المعارضة الإسرائيلية على مايبدو ليست فى حالة مزاجية تسمح لها بالإستجابة لمغازلات بنيامين نتنياهو. حكومة الوحدة لاتبدو حالياً فرصة قائمة فى نظر المعارضة. لكنها فرصة تستحق أن يفكر فيها المعسكر الصهيونى ويش عتيد.

التفكير المضاد واضح، أو هكذا يبدو على الأقل. لم لاتخرج المعارضة خشب نتنياهو من النار؟ الدوائر الإجتماعية تكتظ بالشعارات الساخرة حول ” سيد الإرهاب” الذى فشل فى هزيمة الإرهاب. التفكير هو أنه فى مرحلة معينة سيعمل هذا العجز على شعور الشعب بسأم من نتنياهو وحينئذ تسقط السلطة فى يد المعارضة. وإذا انضمت إلى الحكومة، فسيطالها أيضاً الفشل الذى التصق بنتنياهو فى معالجة الإرهاب.

هذا التفكير-هكذا يبدو لى- خاطئ. إذا عملت الحكومة فى ضوء موجة إرهاب مستمرة، فإن نتنياهو سيفقد أصوات نحو اليمين المتطرف وليس إلى اليسار. ضمان “أفق سياسى” ضبابى لن يصرف الغضب الجماهيرى مثل التعهدات غير المسئولة لإستخدام ” اليد القاسية”.

لكن هذا تفكير قصير المدى وثانوى. إن لم يكن الإنضمام إلى الحكومة مصلحة تصويتية لأحزاب المعارضة الصهيونية، فإنه لايزال مصلحة واضحة لإسرائيل، ويجب أن تتقدم هذه المصلحة على أى تفكير حزبى. من السهل أن نرى الآن حكومة واسعة ومعتدلة أفضل من حكومة اليمين المتطرف الحالية، التى يتعرض فيها رئيس الوزراء نتنياهو لابتزاز مستمر من قبل اليمين. مطالب اليمين- إذا تمت الإستجابة لها- فإنها تعنى تصعيد العنف. الخطورة فى هذا الوضع غير المستقر كبيرة جداً، ويجب أن نمنع بأى ثمن دخول العنف من الأراضى المحتلة إلى عرب إسرائيل. اليمين المتطرف يريد طمس الفرق بين عرب المناطق المحتلة والعرب من مواطنى إسرائيل، وأعضاء الكنيست العرب يساعدونه فى ذلك بخطابهم التحريضى. تحالف الوسط يمكن أن يكسر التحالف غير المقدس بين الطرفين.

ثانياً، حكومة واسعة لديها هيئة وسط ويسار يمكنها أن تصد الإبتزاز الذى يؤدى بإسرائيل إلى العزلة الدولية المتزايدة. على عكس وجهة نظر اليمين -الذى يتصور أحياناً أنه سيستطيع إقناع العالم بأننا ضحايا فى هذا الصراع عن طريق الدعاية الذكية- من المنطقى أكثر أن التصعيد سياتى ضد إسرائيل. ليس لأن العالم يؤيد الإرهاب الفلسطينى، لكن لأن حكومة اليمين هذه يتم النظر إليها –بصدق- على أنها هى التى تشعل الصراع بسبب تأييدها لاستمرار سياسة الإستيطان.

ليست هناك فرصة كبيرة فى أن يتبنى الفلسطينيون قريباً موقفاً يدعم التقسيم والسلام ولذلك إذا واصلت إسرائيل عرض تسوية وتوقفت عن بناء المستوطنات، فإنها تستطيع على الأقل تغيير المفهوم الذى يلقى عليها مسئولية الوضع الحالى.

مخطئ من يظن أن الأضرار التى تسبب بها حكومة اليمين هى مشكلة اليمين، فعلى جميع الأصعدة بدءاً من الأمن الجارى مروراً بالعلاقات الدولية وصولاً إلى الإقتصاد، هذه الحكومة تتسبب فى أضرار بنيوية. كل هذا صحيح بالطبع، حتى بدون موجة الإرهاب الحالية. لكن هذه الموجة تؤكد لرئيس الوزراء الحاجة لحكومة موسعة. إذا ترفعت المعارضة عن الحسابات الحزبية وتحتشد لتقليل الأضرار بعيدة المدى التى تتسبب بها حكومة اليمين الضيقة لإسرائيل فإنها تكون أحسنت صنعاً بذلك.

جادى طواب- هارتس