ماذا سيكون حجم الميزانية الأمنية الإسرائيلية؟ يجرى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى الايام الماضية سلسلة من محادثات العمل مع وزير المالية موشيه كحلون ووزير الدافاع موشيه يعالون حول حجم الميزانية فى عام 2016 وتطبيق تقرير لجنة لوكر وتنفيذ الخطة متعددة السنوات ” خطة جدعون” الخاصة برئيس هيئة الأركان العامة جادى أيزنكوت.
فى المقابل فى يوم الإثنين القادم من المفترض أن يلتقى نتنياهو الرئيس الأمريكى باراك اوباما فى واشنطن ومن المتوقع أن يكون أحد أهم الموضوعات خلال اللقاء هو التعويض الذى ستحصل عليه إسرائيل بسبب قضية النووى الأمريكية الإيرانية. فى القدس يهتمون بإضافة حوالى مليار دولار للمعونة الأمنية السنوية الأمريكية لإسرائيل، والتى تبلغ حالياً 3.1 مليار دولار.
قال نتنياهو قبل عدة أيام أن الميزانية الأمنية لعام 2016 لن تكون هى الميزانية التى صدقت عليها الحكومة والكنيست فى القراءة الأولية بمبلغ 56 مليار شيكل، ولكن ستكون أكبر من ذلك، لكن لم يحدد الزيادة. هذا هو مصدر الخلاف الذى يدور فى الأيام الأخيرة فى الكواليس بين كحلون ويعالون، والذى ظهر أمس فى جلسة الكنيست أيضاً.
كحلون يدعم الزيادة لكن الزيادة المشروطة. يعلون يريد زيادة أكبر. الفجوات بينهما ليست غير قابلة للجسر.
كحلون، المدعوم من قبل رئيس الوزراء يقول أن الزيادة ستكون أكبر بالقدر الذى يقبل به يعالون المزيد من الدروس المستفادة من لجنة لوكر فى الموضوعات الجوهرية ( تقليص عدد رجال الخدمة الإلزامية ومرتباتهم، تبنى ما خلصت إليه لجنة جورين فى مسألة حجم تأهيل وزارة الدفاع، خفض مدة الخدمة الإلزامية، زيادة الشفافية فى الميزانية الأمنية). وقد قال كحلون أمس فى اجتماع مفتوح لشعبة الميزانيات فى وزارة المالية ” إننى أتمنى أن تظهر قريباً إصلاحات هامة جداً فى ميزانية المنظومة الأمنية، إصلاحات انتظرناها لسنوات عديدة”.
كحلون على العكس من يعالون، لايتحدث عن الخلافات حول الميزانية الأمنية علناً. هو أيضاً منع جميع كبار رجال وزارة المالية من الإدلاء بتصريحات فى هذا الصدد. ومثل هذه الإستراتيجية التى كان يتبعها بعض وزراء المالية السابقين لم تأت لهم بالنتائج المرجوة، بل العكس.
يجب أن يتخذ نتنياهو قراراً حول حجم الميزانية الأمنية فى الفترة القادمة، قبل التصويت على ميزانية الدولة لعام 2015 و 2016 فى القراءة الثانية والثالثة فى الكنيست فى الــ 19 من نوفمبر. سيقوم رئيس الوزراء بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية من يوم الأحد وحتى يوم الخميس فى الأسبوع المقبل، وبذلك يكون الوقت الذى أمامه فى مسألة الميزانية الأمنية قصير جداً.
ميزانية الدولة للعام القادم مسببة للتوتر جداً. أى زيادة للأمن تأتى على حساب التقليص فى ميزانيات الوزارات الإجتماعية كالتعليم والصحة والرفاه وميزانيات البنى التحتية كالمواصلات والمياه والصرف الصحى، وهى منخفضة بالمقارنة العالمية، أو عن طريق رفع الضرائب.
يلتقى يوم الإثنين نتنياهو وأوباما فى واشنطن. وأحد أهم الموضوعات سيكون التعويض الذى تريد إسرائيل الحصول عليه، بمفاهيم مالية، بسبب الإتفاق النووى الأمريكى الإيرانى. أحد التقديرات التى تدور فى القدس هو أن الحديث هنا عن زيادة المعونة الأمريكية السنوية التى تقدمها لإسرائيل للإحتياجات الأمنية بحوالى مليار دولار أخرى سنوياً. اتفاق المعونة الأمريكى الإسرائيلى الحالى تم توقيعه بواسطة الرئيس السابق جورج بوش الإبن وهو سار من 2009 حتى 2018. المحادثات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول تجديد العقد لــ 2019-2028 تدور بالفعل منذ فترة كبيرة. وليس من المستبعد أنه إذا حصلت إسرائيل على زيادة، أن تتم فى إطار الإتفاق الجديد.
