بقلم عامي روحكاس دومبا

البيانات التالية التي حصل عليها موقع إسرائيل ديفنس من خلال قانون حرية  تداول المعلومات، تكشف عن أنه بين عامي 2008 إلي 2013 وقع في الجيش الإسرائيلي سبع حوادث على الأقل لطائرات بدون طيار الأمر الذي كلف دولة إسرائيل 82 مليون شيكل .

كم حادثة وقعت للطائرات بدون طيار في الجيش الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة؟ وكم بلغت تكلفة هذه الحوادث بالنسبة لدافع الضرائب الإسرائيلي ؟ لقد توصلنا إلي إجابات هذه الأسئلة بصعوبة بالغة وتلقينا الإجابات من المتحدث العسكري بإسم الجيش الإسرائيلي. ووفقاً لهذه البيانات الجزئية التي حصلنا عليها بعد مرورها على الرقابة في وحدة أمن المعلومات، وقعت في الجيش الإسرائيلي سبع حوادث للطائرات بدون طيار بين عامي 2008 و2013 والتي كلفت دافع الضرائب الإسرائيلي حوالي 82 مليون شيكل.

هذه البيانات تتعلق فقط بالطائرات بدون طيار التي يقوم سلاح الجو والقوات البرية الإسرائيلية بتشغيلها، ويتضح من التقرير أنه الطائرة هرمس -450 والتي تقوم شركة ألبيت الإسرائيلية بإنتاجها متورطة في خمس حوادث، بينما تتورط الطائرة هارون، والتي تقوم الصناعات الجوية الإسرائيلية بإنتاجها (يطلق عليها شوفال) في حادثتين.

وبسبب الفقرة رقم 9(أ) من قانون حرية المعلومات في إسرائيل لم نستطع الحصول على تفاصيل كل واقعة من هذه الحوادث وذلك لأن القانون يفرض السرية فيما يتعلق بكل التحقيقات العملياتية الخاصة بالجيش الإسرائيلي ولا يجب نشر مثل هذه التحقيقات. ومن هنا نستطيع أن نستخلص أن ما تلقيناه ليس بالضرورة هو كل حوادث الطائرات بدون طيار التي وقعت في تلك الفترة خلال السبع سنوات الماضية وإنما جزء منها فقط.

وفيما يتعلق بالطائرات بدون طيار التي تقوم وحدة “راكب السماء” بتشغيلها إليكم هذا الإقتباس من البيان الذي تلقيناه من الجيش الإسرائيلي:

” تجدر الإشارة إلي أن وحدة “سكاي رايدر”(راكب السماء) تابعة لسلاح المدفعية وتقوم بتشغيل طائرة بدون طيار من طراز سكاي لارك والتي تختلف عن كافة الوسائل غير المأهولة التي توجد في الخدمة الحالية في الجيش الإسرائيلي من الناحية التقنية وكذلك في فئتها والغرض من إستخدامها، وعلى ضوء الغرض من الإستخدام يتم تغيير أجزاء معينة من الطائرة على فترات منتظمة تحت إشراف قادة الوحدة، وفي بعض الأحيان يتم إكتشاف بعض الأعطال التي تؤدي إلي هبوط إضطراري بإشراف كامل من جانبنا للطائرة وذلك للكشف عن المشكلة والتأكد من إصلاحها” .

تجدر الإشارة إلي أن كل من الولايات المتحدة وبريطانيا شهدوا طلبات مماثلة تم تقديمها لوزارة الدفاع كي يتم الكشف للشعب عن هجمات الطائرات بدون طيار التي ينفذها الجيش البريطاني.

