بقلم: أرئيل كهانا
فلنصمد: قريباً لن يستطيع أوباما أن يفرض السلام … تقرير حول كيفية التعامل الإسرائيلى مع الأزمات فى علاقاتها الخارجية مع كل من أوروبا وأمريكا
هناك ضوء في أخر النفق المظلم: 600 يوم، هذه هي الفترة المتبقية. عام وثلثي العام، عشرون شهرا، حتى 20 يناير 2017. اليوم الذي سيغادر فيه “باراك أوباما” البيت الأبيض. ستحل حتى هذا اليوم أيام عصيبة. ولكن بعد مرور سنوات طويلة وليست هيّنة، سنرى ضوء في نهاية النفق المظلم. إن استمرت النزعات الحالية، سيكون هناك بصيص أمل، حيث ستتمكن إسرائيل بعد عامين من الإحتفال ليس فقط بمناسبة مرور خمسين عام على توحيد القدس، مثلما قررت الحكومة، بل أيضاً بيوبيل تحرير الأراضي التاريخية، الضفة الغربية والجولان. سجلوا أمامكم هذا التاريخ 24 مايو 2017.
على أي أساس يرتكز التفاؤل؟ على تحليل واقعي بقدر المستطاع للوضع، وسنبدأ من الشهر المقبل. في نهاية يونيو من المتوقع من الدول العظمى وإيران أن تقوم بالتوقيع على اتفاق يسمح للجمهورية الإسلامية بتطوير قدرات نووية. ليس ثمة شك فى أن التصريحات والعناوين ستقول عكس ذلك، لكن يمكننا أن نعتمد على أن الإيرانيين لن يكونوا حمقى.
إن النووي الإيراني يمثل كارثة خطيرة، لكن على الأقل على المدى القصير ستكون آثاره الجانبية هي تخفيف الضغط على إسرائيل في الساحة الفلسطينية. هناك حدود الى أي مدى باستطاعة العالم أن يضرب اليهود. في الواقع، لقد قلب “أوباما” الآن الاستراتيجية رأساً على عقب تجاه إسرائيل. وخلال الإنتخابات التي جرت في إسرائيل ومباشرة عقبها، هاجم “نتنياهو” هجوماً شديداً، لاسيما بسبب خطابه الأخير الذي ألقاه في الكونجرس. في الأسابيع الأخيرة أدرك أن من الأفضل أن يقتل “نتنياهو” برفق.
فبدلاً من أن يسبّ ويلعن نجده يرسل حزمة أمنية خصبة، ويتحدث بعذوبة عن التزامه لإسرائيل ولا يكفّ عن امتداح اللوبي اليهودي الإسرائيلي. في عشية السبت الماضي، جاء وهو معتمر لكيباه بيضاء تزيّن رأسه، ليلقي خطاباً في الكنيس اليهودي “عيدات إسرائيل” (طائفة إسرائيل)، الذي يصلي فيه كل مشاهير واشنطن. وقبلها بيوم ُأجري معه لقاء مجدداً مع صديقه “چيفري جولدبيرج”، وأوضح مدى أهمية إسرائيل واليهودية بالنسبة له.
قبل شهر أجرى هو ورجاله مقابلتين مطولتين مع عشرات الزعماء اليهود من كافة أرجاء الولايات المتحدة، بهدف التخفيف من شدة معارضتهم لاتفاق لوزان. وبكلمات تمس القلب زعم “أوباما” أنه قد تضرر بشكل شخصي عندما ادّعوا أنه لا يدعم إسرائيل بما فيه الكفاية. إنه يعلم أن من السهل أن يسبب لليهود تأنيب للضمير.
ولما كانت إيران في الوقت الحاضر تهمه أكثر من القضية الفلسطينية العقيمة، يسّلم “أوباما” بحقيقة أنه على أقل تقدير في العام المقبل لا داعي لمواصلة الجهود بشأن تأسيس دولة فلسطينية. هكذا صرح للقناة التليفزيونية العربية المعروفة باسم “العربية” قبل أسبوعين: “في الحقيقة، لقد أدت السياسة الداخلية الإسرائيلية والفلسطينية، إلى وضع لم تعد فيه الأطراف تثق ببعضها البعض. لذا انطلاقا من هذه النقطة، إن كنا واقعيين، وانا أظن أننا قادرون على إعادة بناء الثقة ليس عن طريق اتفاق كبير لن يكون له أرجحية في العام المقبل، من وجهة نظري مع مراعاة تكوين حكومة “نتنياهو” والتحديات التي يواجها “محمود عباس”.
