4-5-2015
يائير ألتمان
على خلفية مظاهرات أبناء الطائفة الأثيوبية ضد ممارسات الشرطة العنيفة في حقهم، تبرز النتائج التي ظهرت في تقرير مراقب الدولة الذي نُشر في عام 2013 وانشغل بقضية تولي الدولة لمسألة استيعابهم. يتطرق التقرير إلى التجاهل والإهمال المتواصل لهذه الطائفة، التي يبلغ تعدادها السكاني إلى 120 ألف شخص (1.5% من إجمالي سكان إسرائيل)، وثلثها وُلد في إسرائيل.
فحص التقرير مجموعة متنوعة من النشاطات التي تعمل على تعزيز ودمج مهاجري أثيوبيا في مجالات التعليم والتعليم العالي، وفي الخدمة العسكرية، والإسكان، والتشغيل في القطاع العام، وديوان الخدمة المدنية، والخدمات الإجتماعية الحكومية، ومؤسسات التعليم العالي وفي الشركات العامة. وكذلك، فُحص النشاط الذي تقوم به مختلف الوزارات الحكومية، وخاصة نشاط وزارة الإستيعاب. يُوّجه أساس النقد نحو دمج الطائفة الأثيوبية في الجيش الإسرائيلي ونحو خطة المساعدة في الرهن العقارى.
وبحسب النتائج، فقد قضت الحكومة بأن يُمنح 200 رهن عقاري في الحد الأقصى في مستوى الأهلية إلى المشردين بلا مأوى حتى تسمح للأسر الشابة بين الطائفة الأثيوبية بأن تندمج بين السكان من حولهم وفي الأحياء شاملة المرافق، ولكن في تلك السنوات الأربع طُبق فقط رهنان عقاريان. فقد جاء في التقرير: “على مدار أربع سنوات من الفشل الذريع، خلّفت الوزرات الحكومة المعنية بهذا الشأن ورائها خطة الرهون العقارية “غير المعمول بها”، والتي لا ترتقي بالسكان ولا بالأهداف التي وُضِعت خصيصاً من أجلها على الإطلاق”.
بخصوص الخدمة العسكرية، أبناء الطائفة الأثيوبية يتصدرون نسب التجنيد بالمقاربة بباقي سكان إسرائيل، بينما في 2010 وصلت نسبة تجنيدهم للجيش الإسرائيلي إلى 86%، مقابل المتوسط الوطني الذي يصل إلى 75%. ومع ذلك، فأثناء تأدية خدمتهم العسكرية واجه الكثير منهم المصاعب – فقط 9% من بين الجنود الأثيوبيين اجتازوا الفترات التدريبية والدورات المهنية، وكان تخصصهم للقيادة الصغرى أقل من نصفهم بالمقارنة بباقي الجنود وفقط خُمْسهم تخصصوا في كادر الضباط بالمقارنة بإجمالي الجنود. كما أن هناك أكثر من 20% منهم سقطوا من الخدمة العسكرية، في الأساس بسبب ما يصفه الجيش بـ”السلوك السيء والفادح”.
يستاء أبناء الطائفة الأثيوبية من معدلات الإحتجاز المرتفعة في السجون الإسرائيلية، لكن الأمر لا يختلف أيضاً عن السجون العسكرية – ففي 2010، احتُجز 53% من الجنود من أبناء الطائفة الذين يؤدون الخدمة العسكرية مقابل المتوسط الوطني الذي بلغ 25%. وبناء على ذلك، كانت نسبة الغيابات والهروب من الخدمة العسكرية أكثر بثلاثة أضعاف بالمقارنة مع باقي الجنود. وقد كُتب في التقرير: “هذه البيانات تدق ناقوس الخطر الاجتماعي”، إلا أن مراقب الدولة قد شدّد على أن “حجم العمل الإداري في الجيش يشير إلى أنه يعمل بحيوية من أجل الدفع بالجنود من أبناء الطائفة الأثيوبية إلى خدمة مؤثرة وإلى القيادة من أجل استغلال أي فرصة لمساعدتهم”.
