افتتاحية هآرتس
قال “جلعاد أردان” وزير الأمن الداخلي، الذي قدم مقترحاً جديداً لإطعام المعتقلين المضربين عن الطعام قسراً، ذلك المقترح تم التصديق عليه في اللجنة الوزارية للتشريع: “يرغب المعتقلون الأمنيون بتحويل الإضراب عن الطعام إلى عملية انتحار من نوع جديد، عن طريقها سيهددون دولة إسرائيل. لن ندع أي شخص يهددنا، ولن نسمح للمعتقلين بأن يموتوا في سجوننا”. وحاولت الحكومة السابقة منذ عام تقريباً تقديم مقترح مشابه، عقب إضراب عام عن الطعام للمعتقلين الأمنيين. ولم يصل ذلك المقترح في النهاية إلى مرحلة التشريع، بسبب عملية اختطاف الثلاثة فتية والحرب التي اندلعت في غزة.
رداً على الإعلان الذي أصدره رئيس نقابة الأطباء “ليونيد إيدلمان” الذي أفاد بأن الأطباء لن يقدموا يد العونً لمقترح معيب للغاية من الناحية المهنية وغير لائق من ناحية القيم والتقاليد -أجاب الوزير أردان قائلاً: “إن موقف النقابة عجيب. أنا متأكد أنهم سيجدون الأطباء الذين سيوافقون على فعل هذا”.
إن الإطعام القسري هو تدخل قاسي في جسم الإنسان، خلاله يتم تكبيل المضرب عن الطعام في كرسي أو إمساكه بقوة ورأسه تكون ثابتة ويتم إدخال خراطيم إلى أنفه. وحسب كلام الأطباء رفض جسم المريض لذلك سيزيد من المخاطر المتعلقة بهذا الإجراء ويمكن ان تؤدي إلى أضرار صحية خطيرة. وأيضاً يشكل هذا الإجراء انتهاكاً شديداً لكرامة الإنسان وحقه في جسده.
تبرز أقوال أردان التفسير المشوّه للحكومة الحالية حيال قيم الديمقراطية الأساسية، وأيضاً عجزها حيال المواجهة الحقيقية والمهنية والأخلاقية للمشاكل التي تقف أمامها. يمكن للمعتقلين الأمنيين أن يضربوا بعد شهر رمضان – وذلك لتقدير جهاز الشاباك الذي قدم آراء في هذا الشأن إلى وزارة الأمن الداخلي – كإشارة للتضامن مع المعتقل الأمني “حيدر عدنان” الذي أُعتقل منذ حوالي عام بدون قضية، ومحجوز في المستشفى الآن مكبل في فراشه.
يجب حل مشكلة المعتقلين إدارياً والإضرابات تضامناً معهم عن طريق إعادة العدل لأنظمة القضاء والحكم – الذي نخر ظلم الاحتلال في أساساتها الديمقراطية – وأولاً وقبل أي شئ يجب فعل ذلك عن طريق وقف الاستخدام الموسع لوسائل الاعتقال الإداري.
قد تكون الاعتقالات الإدارية مُبررة فقط حين وجود خوف مؤكد على شخص ما على وشك ارتكاب فعل خطير، ولا توجد طريقة أخرى لمنعه عن ذلك. يشير كم الاعتقالات الإدارية التي تنفذها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة – في نهاية شهر أبريل إلى أنه تم إعتقال 396 معتقل إداري، بينهم سيدة واحدة – وهذا يشير إلى مواقف موسعة وإلى استخدام بسيط جداً لخطوة غير عادية في خطورتها.
قانون مخزي وغير ديمقراطي مثل الإطعام القسري لن يغطي على أضرار جور سلطوي آخر -أوامر الاعتقال الإداري. على الكنيست رفض هذا المقترح رفضاً تاماً.