1-5-2015

بقلم عامير رابابورت

سوريا-حزب الله – حماس

 بينما يحاول الأمريكيين والروس التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، سيضطر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون” بوجي” إلى التعامل مع جميع التحديات على جميع الجبهات خلال ولايته القادمة، هذه الجبهات ستمتد من الشمال إلي الجنوب من الضفة الغربية إلي طهران.

سوف سيبدأ وزير الدفاع موشيه يعلون فترة ولايته الثانية في خضم أحداث ساخنة على الحدود الشمالية، إن وسائل الإعلام لا يصلها سوي القليل من المعلومات عما يحدث هناك ولكن لا شك في أن هذه المنطقة الملتهبة هي أحد أهم التحديات الأمنية لدى إسرائيل الآن، والدليل على هذا ما حدث هذا الأسبوع في سلسلة أحداث من الجانبين على الحدود في هضبة الجولان.

إن أقل ما يُعرف هنا وتم الكشف عنه لأول مرة هو حقيقة أن الأحداث الجارية في سوريا والتى تؤثر أيضاً على إسرائيل، ما هي إلا لعبة قوى عظمي في المقام الأول تلعبها كل من الولايات المتحدة وروسيا، وستتأثر إسرائيل بنتائج المساعي الأمريكية الروسية المبذولة حالياً، وذلك في محاولة لفرض وقف لإطلاق النار في سوريا بعد مرور ما لا يقل عن أربع سنوات من الحرب الأهلية الدامية، ووفقاً لتقديرات بعض المصادر الأمنية فإن ما نتحدث عنه هنا هو تقسيم سوريا إلى مناطق ذات سلطات متعددة وذلك شريطة وقف المعارك.

يدرك كلاً من الروس والأمريكيين أن الحرب قد وصلت إلى طريق مسدود، فالروس حريصون على أن تظل لهم الهيمنة على سوريا عن طريق بقاء نظام الرئيس بشار الأسد في الحكم لذا سيعملون على أن يظل مسيطراً على أغلب مناطق دمشق، وفي المناطق الجبلية المؤدية إلي ميناء طرطوس على أن تظل القاعدة البحرية الوحيدة المملوكة لهم في الشرق الأوسط، وأيضاً مداخل هضبة الجولان، بينما ستسقط باقي المناطق في أيدي الجماعات المتمردة.

إن أعمال القتال العنيفة التي اندلعت خلال الأيام الأخيرة مرتبطة بنهاية الشتاء وتوق كلا الجانبين إلي وقف إطلاق النار، حيث يريد أن يفرض كل طرف سيطرته على أكبر مساحة من الأراضي قبل انتهاء المعركة (هذا إن انتهت من الأساس). لقد اندلع قتال عنيف هذا الأسبوع في منطقة القلمون بين عناصر جبهة أنصار السنة الذين أعربوا عن تضامنهم مع الجهاد العالمي وقوات تابعة لحزب الله متحالفة مع قوات الجيش السوري.

بينما زعمت شبكة الجزيرة يوم الإثنين الماضي أن إسرائيل قد نفذت هجوماً عسكرياً على قوات سورية في المنطقة، بينما نسبت إسرائيل الحادثة للمعارك التي سبق الحديث عنها، وفي مقابل هذا أفادت بعض الأنباء بحدوث هجوم لسلاح الجو الإسرائيلي على بعض مخازن الصواريخ طويلة المدى في نفس المنطقة يومي الأربعاء والسبت الماضيين وهو الأمر الذي لم تنفيه إسرائيل، بل على العكس من ذلك جاءت اقوال وزير الدفاع يعلون يوم الأحد التي ألمح فيها بأن ما جرى هو تنفيذ للسياسات التي تقضى بأنه لن يتم نقل أي سلاح ذو قدرة استراتيجية من سوريا إلي حزب الله حتى وإن تطلب ذلك القيام بعملية عسكرية.

وبغض النظر عن المساعي السورية والأمريكية على المستوى الإقليمي فإن ما يجري هو عبارة عن لعبة بوكر خطيرة بين إسرائيل وحزب الله حيث تصطدم السياسة الإسرائيلية لمنع نقل السلاح مع الإلتزام العلني الذي قطعه حزب الله على نفسه بالرد على أي هجوم تنفذه إسرائيل عليه.

