أنس الخطيب، فتي من قرية “شفاعمرو” ليس له سابقة جنائية، تم اعتقاله فى شهر أكتوبر الماضي بعد نشر أربعة منشورات في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ذكر خلالها مقولات مثل “القدس فلسطينية و”تحيا الانتفاضة”. قُدمت ضده لائحة اتهام للتحريض على العنف والارهاب، وأطلق سراحه بعد 42 يوماً، إلى إقامة جبرية حتى نهاية الإجراءات.

إن جريمة التحريض على العنف والارهاب، المرتبطة بحرية التعبير، قريبة للغاية من مبدأ أنه ليس هناك عقوبات على أقوال، ما زالت داخل الرأس، نظرا لأنه ليس هناك ادعاء أن المشتبه به نفذ أو خطط للتنفيذ بنفسه لعمل محظور، لكن هناك احتمال، بأن تقوده الأفكار والآراء التي عبر عنها إلى استخدام العنف أو الإرهاب. لذلك هناك اعتقاد راسخ، أن التجريم بداعي التعبير عن الرأي يعد في نطاق استثنائي يجب استخدامه بقدر محسوب. هذا من المفترض أن يؤثر أيضاً على دواعي الاعتقال الناتج عن التحريض. إن سبب الاعتقال المرتبط بموضوع “خطيب”، هو سبب خطير، حيث أن هناك مخاوف محتملة من بقاءه خارج المعتقل، إنه يُعرض أمن العامة وأمن الدولة للخطر. ما الذي يبرر اعتقال “الخطيب” لمدة 42 يوماً؟

ادعت النيابة في طلب بالاعتقال أثناء التحقيق، وطلب بالاعتقال حتى نهاية الاجراءات، أن التحريض يعد من الجرائم التي يفترض وجود خطر. ينص القانون في مجموعة من الجرائم أن المتهم بارتكابها شخص خطير، من بينها العنف الشديد أو جرائم الأمن مثل الخيانة العظمى والتجسس. لا يعد التحريض على العنف من جرائم الأمن بنص القانون. إذا كان الأمر كذلك ما الذي يبرر تصنيف هذه الجريمة أنها تشمل عامل الخطورة؟

هل هناك مخاوف من أن ينشر “الخطيب” أشياء خطيرة في المستقبل؟ على سبيل المثال، أشياء أكثر خطورة من أقوال “الموت للعرب” التي نشرها جنود كُثر وهم يلتقطون الصور مع السلاح، وهناك شك ما إذا كان تم التحقيق معهم؟ هل يعقل أن الخطيب ابن التاسعة عشرة لديه جماهير غفيرة تعمل وفقاً “لوجهة نظره”؟ أو ربما أن هناك افتراض بأن الجمهور العربي -الجمهور المستهدف من المنشورات التي تنشر بالعربية- يتعرض للتحريض بهذه السهولة؟

إن الخطورة التي نُسبت للخطيب ليست إلا تعبير عن مفهوم واسع للغاية يميز علاقة السلطات القانونية بفترات “التوتر الأمني” تجاه المواطنين العرب. يدل على ذلك تجارب زيادة قوات الأمن في مظاهرات العرب، والانتشار السريع لهذه المظاهرات، وأحياناً من خلال استخدام عنف شديد لا ضرورة له، والعدد الكبير للمتظاهرين والمعتقلين، ومعظمهم يُطلق سراحهم دون تهم بعد قضاء عدة أيام في المعتقل. حتى القاصرين العرب يُعتقلون في هذه الفترات. أحياناً يُحقق معهم دون الحماية الخاصة التي يمنحها لهم قانون الشباب، وتمد فترة اعتقالهم دون التحقق بجدية عن بدائل جدية للاعتقال كما يقضى القانون.

في الفترة الأخيرة نشهد تجارب جديدة: استبدلت الشرطة وجهاز الأمن العام الاستدعاءات “المحادثات التحذيرية” للنشطاء السياسيين بـ “اعتقال احترازي”. لا تكتفي الشرطة بتتبع النشطاء، بما في ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي، بل إنها تصدر أمر اعتقال ضدهم بتهمة “محاولة تنظيم تجمعات تهدف في النهاية لإحداث أعمال شغب”. أي أن هذا التجمع لم يتم بعد، لكن الشرطة تعرف أن هناك “نية لإحداث أعمال شغب” ينظمها أشخاص خطرون يجب اعتقالهم.

هذا التصور الذي يعتبر المشتبه بهم أو المتهمين العرب خطرين ليس ناتجاً عن قوات الأمن – بل أن السلطات النيابية تبنته ويظهر ذلك في مصطلحاتها الخاصة في طلبات الاعتقال، ولوائح الاتهام، والدفوع أمام المحاكم. في واقع كهذا، ما احتمال أن يقنع فتي يبلغ من العمر تسعة عشر عاماً -ليس له سابقة جنائية، متهم بالتحريض استنادا إلى منشورات في الفيسبوك- المحكمة بشيء آخر؟

 

 

مايسانا موراني – هارتس