مع وفرة انبعاث الإشعاع الشمسى فى أغلب أيام العام والمعرفة التى جمعتها على مر السنين، كان من المفترض بإسرائيل أن تكون نوراً للأغيار* فيما يتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية. لكن هناك دراسة جديدة تظهر الإمكانية التى سيوفر بها الأغيار نوراً لإسرائيل.فى الحقيقة قبل نهاية عام 2015 تنتج إسرائيل أقل من 2% من الكهرباء الخاصة بها من المصادر المتجددة، وليس لأن لديها فائض من الكهرباء.
لكن الدراسة التى تعدها منظمات البيئة والباحثين الأكادينيين، تظهر إمكانية جديدة وإبداعية لحل المشكلة، والتى ستعزز أيضاً من التعاون الإقليمى.
هذا هو النص : حقول الطاقة الشمسية التى سيتم إنشاؤها فى الصحراء الأردنية ستزود إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالكهرباء وفى المقابل تقوم إسرائيل بتزويد جيرانها بالمياه. هذا التعاون يبدو مناسباً خاصة فى ضوء قمة المناخ التى تعقد هذا الأسبوع فى باريس والتى حددت إسرائيل قبلها هدفاً بتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة ، وتوفير الكهرباء الذى يعتمد على الطاقة الشمسية سيساعدها على تحقيق هذا الهدف.
تم عرض هذه المبادرة بالأمس فى اجتماع فى معهد دراسات الأمن القومى فى تل أبيب، بواسطة أعضاء المنظمة البيئية “أكوبيس” التى تضم فى عضويتها باحثين إسرائيليين وأردنيين وفلسطينيين. أحد أعضاء لجنة التوجيه الخاصة بالمشروع هو البروفيسور ايتان ششينيسكى، الذى ترأس اللجان التى اهتمت بتكاليف استخدام الموارد الطبيعية فى إسرائيل.
وفقاً للنتائج الأولية للدراسة- التى تم إعدادها بتمويل من صندوق أديناور وبمشاركة أعضاء المنتدى الإسرائيلى للطاقة- فإنه من الممكن أن يتم تثبيت منشآت للطاقة الشمسية فى الأردن على طول مئات الكيلومترات المربعة، وتوفير جزء كبير من الطاقة المطلوبة لها ولجيرانها. ومن أجل توفير حوالى خمس احتياجاتها من الكهرباء التى ستحتاجها إسرائيل فى عام 2030، ستحتاج إلى مساحة 195 كيلومتر مربع. تكلفة الإستثمار ستكون 16.5 مليار دولار. هذه التكلفة أقل بنسبة 30% من تكلفة الكهرباء للمستهلم الإسرائيلى حتى العام الحالى. وقد قال المدير العام الإسرائيلى لأكوبيس جدعون برومبرج “نحن نقدر بأن تكلفة إقامة حقول الطاقة الشمسية فى الأردن ستقل، وستكون هناك مساعدات من دول العالم”.
المياه وفقاً للخطة ستتدفق فى الإتجاه العكسى، من إسرائيل إلى الأردن والسلطة الفلسطينية، ووفقاً للنتائج فإنه لكى يتم التغلب على النقص المتوقع، ستحتاج إسرائيل تقريباً لمضاعفة حجم تحلية المياه، والتى ستصل إلى مليار ومائة مليون متر مكعب سنوياً. وهذا يشمل منشأتى تحلية مياه سيتم تشغيلهما فى قطاع غزة (للسكان المحليين) وماستقوم الأردن بتحليته فى المنشأة التى تقيمها بالقرب من العقبة.
يأتى هذا المشروع فى ضوء أزمة المياه الضارية فى المنطقة على حد وصف برومبرج الذى قال ” هناك أماكن فى عمان يتم تزويدها بالمياه مرة واحدة أسبوعياً والناس يخزنون المياه فى خزانات”.
تقوم إسرائيل حالياً بتزويد الأردن بالمياه من بحيرة طبرية، وتم توسيع هذا الإتفاق مؤخراً.
لكن حسب قول برومبرج فإنه هناك رفض قاطع فى الأردن لهذه الإتفاقات، خوفاً من نشوء التبعية. لذلك قالت أكوبيس أنه يجب خلق إطار واسع للتعاون وإشراك السلطة الفلسطينية أيضاً. التعاون سيبنى على أساس التبعية المتبادلة حيث أنه لايمكن تحلية مياه البحر أو تشغيل منظومات نقل المياه بدون الكهرباء.
وقد قال برومبرج ” إسرائيل لديها تكنولوجيا تحلية المياه وتطل على البحر الأحمر وهذه هى ميزتها، وفى المقابل الأردن لديها مساحات واسعة فى الصحراء ليست بها مشاكل بيئية لإقامة حقول للطاقة الشمسية بها بحجم كبير”.
الأفكار التى تمت بلورتها فى مشروع الدراسة تم عرضها مؤخراً أمام ممثلى وزارات الحكومة المختلفة. وقد قالت وزارو الطاقة والبنية التحتية القومية والمياه أنها ستعلق على الأمر بعد انتهاء العمل. على الرغم من أنها ليست مبادرة حكومية، فإنه من الجدير بالذكر أن أكوبيس قد لعبت دوراً هاماً فى بلورة خطة لتأهيل نهر الأردن الجنوبى، والتى تم تبنيها فى نهاية الأمر من قبل مسئولين حكوميين فى الأردن وإسرائيل. خطط تحلية المياه فى إطار المشروع تأتى متناقضة خاصة مع قرار وزير سلطات المياه حالياً بخفض حجم تحلية المياه. هناك صعوبة أخرى من الممكن أن تنشأ فى المستقبل تنبع من أن شركة الكهرباء تزعم بأنه من الصعب دمج الطاقة الشمسية فى منظومة الكهرباء الإسرائيلية وستكون هناك حاجة لعمليات ترتيب معقدة.
لكن على الرغم من ذلك فإن هذا التعاون سيمضى قدماً، لأنه فضلاً عن حقيقة أن كل الأطراف ستتمتع من تقليل انبعاث الغازات الدفيئة وتلوث الهواء، فإن هذا من الممكن أن يكون مصيرياً للمصالح الإسرائيلية التى تحتاج إلى استقرار سياسى فى الأردن، التى تعتبر مفتاح لصد تمدد العناصر المتطرفة كالتنظيمات التى تحارب فى سوريا. لكن ليس بها فقط.التوفير الآمن للمياه والكهرباء من الممكن أن يعمل على تحسين جوهرى لمستوى معيشة سكان السلطة الفلسطينية بشكل عام وفى غزة بشكل خاص، والذين لن يكونوا مرتبطين فى التسوية الشاملة بإسرائيل فقط.
وقد قال البروفيسور ششينيسكى ” المياه والطاقة من الموضوعات عابرة الحدود ولذلك من المهم التعاون فى استغلالهم، إننى أعتقد أن الطريق الصحيح لعمل ذلك ليس بواسطة القدر الذى يعطى لكل طرف ولكن بواسطة استغلال مشترك ومتطور”.
هارتس- تسافير رينات