مقال هيئة التحرير

 

تظهر الاعتداءات الإرهابية التي تزايدت وتيرتها في الايام الأخيرة -وعلى رأسها مقتل “داني جونين” بالقرب من مستوطنة دولڤ يوم الجمعة الماضي وحادثة طعن شرطي من حرس الحدود يوم الأحد -على الساحة ما تحاول الحكومة الإسرائيلية نسيانه وجعل مواطني الدولة ينسونه وهو أن الهدوء النسبي في منطقة قطاع غزة لا يرمز إلى الهدوء أو الإستقرار. لذا، فهو لا يعفي الحكومة الإسرائيلية من مسئولية إيجاد حلول ليس فقط لأزمة غزة، بل أيضاً للغليان المحتدم في الضفة الغربية والقدس.

وقد هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بأسلوب شديد اللهجة، مبادرة فرنسا للدفع بمشروع قرار في مجلس الأمن بشأن القضية الإسرائيلية الفلسطينية، قبل لقائه بوزير الخارجية الفرنسية “لوران فابيوس” بعدة ساعات. كما وصف “نتنياهو” مبادرة “فابيوس”، بأنها “إملاء” زعماً بأنها ستضر بإسرائيل، لأنها لا تراعي  تماماً المصالح الأمنية الخاصة بها.

ولكن بالرغم من نقده، إلا أن “نتنياهو” لا تخرج من تحت يديه أية مبادرة سياسية أخرى، ويفضل -وهذا على مدار سنوات حكمه -بحث فكرة “إدارة الصراع”، والتي يتبناها أيضاً وزير الدفاع “موشيه (بوچي) يعالون”. وكان “يعالون” قد صرح أيضاً أنه مادام على قيد الحياة لن تكون هناك تسوية مع الفلسطينيين. وهو نفسه الذي صدّق مؤخراً على تطوير المجمع الاستراتيجي، الواقع بين بيت لحم والخليل، والذي يمتلكه الملياردير “أرڤين موسكوڤيتش” والذي يهدف إلى إقامة مستوطنة جديدة (حاييم ليفينسون، “هآرتس” 21-6).

يستطيع نتنياهو أن ينتقد المبادرة الفرنسية كما يحلو له. ويحتمل أن تكون تلك الاقوال قد أطربت مسامع ناخبيه وداعميه. ولكن، بالنسبة لدولة إسرائيل هذه أساليب ملتوية، حيث تتعارض مع المصالح الحيوية لمواطني الدولة جميعاً.

من دون أفق سياسي أو استعداد إسرائيلي لتخطيط أفق ما، فسلسلة هذه الهجمات من شأنها ان تتصاعد وتيرتها وتتحول مرة أخرى إلى معركة دامية من هذا النوع الذي مر به الإسرائيليين والفلسطينيين في الصيف الماضي. يصعب على قوات الأمن تحديد موقع العمليات الهجومية القليلة والتي لا تمثل تنظيم أو كيان ما ويمكن أن تشعل المنطقة. واستمرار لوضع متوتر من هذا النوع ليس إلا انعكاساً لغياب السياسة، والذي لا يعد بشيء سوى الانجرار.

لن يوافق الفلسطينون ولا العالم على إستمرار الإحتلال الإسرائيلي. وستزيد المعارضة -سواء من خلال المقاطعة من جانب مختلف الدول في العالم أو من خلال دفع أحادي الجانب للمصالح الفلسطينية. لابد لرئيس الوزراء أن يتخلى عن استراتيجية “إدارة الصراع”، والتي توشك على الإنهيار. والخطوات التي يجب على إسرائيل إتخاذها هي طرح أفق اقتصادي لقطاع غزة من حيث الفقر والأزمة الإقتصادية، وخصوصاً -المجهودات لدفع حقيقي بالتسوية السياسية مع السلطة الفلسطينية.