هناك انتقاد آخر وُجه إلى تمثيل عمال أبناء الطائفة في الوزرات الحكومية. حيث جاء في التقرير: “وُجد أنه كان هناك وزارات حكومية ووحدات مختصة (وحدات مستقلة تعمل في تلك الوزرات) لم يكن بين عمالهم أي تمثيل لأبناء الطائفة الأثيوبية أو أن نسبتهم من مجموع العمال كانت نسبة ضئيلة للغاية بشكل ملحوظ”، في الشركات الحكومية عدد العمال من أبناء الطائفة الأثيوبية كان يضاهي نصف إجمالي عمال الخدمة العامة والسكان عامة. فضلاً على ذلك، في موعد انتهاء المراجعة لم يتم إخطار وزير العدل ولو حتى بمجلس شركة عامة عن تنفيذ توجيهات بشأن توسيع التمثيل المناسب لأبناء الطائفة بين عمال الشركات العامة.
كشف تقرير مراقب الدولة عواراً أيضاً في المشروع القومي لاستيعاب يهود إثيوبيا، الذي بدأ في عام 2002. المشروع، الممّول من قبل الحكومة، ومن قبل الوكالة اليهودية، فقد خُصصت له ما بين 2010 إلى 2012 ميزانية بلغت 22 مليون شيكل في العام – أي 8% فقط من الميزانية المطلوبة، بحسب تقديرات المختصين. وقد أقرّ المراقب بأن “الفكرة المُنَظِّمة، بموجب قرار الحكومة، لإقامة إطار شامل مرهون باستثمار مبالغ طائلة، هذه الفكرة قد سقطت. الشركة (التي أقيمت لأجل المشروع) استُخدمت كقاعدة لنشاط هيئة أخرى ركزت وأدارت خطط تعليمية لأجل قطاع من التلاميذ من أبناء الطائفة الأثيوبية”.
“كان ينبغي أن تكون هناك نظرية مكتوبة ومنظمة لإدارة الخطط لسنوات عدة”
فحص أيضاً مراقب الدولة الخطة الخماسية، التي كان هدفها هو تحسين استيعاب المهاجرين الأثيوبيين من بين السنوات 2008 و2012 بميزانية مخصصة تصل إلى 870 مليون شيكل، ووجد فيها مجموعة من الإخفاقات. وقد ذكر في التقرير أن الحكومة لم تلتزم بميزانية تُخصص على سنوات عدة كما هو مطلوب، وقامت بذلك فقط بعدما تم رفع التماس إلى محكمة العدل العليا في يوليو 2010 من قبل القيادة الإجتماعية الخاصة بالمهاجرين الأثيوبيين في إسرائيل والجمعية الإسرائيلية لحقوق مهاجري إثيوبيا. “كان ينبغي أن تكون لدى الحكومة الإسرائيلية ووزراتها نظرية مكتوبة ومنسقة بخصوص إدارة الخطط لسنوات عدة. “إنه خلل أساسي يستلزم تسوية من جانب الحكومة”. هذا ما جاء بين أمور عدة في التقرير.
انتقد مراقب الدولة حقيقة أنه حتى اليوم لم تنجح أية وزارة من مختلف الوزرات الحكومية في تخطيط كافة الميزانيات الحكومية التي تصل إلى المهاجرين من إثيوبيا، بالرغم من أن وزارة الاستيعاب قد أُلزمت بقرار حكومي للقيام بذلك حتى نهاية 2008. انتقاد آخر كُتب عن ذلك مفاده أن الوزارة لم تحدد أبعاد نتيجة مراجعة نجاح الخطة الخماسية مثلما قضت الحكومة بذلك.
في مجال التعليم، تتسع الفوارق بين أبناء الطائفة وبين باقي التلاميذ. ففي نهاية عام 2010 كان 41.1 % من بين التلاميذ الأثيوبيين البالغين من العمر الـ17 عاما، مستحقين لشهادة البجروت (شهادة اتمام الدراسة فى المدارس الثانوية) مقابل إجمالي المتوسط العام، الذي وصل حينها إلى 54.4%. ومن أجل تقليص الفوارق، بادرت وزارات التعليم، والاستيعاب والمالية بخطط تعزيزية ما بين السنوات 2011 إلى 2012، إلا أن 40% فقط من تلاميذ أبناء الطائفة الأثيوبية شاركوا فيها، ولم تخضع هذه الخطط على الإطلاق لمراقبة وزارة التعليم.