“إن استطعنا أن نبدأ في بناء بعض الثقة، مثلاً عن طريق تحسين في الوضع الإنساني في غزة، وإن استطعنا أن نفتح المزيد من المشاريع وفرص التشغيل في الأراضي المحتلة، وإن استطعنا أن نعيد بناء الثقة بشكل تدريجي، حينها سأستمر في تصديق أن منطق حل الدولتين سيفرض نفسه” ما يعني، أن باختصار لن تقوم دولة فلسطينية على الأقل في العام المقبل.
بالمناسبة، بعد ست سنوات ونصف، يحتضن “أوباما” أخيراً مفهوم الـ “البدء من القاعدة” Bottom-up، الذي دعمته إسرائيل وقتما تولى “أوباما” منصبه. يوضح “موشيه يعالون” أُسُس هذا المفهوم منذ سنوات أنه لا خيار للوصول إلى اتفاق شامل بين إسرائيل والفلسطينيين، وبالتالي فالطريقة الوحيدة للعيش معاً هى تسوية العلاقات من القاعدة صعوداً إلى أعلى. كل هذه السنوات كان الأمريكان يرفضون موقفه باستخفاف، بل وزعموا أن “الصراع” هو أصل عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. حتى هذا الافتراض الأساسي قد سقط منذ زمن، والآن، حتى الرجل الذي يفرض المسئولية على “السياسة الداخلية للطرفين”، والذي أعلن في الأمم المتحدة في 2010 أن دولة فلسطينية ستعترف بها الأمم المتحدة بعد عام، يستسلم.
لأجل تأدية الواجب
هناك نقطة أخرى هامة: أجرى “أوباما” لقاء كما ذكرنا مسبقاً مع القناة التليفزيونية “العربية”. لم يكن من قبيل الصدفة أن يكون السؤال الذي يخص القضية الفلسطينية هو السؤال الأخير. لقد خُصّص لهذا السؤال 4 دقائق من بين 28 دقيقة، كما عُرض بشكل متزن عندما قالت المذيعة: “إنك الرئيس الثاني الذي يترك المنصب وهو ملتزم بإقامة دولة فلسطينية لكنه لا ينجح في إقامتها”.
“أوباما” من جانبه منح لقاء للقناة السعودية من أجل إقناع الرأي العام في دول الخليج بدعم الاتفاق مع إيران. وحتى نفهم، هذا ما يهمه وهذا ما يهمهم. لقد انحدرت القضية الفلسطينية وتراجعت إلى آخر جدول الأعمال، وتُذكر فقط لأجل تأدية الواجب. إنه أيضاً نفس انطباع الإسرائيليين الذين يقيمون علاقات مختلفة مع الدول العربية.
كل هذا يجري بالطبع ليس بسبب إيران فحسب بل أيضاً بسبب تمزق دول الإقليم. اليمن وسوريا والعراق لم يعد لهم وجود. تبقى الأردن في حالة خوف وتعتمد على المياه والغاز الإسرائيليين. مصر منهمكة في مشاكلها الداخلية، وتطلب هي الأخرى الغاز الإسرائيلي وتحارب مع إسرائيل جنباً إلى جنب ضد الإسلام المتطرف. يمكننا القول إن المنطقة برمتها مذعورة من الإسلام المتطرف الشيعي، أي إيران، والإسلام المتطرف السني، أي الجمهوريات الإسلامية على مختلف أشكالها: داعش، حماس، القاعدة وباقي الأوصال والأذناب الإرهابية. في هذا الصدد، الدول العربية التي مازالت مستقرة تدرك أن إسرائيل تقف في صفها تماماً. وفي ظل هذه الظروف، دفع الفلسطينيون إلى أسفل الحاوية. وهذا أيضاً يعد أساس التفاؤل.
وبالتالي، الاتفاق المؤقت هو كالآتي: إجراء أمريكي ليس إلزامي، ولا توجد ضغوطات عربية حوله. اللاعب الوحيد الذى يمثل إشكالية هو أوروبا. ففي الأسبوع الماضي قامت “فيدريكا موجريني”، مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي بزيارة إسرائيل. كانت “موجريني” نسخة من “جون كيري” في فترة الحكم السابقة. فقد كانت هي من تؤدي دور المبعوث الأجنبي والغريب الذي لم يفهم المنطقة لكنه كان متحمساً للوصول إلى اتفاق تاريخي. في مقابلاتها التي أجرتها في إسرائيل سمعت “موجريني” سواء من رئيس الحكومة أو من نائبته في وزارة الخارجية ” تسيبي حوتوبلي”، أن إسرائيل مستعدة دائما للتحدث مع الفلسطينيين. مع هذا الموقف الإيجابي انطلقت “موجريني” إلى رام الله.
