!

من المتوقع أن تتلقى طهران الكثير من المال، في حال تنفيذ الصفقة النووية. وهناك تقديرات مختلفة لكم الأموال التي ستكسبها إيران من وراء الصفقة؛ أشارت الإدارة الأمريكية أن حوالي 100 مليار دولار موجودة في حسابات الإيرانيين المجمدة فيما وراء البحار، بينما يقدر البنك المركزي الإيراني أن المبلغ يقارب الـ30 مليار دولار. من المتوقع أن تعيش إيران حالة من الإزدهار الإقتصادي (كما وصفها الموقع العربي رصيف 22)، حين لن يتم رفع الحظر عن أموالها وممتلكاتها المجمدة فقط، بل أيضاً سيتم استئناف تبادلها التجاري مع دول كثيرة وتدخل منتجاتها إلى أسواقهم (ومنتجاتهم إلى أسواقها). ويتوقع أن يزيد إجمالي الناتج المحلي لإيران بـ5 % خلال عام وسيرتفع إنتاج النفط بمئات آلاف البراميل في اليوم.

أياً كان المبلغ الدقيق الذي ستربحه إيران، يقول المراقبين أن هذا النوع من الأموال النقدية سيُمكن طهران من الإستمرار في تشغيل آلة الحرب النشطة خاصتها في الشرق الأوسط، وزيادة الدعم للرئيس السوري “بشار الأسد”، وحماس وحزب الله وإشعال الوضع في المنطقة أكثر وأكثر. زاد الخوف بعد أن ألقى الزعيم الإيراني “علي خامنئي” خطاباً بعد الإتفاق، أوضح فيه أن بلاده لن تتوقف عن دعم حلفائها في سوريا والعراق واليمن ولبنان وعلى الساحة الفلسطينية والبحرين.

تلقى نظام الأسد مليارات الدولارات فى صورة قروض من إيران، وإزدهار الإقتصاد الإيرانى بالتأكيد سيتيح للحرس الثورى إستكمال مخزون الأسلحة الخاص به. ولكن يعتقد المتخصصون في الشئون الإيرانية وإقتصادها المدمر أن طهران لن تخرج في رحلة من التبذير فى الإنفاق على سياستها الخارجية، في حين أن تنظيمات مثل حماس وحزب الله ليست مهيئة لتلقى مثل هذه المبالغ المالية الكبيرة. قال “أنطوني كوردسمان” من المركز الأمريكي للأبحاث الإٍستراتيجية والدولية لشبكة الراديو  NPR أن ايران في الغالب ستزيد من الدعم لتلك التنظيمات ببضعة ملايين من الدولارات. ويُتوقع أن تضخ لحلفائها في سوريا والعراق بضعة مليارات من الدولارات، ولكن ليس بشكل يزيد من قوتهم بشكل حقيقي.

وجدير بالذكر أن أزمة إيران الإقتصادية الكبيرة، هي في نهاية الأمر ما جعل الدولة تجلس على مائدة المفاوضات. واضاعت إيران نفطها خلال فترة العقوبات، وإنحدرت قيمة عملتها، وإنخفض إجمالي الناتج المحلي بشكل كبير وإرتفع مستوى التضخم للغاية. وهنا يجب أن نذكر طموح الرئيس “حسن روحاني” في النجاة سياسياً؛ حيث من المتوقع أن تُجرى الإنتخابات البرلمانية في الربيع القادم وفي العام التالي لها السباق إلى الرئاسة، ولذلك يجب على التيار المعتدل في إيران والذي ينتمي إليه روحاني، أن يُظهر أن الإقتصاد يتحسن بالفعل وبوتيرة سريعة.

في هذا الإطار، يُتوقع أن تدفع حكومة إيران لمقاولي المشروعات المبالغ التي تدين بها إليهم. فقد تم تجميد مشروعات كثيرة بسبب نقص الأموال ومن المتوقع أن يعود العمل فيها من جديد. بالإضافة إلي ذلك، يُتوقع أن تنفق إيران مبالغ طائلة على قطاع الإتصالات وتطور وبشكل خاص البنية التحتية والإنترنت، والتي توجد في حالة متأخرة جداً في مقابل دول أخرى. ويُتوقع أن تقوم إيران بإستثمار مالي آخر وهو خلق أماكن عمل جديدة والتي من شأنها أن توقف هروب العقول المبدعة الإيرانية الشابة إلى دول أخرى (اليوم، يعمل 25 % من الإيرانيين الذين يحملون شهادات جامعية في الدول المتقدمة).

يقول رجال أعمال إيرانيين ومحللين أن الأرباح الإقتصادية ستسوق للجمهور فى صورة تواصل “الإقتصاد المضاد” لإيران – بمعنى التبعية الشخصية لإيران أمام القوي العظمي “المتغطرسة”. وبحسب كلامهم، لا يُتوقع أن تزيد الجمهورية الإسلامية من التعاون الإقتصادي لها مع العالم الخارجي، وهذا الإجراء سيكون بهدف تهدئة وتسكين المحافظين الإيرانيين غير الراضين بإنفتاح الرئيس روحاني على الغرب.

لدى الدول العربية المجاورة أسباب خاصة بهم لعدم الرغبة في رؤية الإقتصاد الإيراني يزدهر. لم تجلس إيران مكتوفة الأيدي وتوقعت كيف أن صناعة النفط لديها تنخفض في ظل العقوبات الدولية – فبدأت في بناء إقتصاد لا يعتمد على النفط، ونجحت في ذلك بشكل كبير. وقال بهذا الشأن “روبرت جوردان” سفير الولايات المتحدة الأمريكية في المملكة العربية السعودية “هم ينتجون الآن سيارات أكثر من إيطاليا”. “هم أكثر قوة فى الإقتصاد الذي لا يعتمد على النفط، والتى فشلت دول مثل المملكة العربية السعودية في إنتاجها”. هكذا تكونت حالة من التنافسية الصعبة بالنسبة للسعوديين.

ميدل نيوز