لا يتطلب الأمر أن تكون نبياً ولا ابن نبي لكي تدرك تداعيات الإتفاق النووي مع إيران. على المدى القصير ستتحول الجمهورية الشيعية إلى قوى عظمى تقليدية مزدهرة، وستقوم بتسليح الموالين لها (على رأسهم حزب الله) بالسلاح، وستمارس الضغط على جيرانها الضعفاء في الخليج وستشكل تحدياً لإسرائيل أيضاً. وستبدأ على المدى المتوسط بخداع المجتمع الدولي وستستغل الثغرات في نظام الرقابة لكي تطور برنامج نووي سري ومتقدم.

على المدى البعيد ستكون إيران قوى نووية عظمى، تمتلك عشرات القنابل النووية والصواريخ عابرة القارات والقدرة على إحداث إبادة جماعية. فإن لم يحدث ربيع فارسي ليحرر الإيرانيين والعالم من النظام الآياتى ( نظام آية الله)، ستظهر لنا من الشرق دولة عظمى إرهابية، والتي تمزج بين الفكر الشمولي بالسلاح الشامل. وستمثل هذه القوى العظمى العدوانية والطموحة شبحاً كبيراً لإسرائيل، وستستعبد أجزاء كبيرة في العالم العربي المُفكك وستحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى قوى عظمى سابقة.

هل ستحدث في نهاية الطريق رؤيا تشاؤمية؟ لا يمكننا أن نعرف. سواء كان هذا أو ذاك، سيكون الشرق الأوسط مختلفاً، وسيكون العالم مختلفاً، وسيكون القرن الـ21 قرن الفزع النووي.

لا يتطلب الأمر أن تكون نبي ولا ابن نبي لكي تدرك تداعيات الإنتصار الإسرائيلي على الإدارة الأمريكية في الشأن الإيراني. وإذا كان فى واشنطن فى شهر سبتمبر، شعور أن “بنيامين نتنياهو” يجبر “باراك أوباما” في موضوع أمن قومي أمريكي بارز – ستكون النتائج خطيرة.

ستكون إسرائيل من تلك اللحظة وما بعدها صاحبة الملف الإيراني. حيث لا تظهر الملائكة فى هذا الملف، بل الشياطين فقط – فكل شيطان وشيطان سيكون مسجل باسم اسرائيل. وإذا تطور الوضع إلى أزمة دولية تكون فيها الولايات المتحدة الأمريكية معزولة – ستكون إسرائيل هي المذنبة. وإذا لا قدر الله إندلعت الحرب – ستكون إسرائيل هي المذنبة. وإذا أُخزي الرئيس الأفرو أمريكي – ستكون إسرائيل هي المذنبة.

وفى المقابل التهديد الذى سيتطور فى الشرق سيظهر تهديد جديد فى الغرب، ويمكن أن تجتاح موجة المعاداة للسامية أمريكا الشمالية، لتعريض الطائفة اليهودية للخطر وإضعاف إسرائيل للغاية. ليس المفاعل في العراق ولا المفاعل في سوريا ولا المستوطنات مثل إيران. ستكون أزمات الماضي التي مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل شيئاً لا يذكر فى مقابل الأزمة التي يمكن أن تحدث، إذا بدت إسرائيل كمن أشعل النيران في الميراث الدولي للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته.

فأزمة صيف 2015 هي أحدى الأزمات الصعبة التي تواجهها إسرائيل على الإطلاق. لا توجد إجابات سهلة ولا توجد إجابات بسيطة. الواقع معقد، الأسلاك الحمراء والأسلاك الزرقاء،التى ستؤدي إلى قنبلة، تدق الآن .

هل في هذه المرحلة المتأخرة لازالت هناك فرصةلإيجاد حل مقبول، ليمنع الإنفجار؟ هل يمكن فتح طريق ثالث؟ هل يمكن أن نُلحق إلى الإتفاق النووي الذي عُقد في فيينا وثيقة مرفقة، والتي من شأنهت تحييد المخاطر الكامنة فيها وتمنع في الوقت المناسب التصادم الأمريكي الإسرائيلي؟

يجلس في البيت الأبيض رجل ذو مبدأ وجاد ومفكر. وهو صديق حقيقي لإسرائيل وغير مهتم بالحرب مع اليهود. في القدس يجلس شخص وطني وذكي، ملتزم بكل ذرة في كيانه لدولة اليهود. وهو لا يريد الإنجرار إلى عاصفة من النيران. العلاقات المشينة بين هذين الرجلين هي التي أدت بنا وبشكل كبير إلى هذه النقطة. فيجب في الـ40 يوم القادمة بذل مجهود كبير جداً للتوسط بينهما، وعرض فكرة إبداعية لمنع الكارثة.

أري شابيط