إن هذا هو السبب في محاولة وضع شحنة متفجرة يوم الأحد الماضي الساعة الثامنة مساء في مكان ليس ببعيد عن مجدل شمس، حيث حاول حزب الله فيما يبدو أن يرد على الهجوم المنسوب لإسرائيل بواسطة مجموعة من المقاتلين الدروز والمسلحين من رؤوسهم إلي أخمس قدميهم وكانوا يريدون وضع عبوة ناسفة بشكل خفي في نفس المكان الذي أصيب فيه في شهر فبراير الماضي نائب قائد كتيبة المظليين 202 وبرفقته عدد من جنوده.

لقد كان الهدف هو سحب مجموعة من قوات الجيش الإسرائيلي إلي المكان الذي تم فيه زرع العبوة الناسفة ومن ثم تفجيرها عن بعد ولسوء حظ المجموعة فقد تم تمييز أفرادها ومراقبتهم قبل قيامهم بهذا بوقت كافي وتحولوا إلي أهداف سهلة للقوة الجوية الإسرائيلية التي قامت بمهاجمتهم على الفور، وبعد ذلك بيوم واحد سقطت قذائف الهاون على الجانب الإسرائيلي من هضبة الجولان وهذا فيما يبدو نتيجة لأعمال القتال الدائرة على الجانب السوري، وفي ظل هذا الواقع المعقد فإن مهمة وزير الدفاع الجديد (الجديد القديم إن صح التعبير) ستكون الحفاظ على الخطوط الإسرائيلية الحمراء دون الانجراف نحو حرب بين حزب الله وإسرائيل وكلاهما لا يرغبان فيها الآن، وليس من المؤكد أنه من الممكن منع اندلاع مثل هذه الحرب بمرور الوقت.

الجنوب

في الجنوب يبدو أن وزير الدفاع سيكون قادراً على الإحتفاظ بسياسته الأمنية الإسرائيلية التي سنها منذ إنتهاء عملية (الجرف الصامد) على الأقل إلي نهاية عام 2015 (يبدو أن هذا الإطار الزمني هو المطلوب لدى كل من الجيش الإسرائيلي وحماس كي يستعدوا لجولة الحرب القادمة) إن سياسات يعلون تقضي أن أي إطلاق للنار من غزة على الجانب الإسرائيلي سيتم الرد عليه (لقد تم تنفيذ ذلك بالفعل في المرة الأخيرة التي قام فيها سلاح الجو الإسرائيلي بمهاجمة شمال القطاع) رداً على إطلاق قذيفة واحدة على سديروت.

كما نُشر هذا الأسبوع في أعقاب التوجيه الذي قدمه أحد العسكريين لمجموعة من مراسلي الشئون العربية أن الجناح العسكري لحركة حماس برئاسة محمد ضيف تعمل على مدار الساعة على التحضير للجولة القادمة من القتال محاولين إنتاج صواريخ يستطيعون بواسطتها التغلب على منظومة “القبة الحديدية”.

إن وزارة الدفاع الإسرائيلية برئاسة يعلون تقترب جداً هذه الأيام من التوصل إلي حلول تكنولوجية لمسألة الأنفاق ولكن على يعلون أن يكون متأكداً أن الجيش الإسرائيلي مستعد بشكل تام للحرب المقبلة وليس فقط لمفاجآت الجولة السابقة من القتال.

 ما بعد المنطقة الجنوبية

وبالطبع إن وزير الدفاع يجب أن يكون متأكداً من أن الجيش الإسرائيلي مستعد لأي قرار يتخذه المجلس الوزاري المصغر في الشأن الإيراني سواء تم أو لم يتم التوقيع على اتفاق بين إيران والدول العظمي في نهاية شهر يونيو(على اية حال إيران تسعي بشدة نحو التسلح بفضل تخفيف العقوبات)

ولكن لدى وزارة الدفاع العديد من المهام الداخلية الواجب تنفيذها حيث تمثل تجسيداً لرؤية تطوير وازدهار الجنوب وتحويل مدينة بئر السبع لعاصمة السايبر العالمية وذلك بواسطة نقل معسكرات الجيش الإسرائيلي من وسط البلاد إليها خلال الخمس سنوات القادمة.

