لم يغير اللقاء الذى جمع أوباما ونتنياهو من حقيقة أن الولايات المتحدة تراجعت عن أى تدخل فى وقف موجة العنف الواقعة فى إسرائيل وتركتنا لآلامنا.

من حق الحكومة الإسرائيلية أن تدير العلاقات الخارجية كما يترائى لها. رئيس الوزراء الإسرائيلى حصل على 30 مقعداً، ولايمكن أن ننسى ذلك. وزيرة الثقافة تهتم بالتذكير بذلك لكل الزوار. صحيح أن نيتها هى إخراس أفواههم، لكنها لن تنجح فى ذلك. وهناك حقيقة أخرى مؤلمة ومؤسفة وتسقط الضحايا وهى أن انتفاضة السكاكين لحوالى خمسة أسابيع والنهاية لاتلوح فى الأفق. هناك أسباب كثيرة لأن تترك الساحة مهملة فى موجة العنف الحالية، لكن أهم تلك الأسباب هو تراجع الولايات المتحدة عن أى تدخل لإنهائها.إذا كان من شئ يثبت العلاقات المتعكرة بين إسرائيل والولايات المتحدة، جائت مجة الإرهاب الحالية لتجعلنا نفيق من غفلتنا.

منذ فترة كبيرة يحذر العديد من المسئولين بأن تفاقم العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة سيؤدى إلى نتائج كارثية. من المعلوم أن كل أولئك الوزراء وأعضاء الكنيست الذين يشكلون الحكومة الإسرائيلية، وبالطبع كل الجمهور الذى يساند الحكومة، يعفون أنفسهم من اى تهمة ويلعنون ويهزأون من رئيس الولايات المتحدة وباقى رؤساء الإدارة الأمريكية، ويعارضونهم ويحرضون ضدهم. هؤلاء وهؤلاء زعموا منذ سنوات عديدة أنه بدون المساعدة الأمريكية سيكون الأمر صعباً على إسرائيل على الساحة الدولية، بل وعلى الساحة الإقليمية أيضاً. وللأسف اتضحت صحة مزاعمهم.

الولايات المتحدة لم تتدخل فيما يتعلق بالإنتفاضة الحالية. ولم ينجح حتى جون كيرى فى اللقاء الذى عقد فى عمان مع أبومازن والملك عبدالله، فى إقناع الزعيمين بلقاء نتنياهو. وجاء فى وسائل الإعلام ” قالت المصادر السياسية فى رام الله أن وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى حاول المبادرة بلقاء ثلاثى فى عمان يجمع بين رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية أبومازن والملك عبدالله ملك الأردن، لكن الأردن والفلسطينيين رفضوا هذه الخطوة”. جاء ذلك فى صحيفة رأى اليوم. وقد قالت مصادر فى رام الله أن المملكة الأردنية وكذلك أبوزامن كانوا يخضون ردود فعل الشارع الأردنى والفلسطينى على حد سواء. وهذا التقرير ليس له أى تأكيد من مصدر آخر. (وذلك وفق موقع ريشيت بيت).

ليس من المستبعد أن يكون هذا هو السبب الحقيقى. الغضب فى الشارع الفلسطينى كبير وكذلك فى الأردن. لكن لو كانت الولايات المتحدة مهتمة باللقاء، كان من الممكن أن يتم عقده بصورة ترضى الجميع. كان من الممكن لبيان واضح لنتنياهو وعبدالله وأبومازن فى البيت الأبيض أنه لاتوجد نية لدى إسرائيل لتغيير الوضع القائم  فى الحرم القدسى وأن الولايات المتحدة إلى جانب الرباعية الدولية يضمنون ذلك، أن يؤدى إلى تهدئة ما. الولايات المتحدة لم تحاول حتى إجهاد نفسها. كما أن أوباما أخطأ بعدم مبادرته بخطوة سياسية من أجل التهدئة، لكن هذا هو الواقع الذى نشقى فيه.

أدى بنا رئيس الوزراء ووزراءه المتشددين إلى هذا الوضع. تصريحات الوزراء بأنه لن تقوم دولة فلسطينية أو أن هناك نية واضحة للسماح لليهود بالصعود إلى الحرم القدسى والصلاة هناك – راجعوا تصريحات نائبة وزير الخارجية تسيفى حوتوبلى- كل ذلك غل يد الإدارة الأمريكية عن القيام بمبادرة سياسية لوقف إراقة الدماء.

السياسة الخارجية الإسرائيلية فى الحضيض. الولايات المتحدة لاتهتم بما يدور فى منطقتنا، لكن ذلك لايقتصر عليها فقط، فدول أوروبا الغربية مشغولة بمسألة اللاجئين.والعالم الغربى ضعيف أمام العدوان الروسى الذى كسر نقطة التوازن فى المنطقة. حدودنا الشمالية ليست هادئة والإنتفاضة مشتعلة، وإسرائيل وحدها أمام كل هذه التهديدات.

يجب القول علانية أن من يعتقد أنه بواسطة الخطوات العسكرية أو الشرطية فقط من الممكن إنهاء موجة الإرهاب الحالية فهو مخطئ. هذه الموجة ستنتهى حول طاولة الحوار. وعدم وجود أى مبادرة سياسية يؤدى إلى وقوع مزيد من الضحايا. هذا ما صنعته الحكومة الإسرائيلية بيديها على الساحة الدولية، والثمن يدفعه مواطنى إسرائيل.

 

شيلو روزنبرج- معاريف