يعود الإسرائيلي من يوم عمل وأولاده يسألونه: كيف جرت الأمور في العمل، يا أبي؟ ماذا فعلت اليوم؟ أغلب الآباء ينهون الموضوع بإجابة بسيطة وغامضة. ولكن هناك أيضا كثير من الإسرائيليين يزيد عددهم بسرعة مهولة، تكون إجاباتهم صعبة عليهم جداً. ماذا يقولون؟ كيف يلتفون في حديثهم؟ ماذا ستكون حجتهم وكيف سيخرجوا من هذا المأزق أمام أولادهم الذي يريدون ان يعرفوا لكي يفتخروا بآبائهم.
ماذا سيحكي لأولاده مراقب بلدية عراد، الذي وقف في مدخل بلديته الأسبوع الماضي، ومنع بالقوة طالبي اللجوء الذين اطلق سراحهم من السجن، بعد السجن لمدة عام بدون محاكمة، من أن يدخلوا إلى المدينة حيث يستطيعون إيجاد ملجأ لليلة؟ كيف وصف المراقب لأولاده عمله: وقفت في الشارع وفتشت في كل سيارة ما إذا كان يختبئ فيها أي شخص اسود، أخرجت كل شخص أسود وأرجعته إلى الصحراء.
لماذا فعلت هذا؟ هل هذا قانوني؟ إلى الآن ليس موجود في إسرائيل أي تشريع لقانون يمنع دخول المدينة بسبب لون البشرة. هل هذا لسبب أمني؟ هذا التبرير دائماً ما يبرر كل شئ، ولكنه لم يجدي هذه المرة. نفذت أوامر رئيس المدينة؟ صحيح. ولكن يا أبي -يسأل الولد – هل تنفذ كل الأوامر غير القانونية التي تتلقاها من رئيس المدينة؟ هل أنت كذلك؟ وما تعتقد فيمن يفعلون ذلك في اليهود؟
وماذا سيقول مراقب الإدارة المدنية لأولاده والذى دمر الإسبوع الماضي، في درجة حرارة 42 في الظل، خيام وعشش 127 شخص، من بينهم 80 طفل بلا مأوى، في وادي الأردن وبجوار معالية أدوميم؟ كيف سيوضح لأولاده ظلمه؟ جريمته؟ عدم إنسانيته؟ حيث أنه بلا تلك الصفات لا يوجد أي طريق آخر لإنجاز هذا العمل المنحط والوضيع، تدمير المنازل االفقيرة وإخلاء سكانها الذين ليس لهم مأوى في هذا الحر الخطير.
إذا حاول المراقب أن يفسر لأولاده أنه نفذ القانون سيسأل الكبير من بينهم: هل تتعاملون مع المستوطنين بنفس الطريقة؟ وإلى اين سيذهب هؤلاء البائسين بعد أن دمرت بيوتهم؟ وماذا سيكون على حديفة ان تفعل تلك الرضيعة التي تبلغ من العمر عام واحد، والتي كانت تزحف في الرمل تحت حرارة الشمس منذ أسبوعين وبدون أي حماية؟ هل تفكر فيهم، يا أبي، قبل ان تخلد إلى النوم؟
وماذا قال حراس السجون لأولادهم والذين حرسوا في غرفة المضرب عن الطعام “خضر عدنان؟ هل حكوا لهم أنهم قيدوا يديه ورجليه إلى السرير، حتى عندما كان فاقداً للوعي؟ وكيف لم يثير شفقتهم ولو حتى للحظة؟ هل حكوا لأولادهم عن البيتزا والشاورما التي التهومها في غرفته وعن اللب الذي تسلوا به أمام عين المريض السقيم، الذي اضرب عن الطعام لمدة 52 يوم ورائحة الطعام جعلته يجن جنونه؟ وماذا قالوا لأولادهم، هؤلاء الأطباء في مستشفى آساف الذين سكتوا وسمحوا بحدوث كل هذا؟ كيف سيفسرون تكتمهم على الأمر؟
وماذا سيقول مراقبي الحدود الإسرائيلية لأولادهم عندما يعودون من عملهم؟ أنهم اليوم قاموا بالتحقيق لمدة سبع ساعات مع أديبة أمريكية فلسطينية مشهورة، جاءت لزيارة عائلتها وإقامة مناطق ألعاب للأطفال في الضفة الغربية، وطردوها مثلما فعلوا قبل عدة اسابيع، ولكن وفقط بسبب أصلها الفلسطيني، وفي اليوم التالي طردوا عجوز أمريكي فلسطيني من القدس، لم يزور موطنه منذ 21 عام، فقط بسبب ان هبط في مطار بن جوريون على خلاف إجراءات التمييز الصارخة؟
وماذا قال قائد لواء بنيامين، العقيد “يسرائيل شومير” لأولاده في االيوم الذي قتل فيها بالرصاص الحي الطفل محمد علي كوسبا بإطلاق النار علي ظهره أثناء هروبه؟ وبسبب ان الطفل ألقى حجراً على سيارته يموت؟ هل قتل أبي طفلاً لأنه يستطيع فعل ذلك؟ وانه مسموح بقتل الأطفال، طالما كانوا فلسطينيين؟ هل قال لهم أن محمد كان الإبن الثالث في العائلة التي قتلها جنود الجيش الإسرائيلي؟
يحتمل أن تلك الأسئلة لم تُسئل بعد: سيأتي يومها لا محالة.
هارتس- جدعون ليفي