 وزير، لأن هذا إسراف، لأن هذا عكس “العدالة الإجتماعية” – تجاهل الأمر تماماً. وبدلاً أن يصرح أنا لا أنوي الـــ‘حياد عن قانون الميزانية الذي يحدد أن العجز هذا العام سكون 2.5% وفى السنة القادمة 2.0% فقط، هو يشير للجميع بأن العجز الكبير ليس هو المشكلة. وبدلاً من توضيح أن كل طلب لزيادة في الميزانية سيضطره للإقتطاع في المقابل من الميزانيات الإجتماعية، يفكر فى مستوى الشعبية.
عندما كان “يوفال شتاينيتس” وزيراً للمالية إقترب منه كحلون وقال: وظيفة وزير المالية هي الأصعب على الإطلاق، ولا يمكن أن تكون فيه ذو شعبية. هذا صحيح. فلا يمكن لوزير المالية ان يكون ذو شعبية خلال فترة ولايته. ولكن في نهايتها، عندما يفهم الجميع أنه منع أزمات وحقق الإزدهار والتوظيف وتقليص الفجوات – حينها سيجني الثمار السياسية.
وعد كحلون بإجراء إصلاحات في مجال الإسكان والمجال المصرفي، ولكن هناك مجالات كثيرة تحتاج إلى طفرة. يجب تحفيض الرسوم الجمركية على المنتجات الغذائية، وتحقيق المرونة الإدارية في القطاع العام، وتقسيم شركة الكهرباء، وخصخصة الموانئ، وإلغاء “معاشات المتقاعدين” في الجيش الإسرائيلي، ورفع سن التقاعد للنساء، وزيادة مخصصات المعاشات لأصحاب المعاشات الي تدخل ضمن الميزانية وبدء التنافسية في مجال الأغنام والبيض والأسماك.
ولكن لهذا السبب نحتاج إلى شجاعة وإصرار. ويجب الوقوف أمام النقابات القوية والهستدروت وأصحاب رؤوس الأموال من دون التفكير في الشعبية.
هل كحلون مستعد لذلك؟