فى حين تواجه إسرائيل موجة عنف، وتصدع عنصرى حاد فى داخلها ونقد دولى لسياستها فى الأراضى المحتلة، يتم اليوم فى اللجنة الوزارية لشئون التشريع عرض مشروع قانون كارثى بمقدوره أن يضر بشكل كبير بالعملية الديمقراطية الإسرائيلية.

مشروع القانون الذى تم تقديمه بواسطة عضو الكنيست أفيجادور ليبرمان (حزب إسرائيل بيتنا)، يطالب بتعديل قانون تمويل الأحزاب بما يمكن اللجنة الشعبية من إلغاء تمويل حزب ” يدعو إلى فرض مقاطعة على دولة إسرائيل”. تتركز أسباب مشروع القانون فى صراع إسرائيل مع حركات نزع الشرعية المضادة لها فى العالم، والإضرار باقتصاد الدولة بسبب عمليات المقاطعة والمعاداة للسامية.  على الرغم من ذلك، هذا المشروع ملائم لتسميته “بقانون المقاطعة” الذى يعود إلى عام 2011، والذى يضم أيضاً الدعوة إلى المقاطعة، على سبيل المثال عن طريق الإمتناع عن أى اتصال اقتصادى أو ثقافى، على الأفراد والجماعات، بسبب علاقتهم بالمناطق التى تسيطر عليها إسرائيل، أى مناطق الضفة الغربية.

يمكن من مشروع القانون أن ندرك أن الدفاع عن دولة إسرائيل ضد المقاطعة فى نظر مقدمى المشروع ليس إلا دفاعاً عن الحكومة وسياسات الإحتلال الخاصة بها، ليس الحرب على نزع شرعية إسرائيل فى العالم، ولكن تكميم أفواه معارضى السلطة، وهو الأمر الذى سيؤسس للمزاعم التى تقول بغياب الديمقراطية الحقيقية فى إسرائيل.

تمويل الأحزاب هو شريان الحياة بالنسبة لها. وإمساك هذا التمويل يضر بحرية الترشح والتصويت للكنيست، حيث أنه وفقط عن طريق حزب أو قائمة فى الكنيست يمكن الترشح للكنيست الإسرائيلى.

الإضرار بحرية الترشح والتصويت اعتماداً على التعبير عن الرأى تزعزع السلطة الديمقراطية بمفهومها الرسمى والبنيوى، أى إجراء إنتخابات حرة وعادلة.

على الرغم من أن الدعوة للمقاطعة ليست جريمة جنائية، يحاول مشروع القانون الإلتفاف على الحصانة الموضوعية لأعضاء الكنيست، التى تمنحهم حرية العمل حيث يصرحون ويؤدون دورهم، فيما عدا الأعمال الشاذة مثل الدعوة إلى الإرهاب والتحريض على العنصرية.

يطلب مشروع القانون إسكات صوت أعضاء الكنيست والإضرار بحرية التعبير السياسى الخاصة بهم فى المسألة الأكثر جدالاً وخلافاً وحساسية فى الحديث السياسى الإسرائيلى هى مسألة الأراضى المحتلة. محاولة تكميم أفواه ممثلى الشعب من ملامح السلطة التى لاتستطيع تحمل النقد والتعامل مع وجهات نظر ليس عليها إجماع.

سيكون من الجيد إذا قامت اللجنة الوزارية برفض مشروع القانون، الذى سيظهر بشكل كبير عدم التحمل تجاه قطاعات جماهيرية كاملة فى إسرائيل. التحريض على العرب وكل من يعارض الإحتلال ويؤيد المساواة فى الحقوق كبيرة بما فيه الكفاية، دون أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بإعطائه الصك الرسمى.

-هيئة تحرير هآرتس