قائد قوات القدس الإيرانية … شريك واشنطن الغامض في العراق وسوريا

نجح الإلحاح الذي أنكرت به الإدارة الأمريكية المنشورات التي وفقاً لها تم رفع العقوبات عن “قاسم سليماني” وربما طمأنت معارضي الإتفاق النووي مع إيران قليلاً، ولكن لم يمنع الإنكار -على ما يبدو- التعاون بين الإدارة وقائد قوات القدس التابعة للحرس الثورى. لأن أساس الحرب ضد داعش في العراق ولبنان يديره سليماني، قائد المليشيات الشيعية التي سجلت إنتصارات اساسية في العراق. وطالما ان الهدف الأمريكي المُعلن هو محاربة داعش، وليس بشار الأسد، سيبقى سليماني حليف واشنطن – وليس هذه هى المرة الأولى.

سليماني البالغ من العمر 58 عاماً ليس رجل دين وليس مثقفاً. بدأ الطريق إلى منصبه الحالي كطفل فقير، خرج للعمل من أجل دفع دين أبيه البالغ 100 دولار لحكومة الشاه الإيراني. وإنضم في الثانية والعشرين من عمره إلى قوات الثورة التي قاتلت ضد العراق بين عامى 1980 – 1988. أدى فكره الإستراتيجي وشخصيته الجذابة وقدرته على القيادة إلى وضعه في عام 1998 على رأس قوات القدس، التي تعمل خارج إيران من أجل ترسيخ تأثيرها في الشرق الأوسط وخارجه.

يبغض سليماني الإدارة الأمريكية وهو من نسق أغلب العمليات الإرهابية ضد قوات الولايات المتحدة الأمريكية في العراق بعد غزوها في عام 2003. ولكنه شريك للأمريكان في إختيار رئيس الوزراء المؤقت في عام 2003. وقال “ريان كوكر” الذي كان سفير الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، أثناء لقاء لـ”نيويورك” أن فرز اسماء المرشحين لرئاسة الحكومة المؤقتة نُفذ بشكل يقبله سليماني.نقل مفوضين إيرانيين رفيعي المستوى لمفوضين أمريكيين إلتقوا معهم في السويد – بأوامر من سليماني – خريطة أهداف لمهاجمة قواعد طلبان، وذلك بعد غزو أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر.

بناء على طلب من الأميركيين، أمر سليماني قوات المهدي التابعة للزعيم الشيعي الإنفصالي “مقتدى الصدر” بالتوقف عن مهاجمة أهداف أمريكية في بغداد ونسق مع الأمريكيين تشكيل حكومة “نوري المالكي في عام 2010 بشكل غير مباشر. واعتاد سليماني تمرير الرسائل القصيرة إلى قادة القوات الأمريكية في العراق. أوضح في الرسالة القصيرة التي كتبها في عام 2008 لقائد القيادة المركزية الجنرال “ديفيد بترايوس”: “أنا قاسم سليماني القائم على السياسة الإيرانية في العراق ولبنان وغزة وأفغانستان. السفير الإيراني في العراق هو من رجال قوات القدس، ومن سيخلفه سيكون ايضاً من رجال قوات القدس”.

سليماني أب لثلاثة أبناء وبنتين، وهو متورط في عمليات إرهابية كثيرة، ومن بينها: العملية الإرهابية في المركز اليهودي بوينس آيرس في عام 1994، والعمليات الإرهابية في أوروبا ضد معارضي النظام وتنسيق عمليات حزب الله ضد إسرائيل. ولكن حسب تقديرات وكالات الاستخبارات الأمريكية، هو لا يعرف بشأن عملية حزب الله في بورجاس في بلغاريا.

لا تكون ملفات الإرهاب دائماً ذريعة لقطع العلاقات مع أصحابها. في فرصتين على الأقل كانت القوات الأمريكية تستطيع القضاء على سليماني ولكنها لم تفعل، لاعتبارات سياسية محلية ومن أجل الحفاظ على التعاون السري مع إيران في الحرب على العراق.

إعتاد المقربين من سليماني ومرؤوسيه تلقييبه بالحج قاسم، فهو بطل إيراني قومي. ومنحه الزعيم الأعلى “علي خامنئي” صفة “الشهيد الحي للثورة”. ومع هذا، وُجه له إنتقاد شديد في السنة الأخيرة على الطريقة التي اتبعها في إدارة المعركة في العراق، وعلى نجاح داعش في إحتلال مدينة الرمادي وعلى السلوك الوحشي للمليشيات الشيعية، التى قتلت وعذبت بشكل عشوائي النشطاء السنة، وبذلك هددوا قدرة النظام العراقي على تعبئة القبائل السنية في الحرب على داعش. ويبدو أن عقب هذا النقد تم تقليص صلاحيات سليماني في العراق. ولم ينجح سليماني أيضاً في إقناع الأكراد بالسماح بمرور قوات وأسلحة من خلال المنطقة الكردية من أجل مساعدة الجيش السوري، وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة التي أجراها مع النظام الكردي.

وجه نقد على الأسلوب الذي أدار به سليماني المعركة السورية، والتي تكبد فيها الجيش السوري خسائر متتالية في الأسابيع القليلة الماضية. ولم تنجح مجهوداته في إنشاء خط دفاع ضد المليشيات المتمردة في الجولان بمساعدة حزب الله، وأيضاً لم تُحسم المعركة في جبال القلمون كما توقع، حتى الآن. اتهم سليماني الأسد في عدة مناسبات بسوء إدارة أمور الحرب، قائلاً: أن قادة الجيش السوري ليسوا مستعدين لسماع مشورته. وقال في أحد تصريحاته العلنية: “إن كنت أمتلك مجموعة واحدة من رجال الباسيج الإيرانيين، لاحتليت سوريا”.

سيستمر سليماني مع العقوبات أو بدونها، الشخصية الرئيسية في الحرب ضد داعش. وسيكون بذلك الشريك السري لواشنطن في العراق وسوريا. والسؤال هو، ما إذا كان سيقرر التوجه إلى السياسة أم سيكتفي بتعيينه قائد للحرس الثورى.

تسيفي بارئيل