وقد قام مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلية بكتابة خطاب موجه إلي رئيس الوزراء اشتكي فيه من أن موظفي وزارة المالية يضعون العقبات في طريق هذا المشروع التاريخي، وقد سمُعت هذه الأصوات التي تنادي بمثل هذا الشيء لمدة عامين متواصلين ولكن في الحكومة السابقة مال يعلون إلي إلقاء اللوم على وزير المالية السابق يائير لابيد. إن يعلون سيلعب دوراً حاسماً في الحكومة القادمة حيث سيقوم بدفع مشروع نقل الجيش الإسرائيلي جنوباً بنفسه على قضبان الحركة ليدخل المشروع أخيراً حيز التنفيذ.

الفلسطينيون والاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة

إن جل ما سيبدأ به يعلون فترته الثانية هي أسوأ منظومة علاقات شخصية مع الإدارة الأمريكية (ولكنه قام ببناء تحالفات أمنية إسرائيلية مع دول مثل الهند) ويجب أن يكون مستعداً لانعكاسات الهجوم السياسي القريب الذي سيقوم به فريق أوباما على حكومة نتنياهو الرابعة، كما ينتظر الفلسطينيون أيضاً الحكومة الجديدة بتحفز بالغ، يستعدون لتنفيذ اغتيال سياسي (أو زيادة معدل التفجيرات في الأراضي المحتلة). إن فرصة استئناف محادثات السلام السياسية لا تلوح في الأفق وعلى أية حال فإن الساحة الفلسطينية ستشغل وزير الدفاع بشكل بالغ في العام القادم وربما أكثر مما هو متوقع بكثير.

بنية الجيش الإسرائيلي

يجب على يعلون أن يولى هذا الموضوع أهمية بالغة ويشرف عليه بنفسه، حيث كشفت حرب 2014 أمام أعين الجيش الإسرائيلي أوجه القصور الخطيرة في تدريب جزء من قوات الجيش الإسرائيلي (مثلما حدث في القتال الدامي الذي دار في الشجاعية) وأيضاً الإتجاهات الخاطئة في بناء عناصر قوة الجيش الإسرائيلي، وفي أعقاب المعركة قرر الجيش الإسرائيلي وبتصديق يعلون إنتاج المئات من المدرعات من طراز ميركافا الجديدة.

وقد قام مؤخراً رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد الجنرال “جادي أيزنكوت” بتشكيل خمس لجان منبثقة من هيئة الأركان تقوم بدراسة المشاكل الأساسية في بينة الجيش الإسرائيلي، بدءاً من إشكالية ما هو التشكيل الأساسي (حيث لن تستمر الفرقة في كونها هي أكثر الهياكل التنظيمية أهمية في الجيش وإنما الوحدات الأصغر) وحتي الأفرع والقيادات (ويذكر أنه سيتم إنشاء قيادة جديدة لمجال السايبر)، إن رئيس الأركان سوف يعرض على وزير الدفاع نتائج هذه اللجان خلال ورشة عمل لقيادة الأركان سيتم عقدها صيفاً، والسؤال المطروح هنا هل سيقوم يعلون بعمل تغييرات جذرية في وزراه الدفاع بعد أن يتم عرض هذه النتائج أمامه؟

وحتي يتم انعقاد هذه الجلسة يوجد الكثير مما ينبغي أن نقلق بشأنه، إن غالبية وحدات الجيش الإسرائيلي اليوم ذات مستوى متوسط، بينما تعد التكنولوجيا التي يملكها أفضل تكنولوجيا على مستوى العالم، إلا أن مستوى مهارة وتدريب أفراد الخدمة الدائمين في الجيش الإسرائيلي في تناقص مستمر، حيث يعتقد الشعب الإسرائيلي لسبب غير معروف أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يُعد نفسه جيداً للحرب الفورية على الجبهة الجنوبية أو للتهديد الأصعب على الإطلاق وهو حرب جديدة أمام حزب الله، إلا أنه وإحقاقاً للحق، مسئولية يعلون تقضى بأنه يجب أن يُعد الجيش الإسرائيلي جيداً لأخطر السيناريوهات على الإطلاق والتي لم نقابلها منذ حرب أكتوبر وهي الحرب على عدة جبهات في آن واحد وهذا هو التحدي الحقيقي.