ما هي طريقة التصرف عند وقوع الحادث؟

وكي نفهم جيداً كيف يعمل الجيش الإسرائيلي للحد من حوادث الطائرات بدون طيار توجهنا لرئيس قيادة التحكم في سلاح الجو الإسرائيلي. حيث أوضحوا في سلاح الجو ” إن كل واقعة أو حادث يتعلق بالسلامة يتبعه تحقيق” هذه التحقيقات الخاصة بالطائرات وتتضمن الطائرات بدون طيار تصل إلي قائد سلاح الجو الإسرائيلي والأمر مختلف عما يجري في وحدة تحقيقات الشرطة العسكرية الذين يبحثون عن المذنب، فإننا هنا نهتم بمنظور الأمن والسلامة وكيف نمنع حدوث مثل هذه الحوادث مستقبلاً، حيث يتم تدريب المحققين لدينا في الولايات المتحدة ويتم تأهيلهم وفقاً لسيناريوهات تحقيق موازية خارج إسرائيل” .

وعندما تقع مثل هذه الحادثة يتم على الفور طرح سؤال : ما مدى شدة هذا الحادث؟

يضيف قائد وحدة المراقبة والتحكم “إذا سقطت أي طائرة بدون طيار نقوم بتشكيل طاقم من شعبة التحقيقات والذي يتم تعيينه من قبل قائد سلاح الجو. يقوم هذا الطاقم بالتحقيق ودراسة الملابسات، مكان الطيران، حالة الطقس، كيفية تشغيله، ماذا كانت مهمته… إلخ” .

نقوم بجمع كل هذه البيانات عن الحادثة وفي أغلب الأحيان نفهم سريعاً السبب الأساسي في وقوعها.

وبعد أن فهمنا ما هو السبب في وقوع هذا الحادث، نقوم بإرجاع عقارب الساعة قليلاً إلي الوراء كي نفهم التصرفات والظروف التي أدت إلي وقوع الحادث، سواء كانت ملابسات بشرية أوتقنية، على سبيل المثال كيف جهزوا الطائرة، يتم فحص تاريخ تأهيل من يقوم بالتشغيل وكذلك الفنيين الذين أشرفوا على صيانة الطائرة بدون طيار، وبذلك نوسع قليلاً من دائرة التحقيقات، وفي النهاية نقرر في أي دائرة من هؤلاء سيتم التركيز وما سنقوم بإصلاحه، إننا لا نفحص السرب فقط وإنما نفحص كيفية إستجابة القاعدة أثناء وقوع الحادثة، وأحياناً نوسع من دائرة التحقيقات لتشمل وحدات المراقبة الجوية وقيادة سلاح الجو، إننا نقوم بالتحقيقات بشكل طبقات دائرية وراء بعضها، وفي نهاية التحقيق يقوم الطاقم بكتابة توصياته ورفعها لقائد سلاح الجو.

وفي وحدة المراقبة والتحكم يتواجد عنصر التحقيق وكذلك الشخص المسئول عن نقل صورة من أرض الواقع إلي قائد سلاح الجو الإسرائيلي، وكذلك الشخص الذي سيقوم بتصحيح هذا الخطأ للأبد.

هذا وتجدر الإشارة إلي أنه في سلاح الجو أو في الجيش الإسرائيلي عامة، لا يوجد جهاز تحقيق مثل وحدة المراقبة والتحكم الأمثل لذا فإن قائد وحدةالمراقبة والتحكم لديه أفضلية إحتكار ومراقبة تصحيح الوضع وفقاً للنتائج، كما أنه وفقاً لمفهوم التحقيقات العملياتية للطائرات بدون طيار في الجيش الإسرائيلي لا يوجد هناك فصل بين السلطات.

هذا ويقول رئيس وحدة المراقبة والتحكم الأمثل “من المهم التأكيد على أن ما نقوم به فقط متعلق بالأمن والسلامه فقط” مضيفاً” إننا غير معنيين بالبحث عن مذنبين. ففي نهاية أي تحقيق نجريه يتم نقل مادة التحقيق إلي المدعى العام العسكري الرئيسي، وهو من يقرر إذا كان هناك إهمال، وهل يجب محاكمة شخص ما. وإذا خلُص إلي نتيجة ما فهو يقوم بجمع كل مادة التحقيق الذي يصل إليه من سلاح الجو وفتح تحقيق جديد بمفرده بواسطة الشرطة العسكرية ولا توجد أدنى صلة بين التحقيقين”.

