بقلم: جاي بن بوراث

هناك خط مستقيم يربط بين العنف الشرطي الممارس بحق أبناء الطائفة الإثيوبية، وبين العنف الشرطي الممارس بحق المواطنين العرب في إسرائيل. إن التطرق إلى هاتين الفئتين يشير إلى وجود مشكلة قائمة بالفعل ليس بين بعض أفراد الشرطة أو في الثقافة التنظيمية للشرطة فحسب، بل داخل المجتمع الإسرائيلي عامة. كان يسيراً على الكثيرين الإتشاح بالرداء الأمني المتعارف عليه، وغض الطرف عن العنف الممارس في قرية كنا أو في رهط. هذا العنف الممارس في حق اليهود الإثيوبيين، الذين يمثلون شريحة لا تتجزأ من المجتمع الإسرائيلي، من الصعب للغاية استيعابه، لكنه متعلق بنفس الثقافة التنظيمية التي تبيح ممارسة العنف، وبنفس المجتمع الرافض مواجهته.

إن الانشغال بالمعطيات التي تكشف قدر الثقة الضئيل الذي يمنحه الجمهور الإسرائيلي للشرطة، خاصة عقب حالة السخط (ليست دائماً مُبررة) التي تبعت ممارساتها، تخفي مأساة الفئات المجتمعية الضعيفة. خاصة تلك التي تعجز عن توفير خدمات أمنية خاصة وتستند على الشرطة، لا تشعر بأن الشرطة تقف في صفها. بالنسبة للعديد من مواطني إسرائيل تُقيَّم الشرطة بقدرتها على فرض النظام وتوفير الأمن، إلا أن تلك الفئات المجتمعية الضعيفة التي يدور عنها الحديث، وخاصة أولئك الذين يتم تشخصيهم على أنهم كيان مغاير عن باقي المجتمع، من شأنها أن تشعر شعوراً بالغاً بالاستياء من قدر نزاهة الشرطة والتزامها بالمساواة.

في إطار الصرامة التي تتبعها الشرطة من أجل توفير النظام والأمن، تحدد الشرطة أحياناً بأن تلك الفئات تمثل خطراً يُبرّر من جانبها (وأحياناً بدعم سياسي) ممارسة العنف. إن عملية حفظ الأمن وفرض النظام بالشكل المفرط، كما في حولون أو في بولتيمور، ينعكس ليس فقط في التوقيفات والاعتقالات المتواصلة بسبب لون بشرة مَن يتصفون لديهم بالـ”مشاغبين”، بل وأيضاً في التعامل بصورة أكثر فظاظة، وأحياناً من خلال الخروج عن الأطر المحددة في التعامل.

وصفت تقارير العلاقات العامة في الصحافة قبل بضعة أسابيع باستفاضة شديدة مركز التدريبات الشرطي الجديد والمتطور الذي دُشِّن مؤخراً، باستثمار مالي ضخم. قليل جداً ما كُتب عن محتويات الدورات التدريبة لتأهيل أفراد الشرطة، التي ستتولى مهمة بعضها على ما يبدو شركات خارجية. إن عملية حفظ أمن الأقلية يجب أن يكون جزء غير منفصل في تأهيل فرد الشرطة. التي تختزل المشكلة في أنها مشكلة “ثقافية” (خاصة بالأقلية)، بل العلاج الشامل للمفاهيم العنصرية (في الشرطة)؛ وذلك ليس عن طريق تكريس بضع ساعات لمسألة المساواة والنزاهة، بل تضفير هذه المسألة في كافة طبقات الثقة. الفئات الضعيفة – الإثيوبيين والعرب – هي أيضاً فئات جديرة بحماية الدولة، الأمر الذي لا يضم فقط حقهم في التذمر والشكوى، بل وأيضاً في الحصول على تعامل منصف وشفّاف في الشكاوى.

تشهد الخبرة في العالم، في المكان الذي يتم فيه التأهيل، والأكثر من ذلك أن انخفاض مستوى الرقابة والإشراف على عمل الشرطة، والالتزام الشرطي “في الحماية والخدمة” سيبدو مختلفاً تماماً حينما نتحدث عن أقلية ضعيفة. تشير الأبحاث في الولايات المتحدة مراراً وتكراراً، إلى أن الحدود في سلوك أفراد الشرطة في تعاملهم مع مواطنين من الطبقات ذات النفوذ السياسي والاقتصادي لا تتواجد، حينما نتحدث عن الشباب السود والفقراء. وبالنسبة للمواطنين الإثيوبيين، مثلهم مثل المواطنين العرب أيضاً، العنف الشرطي – الذي يتسلل إلى الوعي العام حينما يكون موثقاً وصارخاً – هو تعبير آخر عن ضعفهم (الذي يسمح هذا العنف). هكذا، في عدة مجموعات تركيز أجريناها مع شباب إثيوبيين، وزاد التركيز مجدداً على توازن القوى التي ينبثق منها العنف الشرطي. “إن تم القبض على طفل أبيض من دون سبب، لسارع أبواه إلى التوجه إلى محطة الشرطة وأحدثوا فوضى، أما نحن فلن يتحدث أحد من أجلنا”   هذا ما أوضحه أحد الشباب الإثيوبيين الذي شارك في مجموعات التركيز.