وعلى عكس منشورات كهذه، “نتنياهو” مستعد للشروع في مفاوضات على الحدود أو على الكتل الاستيطانية، “موجريني” لم تسمع هنا نغمات جديدة. يقول مسئولون مطلعون على مضامين المقابلة إن رئيس الحكومة يقول إن هناك مناطق حتى الفلسطينيون أنفسهم يقرّون بأنها ستبقى في أيدي إسرائيل. لذا، يزعم، أنه يمكن الوصول معهم إلى تفاهمات حول البناء في تلك المناطق، دون أن تتلقى إسرائيل استنكارات دولية على أي موضوعات تافهة. هذا بالطبع لن يحدث، لكن في هذا الإطار، يجدر أن نكشف أنه في مناقشة مغلقة أجريت في لجنة الخارجية والأمن قال “نتنياهو” قبل سنوات إنه يصادق على البناء في المستوطنات التي تقع فقط في مناطق لن تعيق إقامة دولة فلسطينية.
يذكر مسئولون مقربون من “نتنياهو” أنه دائماً ما يقول إن البناء سيتم فقط في الأماكن التي ستظل فيها إسرائيل في أية تسوية مستقبلية. سواء تحرك “نتنياهو” فعلاً أم لم يتحرك، فالفلسطينيون كالمعتاد رفضوا طريقته ووضعوا شروطاً غير ممكنة لاستئناف المحادثات، الأمر الذي سيعيد الكرة إلى الأوروبيين.
على رأس المستوطنين
على المدى القصير، يبدو أنه بعد الاتفاق مع إيران مباشرة، سيواجه الاتحاد الأوروبي مسألة إن كان سيعاقب إسرائيل وبأي درجة من درجات تغليظ العقوبة. وكما نُشر في صحيفة معاريف قبل أسبوعين، في البرلمان الأوروبي وفي مفوضية الاتحاد في بروكسل، أن إسرائيل تنتظرها سلسلة عقوبات شديدة للغاية، من هذا النوع الذي لا يفسد العلاقات الإسرائيلية الأوروبية ولكنها ستنزل على رأس المستوطنين.
إن الأجواء العكرة على أي حال ستصبح فاسدة أكثر من ذلك بكثير. من الممكن مع مرور الوقت أن تُغلظ الخطوات الأوروبية، وهذا هو السوط الأساسي الذي ينتظر إسرائيل في منحدر العامين المقبلين. هل يمكن تخفيف الجَلْد به؟ الإجابة بالإيجاب. بسرية تامة هذا الأسبوع أدار مسئولون إسرائيليون محادثات مكثفة مع أعضاء في البرلمان الأوروبي حول مجموعة العقوبات المخطط لها. صحيح أن في الوقت الراهن، استطاع المفوضون الإسرائيليون أن يؤجلوا تطبيقها، لكن ليس واضحاً إلى متى. هذا هو الإنجاز الذي لا تبذل إسرائيل جهداً لتحقيقه.
رأس حربة المنظومة السياسية، لاسيما حول رئيس الحكومة هو وزير الخارجية، الذي لا يقاوم أوروبا. لذا إن أرادوا أن يتجنبوا انحدار الحال بهم، فيجدر بهم أن يخرجوا إلى المقاومة، التي دونها تكون الخسارة حتمية. إن سلسلة التعيينات التي قام بها هذا الأسبوع “نتنياهو” في قيادة جهاز الخارجية تمنح الأمل بأنه سيكون هناك من سيناضل. فمن ناحية، الانتقادات حول تخصيص وزارة الخارجية مبررة بكل تأكيد. وليس منطقياً أن “أردان” يتولى أمر المقاطعات، و”سيلفان شالوم” يتعاطى مع الفلسطينيين والأمريكان، و”شتاينيتس” مع إيران ووزارة الخارجية في سائر دول العالم. وكل ذلك في الوقت الذي يكون فيه “نتنياهو” وزيراً للخارجية و”حوتوبلي” هي نائبته. ومن ناحية أخرى، وضعهم في جبهة مؤلفة من مجموعة رجال جديرين بالثقة ذوي وجهة نظر موحدة، قد يشير إلى أنه بعد مرور سنوات طوال من النشاز السياسي ستتحدث إسرائيل أخيراً بصوت واحد. ليس سوى “ليبرمان” يهاجم من اليمين، و”ليڤني” من اليسار، و”لابيد” من الأعلى و”بينيت” من الأسفل، بل مجموعة متناسقة من نفس المدرسة – “نتنياهو”، “أردان”، “شالوم”، حوتوبلي”، و”دوري جولد” – ستعزف سيمفونية واحدة مشابهة.