وعلى العكس تماماً من تحقيقات المدعى العام العسكري الرئيسي فإن التحقيقات في سلاح الجو ليس ذات مسار جنائي، وينبع هذا الإختلاف من أن سلاح الجو يبحث عن شروط السلامة التشغيلية بينما يبحث المدعى العام العسكري عمن يقوم بإدانته جنائياً.

وبهذا الشكل فإن كل من يتم التحقيق معهم في سلاح الجو الإسرائيلي يعلمون جيداً أنه لايمكن المساس بهم من الناحية الجنائية ويشعرون بحرية أكبر عند الحديث عن الأمر، وعلى الرغم من هذا فإذا تم فتح تحقيق من قبل المدعى العام العسكري الرئيسي وقام بإستجواب هؤلاء المتورطين في الواقعة مرة أخري ولكن هذه المرة جنائياً ويتم التحقيق من قبل الشرطة العسكرية فإنهم يغيرون أقوالهم تماماً. وبأية حال فإن الواقع الذي يفرض نفسه في الجيش الإسرائيلي هو أن رجال الشرطة العسكرية غير مخولين بإستخدام مواد التحقيق التي جمعها سلاح الجو الإسرائيلي.

تجدر الإشارة إلي أن هذا الإجراء معمول به إلي اليوم في الجيش الإسرائيلي على الأقل فيما يتعلق بالطائرات المأهولة، حيث يُعد من الجيوش التي تتميز بنسبة حوادث قليلة جداً مقارنة بكمية التدريبات والعمليات التي تقوم بها كل طائرة، وأيضاً فإن الجيش الإسرائيلي يقوم بإستخدام الطائرات غير المأهولة مثل سيارات الأجرة وفيما يتعلق بالجيوش الأخرى في العالم فهذه الطائرات تعمل تقريباً دون راحة.

ولابد مع هذا الإشارة إلي حقيقة هامة جداً ألا وهي أن عدم قدرة الشعب، والذي يعد عميلاً لدى الجيش الإسرائيلي، على الإطلاع على سلوك الجيش الإسرائيلي من خلال التحقيقات العملياتية ينتقص كثيراً من شفافية هذه التحقيقات وبالأخص في مجال الطائرات بدون طيار، إن هذه السرية فُرضت بزعم عدم الإضرار بأمن الدولة و العلاقات الخارجية أو بأمن الشعب أو بسلامة شخص معين. كما ينص القانون أيضاً على أنه ” توجد بعض المواضيع التي يصدر بصددها وزير الدفاع أمراً بالتعتيم لابد أن تمر بتصديق لجنة مشتركة” .

لذا فالسؤال المطروح هو هل كل التحقيقات العملياتية في الجيش الإسرائيلي خاضعة لهذه الشروط؟ بالطبع الإجابة مبهمة بالنسبة لنا وذلك لأن التحقيقات لا يطلع عليها سوى زمرة في الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع، بالإضافة إلي أن كل ما يخص موضوعات تطوير الوسائل غير المأهولة في الجيش الإسرائيلي وتكثيف إستخدامها في المعارك الأخيرة وفيما سيظهر مستقبلاً تُلزم الجيش الإسرائيلي بالمزيد من الشفافية تجاه الشعب. سواء من منظور إقتصادي أو من منظور عملياتي، ففي نهاية الأمر الحقيقة لن تضر بأمن الدولة بل التعتيم قد يؤدي إلي إخفاء الفشل الذي لم نستطع تفاديه بأي طريقة آخرى، ومن ثم فإننا نستطيع أن نحسن من هذا الجيش مستقبلاً.