كما ان من يأملون فى هذه الزيادة، ويتمنون أن تحل ولو جزئياً مشكلة ميزانية الدولة والميزانية الأمنية لعام 2016، يدركون جيداً أنها لن تحل المشكلات الكبرى التى أوضحها تقرير لوكر، ويعرفون جيداً فى المنظومة الأمنية مشكلة حجم الجيش وعدم قدرة ميزانية الدولة لمواجهة ميزانية المكافآن وحجم ميزانية تأهيل المنظومة الأمنية، التى زادت فى السنوات الأخيرة بعشرات النسب المئوية.
أربع ميزانيات أمنية مختلفة
قبل حوالى ثلاثة أشهر ونصف شكل نتنياهو طاقماً برئاسة رئيس مجلس الأمن القومى يوسى كوهين ومدير عام وزارته إيلى جرونر لدفع هذه الموضوعات. وفى طاقم كوهين وجرونر كان من المفترض أن ينضم أيضاً مندوب وزارة الدفاع، ومدير عام الوزارة دان هرئيل، لكن بسبب معارضة يعالون التامة لإقتراح وزارة المالية بشأن الميزانية الأمنية لعام 2016، وأكثر من ذلك بسبب معارضة يعالون لتطبيق خطة لوكر لم يشترك هرئيل فى المناقشات.
التقى الطاقم مسئولين كبار فى وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلى، ومسئولين كبار فى المالية والمتخصصين فى الميزانية الأمنية. قدم الطاقم إلى نتنياهو مسودة بتوصياته الأساسية. وقد بحث الطاقم على سبيل المثال نقاط التماس بين توصيات لوكر وخطة جعون الخاصة برئيس هيئة الأركان العامة، وتبناها. فى المقابل أشار الطاقم إلى نقاط الخلاف فى محاولة للتوصل إلى توافقات فيها بمرور الوقت. التقديرات فى القدس هى أن الفجوات بين رئيس هيئة الأركان العامة والمالية بشأن خطة لوكر يمكن جسرها.
هناك أربع أنماط للميزانية الأمنية لعام 2016 مطروحة على الطاولة فى هذه الأثناء وهى:-
1- مقترح وزارة المالية- 56 مليار شيكل
2- مقترح لجنة لوكر- 59 مليار شيكل وميزانية مماثلة متسلسلة فى السنوات القادمة.
3- مقترح مدير عام وزارة الدفاع هرئيل- 60 مليار شيكل
4- مقترح وزير الدفاع يعالون- 62 مليار شيكل.
ويمكن أن نضيف إلى هذه الأنماط حوالى 8 مليار شيكل مخصصات مشروطة بالدخل، ووفقاً لتوصيات لجنة لوكر، 2 مليار شيكل لرفع كفاءة الجيش الإسرائيلى.
ميزانية المنظومة الأمنية لا تضم مخصصات المنظومة الأمنية لنقل الجيش الإسرائيلى جنوباً وهى 1.4 مليار شيكل ومخصصات بناء الجدار فى الجنوب على الحدود مع الأردن ومخصصات أخرى. ليس من الواضح الآن إذا كانت أرقام هرئيل ويعالون نهائية. فى الأسابيع الأخيرة شهدنا موجة إرهاب والمنظومة الأمنية التى لم تزد مخصصاتها فى المقابل، اعتادت على استغلال كل حدث أمنى لطلب زيادة الميزانية.
نشرت شركة موديز للتصنيف الإئتمانى مؤخراً معلومات شاملة حول الإقتصاد الإسرائيلى للمساهمين بها. فى التقرير جاء أنه فى عام 2014 وصلت مخصصات الأمن فى إسرائيل إلى 5.2% من الناتج المحلى لها وأن إسرائيل تأتى فى المرتبة السابعة فى العالم فى حجم النفقات الأمنية بالنسبة لدخلها، بعد عمان والسعودية وجنوب السودان وليبيا وجمهورية الكونغو والجزائر. وفى هذه الأثناء زادت الميزانية الأمنية الإسرائيلية ووصلت إلى حوالى 6% من الناتج المحلى.
يجب أن نذكر أن مخصصات الأمن فى إسرائيل لا تنتهى بمخصصات المنظومة الأمنية. فمخصصات الموساد والشاباك فى عام 2016 ستكون أكثر من 7 مليار شيكل. ويجب أن تضاف إلى هذه المخصصات، نفقات حرس الحدود ونفقات المستوطنات فى المناطق الحدودية فى المسائل الأمنية وغيرها.
موتى باسوك-ذي ماركر