هيئة تحرير موقع ميدل نيوز

إنشغلت وسائل الاعلام العربية مؤخراً بأسباب ونتائج الهجمات المنسوبة لإسرائيل على منطقة القلمون في سوريا، مع التركيز على احتمالية الرد من جانب منظمة حزب الله، ولا يتوقع المحللين أن يؤثر هذا الهجوم بشكل جوهري على ترسانة الأسلحة لدى الحزب أو على طريقة تعاطيه مع المتمردين في سوريا.

لقد جاء في وسائل الإعلام العربية في نهاية هذا الإسبوع أن إسرائيل قد هاجمت الأراضي السورية مرتين خلال 48 ساعة وذلك بهدف منع نقل أسلحة وعتاد عسكري متقدم إلي حزب الله. وكانت شبكة العربية قد ذكرت أن الهجوم الأول قد تم تنفيذه ليل الأربعاء في منطقة جبال القلمون شمال دمشق بالقرب من الحدود مع لبنان، وفي أثناء هذا الهجوم تم تدمير قافلة أسلحة تابعة لحزب الله.

بالإضافة إلي شبكة الجزيرة التي ذكرت أنه خلال الليل بين الجمعة والسبت قامت قوات سلاح الجو الإسرائيلي بهجوم جديد على نفس هذه المنطقة، ووفقاً للتقارير كان الهدف هو مخازن السلاح التابعة للجيش السوري في هذه المنطقة.

حيث كانت هذه المخازن تحتوى على أسلحة طويلة المدى وصواريخ سكود والتي كان من المفترض أن يتم نقلها إلي لبنان. ووفقاً لبعض التقارير فإن عدداً من الجنود السوريين وعناصر تابعة لحزب الله و كذلك أفراد من الحرس الثوري الإيراني الذين يقومون بمساعدة بشار الأسد في معركته ضد المتمردين قد قتلوا أثناء هذه الهجمات.

وإذا صحت هذه التقارير فإنه يمكن الإفتراض بأن السبب من وراء هذه الهجمات هو الخوف أو وجود معلومات حول نقل هذه الصواريخ، التي تمت مهاجمة مواقعها، إلي منظمة حزب الله، ومن المحتمل أن هذه المواقع كانت تحتوى على صواريخ من شأنها أن تُخل بميزان القوى في المنطقة بالنسبة للجيش الإسرائيلي والتي تهدد المنشآت الإستراتيجية في إسرائيل، هذا بالإضافة إلي أن المنظمة تحاول تعويض النقص في ترسانتها التي تأثرت كثيراً نتيجة التورط في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا.

وثمة إحتمالية أخرى ألا وهي أن منظمة حزب الله تريد أن تُحول منطقة جبل القلمون إلي قاعدة عسكرية حقيقية تتيح إطلاق صواريخ بعيدة المدى تجاه إسرائيل من داخل العمق السوري، حيث سيصعب على إسرائيل أن تقوم بمهاجمة المنطقة والرد، وبذلك يكون حزب الله قد جنب لبنان الدخول في حرب جديدة أمام إسرائيل وألا يخاطر بمكانته (التي تردت كثيراً).

ويقول هشام جابر رئيس المعهد العربي”الشرق أوسطي” للدراسات والعلاقات الدولية في تصريح لصحيفة النهار اللبنانية أن الهجوم ليس له أي تأثير إستراتيجي على الأرض وما هو إلا رسالة سياسية، وكذلك يري المحلل العسكري نزار عبد القادر الذي أشار إلي أن الهجوم لم يهدف إلي التأثير على تواجد حزب الله في الداخل السوري أو على المساعدة التي يقدمها للجيش السوري حتي يعيد سيطرته من جديد على المحافظات التي قام المتمردين بالسيطرة عليها. وأضاف أنه بحوزة حزب الله سلاح نوعي وإسرائيل تعلم ذلك جيداً بل أنها أرادت أن تختبر هل بحوزة حزب الله صواريخ أرض – جو قد يقوم بإستخدامها في أي مواجهات مستقبلية؟

ومن ناحية أخرى يعتقد المحلل يوسي يهوشع من يديعوت أحرونوت أنه بالرغم من أن الهجمة التي تم نسبتها إلي إسرائيل قد نجحت في تدمير شحنة الصواريخ والتي كانت في طريقها إلي حزب الله إلا أن هذا الأمر لا يعدو عن كونه غيض من فيض. ووفقاً لتصريحاته فإنه لازال لدى حزب الله صواريخ أكثر تطوراً من تلك التي قد تم تدميرها في سوريا والفرضية الحقيقية تقول أن حزب الله مسلح جيداً من أخمص قدميه إلي قمة رأسه.

بداية من صواريخ سكود التي تغطي كامل مساحة إسرائيل مروراً بصواريخ فاتح 110 وصواريخ الشط- بحر ياخونت إنتهاء بمنظومات الدفاع الجوي المتقدمة للغاية، كما يمكن أن يُنبيء الكشف الأخير عن وجود قاعدة طائرات بدون طيار تابعة لحزب الله.

بينما عرض عاموس هرئيل من صحيفة هاآرتس تفسيراً مختلفاً للغاية وقال أن تقدم المحادثات بين الدول العظمى وإيران فيما يتعلق بالشأن النووي الإيراني قد خفض بشكل ملموس من إمكانية الهجوم أحادي الجانب (من طرف إسرائيل) ضد المنشآت النووية الإيرانية لذا فقد عاد تهديد صواريخ حزب الله إلي مكانته كتحدي أمني أساسي بالنسبة لإسرائيل، ووفقاً لأقواله فإن الجهود السورية والإيرانية في تهريب السلاح إلي حزب الله ترتبط إرتباطاً مباشراً بموقف حكم الأسد في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا وهم في الواقع يحاولون التغطية على عدد من الخسائر التي مُني بها نظام الأسد في حربه ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وجبهة النصرة، وتنظيمات القاعدة في منطقة دمشق والحدود مع لبنان وبالأخص في منطقة القلمون.

إن الهجوم الجديد على العتاد العسكري يضع حزب الله مجدداً في أزمته الدائمة وهي : هل يقوم بالرد على هذه الواقائع عسكرياً، وهو لم يرد بعد على الهجوم، ومن غير الواضح هل سيقوم بهذا في القريب العاجل، وذلك رغبة منه في الحفاظ على الهدوء في المنطقة والقيام برد فعل مدروس، وبالتوازي مع هذا فقد أعلن التنظيم في وقت سابق عن إلتزامه بالرد على أي هجوم ضده داخل الأراضي السورية، وهذا ما فعله بعد مقتل جهاد مغنية في الجولان السوري، وهذا ما سيفعله هنا أيضاً، من داخل أراضي مزارع شبعا وإذا تم توجيه هذا السؤال إلي المحللين العرب فإنهم سيقولون أن الحزب فضل السكوت في وقائع آخرى. وفي كل الحالات فإنه من المتوقع أن تستمر الإضطرابات على الحدود الشمالية.