إن عرضت هذه المجموعة الرسائل الصحيحة؛ وإن نجحت في استجماع جهود المنظومة المهنية الخاصة بوزارة الخارجية لمقاومة أوروبا؛ وإن ساهمت الجاليات اليهودية، والإسرائيليون والمسيحيون المؤيدون لإسرائيل المشتتون في عواصم الغرب، وغيرهم؛ وإن دعمتهم بالمعلومات والمواد الإعلامية وأرسلتهم إلى الشوارع، فمن الممكن تخفيف وطأة الضربة. في الأشهر الأخيرة ظهرت الكثير والكثير من القواعد المؤيدة لإسرائيل في القارة الأوروبية، فعلى سبيل المثال، مركز تعزيز العلاقات الإسرائيلية الأوروبية، الذي يركز موارد، قام ببناء بنية تحتية في مجموعة دول. وعلى خطاه، يجب استجماع القوى. هناك جنود يحاربون، لكن يتطلب الأمر قادة يوجهونهم للمعركة.
لا يهم قدر ألم الضربة التي ستوجهها أوروبا، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو هل مقابل التنازلات الأمنية والسياسية التي تحاول أوروبا أن تفرضها علينا لن يكون أكثر سوءاً. سواء هذا أو ذاك، على المدى الطويل هناك نقطة أخرى تستحق التفكير، ألا وهي كم سيواصل الأوروبيون الإهتمام بتوجس مماثل في القصة الفلسطينية.
عندما يتداعى العالم العربي داخل نفسه ويترك القضية الفلسطينية، وعندما تيأس أمريكا وعندما تواجه أوروبا نفسها يومياً مشاكل جديدة – في إسبانيا، واليونان، وفي بريطانيا التي تعيد النظر إلى طريقها في الاتحاد الأوروبي، وفي إيطاليا الغارقة بالمهاجرين، وفي قارة بأكملها مذعورة من الإرهابيين العائدين من الحرب – في ظل تلك الظروف هناك مجال للأمل الذي في مرحلة معينة سيصدروه لنا. نحن لا نتحدث عن السبعينات التي دفعت فيها المصلحة الاقتصادية الأوروبيين إلى أحضان العرب. الآن أصبح ذلك مجرد إصرار عديم الفائدة. فهلاّ توقفنا عن هذا؟.
ليس لديهم ڤاينشتاين
فلنترك أنفسنا للآمال. في الوقت الذي ستفرض أوروبا العقوبات، سيتعين على إسرائيل أن تحارب في جبهة أخرى لا تقل أهمية، ألا وهي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وكما نعلم، هناك مشروع قرار فرنسي سيئ للغاية، وهو قيد الانتظار. صحيح أنه في الوقت الراهن لم ينجح الفرنسيون فى كسب الولايات المتحدة أو دول غربية عظمى أخرى في صفهم ولذلك هم ممتنعون عن طرحه للتصويت، لكن القوة لا تبقى للأبد. إن الديناميكية في مجلس الأمن هي كالآتي: كلما كان المقترح أكثر تطرفاً، كان يسيراً على أمريكا أن تفرض حق الفيتو. ومن ناحية أخرى، إن تمت صياغة مشروع قرار أكثر اعتدالا، فلن يتحرك الأمريكان لاستخدام حق الفيتو، لكن الضرر العائد على إسرائيل سيكون أقل فداحة، وحينها سنجد الفلسطينيون هم الذين سيقفزون وينسفونه. هذا ما حدث، من ضمن أمور أخرى، من وراء الستار في الأشهر الأخيرة.
إن التصدي الوحيد لهذا اللغم الفرنسي هو الفيتو الأمريكي. لقد توقف “نتنياهو” عن البناء في الضفة الغربية وفي القدس حتى يحظى بهذا الفيتو حينما يحين الوقت. صحيح أنه في الوقت الراهن لا توجد دلائل على أن الأمريكان لن يفرضوه، إلا أن الخطر مازال موجوداً بكل تأكيد. في مطلع عام 2016 من المتوقع أن يتحسن تكوين مجلس الأمن قليلاً لمصلحتنا. هذا لا يضمن حدوث معجزات ولكن يعطي مجالاً للأمل بأن حتى هذه العقبة يمكن أن نجتازها بشكل جيد، ما سيتركنا مع الأشهر الستة الأخيرة في فترة حكم “أوباما”.
