يوفر الكثير من ضوء الشمس في الشرق الوسط ميزة تنافسية في السباق العالمي للطاقة الشمسية بينما يعمل تأرجح أسعار المحروقات المستخدمة كوقود جنباً إلي جنب مع ارتفاع الطلب على الطاقة في الدول العربية والتكلفة الرخيصة لإنتاج الطاقة الشمسية، على تشجيع مبادرات الاستثمار الجديدة في مجال الطاقة الشمسية في المنطقة.

إن الطاقة الشمسية كانت ولازالت مجالاً واعداً بالنسبة للشرق الأوسط الذي تغمره أشعة الشمس ولكن شهدت العقود الأخيرة غياب إمكانية إستغلال هذه الطاقة وذلك بسبب نوع آخر من الطاقة وهو المحروقات (الهيدروكربونات) مثل النفط والغاز حيث كان لديهم حكراً مشتركاً كمصادر إنتاج للطاقة في الشرق الأوسط. وفضلت الشركات الاعتماد على مخزون النفط والغاز في المنطقة بدلاً من محاولة اكتشاف موراد الطاقة الشمسية الكامنة في المنطقة.

ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من أن الشرق الأوسط به واحد من أعلى معدلات الإشعاع الشمسي على وجه الأرض، فإن دولاً قليلة في المنطقة هي التي نجحت مؤخراً في استغلال هذا المصدر للطاقة المتجددة، وبذلك نشأ موقف محرج حيث شهد عام 2013 وجود دولة أوربية صغيرة وهي سلوفينيا احتوت على محطات توليد طاقة شمسية أكثر من التي توجد في الشرق الأوسط كله. وهذا وفقاً لاتحاد صناعة الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط (MESIA).

ولكن الوضع قد تغير وبمعدل غير مسبوق، فقد شهد عام 2014 تسجيل رقم قياسي من مشاريع الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط، ويتوقع حدوث طفرة في المشروعات في عام 2015. وفي هذا الصدد تقول يمني ماضي مؤسسة الشركة المصرية  (كريم سولار) لجريدة عرب ويكلي ” إن الطاقة الشمسية تكتسب زخماً غير عادي في الشرق الأوسط” . إن الاستثمار في مشروعات الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المنتظر أن يصل إلي 2.7 مليار دولار حتي نهاية 2015.

تعد المملكة الأردنية من الدول الرائدة في هذا المجال حيث تقوم بتشجيع حقيقي للاستثمار في توليد مصادر الطاقة المتجددة من خلال التنسيق بين الشركات الخاصة وشبكة الكهرباء الحكومية. كما عرضت الأردن أيضاً مناقصات لعدة مشاريع بالطاقة الشمسية كي تقوم بتوليد 300 جيجا وات من الكهرباء النظيفة وهو ما يكفي لتوفير طاقة لأكثر من مليون منزل. هذا وقد قامت وزراء الكهرباء المصرية بتدشين برنامج لتطوير مشاريع طاقة شمسية مشابهة.

وانضمت المملكة العربية السعودية إلى  طابور تدفق الطاقة الشمسية. حيث أعلنت شركة النفط الوطنية السعودية أرامكوا أنها ستقوم بالاستثمار في مجال الطاقة الشمسية وذلك لتنويع مصادر الطاقة المتجددة في المملكة. باستثمارات تتعدى الـ 100 مليار دولار وهذا في إطار مشروعات قد بدأ تنفيذها بالفعل، وذلك تماشياً مع هدف تم تحديده سلفاً ألا وهو أنه بحلول عام 2032 سيتم إنتاج ثلث كهرباء المملكة العربية السعودية من الطاقة الشمسية. يذكر أن السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة هم من يقوم حالياً بتمويل مشروع “مدينة مصدر” – وهي عبارة عن مجتمع يستخدم الطاقة الناتجة عن حقول من البطاريات الكبيرة (تصل إلى 220 دونم) من الخلايا الشمسية لإنتاج الكهرباء من أشعة الشمس. وفي مارس 2015 شهدت دبى تدشين مشروع خاص لبناء أنظمة خاصة لبطاريات الطاقة الشمسية على أسطح المنازل، هذا ويتم تنفيذ مشاريع مماثلة في المغرب والجزائر والكويت.

لذا فمن أين نبعت هذه الحماسة الحالية للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط؟

أولا هبوط أسعار تأسيس أنظمة الطاقة الشمسية بشكل ملحوظ- حيث هبطت الأسعار بنسبة 75% وكذلك وفيما يتعلق بكمية الطاقة الكهربية التي تقوم بتوليدها.

كما أصبحت الألواح الشمسية أرخص ثمناً وأعلى كفاءة عما كانت في الماضي، وعلى الرغم من أن تكلفة إنتاج هذا النوع من الطاقة يشابه نسبياً إنتاج الطاقة من المصادر المعتادة- إلا أنه في المستقبل ومع التطورات التكنولوجية فإن الأسعار في سبيلها للانخفاض، ففي الأردن على سبيل المثال الرائدة في هذا المجال في الشرق الأوسط يمكننا أن نشعر فعلاً بالتكلفة المنخفضة لأسعار الكهرباء المولدة عن طريق الطاقة الشمسية مقارنة بالمحروقات.

وبالتوزاي مع إنخفاض أسعار الطاقة المتولدة عن طريق الطاقة الشمسية فإن تكلفة توليد الكهرباء من الغاز الطبيعى آخذة في الإرتفاع، كنتيجة جزئية للهجمات الإرهابية على خطوط الغاز أثناء أحداث ثورات الربيع العربي. وعلى الرغم من أن أسعار النفط آخذة في الإنخفاض فإنه تسود أسواق النفط حالة من عدم الثبات حيث شهد العامين الماضيين تقلبات شديدة في أسعار برميل النفط من  100 دولار للبرميل هبوطاً إلي 45 دولار للبرميل، هذا المناخ المتلقب أثر بشكل سلبي على مشغلى محطات الطاقة الذين يعتمدون على وقود الفحم والغاز والنفط الأمر الذي جعل الطاقة الشمسية أكثر جاذبية نظراً لأن ضوء الشمس هو مصدر للطاقة يمكن توقعه سلفاً وعلاوة على ذلك فإن إستخدام الطاقة الشمسية بالنسبة لدول مثل الأردن ومصر يؤدي إلي تقليل تبعيتها وإعتمادها على النفط القادم من دول أخرى.

هذا ولم نأتي بالمرة على ذكر المساهمة الكبيرة لأنظمة الطاقة الشمسية فيما يتعلق بالجهود المبذولة لمكافحة التلوث البيئي والتقليل من إستخدام موارد الطاقة التي تعد مثيرة للمشاكل. فقد أصبح المزيد والمزيد من سكان الإقليم وبالأخص من دول الخليج العربي يفضلون إستخدام الطاقة النظيفة الخضراء أكثر من إستخدام مصادر الطاقة التقليدية.

 

ميدل نيوز