يشكل اليهود غير الحريديم اليوم تقريباً 70 % من السكان في دولة إسرائيل. وحسب التوقعات الديموجرافية طويلة المدى لدائرة الإحصاء المركزية، فإنه خلال نصف قرن من الزمان – حتى عام 2059 – شريحة اليهود غير الحريديم ستقل لحوالي 50 % فقط. وفي المقابل نسبة عرب إسرائيل في التعداد السكاني ستزيد قليلاً لحوالي 23 % .وسيتضاعف عدد السكان الحريديم وسيصل لشريحة تقريباً 27 % من تعداد سكان إسرائيل.
لهذه التوقعات السكانية تداعيات سياسية ولكن بالأخص لها تداعيات إقتصادية درامية. اليوم الحريديم والعرب هم السكان الفقراء حيث يتعلمون ويعملون بصورة قليلة. فالإثنين متشابهين في التأخر النسبي في التعليم وفي سوق العمل، على الرغم من أن الأسباب المؤدية لهذا التأخر لدى كل منهما مختلفة تماماً. فعرب إسرائيل هم الفقراء بالإجبار لأنهم يعانون من الإقصاء والتمييز مما لا يتيح لهم تكافؤ الفرص. الحريديم هم فقراء بإختيارهم لأنه يختارون عدم تعلم العلوم الأساسية وعدم العمل، ويستغلون قوتهم السياسية لكي يضمنوا أن الدولة ستمول أسلوب حياتهم الهدام.
أسباب الفقر في كلا القطاعين من السكان هي بالفعل معكوسة ولكن النتائج متشابهة: فى خلال بضعة عقود سيكون حوالي نصف السكان الإسرائيليين ضعفاء، نسبة العمل لديهم ستكون منخفضة، ومن ليس عاطلاً عن العمل فيها سيكون في حرف منخفضة القيمة، مقابل أجر بسيط. ومن ناحية دولة إسرائيل هذا يعني دمار متوقع للإنتاجية والناتج القومي والدخول من الضرائب، وأيضاً تسارع هجرة المثقفين ورؤوس الأموال منها.
وضعت هيئة كبير الإقتصاديين في وزارة المالية هذا الأسبوع القيمة المتوقعة لهذا الدمار الإقتصادي: يتوقع كبير الإقتصاديين ألا يكون هناك تحسن في نسب التشغيل، الأجور والإنتاجية للحريديم والعرب، من المتوقع أن تفلس إسرائيل في العقود القليلة القادمة.
ولكن الأمر في الواقع ليس حكم القدر، بل إن الأمر برمته نتيجة أعمال الإنسان. ويمكن منع هذا الإفلاس. ولذلك يجب التوقف عن إقصاء عرب إسرائيل، ومنحهم مخصصات مالية كاملة كمواطنين متساويين. ولذلك أيضاً يجب التوقف عن تمييز الحريديم الذين يتمتعون اليوم بميزانيات حكومية لتمويل منظومات تعليمية لا تقوم بتعليم العلوم الأساسية، وحياة رجال حريديم البعيدين خارج سوق العمل.
إذا نجحت إسرائيل في تنفيذ هذين الإجرائين، ستزول مخاطر الإفلاس.
مقال هيئة تحرير هاارتس