في اللقاء الذي سبق أن ذكرناه تحدث الرئيس الأمريكي عن “السنة المقبلة” التي في غضونها لن تقوم دولة فلسطينية. والسؤال الأعظم والأكثر إزعاجاً الذي يطرح نفسه هو كيف سيتصرف في الستة أشهر الأخيرة في فترة حكمه؟. هل من تحدث مراراً وتكراراً عن التزام شخصي لإقامة دولة فلسطينية سيترك المكتب البيضاوي من دون أن يحقق رؤيته، أم من يقود مسار الرفض الأمريكي إلى إجراءات أحادية الجانب سيستمر في ذلك؟. على أي حال يجب أن نعرف أنه حتى في الثلاثة أشهر التي تفصل بين انتخاب من سيخلفه في 8 نوفمبر 2016، وبين تركه للمنصب في 20 يناير 2017، بمقدور “أوباما” أن يفعل ما يحلو له. وتشير الخبرة إلى أنه في الفترات بين كلا المنصبين تحديداً تميل الإدارات الأمريكية لاتخاذ قرارات لا تريح إسرائيل.
اعترف “رونالد ريجان” بمنظمة التحرير الفلسطينية بعدما انتُخب “بوش الأب” ليحل محله. كما نشر “بيل كلينتون” “مخطط كلينتون”، الذي يعتبر مناسباً حتى اليوم، قبل أيام معدودة من دخول “جورج بوش” الابن إلى البيت الأبيض. وها هو “بوش”، نفسه، الذي بمشورة “كونداليزا رايس”، فرض على “إيهود أولمرت” التعاون مع حماس في الانتخابات التي جرت في السلطة الفلسطينية، عندما احتفل “أوباما” بانتخابه التاريخي. يتضح أن الرؤساء الأمريكان ليس لديهم “ڤاينشتاين”. يستمر الرؤساء الأمريكان في اتخاذ القرارات طالما مازالوا في مناصبهم.
انتخابات في كل يوم
ما الذي سيفعله “باراك أوباما” في أيامه الأخيرة؟ لا مجال للجواب على هذا السؤال. الإجابة في غاية الأهمية، والتي يجدر أن نعدّها من الآن، هي موقف الجمهور في إسرائيل. عندنا، يسير الناس على فرضية أنه إذا فاز اليمين في الانتخابات فهذا يكفي، لأن الشعب قد قال كلمته. وليس هناك خطأ أكبر من ذلك.
في عصر تويتر ويوتيوب، يعاد قياس الرأي العام في كل دقيقتين. إن كان هناك بين الجمهور الإسرائيلي أشخاص بما يكفى يدعمون الاستيطان، ويعارضون إقامة دولة فلسطينية ويحتفلون بالنصر في حرب الأيام الستة، فعليهم أن يعبروا عن ذلك علانية، وبأي شكل من الأشكال. إن كان هناك شيء ما سيدفع الأوروبيون والأمريكان إلى إعادة التفكير، فستكون التظاهرات في شوارع إسرائيل أو منشورات افتراضية في الفيس بوك. لقد انقضت سنوات عدة منذ أن خرج هذا المعسكر بحشوده إلى الشوارع. لقد مضى وقت طويل للغاية منذ أن عبّروا بصوت جليّ، بالعبرية والإنجليزية، عن مستقبل الضفة الغربية وعن حق الشعب اليهودي في استيطان هذه القطعة من الأرض. مع حلول هذين العامين الحاسمين، تكون هذه مهمة من الدرجة الأولى.
وماذا سيحدث في اليوم الذي سيلى رحيل “أوباما”؟ إن تم انتخاب رئيس جمهوري، فستتواجد كافة الأسباب لأن نتصور أنه سيتوقف عن دفع إسرائيل إلى مواقف صعبة. يتنافس المرشحون الجمهوريون اليوم مع بعضهم البعض على التعصب والتأييد لإسرائيل. إن بقىّ الديموقراطيون في الحكم، فمن المؤكد تماماً أن “هيلاري كلينتون” هي التي ستعود للبيت الأبيض. من الصعب أن نصدق أن “كلينتون”، المرأة المحنكة، الرصينة، التي لا تكنّ مشاعر سلبية لإسرائيل، ستكون صعبة المراس في التعاطي مع إسرائيل مثل الرئيس الحالي. لذا هناك أمل مبشر بالخير أنه إن صمدنا، لعامين آخرين، مع مرور خمسين عاماً على تحرير مناطق أرض إسرائيل التاريخية، سنكون قد تخطينا المرحلة الأخطر من إجراء دولي إلزامي. وإن بدأنا من الآن فى أن نوضح عملياً أن هناك حجة للإحتفال، ربما وقتها لن يفسدوها علينا.