بقلم ماتاي دافيد
إن العنوان يبدو محيراً ومضللاً وربما يعكس فعلاً “تقسيمة العمل” على أرض الواقع، فإسرائيل تقوم بإعادة تأهيل القطاع المدنى في غزة، بينما تقوم إيران بإعادة تأهيل منظمات الجهاد وحماس في غزة . وأعادت الحوادث المنفردة لإطلاق الصواريخ من غزة على البلدات الإسرائيلية المحيطة عشية يوم الإستقلال، دائرة الضوء الإعلامي العام إلي المشكلة المنسية والتي لم يتم حلها.
وعلى خلفية العديد من التقارير التي تُفيد بأن رئيس أركان حماس محمد ضيف قد نجا وعاود نشاطه، تزايدت عمليات تهريب الأسلحة إلي غزة كما زادت عملية الإنتاج الذاتي للصواريخ في غزة وكذلك إصلاح وإعادة حفر الأنفاق، لابد أن نؤكد ونذكر بالتفصيل كيف إنتهت عملية الجرف الصامد وتعهدات السياسيين الأوربيين والإسرائيليين آنذاك والعديد من الخبراء والمحللين، وبكلمات أخرى فإن حماس تمر الآن بمرحلة متسارعة من الإعداد من أجل الجولة المقبلة من الحرب.
تذكرة سريعة بالأوهام التي تم الإعلان عنها في نهاية عملية الجرف الصامد
إعادة الإعمار المدني في غزة، في مقابل نزع سلاح حماس.
ترسيخ حكم السلطة الفلسطينية التابعة لأبومازن في غزة.
وضع 1000 جندي من الحرس الرئاسي التابع لأبومازن على المعابر في غزة.
إشراف دولى لمنع تهريب الأسلحة إلي حماس .
إلتزام جامعة العربية بجمع 5 مليار دولار من أجل إعادة إعمار غزة .
الإلتزام المصري بتخفيف القيود وفتح معبر رفح.
الوعود المعلنة من جانب اللجنة الرباعية الدولية والإتحاد الأوربي، وأوباما بمساعدة أبومازن في إعادة إعمار غزة وتقليص سيطرة حماس على الأرض.
والجدير بالذكر أنه لم يتم تنفيذ أي من هذه الوعود والخطط التي أطلقها هؤلاء الساسة من كافة أرجاء العالم ومن إسرائيل والذين إشتركوا في مساعي إنهاء الحرب في غزة.
ولم تقم جامعة الدول العربية بتحويل الخمسة مليارت دولار من أجل إعادة الإعمار، وأبو مازن يقف فى ذهول من تهديدات حماس فهو لم يحاول إرسال رجاله إلي قطاع غزة، بينما تواراى شعار الرقابة الدولية على القطاع عن الأنظار ولم يأخذه أي أحد على محمل الجد، بينما بقيت كل تعهدات الإتحاد الأوربي على الورق فقط، ولم يقم المصريين فحسب بعدم التخفيف عن الفلسطينيين، بل قاموا بإغلاق معبر رفح بشكل تام وذلك بعد أن إكتشفوا تورط حماس في الحرب الدائرة ضد السلطات المصرية في شمال سيناء.
ففي الوقت الذي تزداد فيه سيطرة حماس الفعلية على غزة وتقوم بإلإستعداد من أجل الحرب القادمة ضد إسرائيل، تبحث السلطة الفلسطينية عن موطيء قدم لها في القطاع على الرغم من أنه توجد على الورق حكومة إئتلاف ومصالحة بين الطرفين.
إعادة إعمار غزة وبقائها على قيد الحياة مرهون فقط بإسرائيل
لقد تحولت إسرائيل إلي أنبوب الأكسجين الوحيد، الذي يوفر الحياة لغزة، بما في ذلك الكهرباء والمياه والغذاء والدواء وباقي المنتجات والعتاد المطلوب لإعادة الإعمار وإزالة الأنقاض والأضرار الناجمة عن عملية الجرف الصامد .
ومنذ مطلع 2015 مرت من خلال معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) 33 ألف شاحنة محملة بما يزيد عن 990 ألف طن من العتاد المتنوع والأسمنت المخصص لإعادة الإعمار.
وكذلك منذ بداية 2015 تمر بمعدل يومي من 440 إلي 500 شاحنة إلي غزة، بينما قدمت إسرائيل حوالي 100 ألف طن من الأسمنت لإعادة تأهيل المباني التي أغُلقت، بينما دخل إلي إسرائيل عشرات الالاف من الغزاويين والتجار. إن إسرائيل تمثل شريان الحياة بالنسبة لغزة.
الدروس والإستنتاجات المستفادة من الأوهام التي تم نسفها
طالما ستظل غزة تحت حكم حماس فلن تتحسن أبداً الظروف الإقتصادية لمواطنيها. إن حماس كانت ولازالت منظمة إرهابية إسلامية تتلقى المساعدات المالية والعسكرية من إيران الآخذة في التعاظم، كما أن زعماء المنظمة لا يكفون عن إعلان إلتزامهم بالكفاح المسلح ضد إسرائيل.
ونشأ وضع جديد لايطاق أصبحت فيه حماس تهديداً مستمراً على إسرائيل، بينما إسرائيل هي شريان الحياة الوحيد الذي يوفر لغزة كل متطلباتها، إن هذا وضع جنوني من منظومات العلاقات المتبادلة والذي لن يُقدر له الإستمرار طويلاً.
لابد أن نتذكر أن إعادة التأهيل الإقتصادي لمواطني غزة ما هو إلا إعادة تأهيل لحماس، فلا يجب الفصل بين السكان وحماس. إن الأضرار والمعاناة التي يعيشها السكان في غزة ناجمة عن الإرهاب الذي تمارسه حماس وتم توجيهه ضد إسرائيل، ولم يؤدي في الوقت ذاته إلي إنتفاضة شعبية ضد حماس. يبدو أن الشعار الذي ينادي بـ (إعادة الإعمار مقابل نزع السلاح) ما هو إلا من قبيل الوهم والتضليل، إن إعادة تأهيل غزة عملية موازية بالضرورة لتأهيل حماس.
إن العداء بين فتح وحماس هو عملية تكتيكية، بينما هدفهم الإسترتيجي موحد، فحماس تقوم بعملية معارضة إرهابية عنيفة ضد إسرائيل بينما يقوم أبو مازن بإدارة معارضة من نوع آخر ألا وهي الإرهاب الدبلوماسي، لذا ليس هناك سبيل لإعادة إعمار غزة ووضع حد لهذا الصراع.