من جانبه، أكد مراقب الدولة في التقرير قائلاً: “كان عليهم (أي على الوزارة الحكومية) أن يضمنوا تمويل مناسب ومستقر (…) وُجد أن جزء كبير من تمويل الخطة التعزيزية لشهادة البجروت قد وصل من التبرعات (…) أضف إلى ذلك، تحول رغبة الجهات المساهمة إلى أحد الإعتبارات في تحديد جدول الأولويات الخاصة بالخطط التعزيزية التعليمية”. كما أن وزارتي التعليم والإستيعاب لم تنسقان فيما بينهما بشأن توزيع الخطط ولم تتبادلان قوائم التلاميذ المشتركين فيه. وعلى إثر ذلك، حدثت بعض الحالات التي فيها موّلت وزارتان لبعض الخطط في نفس المؤسسة التعليمية، التي يشترك فيها نفس الطلاب. كما جاء في التقرير أيضاً أن هناك تشككات حول صحة التقارير التي أفادتها الجهات التى تدير تلك الخطط إلى الوزارات الحكومية، تقارير كانت بمثابة إسناد للدفع. حيث كُتب في التقرير: “يظهر من تجميع النتائج الخوف من أن وزارة الاستيعاب قد تكون دفعت بالفعل من أجل نشاطات لم يُنفذ بعضها”.
وقد أشاد المراقب العام بمساعدة الطلاب الأثيوبيين في الدراسات العليا وكتب أنه في العام الدراسي (2011-2010) ساعدت إدارة الطلاب بمبلغ يزيد بثلاثة أضعاف عن تكاليف الدعم لكل طالب آخر. بالإضافة إلى ذلك، تمتع الطلاب الأثيوبيين بمميزات كبرى جاءت من مؤسسات ومصادر خاصة، ساهمت لهم بالحصول على منح دراسية. وبالرغم من ذلك، ففي عام 2010 درس نحو 286.900 طالب في كافة مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل، بكافة مستويات الدرجات العلمية، من بينهم فقط 2.201 طالب من أصل أثيوبي (ما يعادل 0.76 %)، أي أقل من نصف نسبتهم في السكان.
ازدادت نسبة الدارسين في درجة البكالوريوس بين أبناء الطائفة الأثيوبية في السنوات من 2005 إلى 2010 تقريباً الضعفين، ووصلت إلى 0.9% من إجمالي الطلاب، ولكننا مازلنا أمام نصف العدد بالمقارنة بإجمالي السكان. إضافة إلى ذلك، فعدد المتسربين في الدراسات الجامعية وصل إلى 19% مقابل المتوسط العام 11%. في الكليات الأكاديمية بلغ عدد المتسربين إلى 13.5% مقابل المتوسط العام البالغ 10% وفي كليات تدريب المعلمين وصلت النسبة إلى 21% مقابل 16% على التوالي.
الخطط لا تتناسب مع احتياجات الطائفة الأثيوبية ولا توجد جهة تركز على هذه القضية
وقد اختتم مراقب الدولة التقرير بقوله إنه على الرغم من الجهود الملحوظة للوزارات الحكومية التي تعمل على الإرتقاء بأبناء الطائفة الأثيوبية، إلا أن الفوارق مازالت متسعة. بعض نشاطات الحكومة غير فعّالة ولا تتم بتعاون مؤثر بين الوزارات والجهات المختلفة. كما أكد المراقب أن الخطط لا تتناسب بالقدر الكافي مع احتياجات الطائفة الأثيوبية ولا توجد جهة تركز كامل التركيز على القضية بشكل فعّال. لذا تنشأ حالة من الإزدواجية في بعض الخطط، يشترك في بعضها نفس الأشخاص. وعليه، فقد حدّد المراقب، موارد عدة متناثرة، تذهب هباءاً. حيث كُتب في التقرير: “يجدر بأن تعمل الحكومة الإسرائيلية بشكل أكثر فاعلية على تحقيق ميزانيات الدولة، في مساعدة يهود الشتات، وأن تعمل على توفير الحل المناسب لاحتياجات أبناء الطائفة الأثيوبية. هكذا سيتم الشعور بدمج الطائفة الأثيوبية في المجتمع الإسرائيلي بالشكل الأمثل”.