فى كل مرة يتلقى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني –المشحون بالأساس- تذكيراً جديداً إلى أي مدى يكون الحرم القدسى برميل من البارود. وبدأ هذا في يوم الجمعة وإستمر بشكل مكثف حتى التاسع من آب، حين قام المتظاهرين الفلسطينيين بأعمال شغب وألقوا الحجارة واصطدموا بقوات حرس الحدود.

حدث كل هذا بسبب كلمتين: “محمد …..”. قالتها “أفيا موريس” مستوطنة شابة من أحدى المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، والتي طلبت الصعود إلى الحرم القدسي في يوم الجمعة وبدأت في مواجهة رجال الوقف. موريس وزوجها من تلك المجموعات العابرة وغير العاقلة، والتي تدعو إلى فرض السيطرة الإسرائيلية على الحرم وأيضاً هدم المساجد هناك.

جدير بالذكر أن الواقعة حدثت أمام أعين رجال شرطة حرس الحدود، والذين حاولوا منع التصادمات. وسبق الواقعة إعتداءات لفظية وشعارات كـــ “سأذبح اليهود” من نساء عربيات ملثمات. ولكن حين قيلت تلك الكلمات توقفت الفوضى على الحرم القدسي لتصبح حادثة محلية يمكن إحتوائها. تم توثيق الحادثة ورفعها إلى شبكات التواصل الإجتماعي الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين وحتى التظاهرات كان الطريق قصير.

بالفعل سُمعت شعارات مماثلة في مدرجات بيتار القدس، ولكن هذه المرة كانت مختلفة. فقد دوى هذا في الحرم القدسي، المكان الثالث من حيث أهميته بالنسبة للمسلمين. وتحولت “أفياه موريس” في ليلة واحدة إلى الوجه القبيح للشعب اليهودي ودولة إسرائيل.

تم القبض على المدبرة وأُحضرت إلى المحكمة وتم إطلاق سراحها بكفالة. هذه أيضاً مشكلة. فالتسهيلات المنافية للعقل التي تميل إليها المحاكم والكرم فى ظواهر المستوطنين المتطرفين، التى تبدأ بنوايا الكراهية أو من أعمال الشغب تنفث النار في الجمر على برميل المتفجرات الذي يسمى الحرم القدسى.

بالمناسبة، كانت المستوطنة فى سلام، بعد أن وافق محاميها على أن يتم إبعادها عن البلدة القديمة بالحجة السخيفة الحفاظ على الأمن، ومن يحتاج للحفاظ على أمنه هو الشعب، وليست المستوطنة الحمقاء والمتهورة، والتي كانت من الممكن ان تشعل ناراً أكثر من ذلك بكلامها.

حقاُ من على استعداد -بسبب الكلام القاسى جداً- لإتخاذ إجراءات عنيفة حيال المحيطين به – فلن يُحتسب مع هؤلاء الذين تكون حرية التعبير نصب أعينهم. ولكن هذا نحن نعرفه بالفعل. فالتسامح لن يكون من صفة المتفرقين أو المجموعات في العالم العربي، عندما يصل إلى المساس بما هو “المقدسات الدينية”.

لكن هذه ليست المشكلة. التسامح أو غيابه وارد. ولذلك من يفهم كل ما آل إليه الوضع يجب أن يفعل كل ما في وسعه لمنع الخطر. المشكلة هي أنه يوجد في اليمين المتطرف ما يكفي من المتهورين، وعملاء محرضين أو مجرد حمقى يشعلون النيران من أجل زيادة وهجها أكثر.

إسرائيل الغارقة في صراع يبدو غير قابل للحل مع الشعب الفلسطيني، ستنجر إلى حرب دينية مع العالم الإسلامي. ولحسن الحظ تدرك الحكومة والشاباك هذا الأمر، ويحاولون مثل رجال الإطفاء في الصيف الجاف الحار، تبريد ألسنة النيران. حتى المرة القادمة.

يوسي ميلمان