لجنة لوكر: توصيات شجاعة تثير غضب المنظومة الأمنية والجيش الإسرائيلى
تجرأت لجنة فحص ميزانية الدفاع، برئاسة اللواء (احتياط) “يوحنان لوكر”، وتطرقت الي أمور محظورة وأثارت غضب المنظومة الأمنية رغم ردود الأفعال اللاذعة للجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع، الا أن التوصيات متوازنة بالفعل، رغم كونها غير مثالية. المفترض الآن أن ننتظر لنري ما اذا كان سيتم تنفيذها.
بخلاف الزوبعة التي أحدثها الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع ضد توصيات لجنة “يوحنان لوكر” المنوطة بفحص ميزانية الأمن، يمكننا أن نميز أيضاً بعض الحقائق ونقرر أن اللجنة تجرأت وتطرقت الي موضوعات محظورة وقامت بطرح توصيات هامة. ان مخاوف وزارة الدفاع من أن تشكل توصيات لجنة لوكر ضرراً كبيراً بنموذج الخدمة الإلزامية، لهي مخاوف تستحق أن يتم مناقشتها بعمق، لكن المشكلة هي أن ردود أفعال الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع (كما وردت عقب نشر تقرير اللجنة) ردود عاطفية ومبالغ فيها وموجهة الي شخص “لوكر” (وهو لواء سابق يحصل علي عشرات الآلاف من الشواكل شهرياً) كما أنها غير موضوعية.
نجحت أجهزة الأمن في منع الغرض الرئيسي للوكر الذي كان يرغب في نشر توصيات اللجنة بشكل علني، قبل حوالي ثلاثة أسابيع، واستطاعت أن تحصل علي التوصيات مسبقاً. وفقاً للتقرير، تم تخصيص اليومين الأخيرين للقيام بحرب خاطفة ضد لوكر ورفاقه، قبل نشر تقريرهم: حيث هاجمهم رئيس الأركان ورئيس شعبة الموارد البشرية في تصريحاتهم لوسائل الإعلام، بينما هاجمهم وزير الدفاع (حرفياً) حيث زعم “يعلون” في تصريح مسجل قام بنشره، أن هذا تقرير سطحي غير متوازن، يغفل التهديدات المحيطة بنا.
الحقيقة أن تشكيل اللجنة وتوصياتها لا ينقصهما التوازن: توصية اللجنة بتحديد أساس لميزانية الأمن بتكلفة 59 مليار شيكل سنوياً بشكل ثابت وفقاً للمؤشر، قبلها بخمس سنوات، وهو أكثر من التوقعات السابقة للخبراء الأمنيين وأكبر من استعداد وزارة المالية (التي بدأت ميزانية الأمن في 2014 ب 51.5 مليار شيكل فقط). تجدر الإشارة الي أن التقرير يمكن أن يكون متوازناً، لكنه ليس مثالياً. يحتوي التقرير علي عيوب خطيرة مثل التطرق لشكل التهديدات التي تواجه اسرائيل، وللوضع الجيو استراتيجي.
كانت لجنة لوكر هي اللجنة الأولي منذ لجنة “دافيد برودت” التي تولت جميع القضايا الأساسية لميزانية الأمن، وليس فقط القضايا الجزئية، مثل اللجان التي ناقشت، علي مدار سنوات، نموذج الخدمة الإلزامية أو نموذج خدمة الجنود النظاميين ومكافآت المعاقين.
لم تثر جميع التوصيات التسعة والخمسين، التي أعلنتها اللجنة، معارضة أجهزة الأمن، لكن التطرق لبعض الأمور المحظورة هو الذي يثير غضب تلك الأجهزة. أوصي المستشارون الإعلاميون للجنة لوكر رئيس اللجنة بعدم الإنجرار الي النقاشات العاطفية التي أثارت غضب الأجهزة الأمنية. حيث قامت اللجنة بالتأكيد علي بعض التوصيات الأساسية المرتبطة بسلسلة من المشاكل الأساسية في الجيش الإسرائيلي مثل قيادات مبالغ فيها، ميزانيات معاش ضخمة وفي ازدياد مستمر، خدمة نظامية طويلة للغاية، نقص الشفافية في ميزانية الأمن، وحتي قضايا مثل الضرائب العقارية الكبيرة التي يدفعها الجيش الإسرائيلي. نتحدث هنا عن قضايا في حاجة الي تغيير جذرى منذ سنوات عديدة، السؤال هو كيف يمكن أن نقوم بهذا الحل الجذري دون التسبب في أضرار لا رجعة فيها للجنود النظاميين.
يوصي لوكر، فيما يوصي، رئيس هيئة الأركان، بدفع رواتب متباينة لأصحاب المهن المطلوبة، وعدم التقيد بجداول الرواتب العسكرية العامة. يوصى بقراءة جميع توصيات اللجنة التي تم نشرها بشكل علني.
فيما يتعلق ببعض التوصيات، كان رئيس الأركان مصيباً عندما زعم أن جزء كبير من التغييرات التي توصي بها اللجنة، موجودة بالفعل ضمن خطة “جدعون” متعددة السنوات الجديدة. ما الأمر اذن. تشير تجربة الماضي، الي أنه بدون الضغط الخارجي، لن يتم استكمال الإصلاحات الجريئة في الجيش الإسرائيلي.
ان الرد الغاضب من قِبَل الأجهزة الأمنية يشير الي أن معظم التوصيات ستبقي علي الورق فقط، مثل توصيات لجان سابقة.
الكرة موجودة الآن في ملعب رئيس الوزراء، الذي سيكون عليه أن يقرر ما اذا كان سيجبر الأجهزة الأمنية علي تنفيذ، علي الأقل، عدد من تلك التوصيات، كشرط للموافقة علي ميزانية الخمس سنوات القادمة، كما توصي اللجنة أم لا.
لذا لا زال هناك الكثير من الوقت حتى تنتهى المعركة .
بقلم: عامير رفافورت