حماس على خط النار وداعش يهدد مكانتها فى قطاع غزة

تم تفجير سيارات لخمسة مسئولين كبار في الجناح العسكري لحماس وتنظيم الجهاد الإسلامي مؤخراً في حي الشيخ رضوان في غزة، ما أسفر عن إصابة رجلين فقط، ولكننا بصدد إحدى الهجمات الكبرى التي وُجهت ضد حماس من جانب عناصر محلية في الأشهر القليلة الماضية. وكما يبدو فإن الانفجارات نُفذت من قِبل أنصار الدولة الإسلامية (داعش)، حيث رُسم علم التنظيم في إحدى مناطق التفجيرات.

هذه ليست المرة الأولى التي تُنفذ فيها هجمات ضد حماس داخل قطاع غزة. ففي شهر مايو انفجرت عبوة ناسفة في سيارة مسئول في وزارة الداخلية التابعة لحماس وانفجرت عبوة أخرى بجوار منشأة أمنية تابعة للتنظيم في مدينة غزة. كما أطلق نشطاء منتمين إلى داعش صواريخ في إتجاه إسرائيل، وفي إطار ما يبدو على أنه محاولة منهم لعرقلة المحادثات السرية التي دارت بين إسرائيل وحماس حول التهدئة طويلة المدى في قطاع غزة. أعلن داعش أنه يثق أن حماس لينة في سياستها ونشاطها حيال إسرائيل وفشلت في إعداد سلطة إسلامية في غزة.

تفاخرت حركة حماس منذ سيطرتها على قطاع غزة في عام 2007، بأنها على أتم الاستعداد للحفاظ على أمن المواطنين. ولكن هذا الأمن قد تغير. ففي أعقاب سلسلة التفجيرات الأخيرة، يتسائل أناس في غزة هل حماس حقاً مستعدة لحمايتهم، إن لم يكن من إسرائيل فعلى الأقل من معارضيها على الساحة المحلية. حاولوا في حماس تهدئة الرأي العام وتوضيح أن الوضع في قطاع غزة مستقر وأن هناك مخالفات بسيطة فقط، ولكن يخافون بشدة في الحركة من تصعيد المواجهة بين الأطراف.

وكانت حماس قد اتبعت سياسة ضبط النفس حتى قبل عدة أشهر حيال تلك الهجمات والتهديدات من جانب أنصار الدولة الإسلامية، مخافة اندلاع مواجهة علنية بين الأطراف والتي من شأنها أن تهدد وضع حماس في القطاع، حيث أن حماس تحاول إنكار وجود داعش داخل القطاع. ولكنها كثفت مؤخراً وتيرة اعتقالاتها للرجال التابعين لتنظيم الجهاد بل وهدم المسجد الذي أعتادت العناصر السلفية التجمع فيه.

معارضة كبيرة لحماس في غزة

من جانبه، صرح “أحمد عزام” استاذ العلاقات الدولية في جامعة بير زيت، لقناة الجزيرة في أعقاب التفجيرات الأخيرة في غزة أن الهدف من الهجوم لم يكن القتل، بل أكثر من ذلك، وهو إرسال رسالة سياسية معادية لحماس. وبحسب كلامه، على خلاف مناطق أخرى في الشرق الأوسط، لازال داعش لا يمتلك القوة الكافية ولا البناء المنظم في قطاع غزة، ولذلك هو لا يشكل تهديد وجودي حقيقي على حماس.

في الواقع، ووفق استطلاعات الرأي العام، يرفض أغلب المواطنين الفلسطينيين أفكار الدولة الإسلامية ويقولون إن هذا التنظيم لا يمثل “الإسلام الحقيقي”، فليس للتنظيم الإرهابي المتطرف أرض خصبة للتوسع الحقيقي في نشاطاته وعملياته على الساحة الفلسطينية.

يفكر “جوزيف تشيشيان” مراسل موقع جولف نيوز الإخبارى، بطريقة مغايرة. فهو يزعم بوجود معارضة كبيرة لحماس داخل قطاع غزة، وأن هذه المعارضة تنبع من انتقال حماس من المحور الإيراني إلى المحور السني حيث المملكة العربية السعودية ومصر، ولاسيما، من انتقال قيادة حماس إلى القاهرة والاتفاقات التي وقع عليها التنظيم مع النظام المصري، بخصوص فتح معبر رفح. ويوضح المراسل أن حماس تجد صعوبة في تحقيق المطالب وتحمل سخط الشعب في قطاع غزة، لأنه غير راضٍ عن الظروف المعيشية في ظل حكم التنظيم. وفي وضع كهذا، يحتمل أن ينضم المزيد والمزيد من الشباب إلى صفوف داعش.

كما قال الصحفي الفلسطيني “محمد عبيد” إن الانفجارات الأخيرة في قطاع غزة تشكل “طفرة” و”جرأة” في عمليات الجهاديين في القطاع. وبحسبه، هناك احتمال كبير لتنفيذ تهديدات قد ترددت مؤخراً من جانب نشطاء داعش ضد حماس. حيث نشر هؤلاء النشطاء مقطع فيديو هددوا فيه بإغراق قطاع غزة ببحر من الدم كانتقام على تقييد تحركات التنظيم في القطاع.

جدير بالذكر أنه قبل أن تتصدر الدولة الإسلامية عناوين الأحداث، سُجلت مواجهات بين حماس والسلفيين في قطاع غزة. وكانت المواجهة الأبرز بين حماس والسلفيين في القطاع في عام 2009، عندما اقتحمت قوات الأمن التابعة للحركة مسجداً تجمهر فيه السلفيون وبدأت المواجهات في المكان بين الأطراف، وسقط فيها حوالي 20 سلفي قتيلاً، من بينهم الشيخ الذي أعلن عن إقامة الإمارة الإسلامية في قطاع غزة. والآن يخاف الفلسطينيون من حدوث مواجهة جديدة ودامية بين الأطراف.

ميدل نيوز