رويت هكيت
أطلقت صحيفة “يديعوت أحرونوت” حملة جديدة تحت اسم “محاربة المقاطعة” مع العنوان الفرعي: “يديعوت أحرونوت أيضا تنخرط في معركة الصد “. “لم تكن صحيفة “يديعوت” أبداً ذات أيديولوجية ما، وإنخراطها في معركة بأسلوب “إسرائيل أولاً وقبل كل شئ” كان الهدف منه على ما يبدو الوضع نفسه – في إطار صراعها التسويقي مع “إسرائيل هايوم” – كصحيفة وطنية موثوق بها من ناحية التأثير اليميني. تم إختيار مقال المرساة وهو مقال “بن درور يميني”، الذي يتهم “روجر ووترس” و”جوديت باتلر” (اليهودية!) و”ستيفن هوكينج” بمواقف غامضة ودوافع معادية للسامية بسبب معارضتهم للإحتلال.
يضع يميني الإدعاءات المعتادة الخاصة بمن يدينون المبادرات المعادية لإسرائيل: الـBDS -على عكس الرؤية التي يتظاهر بعرضها- لا تعترض فقط على الإحتلال في الأراضي الفلسطينية بل ترفض وجود دولة إسرائيل بشكل عام، وهكذا تضم إلي شبكة الدعاية النازية الخاصة بها الشباب اليهودي المستقيم الذى يدعوا إلى قيم مثل “إصلاح العالم”. وأيضاً الصراع العالمي ضد سياسة الإحتلال الإسرائيلي متلون ومنحاز، فلماذا يلاحقون إسرائيل ولا يلاحقون دول أخطر مثل إيران، والسودان أو كوريا الشمالية.
الإدعاء الأخير يثير الإهتمام بشكل خاص، وأيضاً بسبب ان له شعبية في اليمين، وخصوصاً بسبب أنه يشمل إعتراف لا واعي بالذنب. إذا كانت إسرائيل نقية كالثلج، لماذا يجب ذكرها في سطر واحد مع من تحولوا لرموز إنتهاك حقوق الإنسان؟ إذا لم ترتكب إسرائيل أي جريمة فلماذا تصل لها فرضية أنها “مجرمة” بسهولة، أو مكان أفضل في طابور الدول المختلة عقليا والتى تحتاج العلاج؟
الإجابة أن أغلب الإسرائيليين – يخافون أيضاً من التنازلات الإقليمية لأسباب أمنية، وإن كانوا غير مؤمنين بإمكانية السلام الدائم مع العرب – ويعلمون أن إسرائيل تقوم بظلم السكان المدنيين وتنتهك حريتهم، وهم يعلمون إن إسرائيل تقتل في جولات العنف الحالية آلاف الأبرياء بجانب الإرهابيين، في مكان واحد تحت الشمس يقع فى نطاق مسئولية إسرائيل، هناك قانون واحد لقومية واحدة (إسرائيلى للمستوطنين) وقانون آخر لأبناء القومية الثانية (عسكري للفلسطينيين). كيف يواجهون هذه الجريمة، والتى يشارك فيها “يمينى” أيضاً؟ تجدر الإشارة إلى أن “إسرائيل بعيدة عن الكمال” هكذا قال الكاتب ليخلص نفسه، ويعود للعدو الحقيقي – الـBDS.
ويضع يميني على قائمة الأهداف خاصته الـ BDS، ولكن تعرضت إسرائيل لخطر تعليق مشاركتها في الفيفا في الأسبوع السابق ليس بسبب هذه المنظمة المذمومة، بل بسبب إدعاءات إتحاد كرة القدم الفلسطيني، الذى لاقى تأييداً. الحادثة التي تسببت في قلق بلد بالكامل، تثبت عكس ما يقول يميني: إسرائيل عضو في الفيفا لأن العالم يعترف بسيادتها على حدود الخط الأخضر، وهي تواجه إلغاء عضويتها بسبب سياستها في الأراضي المحتلة في عام 1967. ومـــد الصراع إلى عام 1948، الذي ينسبه يميني إلى حركة المقاطعة والتي تخدم موقفه في الحقيقة، يخفي كما لو أنه العصا السحرية مسئولية إسرائيل عن الوضع الذي بدأ في عام 1967.
والأمل فى أن يتعايش الفلسطينيين بهدوء مع وجود المستوطنات، وأن ينعموا في مرحاض الإحتلال الذي أنشأته إسرائيل لهم – ليس واقعي. ماذا يمكننا فعله فهؤلاء يصرون بوقاحتهم على الإنتقام وأن يكونوا أحرار، لأن هذا حقهم الطبيعي. وفي هذا الوضع، فأي نزاع يفضل يميني وقرائه من اليمين، أو كل مفكر آخر: مبادرات سياسية وإقتصادية أم أوتوبيسات متفجرة؟ تصويت في الأمم المتحدة أم إرهابين ينفذون عمليات إنتحارية؟
يمكن الإعتراض على سياسة المقاطعة بما فيها المقاطعة الثقافية أو الإقتصادية على المستوطنات، ولكن صيحات الورع ضدها، ولعب دور الضحية الغارقة دائما في ذكرى النكبة، مذنبة بنفس التهم التى يتهم بها يمينى الـBDS. فليست مشكلة إسرائيل هي حملة المقاطعة أو جبريل رجوب”. مشكلة إسرائيل هي الإحتلال.